..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
الشفاء فى السجود
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
صدفة البحر
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
ياليت قومى يعلمون ..مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 4 -
زكاة المال ام الضرائب تابع مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : طبيب الهوى - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 4 -
دعوة لنقاش تابع مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 10 -
مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 9 -
سئمت الصمت
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
الفرق بين الكسل والايمان
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 15 -
رأيك خير دليل
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
شاعر الأنسانيه مبارك الأشراف
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الانسانية - مشاركات : 16 -
أيران وحرب الجرذان
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 12 -
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : جبل عالي - مشاركات : 17 -

الإهداءات


مشكله بداخلك متجدد با ستمرار انشا الله

منتدى التنميه البشريه


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /11-25-2009, 11:26 PM   #1

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
Smile مشكله بداخلك متجدد با ستمرار انشا الله


بسم الله الرحمن الرحيم


اري كل يوم الكثير والكثير ولا ادعي اني اعرف كل شئ ولا يمكن ان اغفل اني اعلم الكثير والكثير

هدفي هو قيمه الانسان التي تغافلنا عنها كثيرا

قرات في مجال علم النفس

خبرتي يعلو عليها خبرات كثيره جدا والعلم الكامل لله وحده

حملت امانه بداخلي وهي عرض تلك النماذج وقول خبرتي وخبره الاخرين الذين تعلمت منهم كيف اتعامل معها


وانشا الله فادكم ويارب الفكره تعجبكم

اميره الورد


اختكم فى الله







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-25-2009, 11:27 PM   #2

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

المشكله الاولي


عرض المشكله

لا اعرف كيف اتعامل مع البشر

تحليل المشكله والرد عليها عن طريق حوار

-متي شعرت انك اخترت شخص خاطئ في حياتك؟

- لم اشعر بذلك افكر كثيرا اني ربما فعلت شئ خاطئ معه لذلك تركني او غدر بي

- متي وثقت من ان من تحبهم يحبوك ؟

- لم اثق بذلك ابدا كنت دائما اخشي ان يتركوني

- متي وثقت في هدف في حياتك ثقه لا تهزها شئ

- ليس كثيرا دائما اخشي الوقوع في الخطا

من الحوار نجد ان

الشخص لم يقف للحظه يسال نفسه فيها هل هم يستحقون محبتي لهم ؟
لم يقف للحظه ليسال نفسه ماهو عنصر الجمال بالبشر الذي يجعلني ابقي معهم؟
لما يسال نفسه ماهو جمالهم الاساسي هل ما اقوله انا عنهم ام مايشعرون هم به فعلا؟

ببساطه

ان لم تحب نفسك ولم تقدرها كما يجب فكيف اذا تطلب من الناس ان يقدروها

الي اللقاء مع مشكله قادمه
اميره الورد









  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-26-2009, 09:38 PM   #3

عضو فعال

 

 رقم العضوية : 35255
 تاريخ التسجيل : Nov 2009
 المشاركات : 431
 النقاط : الهواء الغايب will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

الهواء الغايب غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

سيتي واختي اميره الورد تحيه طيبه

لكي سيدتي كل الشكر على تميز مواضيعكم الكريمه

والمفيده في طرحها


ولكي كل الاحترام والتقدير


وكل عام وانتم بالف خير وعيد سعيد

امل تقبل مروري المتواضع


اخوكم







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-26-2009, 09:40 PM   #4

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

اقتباسالمشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهواء الغايبسيتي واختي اميره الورد تحيه طيبه

