..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..


العودة   منتديات بنات مصر > قسم الأعضاء المميزين > منتدى المواضيع المميزه

آخر 12 مواضيع
الشفاء فى السجود
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 2 -
صدفة البحر
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
ياليت قومى يعلمون ..مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 4 -
زكاة المال ام الضرائب تابع مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : طبيب الهوى - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 4 -
دعوة لنقاش تابع مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 10 -
مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 9 -
سئمت الصمت
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
الفرق بين الكسل والايمان
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 15 -
رأيك خير دليل
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
شاعر الأنسانيه مبارك الأشراف
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الانسانية - مشاركات : 16 -
أيران وحرب الجرذان
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 12 -
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 16 -

الإهداءات


كل شىء عن المرأة فى الإسلام......هام جداً

منتدى المواضيع المميزه


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /04-29-2008, 05:07 PM   #11

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- الزواج من أخت الأخ لأخ :


س: لي أخت من أمي، وأخ من أبي. فهل يجوز لأخي هذا أن يتزوج من أختي تلك؟

ج : نعم يجوز له أن يتزوجها. وقد رأينا هذا كثيرا ما يحدث، لأنه إنما يتزوج أخت أخيه لا أخته هو. فأخت الأخ من النسب وأخت الأخ من الرضاع، تتساويان في الحكم بهذا الصدد.

وإذا أنجبت هذه الزوجة ولدا قيل عنه: عمه خاله.

أي يصبح عمه هو خاله. عمه من جهة الأم وخاله من جهة الأب أو بالعكس.

فهذا الزواج مشروع وصحيح ولا حرج فيه، إذ ليس فيه أي سبب من أسباب التحريم شرعا، لا من جهة النسب، ولا من جهة المصاهرة، ولا من جهة الرضاع. قال تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء: (وأحل لكم ما وراء ذلك) وبالله التوفيق.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:08 PM   #12

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- بطلان زواج المسلمة من شيوعي :

س: تقدم إلى خطبة ابنتي شاب عرفت من تاريخه أنه شيوعي، ولا زال مصرا على شيوعيته، فهل يجوز لي شرعا أن أزوجه ابنتي، نظرا لأنه -من الناحية الرسمية- يدين بالإسلام وأسرته مسلمة، ويحمل اسما إسلاميا، أم يجب علي أن أرفضه، لفساد عقيدته؟ ولكم الشكر.

ج : من الواجب علينا -قبل إجابتنا على هذا السؤال- أن نقدم نبذة موجزة عن موقف الشيوعية من الدين، لكي يكون المستفتي على بصيرة من الأمر.

الشيوعية مذهب مادي، لا يعترف إلا بكل ما هو مادي محس، ويجحد كل ما وراء المادة، فلا يؤمن بالله، ولا يؤمن بالروح، ولا يؤمن بالوحي، ولا يؤمن بالآخرة، ولا يؤمن بأي نوع من أنواع الغيب، وبهذا ينكر الأديان جملة وتفصيلا، ويعتبرها خرافة من بقايا الجهل والانحطاط والاستغلال، وفي هذا قال مؤسس الشيوعية كارل ماركس كلمته المعروفة: الدين أفيون الشعوب، وأنكر على الذين قالوا: إن الله خلق الكون والإنسان فقال متهكما: إن الله لم يخلق الإنسان، بل العكس هو الصواب، فأن الإنسان هو الذي خلق الله. أي اخترعه بوهمه وخياله.

وقال لينين: إن حزبنا الثوري لا يمكن أن يقف موقفا سلبيا من الدين، فالدين خرافة وجهل.

وقال ستالين: نحن ملحدون، ونحن نؤمن أن فكرة "الله" خرافة، ونحن نؤمن بأن الإيمان بالدين يعرقل تقدمنا، ونحن لا نريد أن نجعل الدين مسيطرا علينا لأننا لا نريد أن نكون سكارى.

هذا هو رأي الشيوعية وزعمائها في الدين، ولهذا لم يكن غريبا أن نرى دستور الحزب الشيوعي ودستور الشيوعية الدولية يفرضان على كل عضو في الحركة الشيوعية أن يكون ملحدا، وأن يقوم بدعاية ضد الدين. ويطرد الحزب من عضويته كل فرد يمارس شعائر الدين، وكذلك تنهى الدولة الشيوعية خدمات كل موظف يتجه هذا الاتجاه.

ولو صح جدلا أن شيوعيا أخذ من الشيوعية جانبها الاجتماعي والاقتصادي فقط، دون أساسها الفكري والعقائدي -كما خيل للبعض وهو غير واقع ولا معقول- لكان هذا كافيا في المروق من الإسلام والارتداد عنه، لأن للإسلام تعاليم محكمة واضحة في تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية ينكرها النظام الشيوعي إنكارا، كالملكية الفردية والميراث والزكاة، وعلاقة الرجل بالمرأة..الخ.. وهذا الأحكام مما علم بالضرورة أنه من دين الإسلام، وإنكاره كفر بإجماع المسلمين.

هذا إلى أن الشيوعية مذهب مترابط، لا يمكن الفصل بين نظامه العملي وأساسه العقائدي والفلسفي بحال.

وإذا كان الإسلام لم يجز للمسلمة أن تتزوج بأحد من أهل الكتاب -نصراني أو يهودي- مع أن الكتابي مؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر في الجملة، فكيف يجيز أن تتزوج رجلا لا يدين بألوهية ولا نبوة ولا قيامة ولا حساب؟

إن الشيوعي الذي عرفت شيوعيته يعتبر في حكم الإسلام مارقا مرتدا زنديقا، فلا يجوز بحال أن يقبل أب مسلم زواجه من ابنته، ولا أن تقبل فتاة مسلمة زواجها منه وهي ترضى بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبالقرآن إماما.

وإذا كان متزوجا من مسلمة وجب أن يفرق بينه وبينها، وأن يحال بينه وبين أولاده، حتى لا يضلهم، ويفسد عليهم دينهم.

وإذا مات هذا مصرا على مذهبه فليس بجائز أن يغسل، أو يصلى عليه، أو يدفن في مقابر المسلمين.

وبالجملة يجب أن تطبق عليه في الدنيا أحكام المرتدين والزنادقة في شريعة الإسلام، وما ينتظره من عقاب الله في الآخرة أشد وأخزى (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا، ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:09 PM   #13

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- صبغ الأضافر ب"المانوكير" :



س: ما رأيكم فيما جرت به عادة بعض السيدات من صبغ أظافرهن بالمادة الملونة التي تسمى "المانوكير" أحلال ذلك أم حرام؟

ج : لعل ما يختصر المسافة بيننا وبين السائل أو السائلة، ويضع أيدينا على المشكلة بلا لف ولا دوران أن نقول: إن هذا الذي يسمى "المانوكير" حائل دون وصول ماء الوضوء إلى البشرة، ولهذا لا يصح معه وضوء، وبالتالي لا تقام مع استمراره صلاة، والمرأة المسلمة التي تهرع إلى صلاتها كل يوم خمس مرات متطهرة متوضئة، لا يمكن أن تجد متسعا لهذا اللون من الزينة، لأنه بطبيعته يتنافى مع إقامة هذه الفريضة اليومية المقدسة. فمن كانت لا تبالي بالصلاة وهي عماد الدين، وفصل ما بين المسلم والكافر، فلا عليها إذا تبرجت أو تزينت بما لا يحل من الأصباغ، فليس بعد الكفر ذنب كما قيل.


- تغطية شعر المرأة :


س: جرت مناقشة بيني وبين بعض الزملاء حول زي المرأة وزينتها فكان مما قالوه: إن شعر المرأة ليس بعورة. وكشفه ليس بحرام زاعمين أنه ليس هناك دليل على وجوب تغطية الشعر.

ولهذا أرجو بيان النصوص الدينية التي تحدد ذلك وتحسم النزاع وشكرا.

ج : إن من أعظم الفتن والمؤامرات الفكرية التي أدخلت على دنيا المسلمين تحويل المسائل اليقينية في الإسلام إلى مسائل جدلية، وجعل مواضع الإجماع القطعي موضع خلاف نظري وبذلك تنقلب المحكمات إلى متشابهات، يسأل عنها السائلون ويختلف فيها المختلفون ويشكك فيها المشككون… ومن أمثلة ذلك هذا الحكم الذي يسأل عنه الأخ المستفتي.

فقد أجمع المسلمون في كل أعصارهم وأمصارهم فقهاء ومحدثين ومتصوفين، ظاهرية وأهل رأي وأهل أثر، بأن شعر المرأة من الزينة التي يجب سترها، ولا يجوز كشفها للأجانب من الرجال. وسند هذا الإجماع نص صريح محكم من كتاب الله تعالى. ففي سورة النور يقول الله عز وجل: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) والاستدلال بالآية من وجهين:

الوجه الأول: أن الله نهى في الآية عن إبداء المرأة المؤمنة لزينتها إلا ما ظهر منها ولم يقل أحد من علماء السلف أو الخلف أن الشعر داخل في (ما ظهر منها) حتى الذين توسعوا في الاستثناء أكثر من غيرهم.

قال القرطبي في تفسير الآية:
أمر الله سبحانه وتعالى النساء بألا يبدين زينتهن للنظارين، إلا ما استثناه من الناظرين في باقي الآية حذارا من الافتتان، ثم استثنى ما يظهر من الزينة واختلف الناس في قدر ذلك. فقال ابن مسعود: ظاهر الزينة هو الثياب، وزاد ابن جبير الوجه، وقال سعيد بن جبير أيضا وعطاء والأوزاعي: الوجه والكفان والثياب. وقال ابن عباس وقتادة والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة هو الكحل والسوار والخضاب إلى نصف الذراع والقرط والفتخ، "الفتخ بفتحتين جمع الفتخة خواتيم كبار تلبس في الأيدي"، ونحو ذلك.. فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس.

قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما ظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك. "فما ظهر" على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه.

قال القرطبي:
قلت هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما. يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا.." وأشار إلى وجهه، وكفه، فهذا أقوى في جانب الاحتياط، ولمراعاة فساد الناس فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها والله الموفق.

وبهذا يظهر أن "ما ظهر منها" لا يدخل فيه الشعر بحال من الأحوال، بل من العلماء من أخرج الوجه نفسه مما ظهر منها.

الوجه الثاني: إن الله أمر المؤمنات في الآية بضرب خمرهن على جيوبهن. والجيوب مواضع فتحات الثياب وهي الصدور. والخمر -كما قال المفسرون- جمع خمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها -ومنه اختمرت المرأة، وتخمرت، هي حسنة الخمرة (انظر مثلا القرطبي: جـ12، ص230) وقال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: الخمار للمرأة كالعمامة للرجل. وهذا ما تنص عليه كتب اللغة أيضا. قال في القاموس، الخمار: النصيف. وفي مادة نصف. قال: النصيف، الخمار والعمامة وكل ما غطى الرأس. وقال في المصباح: الخمار ثوب تغطي به المرأة رأسها.

هذا وتطلق لفظة "الخمار" على كل غطاء كما في الحديث "خمروا الآنية" أي غطوها، ويبدو أن هذا المعنى هو الذي ضلل الذين جادلوا في شأن الشعر. مع أن هذا المعنى العام غير المعنى الخاص الذي جاءت به الآية… وإذا كان اللفظ يراد به أكثر من معنى، فإن القرائن وسياق الكلام هو الذي يحدد المعنى المراد منه.

وتفسير الخمار في الآية بغطاء الرأس لا جدال فيه، ومما يؤيد ذلك نزول الآية ، وتعبد نساء المؤمنين بها مهاجرين وأنصارا كما وردت بذلك أصح الروايات.

قال القرطبي:
وسبب نزول هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة وهي المقانع سدلنها من وراء الظهر. فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك، فأمر الله بلي الخمار على الجيوب. وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها. روى البخاري عن عائشة أنها قالت: رحم الله نساء المهاجرات الأول لما نزل (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن أزرهن فاختمرن بها.

ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن رضي الله عنهم وقد اختمرت بشيء يشف عن عنقها وما هناك، فشقته عليها وقالت: إنما يضرب بالكتيف الذي يستر. والله أعلم.








  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:10 PM   #14

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- الزواج والحب :


س: أنا فتاة في الخامسة عشرة من عمري، يريد أهلي تزويجي من ابن عمي، وأنا لا أحبه، ولكني أحب شابا غيره، فماذا أفعل؟ أرشدوني.

ج : مسألة الحب والعواطف. يبدو أنها كثرت في هذه الأيام، نتيجة للتمثيليات والروايات والقصص والأفلام وغيرها… فأصبح البنات متعلقات بمثل هذه الأمور، وأنا أخشى أن كثيرا منهن يخدع بهذه العواطف، ويضحك عليها، وخاصة إذا كانت بمثل هذه السن، سن المراهقة والبلوغ، والقلب خال، والكلام المعسول إذا صادف قلبا خاليا تمكن فيه.

وهناك بعض الشبان يفعلون هذا مخادعين -مع الأسف- أو يتلذذون بهذا الأمر. ويتباهون في مجالسهم، بأن أحدهم استطاع أن يكلم اليوم الفتاة الفلانية، وغدا يكلم أخرى وبعد غد سيكلم ثالثة… وهكذا.

فنصيحتي إلى الفتيات المسلمات ألا ينخدعن بهذا الكلام، وأن يستمعن إلى نصائح الآباء وأولياء الأمور والأمهات، وألا يدخلن على حياة زوجية بمجرد العاطفة، ولكن لا بد من وزن الأمور كلها بميزان العقل أولا، هذا من ناحية.

وأيضا أقول لأولياء الأمور: إن عليهم أن ينظروا في رغبات بناتهم، فلا ينبغي للأب أن يضرب برغبة ابنته عرض الحائط، ويجعلها كما مهملا.. ثم يزوجها بمن يريد هو لا بمن تريد هي فتدخل حياة زوجية وهي كارهة لها، مرغمة عليها… ذلك، لأن الأب ليس هو الذي سيعاشر الزوج، وإنما هي التي ستعاشره، فلا بد أن تكون راضية… وهذا لا يقتضي ضرورة العلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة قبل الزواج، إنما على الأقل، أن تكون مستريحة إليه راضية به.

ومن هنا، يأمر الإسلام بأن ينظر الخاطب مخطوبته، ويراها وتراه، "فإن ذلك أحرى أن يؤدم بينكما" كما جاء في الحديث.

الشرع الإسلامي يريد أن تقوم الحياة الزوجية على التراضي من الأطراف المعنية في الموضوع كله. الفتاة تكون راضية، وعلى الأقل تكون لها الحرية في إبداء رغبتها ورأيها بصراحة، أو إذا استحيت تبديه بما يدل على رضاها، بأن تصمت مثلا "البكر تستأذن وإذنها صمتها، والأيم أحق بنفسها". أي التي تزوجت مرة قبل ذلك، لا بد أن تقول بصراحة: أنا راضية وموافقة. أما البكر فإذا استؤذنت، فقد تستحي، فتصمت، أو تبتسم، وهذا يكفي. ولكن إذا قالت: لا. أو بكت، فلا ينبغي أن تكره. والنبي صلى الله عليه وسلم رد زواج امرأة زوجت بغير رضاها. وجاء في بعض الأحاديث أن فتاة أراد أبوها أن يزوجها وهي كارهة. فاشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرادها أن ترضي أباها مرة ومرتين وثلاثا، فلما رأى إصرارها قال: افعلي ما شئت. فقالت: أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن يعلم الآباء أنه ليس لهم من الأمر شيء.

فالذي أنبه إليه في هذا الصدد بأنه لا بد للفتاة أن ترضى، ولولي أمرها أن يرضى، وهذا ما اشترطه كثير من الفقهاء، فقالوا بوجوب موافقة ولي الأمر حتى يتم النكاح. وجاء في الحديث "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" و"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل".

وكذلك ينبغي رضا الأم. كما جاء في الحديث "آمروا النساء في بناتهن" لأن الأم تعرف رغبة بنتها، وبهذا تدخل الفتاة حياتها الزوجية وهي راضية، وأبوها راض، وأمها راضية، وأهل زوجها راضون… فلا تكون بعد ذلك حياة منغصة ومكدرة.

فالأولى أن يتم الأمر على هذه الصورة، التي يريدها الشرع الإسلامي الشريف. والله الموفق.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:13 PM   #15

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- تعاهد الفتاة ومن تحبه على الزواج :


س: شخص أحبه، تعاهدنا على الزواج أنا وهو بعهد الله، وبعد ذلك تقدم الشخص يطلب يدي من أهلي، ولكنهم لم يوافقوا لأنهم يريدون تزويجي من شخص آخر غير الذي تعاهدت معه، فهل يصح أن أتزوج أحدا غيره بعد ذلك العهد؟
إنني خائفة من مخالفة ذلك العهد، الذي قطعته على نفسي، أرجوكم إفادتي بالجواب.

ج : إن الزواج كما شرعه الإسلام عقد يجب أن يتم بتراضي الأطراف المعينة كلها، لا بد أن ترضى الفتاة، ولا بد أن يرضى وليها، وينبغي أن تستشار أمها، كما وجه إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(أ) أمر الإسلام أن يؤخذ رأي الفتاة وألا تجبر على الزواج بمن تكره ولو كانت بكرا، فالبكر تستأذن وإذنها صمتها وسكوتها، مادام ذلك دلالة على رضاها، وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم نكاح امرأة أجبرت على التزوج بمن لا تحب، " وجاءت فتاة في ذلك فقالت يا رسول الله: إن أبي يريد أن يزوجني وأنا كارهة من فلان، فقال لها: أجيزي ما صنع أبوك. فقالت: إني كارهة. فقال: أجيزي ما صنع أبوك. وكرر عليها مرة ومرة. فلما صممت على الإباء قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لك أن ترفضي. وأمر الأب أن يتركها وما تشاء حين ذاك قالت الفتاة: يا رسول الله، أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن يعلم الآباء أن ليس لهم من أمر بناتهم شيء" فلا بد أن تستشار الفتاة وأن ترضى وأن يعرف رأيها صراحة أو دلالة.

(ب) ولا بد أن يرضى الولي وأن يأذن في الزواج، وقد روي في الحديث: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل" وليست المرأة المسلمة الشريفة هي التي تزوج نفسها بدون إذن أهلها. فإن كثيرا من الشبان، يختطفون الفتيات ويضحكون على عقولهن، فلو تركت الفتاة الغرة لنفسها ولطيبة قلبها ولعقلها الصغير لأمكن أن تقع في شراك هؤلاء وأن يخدعها الخادعون من ذئاب الأعراض ولصوص الفتيات، لهذا حماها الشرع وجعل لأبيها أو لوليها أيا كان حقا في تزويجها ورأيا في ذلك واعتبر إذنه واعتبر رضاه كما هو مذهب جمهور الأئمة.

