يا مصر يا حبيبتي يا رائعة انتي بالقلب فلا تكتفي بالخبز يا ام الدنيا

[مارشال طابوس]

و ها قد رحل مبارك ، طاغية مصر و حاكمها ، الذي أمسك بزمام الحكم بقبضة حديدية على مدى ما يقارب الثلاثين عاماً ، و شكّل دولة بوليسية تُطارد أجهزتها الأمنية الشرفاء من أبناء مصر فتعتقلهم و تزجّ بهم في غياهب السجون في ظلّ قانون طوارئٍ ظالم ، نظامٌ تفشّى به الفساد فتزاحم الفقراء من أبناء مصر كلّ صباح على الأرصفة لنيلِ رغيفِ خبز ليسدّوا به رمق جوعهم ، بينما رجالات النظام و الحزب الوطني الحاكم يرتعون في نعيمٍ اعتقدوا أنّه دائم ، و لم يعلموا أنّ الفقراء و المساكين و المقهورين سيخرجون ذات يومٍ شاهرين سيوفهم في وجهِ جلاديهم ليقتصوا منهم ، نظامٌ عزّز علاقاته مع دولة اليهود قتلة الأنبياء فرسّخ اتفاقية الذل و الهوان المسمّاة باتفاقية السلام و شدّد الخناق على قطاع غزة و ساهم في قطع شريان الحياة عنه ، و نفّذ الأجندات الأمريكية بكل روحٍ انهزامية و تبعية ، نظامٌ يبيع الغاز لليهود المجرمين أعداءِ الأمة بأسعارٍ رمزية بينما الكثيرُ من أبناء مصر لا يجدون ما يدفئون به أبنائهم في ليالي الشتاء الباردة ، فسال الغاز في أنابيب تل أبيب و حيفا و ناتانيا في وقتٍ سالت فيه دماء المسلمين في فلسطين و سالت دموع المسلمين في مصر و سائر أنحاء العالم الإسلامي . إنّ أهم انتصارات الثورة التونسية و المصرية أنّها زرعت في العقل العربي و المسلم آلية التمرّد على الظلم ، و جرّدته من فوبيا الحاكم و الزنزانة التي زُرعت على مدى عشرات السنين كنتيجةٍ لأنظمةٍ قمعيةٍ استبداديةٍ خنقت الشعوب و طاردتها حتى في أحلامها فمنعت الناس من إبداءِ آرائهم و حاسبتهم بالسجنِ و القمعِ إنْ راودتهم نفسهم التكلم و ممارسة حرياتهم فسلبوهم أبسط حقوق الإنسان المتمثلة بحرية الرأي ، و هذا الإنتصار له ثمار ستجنيها الأمّة مستقبلاً إن شاء الله و ليس الآن .
و يبقى السؤال الأهم : ماذا بعد الثورة ؟؟؟ فلنْ يكون الخلف أصلح من السلف ، و لنْ يقوم حكام مصر الجُدد بإلغاء إتفاقية السلام الموقعة مع اليهود و لنْ يوقفوا تدفق الغاز لهم ، و لنْ يقطعوا ذيلَ التبعية لأمريكا و الغرب ، بل سيقومون بمغازلةِ الشعب المصري بكلامٍ معسولٍ عن الفقر و البطالة و الفساد ، فمشكلة الشعب المصري ليست برغيفِ الخبز و الفساد فقط ، بل المشكلة الأساسية تتمثّل بخضوع ذلك النظام المخلوع لأعداءِ الأمة و تبعيته لهم مخالفاً بذلك تطلعات الشعب المصري المسلم و باقي الشعوب المسلمة ، فإيّاكم أيّها الشعب المصري الحُر أنْ تنسوا قضيّتكم الأساسية و التي منْ أجلها ثُبّت نظام مبارك و لأجلها خُلع أيضاً !!!
فلا تكتفي بالخبز يا مصر ،
و لا تكتفوا بالخبز أيّها المسلمون ،
فقريباً سنرى عشرات مياديين التحرير ترفرف فوقها رايات النصر بإذن الله .
و الحمد لله ربّ العالمين و الله أكبر ...
تحياتي الكم