لكي سيدتي كل الشكر على تميز مواضيعكم الكريمه

والمفيده في طرحها


ولكي كل الاحترام والتقدير


وكل عام وانتم بالف خير وعيد سعيد

امل تقبل مروري المتواضع


اخوكم


شكرا لمرورك الرائع دمت بالف خير







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-26-2009, 09:41 PM   #5

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


المشكله التانيه

ضعف الاراده




ممّ تتكوّن الإرادة؟ ومم تنشأ؟ وبتعبير آخر: إذا كان العمل يتولد من زوجين هما الإرادة والقدرة، فمن أي زوجين تتولد الإرادة يا ترى؟
إذا كان الله قد خلق من كل شيء زوجين، فإننا نستطيع القول: إن الإرادة تتولد من زوجين أيضاً، وهما: المثل الأعلى وعقل الإنسان أو جهاز تمييزه. فإذا التقى المثل الأعلى بجهاز التمييز مع استيفاء شروطه وانتفاء موانعه، تولدت الإرادة بإذن الله تعالى، كما يتولد من كل زوجين - عند توفر الشروط وانتفاء الموانع - مولود جديد؛ وبهذا وحده أمكن استمرار الحياة، فهذا الاستعداد لإنجاب مولود جديد عند وجود الزوجين الوالدين، هو الذي يجعل الحياة مستمرة؛ وكذلك الاستعداد الموجود في فطرة الإنسان للتلاقح مع المثل الأعلى، ينجب الإرادة عند الإنسان.
وبهذا نكون قد عرضنا الإرادة: تعريفها، كيف تتولد؟ ومن أي شيء تتولد؟
(من شروط لمثل الأعلى: وضوحه وإبرازه بجلاء لإخفاء فيه؛ إذ ليس كل من عرض المثل الأعلى، استطاع أن يوضحه.
وموانعه: كل ما يقف أمام العقل من الموانع التي تخرجه عن الفطرة أو تحول بينه وبين التفكير.
ويمكن أن تتفرع الشروط والموانع إلى فروع كثيرة، وهي التي تمنع من حصول المولود - بالرغم من وجود الزوجين - بسبب من موانع ترجع لأحد الزوجين أو كليهما، وعلينا أن نتذكر أن هذه الموانع قابلة للمعالجة والشفاء من حيث الأصل لقوله (ص): (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء). رواه البخاري في كتاب الطب.
ومن الملاحظ أن الإنسان إذا خفيت عليه الأمور، فقد يختار مثلاً أعلى سيئاً لجهله أو لاتباعه هواه؛ وعلينا أن نزيل جهله بالعلم، وهواه بإبراز الرشد؛ وهذا واجب الأنبياء والمصلحين والآمرين بالقسط من الناس. وإن الذين يتبعون أهواءهم، م الذين يعارضون المصلحين، ولذلك فإن السعي لإزالة الجهل هو معركة الحياة وموطن ابتلاء الإنسان.
فإذا حصل البلاغ المبين بعدم كتمان العلم، زال الجهل وحينئذ سيشع الحق ﴿بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون﴾ (سورة الأنبياء: الآية 24).
وهناك أمر آخر.. هو أنه كلما زاد وضوح المثل الأعلى قويت الإرادة، وكلما عرف الإنسان كيفية تحقيقه في حياة الناس زاد إيمانه وتعلقه به، وكلما علم أركان المثل الأعلى الحق أبصر جزئياته أكثر؛ وكلما توضحت الأركان المحكمة من المثل الأعلى الحق، توضحت الأمور المشتبهة؛ كما هو الأمر بالنسبة للآيات المحكمات والآيات المتشابهات؛ وكما هو الأمر بالنسبة للأمور الدقيقة من العلم، فكلما عرف الإنسان القواعد الأساسية زادت قدرته على تطبيقاته الجزئية.
عرفنا كيف تنشأ الإرادة، وعرفنا أبويها، وعرفنا أنها بدورها تشكل زوجاً يساهم في مولود جديد ألا وهو العمل الصالح.. ومع هذا علينا أن نلقي أضواء أكثر على مشكلة الإرادة لأننا نريد إيجاد العمل الإسلامي الصالح، وهو لا يتولد إلا من الإرادة الصالحة؛ التي لا تتولد إلا إذا برز المثل الأعلى الحق بوضوح وجلاء أمام العقل الإنساني. وكلما كان العقل على الفطرة - أي قبل أن تطرأ عليه عوامل الإفساد - كان النجاح أمثل وأكبر. ومهما أفسدت الفطر، تبقى إمكانية الإصلاح موجدة؛ وربما يعرض لكثير من الناس اليأس حين يرون في ظروف معينة إعراض الناس عن الحق، وانتقال هذا الإعراض إلى صغارهم كما قال نوح عليه السلام: ﴿ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً﴾ (سورة نوح: الآية 27)؛ وسأعود إن شاء الله لبحث هذه النقطة في بحث القدرة. إلا أنه لابد من توضيح الشبهة في دعوة نوح عليه السلام.
