iPhone 4S كيف سيستقبله السوق وما وضعه بالنسبة للمنافسة مع أندرويد؟

[dunlob]

يسم الله الرحمن الرحيم

أقامت Apple منذ فترة قصيرة مؤتمرها الذي يترقبه الكثيرون عادةً بفارغ الشوق, والذي كان من المنتظر فيه أن تعلن آبل عن هاتفها الجديد iPhone 5 الذي تضاربت الأنباء حوله بكثرة وتم تأجيله بعد أن كان من المنتظر الإعلان عنه منذ حزيران/يونيو الفائت, لكن يبدو أنه تم تأجيله مرة أخرى حتى العام القادم حيث كشفت آبل عن iPhone 4S وهو نسخة مُحسنة من هاتفها السابق. لماذا تأخرت آبل في طرح iPhone 5؟ هل ترك أندرويد أثراً في قرارات وتوجهات آبل الأخيرة؟ كيف سيكون تأثير الهاتف الجديد من آبل على المنافسة مع أندرويد؟ الأسئلة كثيرة وسنحاول أن نناقشها باختصار.في البداية يجب أن نعترف -كحياديين وليس كعشاق لأندرويد- بأن آبل هذا العام تختلف عن آبل العام الماضي (والأعوام التي سبقته) لعدة أسباب:هذا أول آيفون يُطرح منذ أصبح أندرويد نظام التشغيل الأول الخاص بالهواتف الذكية في الولايات المتحدة.أيضاً, يُطرح هذا الآيفون في ظل امتلاك أندرويد حوالي 50% من حصة السوق العالمية للهواتف الذكية, يعني أن واحداً من كل شخصين يستخدمان هاتف ذكي في العالم يحمل بين يديه الآن هاتفاً بنظام أندرويد.المشاكل القانونية بين آبل و سامسونج التي تقوم بتصنيع بعض القطع الداخلية عالية الجودة لحساب آبل, والأخبار بأن آبل تبحث عن بديل.قيام آبل بشن حرب قانونية شعواء على عدد من الشركات في الوقت الذي أعلنت فيه عن iOS 5 الذي فيه عدد كبير من التحسينات لكن جزء كبير من الصحافة التقنية اعتبرتها تحسينات الهدف منها اللحاق بأندرويد وليس ابتكار أشياء جديدة كما عودتنا آبل دائماً.كما نرى, هذه المرة يتم طرح الآيفون الجديد ضمن ظروف استثنائية, حيث لم يعد الوحيد الذي يقدم نظام تشغيل جميل ومتطور ولم يعد الوحيد الذي يقدم عتاداً متطوراً كان ينفرد في تقديمه فيما مضى, بالإضافة إلى أن أندرويد أثبت نجاحه وبسط سيطرته على عكس ما كانت تراهن آبل, وتبين أن الـ “Fragmentation” التي لطالما انتقدها جوبز هي أحد الحلول التي اختارتها آبل إذ ستحافظ على إنتاج كل من iPhone 3GS و iPhone 4 مع تخفيض أسعارهما والآن أتى iPhone 4S وسيأتي iPhone 5 الذي من المتوقع أن يكون بشاشة أكبر وبعتاد أقوى بالتأكيد. وهذا يرسم لنا استراتيجية آبل الجديدة في محاولة منها لتحقيق انتشار أوسع في السوق بتنويع الأجهزة التي تختلف و تتدرج من حيث المواصفات والأسعار.وقبل أن تفترضوا مسبقاً بأنني سأقول بأن “سيء” لمجرد أنني أكتب في موقع متخصص بالأندرويد سأقول لكم بأنني أرى أن الجهاز جيد جداً … لكن بالنسبة لمن يعيش داخل مملكة آبل ولا يعتزم الخروج منها. البارحة كنت أقرأ تعليقات القراء ومعظمهم من عشاق آبل على خبر طرح الهاتف في المدونات التقنية الأجنبية والعربية ولاحظت نبرة إحباط تلف الجو العام صادرة من مستخدمي الآيفون أنفسهم, لكن أعتقد أنني لو كنت مستخدماً ايفون 4Sكنت سأرى الهاتف لا بأس به على الإطلاق (إذا تغاضينا عن الشاشة الصغيرة بمقاييس هذه الأيام), لكن لو أردنا مقارنة الجهاز بهواتف أندرويد الحالية (ليس الحالية فقط بل التي صار عمرها عدة أشهر!) فهل قدم الجهاز شيئاً جديداً سيساعد آبل على رفع مستوى منافستها لأندرويد؟ برأيي: على الإطلاق! ستبيع آبل كميات كبيرة من الهاتف كعادتها لكن ضمن نطاق نفس الجمهور الذي يشتري “آيفوناتها” وضمن نطاق نفس السياج التي أحاطت نفسها به, لا يمكن أن نأمل بأكثر من هذا. يعرف خبراء التسويق بأنه وفي أي منتج هناك ما يسمى بعامل الإبهار “The WOW Effect” وهو عامل نجاح أساسي, ما زالت آبل تنتج أجهزة ممتازة من حيث النوعية لكن أعتقد أنها فقدت هذا العامل السحري وبعد أن كانت تقدم أشياء كنا نراها للمرة الأولى عند آبل فقط, أصبحت تقدم ما رأيناه منذ فترات طويلة وكدنا ننساه, وهاك بعض الأمثلة:شاشة Retina ممتازة, لكن هواتف أندرويد وصلت إلى الشاشات عالية التحديد HD 720p ولا تنسوا Super AMOLED Plus وغيرها. كما أن اعتمادنا على الهواتف لتصفح الانترنت وإدارة أعمالنا وتطور الألعاب أكثر فأكثر يجعل شاشة الآيفون بقياس 3.5 إنش تبدو صغيرة جداً.المعالج ثنائي النواة؟ نعم في الحقيقة فمعالج A5 من آبل ممتاز دون شك وهو منافس لا يستهان به للمعالجات ثنائية النواة المستخدمة في أجهزة أندرويد, لكن آبل جاءت متأخرة جداً إذ أن هواتف أندرويد ثنائية النواة متوفرة منذ بدايات هذا العام. تأخر آبل في تبني العتاد الحديث وتحسين المواصفات لن يجعل آبل فاشلة بالتأكيد لكنه لن يساهم أيضاً في جعل هواتفها أنجح من حيث منافسة هواتف أندرويد.iOS 5 هو نقلة كبيرة من النقطة التي سبقته, لكن مقارنةً بأندرويد فهو ليس بهذه الأهمية. معظم ما تم تبنيه في هذه النسخة هو لمحاولة اللحاق بأندرويد وليس لوضع مقاييس الهواتف الذكية كما كانت تفعل آبل فيما مضى. وضع المقاييس الذي كان مهمة آبل لكن يبدو أنه أصبح الآن من مهمة مجموعة من المهووسين الذين يعيشون في البناء 44 والذين أصبحت بالنسبة لهم فكرة منافسة iOS شيئاً من الماضي ويعملون الآن على تحويل هاتفك إلى محفظة الكترونية, و جهاز تحكم بمنزلك, وتحويل دراجتك الهوائية (أو أي جهاز آخر) إلى إكسسوار لهاتفك, وما خفي كان أعظم! وفي نفس الوقت يمتلكون بين أصابعهم أضخم قاعدة بيانات معلوماتية في العالم: الويب نفسها! ومديرهم مجنون آخر يعكف على اختراع سيارة تستطيع قيادة نفسها .. أرجوك لا تقل لي iOS! نبقى مع iOS 5, عندما تم انتشار الخبر بأن آبل ستقوم بالكشف عن نظام تنبيهات جديد يلغي النظام القديم المزعج انتابني نوع من التشويق. فنظام iOS يعتمد على الرسائل المنبثقة المزعجة ويحتاج إلى تغيير بالفعل, أندرويد يعتمد نظاماً رائعاً للتنبيه ضمن شريط التنبيهات, حينها كنت متشوقاً لأرى كيف ستقوم آبل بإبداع (كما عودتنا) أسلوب تنبيهات جديد بحيث لا يكون تقليداً لأندرويد لكنه بنفس الفعالية؟ مستحيل أن تقوم آبل بنسخ الأفكار من غوغل (وهي التي تتحدث عن أن الجميع ينسخ الأفكار منها دائماً) أليس كذلك؟ فما هو النظام الثوري الجديد للتنبيهات؟ كنت متشوقاً بالفعل لأرى ماذا ستبدع آبل لأنصدم بنظام تنبيهات منسوخ تماماً من أندرويد. هذا مثال واحد فقط من عدة أمور قامت بها آبل لتجاري أندرويد بدل أن تفرض إبداعات جديدة كما كانت فيما مضى. مثل هذه الأمور لن تساعد على أن يحقق iPhone 4S اختراقاً هاماً في السوق. قد يبدو نظام المساعد الصوتي Siri الذي قدمته آبل جميلاً بالفعل, مع العلم أنها طرحته بنسخة بيتا على غير عادتها. نظام Siri هو شيء شبيه بخدمة Voice Actions التي نستخدمها في أندرويد منذ فترة طويلة جداً لإعطاء الأوامر الصوتية لإجراء بحث أو للاتصال بأحد أو إرسال رسالة قصيرة أو إرسال إيميل أو كتابة ملاحظة أو الملاحة و غير ذلك, مع الفرق أن Siri يقوم بالرد الصوتي أيضاً ويحتوي بعض التعليمات الإضافية المُبرمجة مسبقاً. لكن نعلم أن غوغل أيضاً تقوم بتطوير وتحسين خدمتها وقد استحوذت منذ فترة على شركة متخصصة بتقنية إصدار الأصوات الآلية بشكل بشري, كما أعتقد أن غوغل تمتلك من المعلومات التي تستطيع تقديمها للمستخدم ما هو أدق وأفضل, في النهاية فاختصاصها هو أرشفة الويب وتقديم المعلومات بأفضل طريقة ممكنة. أنا لا أقلل من شأن Siri ولربما يثبت بأنه الأفضل لكنه في النهاية لن يكون هذه الميزة السحرية التي ستميز iPhone 4S عن أندرويد بشدة.الاستنتاج لن يشكل iPhone 4S أي منافسة حقيقية تذكر لأندرويد, حتى أن استطلاعاً للرأي أظهر أن 12% فقط من مستخدمي أندرويد قد أبدوا بعض الاهتمام بـ iPhone 4S. بنفس الوقت, سينجح هاتف آبل الجديد بالمحافظة على حصتها من السوق, لكن هذا هو ما أصبح هم آبل الأول الآن: المحافظة على حصتها من السوق, فالسوق الآن بالنسبة لآبل لم يعد سوق الـ 2007 و 2008. من الصعب الوقوف الآن أمام المد الأندرويدي الهائل. الفكرة أن تطور أندرويد الديناميكي الهائل من نسخة إلى نسخة ومن جهاز إلى جهاز أحدث جعل الناس تعشقه. الناس تحب التطور السريع والميزات المتميزة والمتطورة, ربما هذه الصورة التي نشرها موقع Gizmodo اليوم تعبر خير تعبير عن فرق التطور بين النظامين منذ انطلاقتهما الفرق بين طريقة آبل وغوغل بالتفكير هو فرق واضح: آبل تحافظ على ما جعل منتجها ناجحاً (في العام 2007؟؟) وفي كل إصدار تقوم بإضافة الميزات التي تجعل من نظام التشغيل والهاتف أفضل لا شك. غوغل لا تكتفي بإضافة الميزات على نظام التشغيل بل تفكر بأبعد من هذا: كيف تقوم بدمج نظام التشغيل مع الحياة العادية اليومية للمستخدم, كيف تقلص الفارق ما بين العالم الافتراضي والبرمجي داخل الهاتف والعالم الفيزيائي الملموس. بالنسبة لغوغل فمستقبل أندرويد ليس مجرد (متصفح ويب أسرع في النسخة القادمة) ولا مجرد (واجهات أجمل في النسخة القادمة) ولا مجرد (كاميرا أفضل في النسخة القادمة). هناك فلسفة تفكير مختلفة بين الشركتين, وإن لم تفعل آبل شيئاً جذرياً في iPhone 5 وما يليه فأعتقد بأن سوقها الكبير سيبقى كبيراً لكنه سيبقى محصوراً بمستخدمي النسخ السابقة من أجهزتها ولا أرى إمكانية توسع ملحوظ من حصتها في السوق حتى مع استراتيجية تنويع الأجهزة التي بدأت باتباعها الآن.