علي الحجار: أتمني أن يستجيب الإعلام والثقافة للسيسي

[الفيلسـوف]

«تخوض مصر حرباً شرسة ضد الإرهاب منذ ان قام الشعب المصري بأكمله بعزل محمد مرسي من منصبه كرئيس للجمهورية بعد ان حاول وجماعته تغيير هويتنا المصرية إلي هوية جماعته الإرهابية.

وبعد عزله قام أنصار جماعته محاولات كثيرة لترويع الشعب تارة بزرع القنابل وتارة بتدمير أعمدة الضغط العالي وتارة بحرق المنشآت، وتقوم الشرطة المصرية والجيش المصري العظيم بمواجهة هذا العنف والإرهاب، لكن هل يكفي ان تقوم القوات المسلحة والأجهزة الشرطية وحدها بمواجهة هذا الفكر المتطرف؟ الإجابة لا، هناك وزارات أخري لابد ان يكون لها دور مؤثر وكبير في المواجهة أبرزها وزارتيا الثقافة والإعلام، الأولي عليها ان تفتح قصور وبيوت الثقافة المنتشرة في كل أنحاء مصر للشباب لكي يقدم إبداعه بدلا من ان نتركه عرضة للاستقطاب من أصحاب الفكر المتطرف وما أكثر من يحاولون الصيد في الماء العكر ودائما اتجاههم نحو الشباب ليس فتح أبواب قصور الثقافة السبيل الوحيد للصمود ضد الإرهاب لكن هناك طريق آخر وهي عمل قوافل فنية وثقافية تقتحم الأماكن التي يتمركز فيها أصحاب الفكر المضطرب ومنها مدن الصعيد وسيناء، ومثل هذه التجربة نجحت في التسعينات من القرن الماضي واشتركت في هذه القوافل هيئة قصور الثقافة ودار الأوبرا عندما كان يتولاها الدكتور سمير فرج وصمم علي الذهاب لكل مدن الصعيد وما أدراك وقتها ما الذي كان يحدث هناك، لكنه كان مؤمناً برسالة واحدة وهي مواجهة الإرهاب بالفن والثقافة وكان يسعي دائما إلي اصطحاب وفد إعلامي ضخم حتي يساهم في نقل الصورة الصحيحة عن مصر، المواجهة ليست مسئولية الثقافة وحدها كوزارة لكن اتحاد الإذاعة والتليفزيون عليه دور في إنتاج أعمال لمواجهة الفكر المتطرف وتزكي روح البطولة لدي الشباب الذي أصبح يفتقد للمثل الأعلي..
المطرب الكبير علي الحجار أحد الذين شاركوا في هذه الحفلات وله وجهة نظر في ضرورة مواجهة الإرهاب بالكلمة والنغمة. الحجار في كلامه معنا الذي أرسله مكتوباً في رسالة مفتوحة لمن يهمه الأمر برهن علي كلامه بالعديد من الأمثلة .. وإليكم كلام المطرب الكبير علي الحجار.
عن أهمية دور الفن بشكل عام وضرورة العودة للاهتمام به في الفترة الحالية.
أذكر بعد انتصارات أكتوبر 1973 أقيم عرضاً للغنائم التي اكتسبها جيش مصر في حربه مع إسرائيل في المكان الموجودة به دار الأوبرا الآن حيث كان أرضا للمعارض، وكان الفنان محمد نوح يغني يومياً في هذا المكان بلا مقابل «مدد شدي حيلك يا بلد» وغيرها من الأغنيات الوطنية التي كانت تؤجج مشاعرنا وتثير حماستنا تجاه الوطن وتجعلنا نذهب يومياً للاستماع إليه والاستمتاع برؤية الغنائم الحربية التي اكتسبناها من العدو، وبعد انتهاء معرض الغنائم انتقل محمد نوح إلي النوادي الليلية والفنادق لغناء هذه الأغنيات الحماسية لتكون السابقة الأولي من نوعها وهي أن تتغير نوعية رواد هذه الأماكن لكي تظهر نوعية أخري من شعب مصر تحرص علي الذهاب للاستماع الي الأغنيات الوطنية في الملاهي الليلية. وكذلك نري سابقة أخري معاصرة لأهمية فن الأغنية في التأثير علي الشعوب وهي أغنية «تسلم الأيادي» والتي جاءت في أعقاب ثورة 30/6/2013 والتي وصلت أهميتها إلي ان إذاعتها كانت تتسبب في إثارة مشاجرات بين مؤيدي الثورة ومعارضيها لدرجة تصل إلي الاقتتال وأحياناً تقع وفيات. وأيضا سرعة انتشار أغنية «بشرة خير» للفنان الإماراتي «حسين الجاسمي» وإعجاب الشعب المصري بها حتي الآن. والتي أصبح يرددها في كل مكان وهنا أود ان أؤكد أهمية الغناء وقت الأزمات ودوره في شحن الناس معنويا ضد أي معتد أو غاصب.
ولكنني أري ان هذه الأمثلة كانت ومازالت مجهودات فردية لم تشترك فيها أجهزة الدولة المعنية حتي الآن كما كان يحدث من قبل، وأتمني ان تشهد الفترة القادمة تنظيماً من الدولة أكثر ونحن أكيد سوف نشارك.
علي الصعيد الشخصي فقد كانت لي تجربة شخصية في التسعينيات في فترة الإرهاب العنيفة للجماعات المتطرفة التي تتشدق بالدين، وكان ذلك برعاية من الدولة فقد كنت أسافر مع فرقتي الموسيقية في جولات لمدن ومحافظات صعيد مصر ومرسي مطروح برعاية دار الأوبرا وأيضا قصور الثقافة لنغني للجماهير التي كانت تمتلئ برغبة عارمة في تحدي الإرهاب والتطرف والقتل بحرصها علي حضور حفلاتنا والمشاركة بالغناء والرقص والهتاف وأيضا الحرص علي حمايتنا حتي نغادر مدينتهم.