إن نوحاً عليه السلام لما قال: ﴿ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً﴾ (سورة نوح: الآية 27): لم يقصد أن الأطفال يولدون فجرة كفرة؛ لأن هذا مخالف لسنة الله الواردة في الحديث الصحيح: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة) (صحيح مسلم - باب القدر) وإنما كان قصده أن عوامل التربية المحيطة بهؤلاء الأطفال ستشوه فطرهم وتبعدهم عن اتباع الحق.
وبما أن قصة نوح عليه السلام تذكر دائماً لتبرير عدم نجاح الدعوة التي استوفت الشروط، علينا أن نذكر أن الشروط التي ترجع إلى الفرد غير الشروط التي ترجع إلى المجتمع وقد شرحت هذه الفكرة في كتاب (حتى يغيروا ما بأنفسهم) عندما بينتُ أن الآية تدل على المسؤولية الدنيوية لا على المسؤولية الأخروية، وعندما بينت أن الآية أيضاً تدل على التغيير الاجتماعي لا على التغيير الفردي.. لهذا فإن عدم نجاح نوح عليه السلام، لا ينبغي أن يطرح حجة لعدم نجاح الأعمال الإسلامية التي توفرت لها القدرة والإرادة؛ أي لا يجوز استخدام القصة مبرراً لفشلنا. ونقول:
1- إن نوحاً عليه السلام نجح على سنن قدرات عصور الأنبياء السابقين، فقد أغرق الله بالطوفان كل الكافرين وأنجى المؤمنين في الفلك المشحون، وهذا هو النجاح المبين، وقد جعله الله آية للعالمين.
2- إن القدرات تتفاوت حسب العصور والأزمان..
3- إن استعراض قصص الأنبياء، يدل على ظاهرة واضحة هي: أن الله تعالى قبل بعثة محمد (ص) كان يهلك أعداءه بالآفات.
﴿فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً، ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض، ومنهم من أغرقنا.. وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ (سورة العنكبوت: الآية 40)
إلا أن أسلوب انتصار محمد (ص) على قومه لم يكن بمثل هذه الأساليب، وإنما كان قضاءً من رسول الله (ص) على أعدائه بسنن طبيعية بشرية بأيدي المؤمنين:
﴿ولو يشاء الله لانتصر منهم، ولكن ليبلو بعضكم ببعض﴾ (سورة محمد: الآية 4).
وهذا حدث جديد ودليل آخر على تطور مسألة النبوة إلى مستوى آخر. فالنبي محمد (ص) والذين اتبعوه أقاموا المجتمع الجديد بالجهود العادية للبشر العاديين، وهذه ملحوظة هامة يزيل استحضارها كثيراً من العقبات. وإنه (ص) من أجل هذا صار رسولاً إلى الناس كافة، وكان خاتم النبيين حتى لا يكون للناس على الله حجة بعده، وحتى لا يقول قائل: كيف ننتصر على خصومنا ولم يعطنا الله ما أعطى الأنبياء السابقين من التأييد بالمعجزات؟ !!
ونحن مطالبون باتباع منهج رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهو خاص به لأنه من خصوصيات ختم النبوة التي تميز بها وحده.
ويظهر هذا الأمر - وهو النصرة - في مستوى الجماعة أكثر مما يظهر في مستوى الفرد، لهذا كان القرآن يخاطب رسول الله (ص) فيقول:
﴿فإما نرينَّك بعض الذي نعدهم، أو نتوفينَّك﴾ (سورة غافر: الآية 77).
فكان من الاحتمال أن يرى الرسول نهاية أعدائه أو لا يرى؛ ولكن: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم، وعملوا الصالحات، ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً﴾ (سورة النور: الآية 55). وهذا الوعد للمجتمع وليس للفرد.
