8. « „ خارج السيطرة ‟ »

[د. محمد الرمادي]

سلسلة مقالات :
الأمية الفقهية/الفهمية

8. «„خارج السيطرة ‟»

[د. محمد الرمادي]

العامل التركي المسلم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أخفق في التواجد الحي في الغرب بصفة عامة وفي النمسا أو المانيا بصفة خاصة؛ العربي المسلم الباحث عن لقمة العيش ومنذ بداية الستينات رافق زميله التركي في نفس الإخفاق؛ إذ أن الجيل الأول من الأتراك في الغرب جاء يحمل صفتين متلازمتين: الأولى منهما القوة الجسدية؛ والثانية عدم القدرة على الكتابة والقراءة؛ زميله العربي لم يهتم كثيراً بنوعية تواجده في الغرب؛ كان همه الأوحد جمع حفنة من الشلنات الدولار الأيرو؛ ثم العودة إلى وطنه الأم لبدء مشروع يدر عليه ربحاً ما؛ ثلة منهم جاءت في بداية الخمسينات للدراسة العلمية ولم تغادر القارة الأوروبية لعدة أسباب؛ قد نفصلها؛ ينبغي أن نضيف مجموعة جاءت نتيجة الترحيل القصري والحروب كـ عرب الأرض التي بارك الله حولها؛ ثم من بعدهم أهل الرافدين؛ وأخيراً ولعله ليس أخراً شعب الأسد؛ كما لا ينبغي أن لا نغفل أصحاب اللجوء السياسي صدقاً أم إدعاءً؛ وكما ترى فهم مجموعات مختلفة تكاد تكون متعارضة من حيث سبب القدوم للغرب؛ وبالتالي بما يحملون من أفكار وقناعات ووجهات نظر في الحياة؛ وما يترتب على هذا من تفاعل أو تاثير داخل المجتمع الغربي؛ وهذه المجموعات بما تحمل من تقسيم إيديولوجي وقدرات إستراتيجية تحتاج لمزيد دراسة علمية لنحسن فهم الجذور العميقة لهذه الأفكار؛ ورصد الواقع الحالي ووضع معالجة ناجعة .

[د. محمد الرمادي]

العامل التركي؛ ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ ووفقاً لمشروع "مارشال" الأمريكي لإعادة بناء أوروبا، ومن بعده العربي يمارسا أعمال البناء والتعمير بعد أن تحطمت أوروبا، ثم الأعمال الدنيا في المجتمع الغربي، القادم من يوغوسلافيا السابقة ليس لنا معه حديث الأن؛ وإن تزامن قدومه مع العامل التركي؛ ولكن الملفت للإنتباه ويحتاج دراسة هم أهل البوسنة والهرسك لاحقاً ؛ يشاركهم أهل الشيشان.

[د. محمد الرمادي]

موضوع هذا المقال ليس أهل التخصص وأصحاب العلم؛ أو مَن تلقوا قدراً جيداً من التعليم أو التأهيل، إذ أن ثلة من أبناء الجيل الثاني و الثالث في الغرب مَن يعمل بالمحاماة أو التطبيب أو التدريس أو الهندسة...؛ ومنهم مَن لم يتمكن من تحصيل علمي محترم أو مهني يحتاجه السوق؛ وهذا ليس له موضع قدم في المجتمع الغربي وليس له دور في فضاء الإتحاد الأوروبي؛ فأصابته حالة اضطراب نفسي وعدم قدرة على التوازن والتوفيق بين مجتمع غربي حر منفتح؛ وسوق عمل يحتاج لمتأهل؛ وهو ترعرع في بيئته إثناء فترة طفولته وصباه وشبابه، وبين مجتمع مغلق تربى بين جوانبه وعاش زمنا بين جدران تتسم بالرجعية ولا توافق العصر بناها الأب، وقامت الأم بدور الحافظة وفق الثقافة التي تربت عليها ردهاً من الزمان دون أن تعي أن أقدامها غرزت في بيئة مخالفة لما ترتبت عليه أو نشأت فيه.