(ج) ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم زاد على ذلك فخاطب الآباء والأولياء فقال: "آمروا النساء في بناتهن" كما رواه الإمام أحمد ومعنى "آمروا النساء في بناتهن" أي خذوا رأي الأمهات، لأن المرأة كأنثى تعرف من شئون النساء، وتهتم منها بما لا يهتم الرجال عادة. ثم إنها كأم تعرف من أمور ابنتها ومن خصالها ومن رغباتها ما لا يعرفه الأب، فلا بد أن يعرف رأي الأم أيضا.

فإذا اتفقت هذه الأطراف كلها من الأب ومن الأم ومن الفتاة ومن الزوج بالطبع، فلا بد أن يكون الزواج موفقا سعيدا، محققا لأركان الزوجية التي أرادها القرآن من السكن ومن المودة ومن الرحمة وهي آية من آيات الله (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).

وهنا نقول للسائلة: مادامت قد تصرفت بنفسها من وراء أهلها ومن وراء أوليائها، فإن تصرفها باطل، ولا تخاف مما عقدته من عهد مع هذا الفتى من وراء الأهل ومن وراء الأولياء، فعهدها هذا لا قيمة له إذا لم يقره أولياؤها ولم يقره أهلها، فلا تخشى الفتاة من هذا العهد. ووصيتنا للأولياء أن يراعوا بصفة عامة رغبات الفتيات، مادامت معقولة، فهذا هو الطريق السليم، وهو الطريق الذي جاء به الشرع، وما جاء الشرع إلا لمصلحة العباد في المعاش والمعاد، والله أعلم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:15 PM   #16

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- رؤية الخاطب للمخطوبة :


س: هل يجوز للفتى أن يرى الفتاة قبل الخطبة؟

ج : هذا سؤال مهم أيضا. والناس في ذلك متناقضين. ففريق من الناس لا يبيح للفتى مجرد رؤية الفتاة المخطوبة فحسب، بل يبيح له أن يتأبط ذراعها، وأن يذهب بها إلى هنا أو هناك، وأن يدخل بها الأحفال والسينمات، ليعرفها ويختبر أخلاقها.. إلى آخر ما يقال في هذا المجال: وبعد ذلك تكون مآس وتكون فضائح فقد يترك الفتى الفتاة بعد أن دخل عليها وخرج بها أمام الناس. دخل بيتها وخرج معها وسافر معها وتنزه معها، هنالك يصبح عرض الفتاة مضغة للأفواه. هذا صنف من الناس، من عبيد الحضارة الغربية.

وفي مقابل هؤلاء صنف آخر: أولئك الذين يحرمون على الخاطب أن يرى الفتاة مجرد رؤية عابرة، يمنعون الفتاة من خاطبها حتى يدخل وحتى يبنى بها ويتزوج. وهؤلاء هم عبيد تقاليد عتيقة أيضا، كما أن أولئك عبيد تقاليد محدثة مبتدعة وكلا الطرفين مذموم.

والأفضل من ذلك بل الطريق الصحيح بين هؤلاء وهؤلاء، هو ما جاء به الشرع وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرى الخاطب مخطوبته، فقد جاءه أحد المسلمين يقول: إني خطبت امرأة من الأنصار فقال: أنظرت إليها؟ قال: لا قال: انظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا.

وجاء المغيرة بن شعبة يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أو يخبره بأنه خطب امرأة فقال: أنظرت إليها؟ قال: لا قال: انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. أي يحصل بينكما الإدام والائتلاف والوفاق. فالعين بريد القلب ورسول العاطفة… لابد أن تحدث رؤية قبل الزواج، وهذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر في أصله وفي ظاهره للوجوب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: إذا خطب أحدكم المرأة وأراد أن يتزوجها فلينظر بعض ما يدعوه إلى زواجها، فمن هنا كان للخاطب بل ينبغي له أن يرى مخطوبته وينبغي لأهل الفتاة أن ييسروا له ذلك، حتى يراها وحتى تراه هي أيضا، فمن حقها أن ترفض ومن حقها أن تأبى. لابد أن يرى أحدهما الآخر قبل الزواج، حتى تبنى الحياة الزوجية على أسس وطيدة وعلى أركان سليمة متينة، لابد من هذا وذاك، ليس علم الفتاة ولا علم أهلها شرطا في ذلك، وإذا كان الخاطب يريد مخطوبته، فيستطيع أن يراها دون أن يعلمها حتى لا يجرح شعورها وحتى لا يؤذي إحساسها، فبعض الناس يستهترون بذلك حتى سمعت من بعضهم أنه رأى أكثر من عشرين فتاة ولم تعجبه واحدة منهن حتى تزوج، معنى ذلك أنه جرح إحساس أكثر من عشرين فتاة من فتيات المسلمين، فالأولى أن يراها وهي خارجة أو في بيت قريب لها دون أن تعلم من هذا ولا ما هذا. ولقد جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال في امرأته بعد أن تزوجها: "لقد كنت أتخبأ لها تحت شجرة حتى رأيت منها ما دعاني إلى زواجها" كان يتخبأ لها تحت شجرة دون أن تعلم ودون أن ترى.

ويستطيع الأب أن يساعد في ذلك حفاظا على شعور ابنته. هذا هو الطريق السليم بين المفرطين والمفرطين وشرع الإسلام دائما هو الوسط، وأمة الإسلام أمة وسط، (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) وأمر الأسرة المسلمة بصفة عامة، أمر المرأة المسلمة ضائع بين المفرطين والمفرطين، بين المتشددين المتزمتين الذي يحرصون على تقاليد عتيقة يظنونها من الإسلام وليست من الإسلام، وبين العصريين المتحررين المتجددين الذين تعبدوا للغرب ولحضارة الغرب وظنوا أنفسهم تقدميين وما هم بالتقدميين وإنما هم عبيد وأسارى لغيرهم. أما الطريق الوسط والطريق السديد فهو طريق الإسلام، وطريق الشريعة الإسلامية وهي بين هؤلاء وهؤلاء.

نسأل الله أن يوفق المسلمين لاختيار الطريق القويم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:17 PM   #17

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- زواج المسلم بغير المسلمة :

س: هذا موضوع أرجو أن يتسع وقتكم لتحريره وتحقيقه، وهو موضوع الزواج من غير المسلمات. وأعني بالذات "الكتابيات" مسيحيات أو يهوديات -ممن نعتبرهم نحن المسلمين "أهل كتاب" ولهم حكم خاص يميزهم عن غيرهم من الوثنيين وأمثالهم.

وقد رأيت ورأى الكثيرون غيري مفاسد جمة من وراء هذا النوع من الزواج، وخصوصا على الأولاد من هذه الزوجة، التي كثيرا ما تصبغ البيت كله بصبغتها، وتربي الأبناء والبنات على طريقتها، والزوج لا يقدم ولا يؤخر، فهو في الأسرة مثل "شرابة الخرج" كما يقول العامة.

وقد سألت بعض العلماء في ذلك فقال: إن القرآن أباح الزواج من نساء أهل الكتاب وليس لنا أن نحرم ما أحل الله تعالى.

ولما كان اعتقادي أن الإسلام لا يبيح ما فيه ضرر أو مفسدة، كتبت إليكم مستوضحا رأيكم في هذه القضية، لما علمته من نظرتكم الشاملة إلى مثل هذه القضايا، ومعالجتها في ضوء النصوص الأصلية للشريعة، وفي ضوء مقاصدها ومبادئها العامة، وأصولها الكلية.

أرجو ألا تهملوا الرد على هذه الرسالة بالرغم مما أعلم من مشاغلكم…والله معكم ويسددكم.

ج : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد.

فقد قدر في أن أزور عددا من أقطار أوروبا وأمريكا الشمالية، وأن ألتقي بعدد من أبناء المسلمين الذين يدرسون أو يعلمون هناك، ويقيمون بتلك الديار إقامة مؤقتة أو مستقرة.

وكان مما سأل عنه الكثيرون: حكم الشرع في زواج الرجل المسلم من غير المسلمة وبخاصة المسيحية أو اليهودية، التي يعترف الإسلام بأصل دينها، ويسمى المؤمنين به "أهل الكتاب" ويجعل لهم من الحقوق والحرمات ما ليس لغيرهم.

ولبيان الحكم الشرعي في هذه القضية، يلزمنا أن نبين أصناف غير المسلمات وموقف الشريعة من كل منها. فهناك المشركة، وهناك الملحدة، وهناك المرتدة، وهناك الكتابية.

تحريم الزواج من المشركة

فأما المشركة -والمراد بها: الوثنية- فالزواج منها حرام بنص القرآن الكريم. قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) وقال تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) وسياق الآية والسورة كلها -سورة الممتحنة- وسبب نزولها يدل على أن المراد بالكوافر: المشركات: أعني الوثنيات.

والحكمة في هذا التحريم ظاهرة، وهي عدم إمكان التلاقي بين الإسلام والوثنية، فعقيدة التوحيد الخالص، تناقض عقيدة الشرك المحض، ثم إن الوثنية ليس لها كتاب سماوي معتبر، ولا نبي معترف به، فهي والإسلام على طرفي نقيض. لهذا علل القرآن النهي عن نكاح المشركات وإنكاح المشركين بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) ولا تلاقي بين من يدعو إلى النار ومن يدعو إلى الجنة.

عمرك الله كيف يلتقيان؟!
أيها المنكح الثريا سهيلا

وسهيل إذا استقل يمان
هي شامية إذا ما استقلت


وهذا الحكم -منع الزواج من المشركات الوثنيات- ثابت بالنص، وبالإجماع أيضا، فقد اتفق علماء الأمة على هذا التحريم، كما ذكر ابن رشد في بداية المجتهد وغيره.