وإن الذين يبررون نتيجة أعمالهم الفاشلة بالاستشهاد بقصة نوح عليه السلام مع قومه، يريدون أن يثبتوا بذلك الخطأ الشائع الذي يقول: (عليَّ أن أسعى، وليس عليَّ أن أدرك النجاح). فهمها اختلفت الحجج والعبارات، فالمشكلة تكمن في الدفاع عن الذات، والإعراض عن بحث أسباب أزمان المشاكل. ليس المهم أن نحل عند مسلم اليوم شبهاته في دعوة نوح، ولكن المهم أن يحدث للمسلم نظر سليم للمشكلات، وهذا لب الموضوع. والاستشهاد بقصة نوح عليه السلام لا يثبت الدعوة التي نريد نقضها: علينا أن نسعى وليس علينا إدراك النجاح.
إن هدفي ليس حل الاشكلات في بعض الأمثلة والشبهات وإنما تغيير نظر المسلم إلى الأمور، وسأحاول إزالة عقبة من العقبات التي تجعل المسلم مرتاح الضمير حين يرى إخفاق الحركات الإسلامية. إن المسلم اليوم لا يبذل جهداً ليرى جانب الخطأ الذي وقع فيه مفكرو المسلمين، بل - مع الأسف - يعتقد أن هؤلاء المفكرين والعاملين قد توضحت لهم كل شروط النجاح ومارسوها، إلا أنهم لم ينجحوا، ولا ضير إذ: (علينا أن نسعى وليس علينا إدراك النجاح) وأن الأمر ليس بيدهم وإنما هو بيد القدر الأعلى..!!
هل عرفت أيها القارئ الكريم، لماذا أطيل البحث وأطارد المشكلات في جحورها؟ كل ذلك، لنخرج العوامل المعطلة للحركة الإسلامية.. وإن مثل هذه المسلَّمات تسد آفاق المسلم، بل هي آصار وأغلال عليه، وتحول بينه وبين مراجعة النفس. مراجعة النفس: هي التوبة بالمعنى الشرعي.
وإن اعتقاد المسلمين بأن النجاح ليس نتيجة حتمية للسعي الصالح، هو من أشد المعوّقات التي تمنع المسلمين مراجعة أعمالهم ونقدها لأنهم لا يفرضون فيها الخطأ، بل يفرضون أنها كانت صائبة، ولكن لم تأت النتيجة المطلوبة لأمر أراده الله. إن مواجهة هذه النقطة أمر جوهري لتحويل نظر المسلم في رؤية سبب الإخفاق. كما أن هذا النظر الخاطئ يمنع الشباب من السعي لتحويل أشخاصهم إلى الكفاءات التي يحتاج إليها المسلمون والمجتمع الإنساني؛ وكلما تأخر إدراكهم لذلك، تأخر توفر الكفاءات اللازمة لتحقيق التغيير.
ومهما شرحت الموضوع أو طاردته، فإنني لا أشعر أن عندي الإحاطة الكاملة لإبراز المشكلة بما ينبغي أن يكون عليه البحث، ولكن إلقاء بعض الأضواء تعين على إدخال الشك في نفس القارئ وإخراجه من برد اليقين إلى قلق الشك لأنه يشعر وهو في برد اليقين أنه لم يقصر، بل سنن الله قد أخلفت الوعد. وأريد أن أشكك في هذه المسلمة حتى يتحول الشك إلى يقين، بأن سبب تخلف المسلمين يرجع إلى سعي خاطئ أو ناقص على الأقل، أدى إلى تخلف النتائج؛ ولا يرجع إلى سعي صحيح تخلفت عنه النتائج.
لهذا على الإنسان أن يرجع إلى نفسه ليصحّح عمله، لا أن يقعد ويقول: عملي صالح، ولا يشترط أن ينتج من العمل الصالح النجاح.
إن هذا الكلام يمكن أن يكون صادقاً في مستوى الفرد، إذ لا يشترط لكل فرد أن يصل إلى نتائج النجاح في الدنيا؛ وه غير صحيح قطعاً على مستوى المجتمع، بل إن منشأ الخطأ والضلال أن نطبق هذه الفكرة على المجتمع، إذ أن نجاح الفرد في الدنيا مرتبط بسعيه وبمقدار ما يقدمه مجتمعه إليه من عون وضمانات. ويمكن أن نرى هذا في مستوى الرسول (ص) كفرد حيث يقول الله له:
﴿فإما نرينَّك بعض الذي نعدهم، أو نتوفينَّك …﴾ (سورة غافر: الآية 77).
فلا يشترط أن يرى الرسول (ص) النتائج كفرد، ذلك أن نجاح الفكرة إنما يتم على مستوى المجمع، وهذا واضح في قوله (ص) لعدي بن حاتم:
(… فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله … ولئن طالت بك حياة لتُفتحنَ كنوز كسرى.. ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يُخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه … قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم (ص) يُخرجُ ملء كفه …).
ينبغي أن نطمئن كل الاطمئنان وبالوضوح الكامل إلى ضرورة إزالة اللبس والغموض الذي يحيط بفكرة ﴿هو من عند أنفسكم﴾ (سورة آل عمران: الآية 165). وعلينا أن نحدد مكان النقص عند المسلمين، وأن تكون عندنا مقاييس دقيقة حتى نبيّن موطن النقص الذي يرجع إلينا، ونحدده بدقة تحديد المجهر للجراثيم التي تختبئ في أعماقنا.
وما يزعجنا حقاً أن المسلم اليوم مقتنع بأنه لا تقصير سواء لدى المسلمين أو الحركات الإسلامية، وأن ما يلحق المسلمين من الفشل يرجع إلى أمر خارجي: إنه من قدر الله، أو من الاستعمار أو من أذنابه... وهو لا يرضى مطلقاً أن يعتبر التقصير راجعاً إلى نظر المسلمين إلى المشكلة.
إن نظر المسلمين الخاطئ قد اكتسب قداسة تتحدى القرآن، والسنن، بل تتحدى الله حين نفرض أننا مقصرين، بل يمكن أن يخلف الله وعده فلا يعطينا النجاح. ومن المخزي أننا يكن أن نفرض كل شيء للدفاع عن أخطائنا ونبحث عن كبش الفداء في كل مكان دون أن ينبض فينا عرق، أو تختلج فينا عضلة، ولكن إذا حاول أحد أن يقول:
إن فشلنا هو من جهلنا بمعرفة الطريق، وهو من تنكّب أهل الحل والعقد للصراط المستقيم، أو ﴿هو من عند أنفسكم﴾ (سورة آل عمران: الآية 165)، هنا فقط تنتفخ أوداجنا، وتتوتر عضلاتنا، ويا غارة الله … لمن؟ لهذا المخرّب الذي يسير بأصابع الاتهام حين يفرض عدم الفهم، وحين يفرض الخطأ في الحركات الإسلامية نفسها.
إن هذا الصمت المطبق الذي يخنق الأنفس، في عدم مراجعة المسلمين لذاتهم هو نتيجة لهذه الفرضيات الطفولية.
إن مثل هذه المواقف التي يقفها المسلم في الدفاع عن ذاته كأي طفل لم يبلغ الرشد، حين يصف أخطاءه بأنها حدثت بنفسها، ولا دخل له فيها … إن هذه المواقف المظلمة التي يتستر بها المسلم ينبغي أن نسلط عليها بعض الأضواء ليتمكن من أن يبصر نفسه وما حوله، فيخجل من التفسيرات العنكبوتية التي يحمي بها نفسه، لأن أحداً لم يستخدم أداة فيها قوة تهدم هذا البيت الواهن الذي يحتمي به مسلم اليوم وهو غارق في أحلامه. ومن هنا نعلم:
مدى وهن الوسائل التي يريد المسلمون أن يصلحوا بها أنفسهم.
هناك أمثلة واضحة فاضحة للموضوع الذي يحيط به غموض مطبق. وإن الحذق كل الحذق أن نعرف كيف نقرب الغامض؟ وكيف نضيء الأسباب المظلمة بأضواء المعرفة؟ .
فإننا مثلاً نضحك من النعامة حين تدفن رأسها وتقع في الفخ من جراء تصرفها الغبي؟ ولكن هل لدينا القدرة أن نرى النماذج الرفيعة من رجال العالم الإسلامي يقعون في مثل هذا الخطأ حين يدفنون عقولهم، ويبرزون عواطفهم. كما يمكن أن نرى هذا في مَثَلِ المؤذن الذي تأخر في إقامة صلاة الفجر حتى كادت الشمس تشرق. قال بعضهم: إن ساعتك متأخرة، ولقد أخرتنا؟ !! فأجاب بكل بساطة: إن ساعتي صحيحة، ولكن الشمس أسرعت في الشروق!.
وحتى أن مثل هذا الخطأ يقع في مستوى حركة الحضارة، ففي عهد الإصلاح في الغرب لما نشر فيساليوس (1541م) طبعة جديدة من النص اليوناني لجالينوس، أدهشته أخطاء بدرت عن جالينوس وكانت خليفة بأن يدحضها أبسط تشريح لجسم الإنسان … ص.
قال ديويوا: (إن جالينوس لم يخطئ ولكن جسم الإنسان عراه تغير من عهد جالينوس..).
إن مثلاً كهذا يدل على بساطة هذا الرجل الطيب، ومحاولته للدفاع عن ذاته وما يتصل بها من ساعته. إن تغيير نظام الكون وارد وحدوث المعجزات التاريخية ممكن.. لكن هناك شيئاً آخر غير ممكن ألا وهو أن تكون ساعتنا متأخرة!! أو أن يكون جالينوس قد أخطأ. (انظر: قصة الحضارة، جـ27، ص 154).
