بنات الحور

[حلا على]

بنات الحور (قصة قصيرة )
******
مضى ما يقرب من عام على وفاة شقيقتى الصغرى وكانت شابة

فى العشرينات من عمرها تتمتع بجمال فائق ووجه ملائكى ورقة بالغة

جعلت منها نسمة حانية جميلة تأسر كل من يعرفها ولكنها

رحلت عنا وذهبت فقد فاجأها الموت دون سابق إنذار

وتركت بداخلى أنا وأمى أحزان ومآسى لن تداويها السنين

ليسكن المرض جسد أمى وتزداد وهناً وضعفاً وإشتدت حالتها سؤاً

ولخوفى الشديد عليها قررت أن آتى بها لتعيش معى أنا وزوجى

وأطفالى لعلنا نستطيع أن نخفف عنها بعض أحزانها ودموعها

التى تأبى أن تتركها حتى بمرقدها

فكنت دائماً أواسيها وأرتسم القوة والصبر أمامها .. حتى إذا

ما خرجت من غرفتها إنخرطت فى البكاء على حالها وعلى فراق شقيقتى

وبمرور الأيام تحول حزنها وبكاءها الدائم إلى صمت وأصبحت دائماً

شاردة طوال الوقت .. وإذا جاء الليل تمكث بجوار النافذة تتطلع

للسماء بالساعات وعندما أسألها عن سبب شرودها لا أجد منها

أى رد كأنها بعالم آخر فازداد قلقى وخوفى عليها وبإحدى المرات

دخلت غرفتها ليلاً لأطمئن عليها فوجدتها بجوار النافذة تنظر إلى

السماء كالعاده وتتمتم : ( يا بنات الحور .. سيبوا القمر يدور )

.. وبهدؤ صاحبه آنين ساكن يعتصر قلبى إقتربت

منها أحنو بيدى على جسدها النحيل ورحت أسألها :

أمى ماذا بك يا غاليتى ؟ خففى عنك أحزانك وتحدثى معى

توقفت أمى عن الكلمات التى كانت ترددها ثم

وجهت نظرها إلى وعينيها شاحبتين تغمرهما الدموع قائلة :بعد

وفاة شقيقتك إنهار العالم من تحت أقدامى وملكنى يأس أتى إلى بموت

من غير قبر وآخرة .. بظلام إرتديته حداداً ولم يكتفى بدمعى بل

أخذ كل قوتى وأنهكنى ...وكنت دائماً أتوسل إلى ربى أن يلهمنى الصبر

فى حلماً ربيته سنين وضاع منى .. وحنين لإبنة رحلت عنى وهى بعمر الزهور

وحرمت من أراها عروس بفستان أبيض..

لتترك بداخلى لهيب يجتاح قلبى وأحشائى التى حملتها شهورا .

وذات ليلة وأنا أنظر للسماء شاهدت القمر وتاهت عيونى به لأجد وجهها

بملامحه الملائكية يسطع بوجه القمر فإذا بها تبتسم لى وتهمس :

أمى أشتاق إليك .. إلى حنانك ... إلى عطفك وتدليلك لى

فلم أتمالك نفسى وأجهشت بالبكاء لرؤيتها وسماع همسها لى

فإذا بها تمد يديها الحانيتين وتمسح دمعى

وتبدأ فى محادثتى لتنزع منى ألاماً وأجاعاً أهلكتنى بفراقها

وأخذت أنتظرها كل ليلة لأراها بوجه القمر.. وحين ألقاها تظل طوال الليل

تسامرنى وتحادثنى وتطلب منى أن أقص عليها كل الحكايات التى رويتها

لها وهى طفلة صغيرة فأحكيها لها .. وعيونى ترقب ملامحها وقلبى يود لو توقف الزمن لأظل أراها

حتى إذا غالبها النعاس يرحل القمر ويأخذها بعيداً حيث تغيب عنى

فأنتظرها مساء كل ليل وأنا بشوق إليها

ولكن فى بعض الليالى يغيب القمر عن السماء وأظل أنتظره فى لهفة .. حتى
إذا ما صابنى اليأس أناجيه أملا فى قدومه لأراها خلاله.

نظرت إلى أمى بشفقة غلبت على عينى ..فيالها من أحزان تسكنها وتأبى أن تهدأ أو تنام

ولأدرك من خلال حديثها أن ما كانت تتمتم به هى مناجاة للقمر حتى يظهر

بالسماء وترى شقيقتى .. فأخذت دموعى تتساقط بلا روية على حالها

بينما هى تنظر إلى السماء وتعاود تردد كلماتها بصوت متهدج باكية :

يا بنات الحور ... سيبوا القمر يدور

يا بنات الحور ... سيبوا القمر يدور
قلم : حلا على

[الأميرة رودي]

الله عليكي ياحلا

انا حسيت بالقصه جدااا

وكأنها حقيقه وواقعيه

يسلمو ايديكي

وفى انتظار جديدك الرائـــع