بطلان الزواج من الملحدة

وأعنى بالملحدة: التي لا تؤمن بدين، ولا تقر بألوهية ولا نبوة ولا كتاب ولا آخرة، فهي أولى من المشركة بالتحريم، لأن المشركة تؤمن بوجود الله، وإن أشركت معه أندادا أو آلهة أخرى اتخذتهم شفعاء يقربونها إلى الله زلفى فيما زعموا. وقد حكى القرآن عن المشركين هذا في آيات كثيرة مثل: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن: الله)، (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).

فإذا كانت هذه الوثنية المعترفة بالله في الجملة قد حرم نكاحها تحريماً باتاً، فكيف بإنسانة مادية جاحدة، تنكر كل ما وراء المادة المتحيزة، وما بعد الطبيعة المحسوسة، ولا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا بالملائكة ولا الكتاب ولا النبيين؟.

إن الزواج من هذه حرام بل باطل يقينا.

وأبرز مثل لها: الشيوعية التي تؤمن بالفلسفة المادية، وتزعم أن الدين أفيون الشعوب، وتفسر ظهور الأديان تفسيرا ماديا، على أنها من إفراز المجتمع، ومن آثار ما يسوده من أحوال الاقتصاد وعلاقات الإنتاج.

وإنما قلت: الشيوعية المصرة على شيوعيتها، لأن بعض المسلمين والمسلمات قد يعتنق هذا المذهب المادي، دون أن يسبر غوره، ويعرفه على حقيقته، وقد يخدع به حين يعرضه بعض دعاته على أنه إصلاح اقتصادي لا علاقة له بالعقائد والأديان.. الخ. فمثل هؤلاء يجب أن يزال عنهم اللبس، وتزاح الشبه، وتقام الحجج، ويوضح الطريق حتى يتبين الفرق بين الإيمان والكفر، والظلمات والنور، فمن أصر بعد ذلك على شيوعيته فهذا كافر مارق ولا كرامة، ويجب أن تجري عليه أحكام الكفار في الحياة وبعد الممات.

المرتدة

ومثل الملحدة: المرتدة عن الإسلام والعياذ بالله، ونعني بالمرتدة والمرتد كل من كفر بعد إيمانه كفرا مخرجا من الملة، سواء دخل في دين آخر أم لم يدخل في دين قط. وسواء كان الدين الذي انتقل إليه كتابيا أم غير كتابي. فيدخل في معنى المرتدين ترك الإسلام إلى الشيوعية، أو الوجودية، أو المسيحية، أو اليهودية، أو البوذية، أو البهائية، أو غيرها من الأديان والفلسفات، أو خرج من الإسلام ولم يدخل في شيء، بل ظل سائبا بلا دين ولا مذهب.

والإسلام لا يكره أحدا على الدخول فيه، حتى إنه لا يعتبر إيمان المكره ولا يقبله، ولكن من دخل فيه بإرادته الحرة لم يجز له الخروج عنه.

وللردة أحكام بعضها يتعلق بالآخرة وبعضها بالدنيا.

فمما يتعلق بالآخرة: أن من مات على الردة فقد حبط كل ما قدمه من عمل صالح واستحق الخلود في النار، قال تعالى: (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).

ومن أحكام الدنيا: أن المرتد لا يستحق معونة المجتمع الإسلامي ونصرته بوجه من الوجوه، ولا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم ومرتدة، أو بين مرتد ومسلمة، لا ابتداء ولا بقاء، فمن تزوج مرتدة فنكاحه باطل، وإذا ارتدت بعد الزواج فرق بينهما حتما، وهذا حكم متفق عليه بين الفقهاء، سواء من قال منهم بقتل المرتد رجلا كان أو امرأة وهم الجمهور، أم من جعل عقوبة المرأة المرتدة الحبس لا القتل، وهم الحنفية.

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن الحكم بالردة والكفر على مسلم هو غاية العقوبة. لهذا وجب التحري والاحتياط فيه، ما وجد إليه سبيل، حملا لحال المسلم على الصلاح. وتحسينا للظن به، والأصل هو الإسلام، فلا يخرج منه إلا بأمر قطعي، واليقين لا يزال بالشك.

بطلان الزواج من البهائية

والزواج من امرأة بهائية باطل، وذلك لأن البهائية إما مسلمة في الأصل، تركت دين الله الحنيف إلى هذا الدين المصطنع، فهي في هذه الحال مرتدة بيقين، وقد عرفنا حكم الزواج من المرتدة.

وسواء ارتدت بنفسها أم ارتدت تبعا لأسرتها، أو ورثت هذه الردة عن أبيها أو جدها، إن حكم الردة لا يفارقها.

وإما أن تكون غير مسلمة الأصل، بأن كانت مسيحية أو يهودية أو وثنية أو غيرها، فحكمها حكم المشركة، إذ لا يعترف الإسلام بأصل دينها، وسماوية كتابها، إذ من المعلوم بالضرورة أن كل نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة، وكل كتاب بعد القرآن باطل، وكل من زعم أنه صاحب دين جديد بعد الإسلام فهو دجال مفتر على الله تعالى. فقد ختم الله النبوة، وأكمل الدين، وأتم النعمة: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين).

وإذا كان زواج المسلم من بهائية باطلا بلا شك، فإن زواج المسلمة من رجل بهائي باطل من باب أولى، إذ لم تجز الشريعة للمسلمة أن تتزوج الكتابي، فكيف بمن لا كتاب له؟

ولهذا لا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم وبهائية أو بين مسلمة وبهائي، لا ابتداء ولا بقاء. وهو زواج باطل، ويجب التفريق بينهما حتما.

وهذا ما جرت عليه المحاكم الشرعية في مصر في أكثر من واقعة.

وللأستاذ المستشار علي علي منصور حكم في قضية من هذا النوع قضى فيه بالتفريق، بناء على حيثيات شرعية فقهية موثقة، وقد نشر في رسالة مستقلة، فجزاه الله خيرا.

رأى جمهور المسلمين إباحة الزواج من الكتابية

الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة.

فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم. قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان).

رأي ابن عمر وبعض المجتهدين

وخالف في ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فلم ير الزواج من الكتابية مباحا، فقد روى عنه البخاري: أن كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، (يعني قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) ولا أعلم من الإشراك شيئا أكبر من أن تقول: "ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله!").

ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم ولكن العبارات المروية عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية.

وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية بما ذهب إليه ابن عمر استدلالا بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات) وبقوله في سورة الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر).

ترجيح رأي الجمهور

والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات. وهي من آخر ما نزل كما جاء في الحديث.

وأما قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) وقوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فأما أن يقال: هذا عام خصصته سورة المائدة، أو يقال: إن كلمة "المشركات" لا تتناول أهل الكتاب أصلا في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البقرة: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين..)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها..).

وفي سورة الحج يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة) فجعل الذين أشركوا صنفا متميزا عن باق الأصناف، ويعني بهم الوثنيين. والمراد بـ "الكوافر" في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.

قيود يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية

وإذن يكون الراجح ما بيناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبا لها في الإسلام، وتقريبا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.

ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها:

القيد الأول: الاستيثاق من كونها "كتابية" بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة -في الجملة- بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.

ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليس كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلا مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة. فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.

القيد الثاني: أن تكون عفيفة محصنة؛ فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان). وهذا ما أختاره. فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.

وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأي الجمهور، وقال "وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفا وسوء كيله!".

وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلا سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب، وقد أكثر الله المسلمات؟! فإن كان ولا بد فاعلا. فليعمد إليها حصانا (أي محصنة) غير مسافحة، قال الرجل: وما المسافحة؟! قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته.

ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئا نادرا بل شاذا، كما تدل عليه كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تعير من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.

القيد الثالث: ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم. ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية. فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية. وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا. ثم قرأ: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية..) فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.

وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي -أحد فقهاء الكوفة وأئمتها- فأعجبه. وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد. وعن علي رضي الله عنه بنحوه.

وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.

وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب. قال الشارح في "الروض النضير": والمراد بالكراهة: التحريم؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين. قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار. يعني: دار الإسلام. والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.

ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا). فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم؟ وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاده منهم؟ وكيف يؤمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟

ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس محتجا له بقوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) سورة الروم.

قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورا، لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا.

يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون).

وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة؟

وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود… وكل امرأة يهودية إنما هي جندية -بروحها- في جيش إسرائيل.

القيد الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررا عاما، منعت منعا عاما، أو ضررا خاصا منعت منعا خاصا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".

وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع، لأنه -وإن كان بلفظه حديث آحاد- مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع.

ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررا معينا.

والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة:

أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبا ما يكون مثل عدد الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعا من عدد القادرين على أعباء الزواج من الرجال.

فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرا نادرا، بل شاذا، ومن المقرر المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلما، فلا حل لهذه المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.

وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقيا، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة إلا يجد بنات المسلمين -أو عدد كبير منهن- رجلا مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث:

(أ) إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.

(ب) وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة. وهذا من كبائر الإثم.

(ج) وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.

وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام. وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.

هذا الضرر الذي نبهنا عليه هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -فيما رواه الإمام محمد بن الحسن- في كتابه "الآثار حين بلغه أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان تزوج -وهو بالمدائن- امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفي بذلك فتنة لنساء المسلمين".

وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلا آخر لمنع عمر لحذيفة. فبعد أن نفى حرمة هذا الزواج قال: "ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن".

ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصوداً لعمر رضي الله عنه.

فهو يخشى -من ناحية- كساد سوق الفتيات المسلمات، أو كثير منهن. وفي ذلك فتنة أي فتنة.

ومن ناحية أخرى يخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان -العفاف- الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمنع قبل وقوعها، عملا بسد الذرائع. ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة بن عبيد الله إلا طلق امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود، كما في مصنف عبد الرزاق.

إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد -مثل زواج العربي والشرقي من الأوروبيات والأمريكيات النصرانيات- يمثل خطرا آخر يحس به كل من يدرس هذه الظاهرة بعمق وإنصاف، بل يراه مجسدا ماثلا للعيان. فكثيرا ما يذهب بعض أبناء العرب المسلمين إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في جامعاتها، أو للتدريب في مصانعها، أو للعمل في مؤسساتها، وقد يمتد به الزمن هناك إلى سنوات ثم يعود أحدهم يصحب زوجة أجنبية، دينها غير دينه ولغتها غير لغته، وجنسها غير جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه، أو على الأقل غير تقاليد قومه ومفاهيمهم، فإذا رضيت أن تعيش في وطنه -وكثيرا ما لا ترضى- وقد لأحد من أبويه أو إخوته أو أقاربه، أن يزوره في بيته، وجد نفسه غريبا. فالبيت بمادياته ومعنوياته أمريكي الطابع أو أوربي في كل شيء، وهو بيت "المدام" وليس بيت صاحبنا العربي المسلم، هي القوامة عليه، وليس هو القوام عليها. ويعود أهل الرجل إلى قريتهم أو مدينتهم بالأسى والمرارة، وقد أحسوا بأنهم فقدوا ابنهم وهو على قيد الحياة!!

وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون -غالبا- على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، ألصق بها، وأعمق تأثرا بها، وخصوصا إذا ولدوا في أرضها وبين قومها هي، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم، وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها… وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسما وصورة،لا حقيقة وفعلا. ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيا وقوميا، إن لم نخسر آباءهم أيضا.

وهذا الصنف أهون شرا من صنف آخر يتزوج الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم شيئا فشيئا، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته. أما أولاده فهم ينشأون أوربيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية.

ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرا من الدول تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح واعتبارات وطنية وقومية.

تنبيه مهم

وفي ختام هذا البحث، أرى لزاما علي -في ضوء الظروف والملابسات التي تتغير الفتوى بتغيرها- أن أنبه على أمر لا يغيب عن ذوي البصائر، وهو في نظري على غاية من الأهمية، وهو:

إن الإسلام حين رخص في الزواج من الكتابيات راعى أمرين:

أن الكتابية ذات دين سماوي في الأصل، فهي تشترك مع المسلم في الإيمان بالله وبرسالاته، وبالدار الآخرة، وبالقيم الأخلاقية، والمثل الروحية التي توارثتها الإنسانية عن النبوات، وذلك في الجملة لا في التفصيل طبعا. وهذا يجعل المسافة بينها وبين الإسلام قريبة، لأنه يعترف بأصل دينها، ويقر بأصوله في الجملة، ويزيد عليها ويتممها بكل نافع وجديد.

إن المرأة الكتابية -وهذا شأنها- إذا عاشت في ظل زوج مسلم ملتزم بالإسلام، وتحت سلطان مجتمع مسلم مستمسك بشرائع الإسلام -تصبح في دور المتأثر لا المؤثر، والقابل لا الفاعل- فالمتوقع منها والمرجو لها أن تدخل في الإسلام اعتقادا وعملا. فإذا لم تدخل في عقيدة الإسلام -وهذا من حقها إذ لا إكراه في الدين- اعتقادا وعملا. فإنها تدخل في الإسلام من حيث هو تقاليد وآداب اجتماعية. ومعنى هذا أنها تذوب داخل المجتمع الإسلامي سلوكيا، إن لم تذب فيه عقائديا.

وبهذا لا يخشى منها أن تؤثر على الزوج أو على الأولاد، لأن سلطان المجتمع الإسلامي من حولها أقوى وأعظم من أي محاولة منها لو حدثت.

كما أن قوة الزوج عادة في تلك الأعصار، وغيرته على دينه، واعتزازه به اعتزازا لا حد له، وحرصه على حسن تنشئة أولاده، وسلامة عقيدتهم، يفقد الزوجة القدرة على أن تؤثر في الأولاد تأثيرا يتنافى مع خط الإسلام.

أما في عصرنا، فيجب أن نعترف بشجاعة وصراحة: إن سلطان الرجل على المرأة المثقفة قد ضعف، وإن شخصية المرأة قد قويت، وبخاصة المرأة الغربية، وهذا ما وضحناه فيما سبق.

أما سلطان المجتمع المسلم فأين هو؟ إن المجتمع الإسلامي الحقيقي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم وتقاليد وأخلاقا وحضارة شاملة، غير موجود اليوم.

وإذا كان المجتمع المسلم غير موجود بالصورة المنشودة، فيجب أن تبقى الأسرة المسلمة موجودة، عسى أن تعوض بعض النقص الناتج عن غياب المجتمع الإسلامي الكامل.

فإذا فرطنا في الأسرة هي الأخرى، فأصبحت تتكون من أم غير مسلمة، وأب لا يبالي ما يصنع أبناؤه وبناته، ولا ما تصنع زوجته، فقل على الإسلام وأهله السلام!.

ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد. ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة. ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وهو يقدر بقدرها.

ولا ننسى هنا أن نذكر أنه مهما ترخص المترخصون في الزواج من غير المسلمة، فإن مما لا خلاف عليه، أن الزواج من المسلمة أولى وأفضل من جهات عديدة، فلا شك أن توافق الزوجين من الناحية الدينية أعون على الحياة السعيدة، بل كلما توافقا فكريا ومذهبيا كان أفضل.

وأكثر من ذلك أن الإسلام لا يكتفي بمجرد الزواج من أية مسلمة، بل يرغب كل الترغيب في الزواج من المسلمة المتدينة، فهي أحرص على مرضاة الله، وأرعى لحق الزوج، وأقدر على حفظ نفسها وماله وولده، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:22 PM   #18

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- رؤية الخاطب للمخطوبة :


س: هل يجوز للفتى أن يرى الفتاة قبل الخطبة؟

ج : هذا سؤال مهم أيضا. والناس في ذلك متناقضين. ففريق من الناس لا يبيح للفتى مجرد رؤية الفتاة المخطوبة فحسب، بل يبيح له أن يتأبط ذراعها، وأن يذهب بها إلى هنا أو هناك، وأن يدخل بها الأحفال والسينمات، ليعرفها ويختبر أخلاقها.. إلى آخر ما يقال في هذا المجال: وبعد ذلك تكون مآس وتكون فضائح فقد يترك الفتى الفتاة بعد أن دخل عليها وخرج بها أمام الناس. دخل بيتها وخرج معها وسافر معها وتنزه معها، هنالك يصبح عرض الفتاة مضغة للأفواه. هذا صنف من الناس، من عبيد الحضارة الغربية.

وفي مقابل هؤلاء صنف آخر: أولئك الذين يحرمون على الخاطب أن يرى الفتاة مجرد رؤية عابرة، يمنعون الفتاة من خاطبها حتى يدخل وحتى يبنى بها ويتزوج. وهؤلاء هم عبيد تقاليد عتيقة أيضا، كما أن أولئك عبيد تقاليد محدثة مبتدعة وكلا الطرفين مذموم.

والأفضل من ذلك بل الطريق الصحيح بين هؤلاء وهؤلاء، هو ما جاء به الشرع وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرى الخاطب مخطوبته، فقد جاءه أحد المسلمين يقول: إني خطبت امرأة من الأنصار فقال: أنظرت إليها؟ قال: لا قال: انظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا.

وجاء المغيرة بن شعبة يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أو يخبره بأنه خطب امرأة فقال: أنظرت إليها؟ قال: لا قال: انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. أي يحصل بينكما الإدام والائتلاف والوفاق. فالعين بريد القلب ورسول العاطفة… لابد أن تحدث رؤية قبل الزواج، وهذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر في أصله وفي ظاهره للوجوب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: إذا خطب أحدكم المرأة وأراد أن يتزوجها فلينظر بعض ما يدعوه إلى زواجها، فمن هنا كان للخاطب بل ينبغي له أن يرى مخطوبته وينبغي لأهل الفتاة أن ييسروا له ذلك، حتى يراها وحتى تراه هي أيضا، فمن حقها أن ترفض ومن حقها أن تأبى. لابد أن يرى أحدهما الآخر قبل الزواج، حتى تبنى الحياة الزوجية على أسس وطيدة وعلى أركان سليمة متينة، لابد من هذا وذاك، ليس علم الفتاة ولا علم أهلها شرطا في ذلك، وإذا كان الخاطب يريد مخطوبته، فيستطيع أن يراها دون أن يعلمها حتى لا يجرح شعورها وحتى لا يؤذي إحساسها، فبعض الناس يستهترون بذلك حتى سمعت من بعضهم أنه رأى أكثر من عشرين فتاة ولم تعجبه واحدة منهن حتى تزوج، معنى ذلك أنه جرح إحساس أكثر من عشرين فتاة من فتيات المسلمين، فالأولى أن يراها وهي خارجة أو في بيت قريب لها دون أن تعلم من هذا ولا ما هذا. ولقد جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال في امرأته بعد أن تزوجها: "لقد كنت أتخبأ لها تحت شجرة حتى رأيت منها ما دعاني إلى زواجها" كان يتخبأ لها تحت شجرة دون أن تعلم ودون أن ترى.