إلا أن إمكانية رؤية تبريرات المسلمين لمواقفهم إزاء المشكلات ليست في مثل هذا الوضوح. وقد تكون بعض المواقف بالوضوح نفسه، ولكن المشكلة ليست في أن تكون واضحة، بل أن تكون واضحة لنا؛ فكم من خطأ نقع فيه من غير أن نشعر، فيحول بيننا وبين اهتدائنا إلى الحق في حل مشكلاتنا..
وكما نكشف بعض الأخطاء، أو الغموض في بعض مواقف من سبقونا، فلا يضيرنا أن يكشف من يأتي بعدنا جوانب القصور في فهمنا للأمور، بل إن هذا الكشف من اللاحق يشرف السابق أيضاً، لأن السابق كان سبباً في دلالة اللاحق على الاهتداء إلى الصواب بوجه من الوجوه إن لم يكن بكل الوجوه، بل يكون من سعادتنا أن يتوضح النقص والغموض عندنا، فيتلافاه من يأتي بعدنا، ولا يتناوله للتشفي منا، وإنما لمساعدة من بعدنا وبعده، وليخفف عنه بعض الأثقال التي نحملها، أو ليزيل بعض الغموض الذي يجعل سعينا ناقصاً، وهذا هو معنى الدعاء المأثور
(اللهم اغفر لي ما أخطأت وما تعمدت وما أسررت وما أعلنت وما جهلت وما تعمدت).
ولا ننزه أنفسنا عن الوقوع في رؤية الحق خطأً أو عمداً ولكن نرجو أن يكون هذا الفهم سبباً في تقليل الحواجز التي تحول دون مراجعتنا لعواقب أعمالنا، وفي تنكبنا عن الحق خطأً أو عمداً.
وانطلاقاً من هذا المفهوم أرجو أن أوفق إلى إضافة بعض الوضوح أو التقدم خطوة أخرى في الخطوات التي خطاها إلى الأفق الوضاح الذي تقدم إليه الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه الذي يحلل فيه نكبة حزيران: (درس النكبة الثانية … لماذا انهزمنا … وكيف ننتصر؟ ).
ففي تحليله للنكبة يصل إلى نقطة متحارجة حين يتساءل: هل السبب في القادة أم في الشعب؟ وذلك بعد أن تحدث عن المناخ السياسي، وعن صلاح الدين المرتقب.. ثم وضع المؤلف العنوان الآتي: (مسؤولية الفكر). وفي الواقع إنني طربت لهذا العنوان كما يطرب أي إنسان يعثر على بحث في الموضوع الذي يهمه، فكان مما قال: (طريق الخلاص الجهاد، والجهاد يقتضي التغيير والتعبئة، وهما يحتاجان إلى القيادة المؤمن، والقيادة لا تظهر إلا في أمة تستحقها، فكيف التخلص من هذا الدور؟ الأمة تحتاج إلى قيادة، والقيادة إلى أمة). ويتابع الموضوع بعقله الأصولي فيقول: (والحق انه لا دور، ولا تناقض، فظهور القائد المنشود والحاكم المرتقب يحتاج إلى أرض حرة يرتكز عليها، وإلى كتلة قوية تشد أزره، وإلى تيار فكري ينادي به ويشعر الأمة بضرورة وجوده).
(وهنا تبرز مسؤولية الفكر ورجال الفكر، ودورهم في إعداد الأمة وتعبئتها وتهيئتها للمرحلة الحاسمة)(3).
الحق أنني شعرت هنا بنشوة الظفر، والخروج من الدور والتسلسل، وأنه قادنا إلى المخرج من التيه، وما وصل إليه أعتبره إضافة جديدة إلى الفكر الإسلامي المعاصر لا نجده بمثل هذا الوضوح عند مؤلف آخر، هذه الإضافة لها أهميتها البالغة، وذلك أننا تجاوزنا في سعينا في تحليل المشكلات من إلقاء اللوم على القادة وعل الشعب، إلى إلقاء اللوم على الفكر ورجال الفكر.
أجل إنه تقدمٌ عن الأسلوب المتعارف عليه في تحليل القضية، له قيمته، ولا يقدّره من لم يعانِ التقدم وصعوبته، وأهمية الإضافة الجديدة مهما كانت ضئيلة. وأرى هنا أن هذه الإضافة ليست ضئيلة، بل هي مرصد جديد لكشف آفاق جديدة، ومجال جديد لتحرك أهل الحركة..
ثم بدأ في شرح الفكر الذي ننشده: (بأنه الفكر الحر الأصيل الشجاع الواقعي)، ثم الأوصاف بأنه (الفكر الحق) واهتم أكثر بصفة (الحر)، واعتبر آية الفكر الحر الأصالة. والأصالة: أن تنبع من أمتنا، كما لم ينس أن يحترز مما يمكن أن يفهم من الأصالة فبيّن بأن هذا ليس دعوة (إلى إغلاق النوافذ الفكرية بيننا وبين العالم من حولنا، ودون أن نفقد أصالتنا، وأن لا يهولنا ضخامة الأصنام وهالات التقديس والسدنة).