[د. محمد الرمادي]

بدء الحال يتغير منذ نهايات السبعينات من القرن المنصرم وأوائل الثمانيات؛ تحت مسمى قانون لَمْ/جمع شمل العائلة.
الشاب المنفرد الذي يعمل نهاراً بكد وتعب؛ ويمضي بعض ليله بين كؤوس الشاي وفنجان قهوة ثم ينقلب في مرقده يحتاج لأمرأة؛ ومن خلال ممارسة طبيعية بدأت تأتي ذرية -يغلب على ظن الكاتب- أن هذا الشاب -رب الأسرة- لم يتمكن من الحصول على قدر معقول من المعلومات عن مستقبل ومصير هذه الذرية؛ يمكننا القول أنه قدمت له خدمات إجتماعية له ولأسرته؛ أستفاد منها، وتعليمية تربوية استفاد منها البعض، وبحكم الدراسات الميدانية الغربية التي تقدمت للجهات المعنية بورقات عمل لرعاية شؤون أفراد المجتمع تعالت أصوات تطالب بإندماج هذه الفئة في المجتمع الغربي؛ دون مشاركة حقيقية مِن عقلاء وأصحاب فكر لهذه الفئة.

[د. محمد الرمادي]

وجدت في العديد من مناطق العالم المسكون بؤر توتر عالية السخونة نجم منها إنشطار في الأفكار والرؤى؛ وبالتالي في التصور الذهني لفهمها وفق المعطيات الجديدة؛ ودراستها وفق ما يوجد من مبادئ راسخة وقيم أصيلة وقناعات لها جذور في الإدراك؛ ثم تحت عامل الضغط الزمني وتسارع الخطى وتوالي الأحداث فقدت بوصلة القبطان فصار كل فريق يبحث بين أكوام القش عن منافع له يحصلها ومصالح يجنيها فغابت الإيديولوجية الحقة عن الأنظار وتعطلت الإستراتيجية المنبثقة من تلك الإيديولوجية فلم توجد معالجات ناجعة للمشاكل التي طرأت بشكل متواتر؛ ينبغي أن لا ننسى أن هناك مسائل ومشاكل مزمنة في تلك المناطق ومرت عليها أعصار ودهور دون حل أو حللة مرضية لعقود؛ فتولد يأس من رحم المأساة يعتريه تشويه فطاشت اليد في تحديد الهدف وتعالت أصوات بشعارات جوفاء وجدت لها صدى عند الجهلة والدهماء فوصلنا إلى مانحن عليه في نهاية عام 2015 من الميلاد العجيب.

[د. محمد الرمادي]

نعترف بأن هناك دعوات مخلصة ونداءات خجولة لتغيير وضع لا يرضى عنه أحد؛ الغائب هو الكيفية العملية لإخراج هذه الدعوات إلى الوجود؛ وتحقيق هذه النداءات على أرض الواقع؛ إذ لا يصح القول بأن هناك دعوة مخلصة من مسؤول ما في جهاز تنفيذي لدولة ما أو كيان ما؛ بل الواجب أن يصاحب هذه الدعوة ويرافق هذا النداء الكيفية العملية لتخريج الفكرة وإيجادها لواقع ملموس مع المراقبة والمراجعة والمحاسبة لخطوات التفصيل.

[د. محمد الرمادي]

لعل نهاية عام لطخت أوراق أيامه بدماء بريئة لا ذنب لها يدعو الجميع لإعادة النظر بشكل جدي فيما حدث، وإيجاد تصور ذهني حقيقي للخروج من المأزق "الشبابي" الذي اربك المجتمعات والساسة، ولعل التخبط في سياسة العديد من التجمعات والأحزاب يدعو الجميع لتعمق النظر فيما جرى ومما يحدث على أرض الواقع لإعادة بلورة فكرة يراد منها صالح البشرية ورفاهيتها؛ إذ ليس من المعقول أو المفهوم أن نتخذ حالة أشباع حاجات البعض وتمكينهم على حساب البعض الآخر ، أو نتخذ حالة إفناء الــ"غير" طريقة لتحصيل أمر غير مدرك في الذهن.

?: د. الْفَخْرُ؛ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ؛ مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ ؛ بِـثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ؛ بِـمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَىٰ

Dr. MUHAMMAD ELRAMADY

(يُتْبَعُ)

**