ويستطيع الأب أن يساعد في ذلك حفاظا على شعور ابنته. هذا هو الطريق السليم بين المفرطين والمفرطين وشرع الإسلام دائما هو الوسط، وأمة الإسلام أمة وسط، (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) وأمر الأسرة المسلمة بصفة عامة، أمر المرأة المسلمة ضائع بين المفرطين والمفرطين، بين المتشددين المتزمتين الذي يحرصون على تقاليد عتيقة يظنونها من الإسلام وليست من الإسلام، وبين العصريين المتحررين المتجددين الذين تعبدوا للغرب ولحضارة الغرب وظنوا أنفسهم تقدميين وما هم بالتقدميين وإنما هم عبيد وأسارى لغيرهم. أما الطريق الوسط والطريق السديد فهو طريق الإسلام، وطريق الشريعة الإسلامية وهي بين هؤلاء وهؤلاء.

نسأل الله أن يوفق المسلمين لاختيار الطريق القويم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:22 PM   #19

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- زواج المسلم بغير المسلمة :

س: هذا موضوع أرجو أن يتسع وقتكم لتحريره وتحقيقه، وهو موضوع الزواج من غير المسلمات. وأعني بالذات "الكتابيات" مسيحيات أو يهوديات -ممن نعتبرهم نحن المسلمين "أهل كتاب" ولهم حكم خاص يميزهم عن غيرهم من الوثنيين وأمثالهم.

وقد رأيت ورأى الكثيرون غيري مفاسد جمة من وراء هذا النوع من الزواج، وخصوصا على الأولاد من هذه الزوجة، التي كثيرا ما تصبغ البيت كله بصبغتها، وتربي الأبناء والبنات على طريقتها، والزوج لا يقدم ولا يؤخر، فهو في الأسرة مثل "شرابة الخرج" كما يقول العامة.

وقد سألت بعض العلماء في ذلك فقال: إن القرآن أباح الزواج من نساء أهل الكتاب وليس لنا أن نحرم ما أحل الله تعالى.

ولما كان اعتقادي أن الإسلام لا يبيح ما فيه ضرر أو مفسدة، كتبت إليكم مستوضحا رأيكم في هذه القضية، لما علمته من نظرتكم الشاملة إلى مثل هذه القضايا، ومعالجتها في ضوء النصوص الأصلية للشريعة، وفي ضوء مقاصدها ومبادئها العامة، وأصولها الكلية.

أرجو ألا تهملوا الرد على هذه الرسالة بالرغم مما أعلم من مشاغلكم…والله معكم ويسددكم.

ج : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد.

فقد قدر في أن أزور عددا من أقطار أوروبا وأمريكا الشمالية، وأن ألتقي بعدد من أبناء المسلمين الذين يدرسون أو يعلمون هناك، ويقيمون بتلك الديار إقامة مؤقتة أو مستقرة.

وكان مما سأل عنه الكثيرون: حكم الشرع في زواج الرجل المسلم من غير المسلمة وبخاصة المسيحية أو اليهودية، التي يعترف الإسلام بأصل دينها، ويسمى المؤمنين به "أهل الكتاب" ويجعل لهم من الحقوق والحرمات ما ليس لغيرهم.

ولبيان الحكم الشرعي في هذه القضية، يلزمنا أن نبين أصناف غير المسلمات وموقف الشريعة من كل منها. فهناك المشركة، وهناك الملحدة، وهناك المرتدة، وهناك الكتابية.

تحريم الزواج من المشركة

فأما المشركة -والمراد بها: الوثنية- فالزواج منها حرام بنص القرآن الكريم. قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) وقال تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) وسياق الآية والسورة كلها -سورة الممتحنة- وسبب نزولها يدل على أن المراد بالكوافر: المشركات: أعني الوثنيات.

والحكمة في هذا التحريم ظاهرة، وهي عدم إمكان التلاقي بين الإسلام والوثنية، فعقيدة التوحيد الخالص، تناقض عقيدة الشرك المحض، ثم إن الوثنية ليس لها كتاب سماوي معتبر، ولا نبي معترف به، فهي والإسلام على طرفي نقيض. لهذا علل القرآن النهي عن نكاح المشركات وإنكاح المشركين بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) ولا تلاقي بين من يدعو إلى النار ومن يدعو إلى الجنة.

عمرك الله كيف يلتقيان؟!
أيها المنكح الثريا سهيلا

وسهيل إذا استقل يمان
هي شامية إذا ما استقلت


وهذا الحكم -منع الزواج من المشركات الوثنيات- ثابت بالنص، وبالإجماع أيضا، فقد اتفق علماء الأمة على هذا التحريم، كما ذكر ابن رشد في بداية المجتهد وغيره.

بطلان الزواج من الملحدة

وأعنى بالملحدة: التي لا تؤمن بدين، ولا تقر بألوهية ولا نبوة ولا كتاب ولا آخرة، فهي أولى من المشركة بالتحريم، لأن المشركة تؤمن بوجود الله، وإن أشركت معه أندادا أو آلهة أخرى اتخذتهم شفعاء يقربونها إلى الله زلفى فيما زعموا. وقد حكى القرآن عن المشركين هذا في آيات كثيرة مثل: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن: الله)، (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).

فإذا كانت هذه الوثنية المعترفة بالله في الجملة قد حرم نكاحها تحريماً باتاً، فكيف بإنسانة مادية جاحدة، تنكر كل ما وراء المادة المتحيزة، وما بعد الطبيعة المحسوسة، ولا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا بالملائكة ولا الكتاب ولا النبيين؟.

إن الزواج من هذه حرام بل باطل يقينا.

وأبرز مثل لها: الشيوعية التي تؤمن بالفلسفة المادية، وتزعم أن الدين أفيون الشعوب، وتفسر ظهور الأديان تفسيرا ماديا، على أنها من إفراز المجتمع، ومن آثار ما يسوده من أحوال الاقتصاد وعلاقات الإنتاج.

وإنما قلت: الشيوعية المصرة على شيوعيتها، لأن بعض المسلمين والمسلمات قد يعتنق هذا المذهب المادي، دون أن يسبر غوره، ويعرفه على حقيقته، وقد يخدع به حين يعرضه بعض دعاته على أنه إصلاح اقتصادي لا علاقة له بالعقائد والأديان.. الخ. فمثل هؤلاء يجب أن يزال عنهم اللبس، وتزاح الشبه، وتقام الحجج، ويوضح الطريق حتى يتبين الفرق بين الإيمان والكفر، والظلمات والنور، فمن أصر بعد ذلك على شيوعيته فهذا كافر مارق ولا كرامة، ويجب أن تجري عليه أحكام الكفار في الحياة وبعد الممات.

المرتدة

ومثل الملحدة: المرتدة عن الإسلام والعياذ بالله، ونعني بالمرتدة والمرتد كل من كفر بعد إيمانه كفرا مخرجا من الملة، سواء دخل في دين آخر أم لم يدخل في دين قط. وسواء كان الدين الذي انتقل إليه كتابيا أم غير كتابي. فيدخل في معنى المرتدين ترك الإسلام إلى الشيوعية، أو الوجودية، أو المسيحية، أو اليهودية، أو البوذية، أو البهائية، أو غيرها من الأديان والفلسفات، أو خرج من الإسلام ولم يدخل في شيء، بل ظل سائبا بلا دين ولا مذهب.

والإسلام لا يكره أحدا على الدخول فيه، حتى إنه لا يعتبر إيمان المكره ولا يقبله، ولكن من دخل فيه بإرادته الحرة لم يجز له الخروج عنه.

وللردة أحكام بعضها يتعلق بالآخرة وبعضها بالدنيا.

فمما يتعلق بالآخرة: أن من مات على الردة فقد حبط كل ما قدمه من عمل صالح واستحق الخلود في النار، قال تعالى: (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).

ومن أحكام الدنيا: أن المرتد لا يستحق معونة المجتمع الإسلامي ونصرته بوجه من الوجوه، ولا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم ومرتدة، أو بين مرتد ومسلمة، لا ابتداء ولا بقاء، فمن تزوج مرتدة فنكاحه باطل، وإذا ارتدت بعد الزواج فرق بينهما حتما، وهذا حكم متفق عليه بين الفقهاء، سواء من قال منهم بقتل المرتد رجلا كان أو امرأة وهم الجمهور، أم من جعل عقوبة المرأة المرتدة الحبس لا القتل، وهم الحنفية.

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن الحكم بالردة والكفر على مسلم هو غاية العقوبة. لهذا وجب التحري والاحتياط فيه، ما وجد إليه سبيل، حملا لحال المسلم على الصلاح. وتحسينا للظن به، والأصل هو الإسلام، فلا يخرج منه إلا بأمر قطعي، واليقين لا يزال بالشك.

بطلان الزواج من البهائية

والزواج من امرأة بهائية باطل، وذلك لأن البهائية إما مسلمة في الأصل، تركت دين الله الحنيف إلى هذا الدين المصطنع، فهي في هذه الحال مرتدة بيقين، وقد عرفنا حكم الزواج من المرتدة.

وسواء ارتدت بنفسها أم ارتدت تبعا لأسرتها، أو ورثت هذه الردة عن أبيها أو جدها، إن حكم الردة لا يفارقها.

وإما أن تكون غير مسلمة الأصل، بأن كانت مسيحية أو يهودية أو وثنية أو غيرها، فحكمها حكم المشركة، إذ لا يعترف الإسلام بأصل دينها، وسماوية كتابها، إذ من المعلوم بالضرورة أن كل نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة، وكل كتاب بعد القرآن باطل، وكل من زعم أنه صاحب دين جديد بعد الإسلام فهو دجال مفتر على الله تعالى. فقد ختم الله النبوة، وأكمل الدين، وأتم النعمة: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين).

وإذا كان زواج المسلم من بهائية باطلا بلا شك، فإن زواج المسلمة من رجل بهائي باطل من باب أولى، إذ لم تجز الشريعة للمسلمة أن تتزوج الكتابي، فكيف بمن لا كتاب له؟

ولهذا لا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم وبهائية أو بين مسلمة وبهائي، لا ابتداء ولا بقاء. وهو زواج باطل، ويجب التفريق بينهما حتما.