إن هذا الكلام جيد، ولكن سأتقدم به خطوة أخرى إلى الأمام - في أرض بكر على الأقل بالنسبة لجونا الخاص - ومع اعترافي بفضل خطوته السابقة التي ساعدتني على الخطوة التالية، فلا أريد أن أحمله تبعة هذه الخطوة، لأنه يمكن أن يقال بكل وضوح: إن هذا المعنى الجديد ليس في كلامه الصريح؛ وأنا كذلك لا أقول: إن هذه الخطوة ليست في ذهن المؤلف الحيف، وإن كنت لا أعلم بالدقة العوامل التي جعلته لا يتابع الخطوات، واترك بيان ذلك للذين سيخطون الخطوات التي تلي خطوات وقفنا عندها.. والخطوة التي أريد إضافتها هي أن نتساءل:
إذا كانت المسؤولية هنا مسؤولية الفكر ورجال الفكر، فكيف يكون حل المشكلة؟ .
جواب هذا السؤال هو ما يقع على عاتق رجال الفكر إن كان عندنا رجال فكر، وعلى عاتق من يهيئون أنفسهم ليكونوا رجال فكر إن كان هناك من يتطلّع إلى ذلك.
في الواقع، إننا نفتقد رجال الفكر والمتطلعين إلى أن يكونوا رجال فكر، أو إنهم من الضآلة بحيث لا يشكلون تياراً فكرياً يتأثر به قطاع عريض من الناس؛ بل إننا نفتقد الذين يعملون كيف يبح الرجل رجل فكر؟
وهذا الاعتراف هو المرحلة الثانية إذا اعتبرنا الاهتداء إلى تحميل المسؤولية لرجال الفكر مرحلة أولى.
ولكن بعد أن وقف القارئ عند الكلمات الطيبة التي نقلناها، يمكن أن يحمل مسؤولية رجال الفكر لأقوام مجهولين، أو لخصوم تابعين للفكر غير الأصيل، وقد لا يفهم أن حديثه عن مشكلة المسلم والمفر المسلم ومسؤوليته!! وكأن المفكر المسلم قد أدى دوره، وكأن هناك آخرين غير لا يؤدون دورهم.. إن المشكلة ليست في المفكر غير المسلم، بل في المفكر المسلم بالذات، وهذا التعيين والتوضيح هو الخطوة الأخرى التي أتحمل تبعتها وحدي، وإذا أضيف هذا المفهوم إلى المعنى السابق الذي نقلناه فلا يتيسر للقارئ أن يمر دون أن يحس بأزمة وبخطورة، ودون أن يشعر بأن الأرض بدأت تهتز من تحته وتتزلزل.
إنني لست هاوياً أن أصدم الشباب المسلم في الفكر الإسلامي المعاصر، ولكن لا أرضى أيضاً أن نصنع لهذا الفكر سدنة نحيطهم بهالة القداسة.
ومع ما لهذا الفكر من فضل فيما بثه من انتعاش في أبناء الجيل، فإنه لم يخرجهم من التيه الذي يضيعون فيه، ولهذا لا أريد أن يعطى هذا الفكر من التقدير أكثر مما يستحق، حتى لا يكون ذلك سبباً للعطالة وإيقاف التقدم.
وإن رجال الفكر أو الذين يتبوءون هذه المكانة، لا يوحون إلى قرائهم بأن ما حصلوه ليس كل شيء، وإن على الأجيال التي تقرأ لهم أن يكملوا كشف الطريق وتوضيحها.
كان علماء السلف يقولون: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا). ومع ذلك فقد ذهبت هذه الوصايا أدراج الرياح، لأن التيار المضاد كان أقوى. ولهذا ترك العالم الإسلامي اتباع مثل هذه الوصية، وقلدوا مالكاً بل من هم دون مالك.
ولكن من المؤسف أن الذين يشغلون مكان رجال الفكر والعلم في هذا العصر، لم يقدروا أن يتفوّهوا بهذه النصيحة التقليدية التي أطلقها السلف، فكيف يكون حالنا في مثل هذا الجو العقيم، غير القحط العام!؟
إننا لا نعرف حتى الآن معنىً لآيات الآفاق والأنفس، ولا نعرف أنها هي التي ستدل على صحة آيات الكتاب، ولا أنها مصدر من مصادر المعرفة الحقة، فهل قادة الفكر في العالم الإسلامي يعتمدون آيات الآفاق والأنفس في بيان صدق آيات الكتاب؟ .
أليس كل قادة الفكر في آيات الآفاق والأنفس من غير العالم الإسلامي في العصر الحاضر؟ ومبلغ علم من يُعتبر من رجال الفكر في العالم الإسلامي أن يستشهد بأقوالهم.