.. ولا أنسي حواراً إذاعيا استمعت إليه منذ عدة سنوات مع الفنان العملاق فريد شوقي حكي فيه عن اتصال تليفوني جاءه من مكتب الزعيم جمال عبدالناصر عقب العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 وكيف انه اعتقد لأول وهلة انها معاكسة تليفونية وأغلق الخط في وجه المتصل الذي اتصل به مرة أخري ليخبره انه فعلا يتحدث من مكتب رئاسة الجمهورية وأن الرئيس جمال عبدالناصر يريد أن يراه غدا في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً في مكتبه. وقال إنه ذهب في الموعد المحدد له وقلبه مليء بالسعادة والرهبة في نفس الوقت لانه لم يكن يعلم سبب المقابلة حتي فاجأه الرئيس باستقبال رائع ووجه بشوش طمأنه إلي حد كبير، وأخبره بأهمية دور الفنان في هذه الظروف وطلب منه القيام ببطولة سينمائي تنتجه الدولة يحكي عن بطولات شعب بورسعيد في مواجهة العدوان الإرهابي علي مصر، وقد كان فيلم «بورسعيد».
وعندما علم الرئيس عبدالناصر أيضا بسفر سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة إلي لبنان للتصوير في الفترة التي ضعف فيها الإنتاج السينمائي في مصر. أرسل في طلب الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة والإرشاد القومي في ذلك الوقت وطلب منه ان يخبرها برغبة الرئيس في ان تعود من بيروت وبأن أرض المطار ستكون مفروشة بالورود حين عودتها وبأن الدولة علي استعداد للإنتاج السينمائي مرة أخري. كان الرئيس يعلم أن فيلم «جعلوني مجرماً» للفنان فريد شوقي تسبب في تغيير قانون السابقة الأولي.
الآن افتتحت وزارة الثقافة المسرح القومي الذي كان مغلقاً لأكثر من ست سنوات تكلف ترميمه أكثر من مائة مليون جنيه، بمسرحية تحت اسم «وبحلم يا مصر» أقوم فيها بدور رائد التنوير في مصر «رفاعة الطهطاوي» الذي كان أول من نادي بحرية المرأة وساهم في بناء أول مدرسة لتعليم البنات منذ مائتي عام، ونادي بتحرير العبيد، وساهم في نقل علوم الغرب الحديثة إلي مصر عن طريق الكثير من الترجمات في الطب والهندسة والجبر والمعادن والجغرافيا والتاريخ، وأنشأ مدرسة الألسن ليتعلم المصريين اللغات، ونادي بالخطاب الديني الوسطي غير المتشدد أو المتطرف. وقد حضر افتتاح هذه المسرحية رئيس الوزراء وعدد كبير من الوزراء والسفراء العرب وأشادوا بأهمية العمل وحرصوا علي أخذ بعض الصور معنا، وكان الله بالسر عليما فرغم أهمية العمل ومناسبته للمرحلة الحالية إلا إننا نعمل وكأننا في مسرحية سرية لا يعلم أحد شيئاً عنها، فليس هناك أي نوع من الدعاية للمسرحية من قبل هيئة المسرح أو وزارة الثقافة بحجة أن «مافيش فلوس» يعني أن الوزارة حرصت علي إنتاج العمل الفني وأنفقت عليه مبالغ طائلة ولم تهتم بتعريف الناس به أو بمكانه الذي افتتح بتكلفة رهيبة.
.. ملحوظة مهمة والكلام مازال للمطرب الكبير علي الحجار: نحن نمتلك في بلدنا المئات من قصور الثقافة الموجودة في جميع محافظات مصر وأرجو أن ينتبه المسئولون عن هذه القصور إلي أهمية دور الفن في محاربة الإرهاب عن طريق إشاعة البهجة في نفوس المصريين وإسعادهم لرفع الروح المعنوية لديهم، وهذا مطلوب جدا من المحافظين الجدد. بإن يقوموا بمساندة المؤسسات الفنية لإقامة حفلات فنية أو استضافة القوافل الفنية فهذا دورهم.
.. لقد دعا الرئيس السيسي في أكثر من خطاب إلي أهمية دور الفن ويجب ان نري اهتماما من الإذاعة والتليفزيون وصوت القاهرة في إنتاج أعمال درامية تشحن الناس نحو المشاعر الوطنية، كما كان يحدث في الماضي من أعمال كنا جميعا ننتظرها ونسعد بها لانها حريصة علي بناء عقولنا اتمني ان أري قريبا أعمالا للبطولات التي حققها الكثير من المصريين حتي تكون قدوة للشباب وكذلك هناك دور لهيئة المسرح وقصور الثقافة كما ان هناك أهمية كبيرة لان تساهم الدولة مرة أخري في صناعة السينما. الفنون تساهم في تقدم الشعوب وتصنع الحضارات. الفيلسوف والمفكر الألماني نيتشة له مقولة مهمة جداً وهي: «إذا أردت أن تعرف حضارة أمة فاعرفها من فنها».

[العاشق الذى لم يتب]

انتقاء واختيار رائع
سلمت يمناك
تحياتى وودى