وهذا ما جرت عليه المحاكم الشرعية في مصر في أكثر من واقعة.

وللأستاذ المستشار علي علي منصور حكم في قضية من هذا النوع قضى فيه بالتفريق، بناء على حيثيات شرعية فقهية موثقة، وقد نشر في رسالة مستقلة، فجزاه الله خيرا.

رأى جمهور المسلمين إباحة الزواج من الكتابية

الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة.

فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم. قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان).

رأي ابن عمر وبعض المجتهدين

وخالف في ذلك من الصحابة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فلم ير الزواج من الكتابية مباحا، فقد روى عنه البخاري: أن كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين، (يعني قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) ولا أعلم من الإشراك شيئا أكبر من أن تقول: "ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله!").

ومن العلماء من يحمل قول ابن عمر على كراهية الزواج من الكتابية لا التحريم ولكن العبارات المروية عنه تدل على ما هو أكثر من الكراهية.

وقد أخذ جماعة من الشيعة الإمامية بما ذهب إليه ابن عمر استدلالا بعموم قوله تعالى في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات) وبقوله في سورة الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر).

ترجيح رأي الجمهور

والحق أن رأي الجمهور هو الصحيح، لوضوح آية المائدة في الدلالة على الزواج من الكتابيات. وهي من آخر ما نزل كما جاء في الحديث.

وأما قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات) وقوله: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فأما أن يقال: هذا عام خصصته سورة المائدة، أو يقال: إن كلمة "المشركات" لا تتناول أهل الكتاب أصلا في لغة القرآن، ولهذا يعطف أحدهما على الآخر كما في سورة البقرة: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين..)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها..).

وفي سورة الحج يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة) فجعل الذين أشركوا صنفا متميزا عن باق الأصناف، ويعني بهم الوثنيين. والمراد بـ "الكوافر" في آية الممتحنة: المشركات، كما يدل على ذلك سياق السورة.

قيود يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية

وإذن يكون الراجح ما بيناه من أن الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبا لها في الإسلام، وتقريبا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.

ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها:

القيد الأول: الاستيثاق من كونها "كتابية" بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة -في الجملة- بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.

ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليس كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلا مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة. فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.

القيد الثاني: أن تكون عفيفة محصنة؛ فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى، كما في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان). وهذا ما أختاره. فلا يجوز للمسلم بحال أن يتزوج من فتاة تسلم زمامها لأي رجل، بل يجب أن تكون مستقيمة نظيفة بعيدة عن الشبهات.

وهذا ما اختاره ابن كثير، وذكر أنه رأي الجمهور، وقال "وهو الأشبه، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية، وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: حشفا وسوء كيله!".

وقد جاء عن الإمام الحسن البصري أن رجلا سأله: أيتزوج الرجل المرأة من أهل الكتاب؟ فقال: ما له ولأهل الكتاب، وقد أكثر الله المسلمات؟! فإن كان ولا بد فاعلا. فليعمد إليها حصانا (أي محصنة) غير مسافحة، قال الرجل: وما المسافحة؟! قال: هي التي إذا لمح الرجل إليها بعينه اتبعته.

ولا ريب أن هذا الصنف من النساء في المجتمعات الغربية في عصرنا يعتبر شيئا نادرا بل شاذا، كما تدل عليه كتابات الغربيين وتقاريرهم وإحصاءاتهم أنفسهم، وما نسميه نحن البكارة والعفة والإحصان والشرف ونحو ذلك، ليس له أية قيمة اجتماعية عندهم، والفتاة التي لا صديق لها تعير من أترابها، بل من أهلها وأقرب الناس إليها.

القيد الثالث: ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم. ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية. فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية. وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا. ثم قرأ: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية..) فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.

وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي -أحد فقهاء الكوفة وأئمتها- فأعجبه. وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد. وعن علي رضي الله عنه بنحوه.

وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.

وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب. قال الشارح في "الروض النضير": والمراد بالكراهة: التحريم؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين. قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار. يعني: دار الإسلام. والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.

ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا). فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم؟ وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم؟ فضلا عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاده منهم؟ وكيف يؤمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها؟

ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس محتجا له بقوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) سورة الروم.

قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورا، لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا.

يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون).

وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة؟

وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل، ولا قيمة لما يقال من التفرقة بين اليهودية والصهيونية، فالواقع أن كل يهودي صهيوني، لأن المكونات العقلية والنفسية للصهيونية إنما مصدرها التوراة وملحقاتها وشروحها والتلمود… وكل امرأة يهودية إنما هي جندية -بروحها- في جيش إسرائيل.

القيد الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررا عاما، منعت منعا عاما، أو ضررا خاصا منعت منعا خاصا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".

وهذا الحديث يمثل قاعدة شرعية قطعية من قواعد الشرع، لأنه -وإن كان بلفظه حديث آحاد- مأخوذ من حيث المعنى من نصوص وأحكام جزئية جمة من القرآن والسنة، تفيد اليقين والقطع.

ومن هنا كانت سلطة ولي الأمر الشرعي في تقييد بعض المباحات إذا خشي من إطلاق استخدامها أو تناولها ضررا معينا.

والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة:

أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج، وذلك أن عدد النساء غالبا ما يكون مثل عدد الرجال أو أكثر، وعدد الصالحات للزواج منهن أكبر قطعا من عدد القادرين على أعباء الزواج من الرجال.

فإذا أصبح التزوج بغير المسلمات ظاهرة اجتماعية مألوفة، فإن مثل عددهن من بنات المسلمين سيحرمن من الزواج، ولا سيما أن تعدد الزوجات في عصرنا أصبح أمرا نادرا، بل شاذا، ومن المقرر المعلوم بالضرورة أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج إلا مسلما، فلا حل لهذه المعادلة إلا سد باب الزواج من غير المسلمات إذا خيف على المسلمات.

وإذا كان المسلمون في بلد ما، يمثلون أقلية محدودة، مثل بعض الجاليات في أوروبا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقيا، فمنطق الشريعة وروحها يقتضي تحريم زواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، وإلا كانت النتيجة إلا يجد بنات المسلمين -أو عدد كبير منهن- رجلا مسلما يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث:

(أ) إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.

(ب) وإما الانحراف، والسير في طريق الرذيلة. وهذا من كبائر الإثم.

(ج) وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة.

وكل هذا مما لا يرضاه الإسلام. وهو نتيجة حتمية لزواج الرجال المسلمين من غير المسلمات، مع منع المسلمة من التزوج بغير المسلم.

هذا الضرر الذي نبهنا عليه هو الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -فيما رواه الإمام محمد بن الحسن- في كتابه "الآثار حين بلغه أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان تزوج -وهو بالمدائن- امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى: أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفي بذلك فتنة لنساء المسلمين".

وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلا آخر لمنع عمر لحذيفة. فبعد أن نفى حرمة هذا الزواج قال: "ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن".

ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصوداً لعمر رضي الله عنه.

فهو يخشى -من ناحية- كساد سوق الفتيات المسلمات، أو كثير منهن. وفي ذلك فتنة أي فتنة.

ومن ناحية أخرى يخشى أن يتساهل بعض الناس في شرط الإحصان -العفاف- الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، حتى يتعاطوا زواج الفاجرات والمومسات، وكلتاهما مفسدة ينبغي أن تمنع قبل وقوعها، عملا بسد الذرائع. ولعل هذا نفسه ما جعل عمر يعزم على طلحة بن عبيد الله إلا طلق امرأة كتابية تزوجها، وكانت بنت عظيم يهود، كما في مصنف عبد الرزاق.

إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد -مثل زواج العربي والشرقي من الأوروبيات والأمريكيات النصرانيات- يمثل خطرا آخر يحس به كل من يدرس هذه الظاهرة بعمق وإنصاف، بل يراه مجسدا ماثلا للعيان. فكثيرا ما يذهب بعض أبناء العرب المسلمين إلى أوروبا وأمريكا للدراسة في جامعاتها، أو للتدريب في مصانعها، أو للعمل في مؤسساتها، وقد يمتد به الزمن هناك إلى سنوات ثم يعود أحدهم يصحب زوجة أجنبية، دينها غير دينه ولغتها غير لغته، وجنسها غير جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه، أو على الأقل غير تقاليد قومه ومفاهيمهم، فإذا رضيت أن تعيش في وطنه -وكثيرا ما لا ترضى- وقد لأحد من أبويه أو إخوته أو أقاربه، أن يزوره في بيته، وجد نفسه غريبا. فالبيت بمادياته ومعنوياته أمريكي الطابع أو أوربي في كل شيء، وهو بيت "المدام" وليس بيت صاحبنا العربي المسلم، هي القوامة عليه، وليس هو القوام عليها. ويعود أهل الرجل إلى قريتهم أو مدينتهم بالأسى والمرارة، وقد أحسوا بأنهم فقدوا ابنهم وهو على قيد الحياة!!

وتشتد المصيبة حين يولد لهما أطفال، فهم يشبون -غالبا- على ما تريد الأم، لا على ما يريد الأب إن كانت له إرادة، فهم أدنى إليها، ألصق بها، وأعمق تأثرا بها، وخصوصا إذا ولدوا في أرضها وبين قومها هي، وهنا ينشأ هؤلاء الأولاد على دين الأم، وعلى احترام قيمها ومفاهيمها وتقاليدها… وحتى لو بقوا على دين الأب، فإنما يبقون عليه اسما وصورة،لا حقيقة وفعلا. ومعنى هذا أننا نخسر هؤلاء الناشئة دينيا وقوميا، إن لم نخسر آباءهم أيضا.

وهذا الصنف أهون شرا من صنف آخر يتزوج الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم شيئا فشيئا، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته. أما أولاده فهم ينشأون أوربيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية.

ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرا من الدول تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح واعتبارات وطنية وقومية.

تنبيه مهم

وفي ختام هذا البحث، أرى لزاما علي -في ضوء الظروف والملابسات التي تتغير الفتوى بتغيرها- أن أنبه على أمر لا يغيب عن ذوي البصائر، وهو في نظري على غاية من الأهمية، وهو:

إن الإسلام حين رخص في الزواج من الكتابيات راعى أمرين:

أن الكتابية ذات دين سماوي في الأصل، فهي تشترك مع المسلم في الإيمان بالله وبرسالاته، وبالدار الآخرة، وبالقيم الأخلاقية، والمثل الروحية التي توارثتها الإنسانية عن النبوات، وذلك في الجملة لا في التفصيل طبعا. وهذا يجعل المسافة بينها وبين الإسلام قريبة، لأنه يعترف بأصل دينها، ويقر بأصوله في الجملة، ويزيد عليها ويتممها بكل نافع وجديد.

إن المرأة الكتابية -وهذا شأنها- إذا عاشت في ظل زوج مسلم ملتزم بالإسلام، وتحت سلطان مجتمع مسلم مستمسك بشرائع الإسلام -تصبح في دور المتأثر لا المؤثر، والقابل لا الفاعل- فالمتوقع منها والمرجو لها أن تدخل في الإسلام اعتقادا وعملا. فإذا لم تدخل في عقيدة الإسلام -وهذا من حقها إذ لا إكراه في الدين- اعتقادا وعملا. فإنها تدخل في الإسلام من حيث هو تقاليد وآداب اجتماعية. ومعنى هذا أنها تذوب داخل المجتمع الإسلامي سلوكيا، إن لم تذب فيه عقائديا.

وبهذا لا يخشى منها أن تؤثر على الزوج أو على الأولاد، لأن سلطان المجتمع الإسلامي من حولها أقوى وأعظم من أي محاولة منها لو حدثت.

كما أن قوة الزوج عادة في تلك الأعصار، وغيرته على دينه، واعتزازه به اعتزازا لا حد له، وحرصه على حسن تنشئة أولاده، وسلامة عقيدتهم، يفقد الزوجة القدرة على أن تؤثر في الأولاد تأثيرا يتنافى مع خط الإسلام.

أما في عصرنا، فيجب أن نعترف بشجاعة وصراحة: إن سلطان الرجل على المرأة المثقفة قد ضعف، وإن شخصية المرأة قد قويت، وبخاصة المرأة الغربية، وهذا ما وضحناه فيما سبق.

أما سلطان المجتمع المسلم فأين هو؟ إن المجتمع الإسلامي الحقيقي الذي يتبنى الإسلام عقيدة وشريعة ومفاهيم وتقاليد وأخلاقا وحضارة شاملة، غير موجود اليوم.

وإذا كان المجتمع المسلم غير موجود بالصورة المنشودة، فيجب أن تبقى الأسرة المسلمة موجودة، عسى أن تعوض بعض النقص الناتج عن غياب المجتمع الإسلامي الكامل.

فإذا فرطنا في الأسرة هي الأخرى، فأصبحت تتكون من أم غير مسلمة، وأب لا يبالي ما يصنع أبناؤه وبناته، ولا ما تصنع زوجته، فقل على الإسلام وأهله السلام!.

ومن هنا نعلم أن الزواج من غير المسلمات في عصرنا ينبغي أن يمنع سدا للذريعة إلى ألوان شتى من الضرر والفساد. ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة. ولا يسوغ القول بجوازه إلا لضرورة قاهرة أو حاجة ملحة، وهو يقدر بقدرها.

ولا ننسى هنا أن نذكر أنه مهما ترخص المترخصون في الزواج من غير المسلمة، فإن مما لا خلاف عليه، أن الزواج من المسلمة أولى وأفضل من جهات عديدة، فلا شك أن توافق الزوجين من الناحية الدينية أعون على الحياة السعيدة، بل كلما توافقا فكريا ومذهبيا كان أفضل.

وأكثر من ذلك أن الإسلام لا يكتفي بمجرد الزواج من أية مسلمة، بل يرغب كل الترغيب في الزواج من المسلمة المتدينة، فهي أحرص على مرضاة الله، وأرعى لحق الزوج، وأقدر على حفظ نفسها وماله وولده، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-29-2008, 05:22 PM   #20

أداره عامه سابقا

 

 رقم العضوية : 10
 تاريخ التسجيل : Feb 2008
 المكان : القاهره
 المشاركات : 9,964
 النقاط : abo adhem will become famous soon enough
 درجة التقييم : 65
 قوة التقييم : 1

abo adhem غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

- خدمة المرأة لزوجها :

س: سمعت أحد العلماء يقول في المسجد: إن المرأة ليس عليها أن تخدم الرجل، فهل هذا صحيح دينا؟ وهل معنى هذا أن الرجل عليه أن يقوم بأمور المنزل وخدمة الأولاد؟ إن هذا -إن صح- يجرئ النساء على الرجال، ويقلب الأوضاع في البيوت والمجتمعات.

ج : هذا الذي قاله هذا العالم رأي لبعض الفقهاء، وليس كل ما قاله الفقهاء صحيحا مائة في المائة، بل هم مجتهدون يخطئون ويصيبون، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، وقد قال الإمام مالك: "كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم".

ولهذا نرى الحق مع الرأي الآخر الذي يكل إلى المرأة خدمة زوجها في مصالح البيت، وأدلتنا على ذلك ما يلي:

أولا: يقول الله تعالى في شأن الزوجات: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وخدمة المرأة لزوجها هو المعروف عند من خاطبهم الله تعالى بكلامه، أما ترفيه المرأة وقيام الرجل بالخدمة -الكنس والطحن والعجن والخبز والغسل..الخ- فهذا ليس من المعروف. وبخاصة أن الرجل يعمل ويكدح خارج البيت. فمن العدل أن تعمل المرأة داخله.

ثانيا: إن كل حق يقابله واجب، فقد أوجب الله تعالى للزوجة على الزوج حق النفقة والكسوة والسكنى -فضلا عن المهر- ومن البديهي أن يلقى عليها لقاء ذلك من الأعمال ما يكافئ هذه الحقوق، أما قول الآخرين: إن المهر والنفقة وجبا في مقابلة استمتاع الرجل، فيرده أن الاستمتاع أمر مشترك بينهما.

ثالثا: يقول ابن القيم في الهدى: إن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف، والعرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة، ويقول أيضا: قال الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء) وإذا لم تخدمه المرأة -بل كان هو الخادم لها- فهي القوامة عليه.

رابعا: المروي عن نساء الصحابة أنهن كن يقمن بخدمة أزواجهن ومصالح بيوتهن، صح عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: كنت أخدم الزبير (زوجها) خدمة البيت كله، وكان له فرس فكنت أسوسه وأحش له وأقوم عليه، وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه وتسقي الماء وتخرز الدلو وتعجن وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ.

وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، كانت تخدم عليا وتقوم بشئون بيته من طحن وعجن وخبز، وتدير الرحى، حتى أثرت في يديها، وقد ذهبت إلى النبي هي وزوجها يشكوان إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة: خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة، قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: الطحن والطبخ والفرش وكنس البيت واستقاء الماء وعمل البيت كله.

وأصحاب الرأي الثاني يقولون: هذه الأحاديث تدل على التطوع ومكارم الأخلاق لا على الوجوب. وإن خدمة فاطمة وأسماء رضي الله عنهما كانت تبرعا وإحسانا، ونسوا أن فاطمة شكت إلى الرسول ما تلقى من الخدمة، وأن النبي لم يقبل شكواها، ولم يقل لعلي لا خدمة عليها، وإنما الخدمة عليك، وهو عليه الصلاة والسلام لا يحابي في الحكم أحدا، فقوله وعمله وتقريره شرع لنا، وقد رأى أسماء والعلف على رأسها والزبير معه فلم يقل له: لا خدمة عليها، وأن هذا ظلم لها، بل أقره على استخدامها، وأقر سائر أصحابه على استخدام زوجاتهم، مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية، وهذا مما لا ريب فيه.

بهذا يتضح الحق، ويتبين الصواب في هذه المسألة، والمنصف من عرف الرجال بالحق ولم يعرف الحق بالرجال.

ولا يفوتني أن أقول: إن هذه القضية محلولة بنفسها، فالمرأة المسلمة حقا تقوم بخدمة زوجها وبيتها بحكم الفطرة، وبمقتضى التقاليد التي توارثها المجتمع الإسلامي جيلا بعد جيل والمرأة المتمردة أو الشرسة لا تنظر رأي الدين، ولا يهمها قول أحد من الفقهاء لها أو عليها.







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المرأة, الإسلامهام, جداً, شىء

« كيف تعرف الحديث الشريف بأنه صحيح أم مكذوب ؟ ‏ | تعالوا نحافظ على بيتنا »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المرأة قبل الإسلام ELSHAMY مواضيع عامة - ثقافة عامة 1 04-27-2010 01:58 AM
هل حجاب المرأة في الإسلام يتضمن ستر وجه المرأة، أم لا؟ أبوعبدو منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 4 01-14-2010 09:52 AM
لماذا حرم الإسلام تبرج المرأة؟ noran منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 5 01-10-2010 12:30 AM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 09:49 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