ولهذا يجب أن نعرف مبلغ جهلنا، وألا نخفي هذا عن الجيل الذي يأتي بعدنا، ليعلم أن واقعنا نتيجة لعملنا؛ فإن كان لا يرضيه هذا الواقع فلينظر إلى علم أحسن، فإن ما عندنا من علم لم يعط إلا ما رأى.إن بروز مسؤولية قادة الفكر كعنوان في بحث لتحليل عوامل حدث تاريخي كبير، إنما هو إنعاش للبذرة الأصلية التي احتوت عليها الثقافة الإسلامية وهي: أن صلاح الأمة في طائفتين من الناس: العلماء والأمراء، أي في قادة الفكر، وقادة السياسة.
إن وضع عنوان (مسؤولية قادة الفكر) إعادة الحياة لمسؤولية العلماء ومكانتهم بين الشعب وقادته. وهذه الوظيفة التي أصابتها ظواهر الإهمال، والتي كفّ المسلمون عن التنافس في تأهيل أنفسهم لأدائها، قد جعلتنا نرى القذى في أعين الناس، ونعجز عن رؤية الجذع في عيوننا، إنه أوان ذهاب العلم الذي ينتج عنه توزيع اللوم مجاناً على كل أحد، خلافاً لأمر رسولنا (ص) عن ربه:
(يا عبادي إنما أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه).
ونحن عندنا استعداد أن نبحث عمن نلومه، ولو بادعاء أن الشمس غيرت مجراها حتى لا يتوجه اللوم إلى شيء يتصل بنا، فضلاً عن أن نتمكن من لوم أنفسنا.
إن لوم النفس هو التوبة - وهو النقد الذاتي في المصطلح الحديث - ومن لا يقدر على لوم نفسه، لا يقدر أن يتوب. ﴿ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾ (سورة الأعراف: الآية 23). ومن لا يقدر أن يتوب لا يمكنه أن يصحح سلوكه، فلهذا لا تستقيم أمورنا.
إننا نُبصر أخطاء غيرنا، ونزحلق أبصارنا عن خطئنا … كأن قادة الفكر من المسلمين قاموا بما عليهم من فهم وتفهيم، ولكن الأمور لم تستقم مع ذلك!!ا
إن واجب الفهم والتفهيم والتحليل والتوضيح لجذور المشكلات، إما يقع على قادة الفكر، فهم الذين عليهم أن يعرفوا علاج الشعب وقادته.
ولكن ساعتنا صحيحة، وإنما الذي تخلف الجهد السياسي، والمسؤولون عنه غيرنا، وبذلك صرنا في أمان وبراءة وشعور بعدم المسؤولية، فهذا الذي يجعلنا نوزع اللوم!!
إننا في العالم الإسلامي لم ندخل بعد عالم الأفكار ولا نزال نعيش في عالم الأشياء والأشخاص. إن قيمة الفكر وقادة الفكر، لا تزال في المكان الذي كان أبو تمام وضعهم فيه منذ زمان طويل حين قال: السيف أصدق أنباء من الكتب (وحين قاله أبو تمام، كان يقصد بالكتب أقوال المنجمين، أما الذين يستشهدون به فيقصدون تفضيل القوة على الفكر والعلم) إن فكرنا مازال يسيطر عليه ما توحي به كلمة (عنترة) حين تذكر في الأدب الشعبي.
ولا يسعني هنا إلا أن أقتطف بكثير من الاغتباط فقرة من مقال مطوّل للأستاذ الدكتور محمد الطالبي بعنوان: (التاريخ ومشكلات اليوم والغد). (ولعل فشل سياستنا اليوم، وسلبيتها في كثير من الأحيان يُعزيان إلى انعدام المختصين في صفوفنا في شؤون الأمم التي تتعايش معها أو تتصادم. لقد سبق أن قلنا: إن التاريخ بقي أيضاً بالنسبة إلينا - لكن بمفهوم جديد - مدرسة لتخريج الإطارات السياسية، وليس معنى ذلك أن رجل السياسة ينبغي أن يكون مؤرخاً. إن التاريخ اختصاص يفني - كغيره من العلوم - الأعمار، ولا يترك المجال للاشتغال بما سواه، لكن يجب أن يجد القائد السياسي من بني جلده وحوله، من المؤرخين الأكفاء، ومن الدراسات التاريخية المتينة، ما ينير له السبل، ويمكنّه من إدراك الوضع بوضوح حتى يحسن الخطاب والتصرف ويحقق النجاح، لا لأنه كما توهم القدماء يستطيع أن يغترف حلولاً جاهزة من الماضي يطبقها على الحاضر - مما قد يؤدي إلى الكوارث الجسام - بل لأن الحكم على الشيء كما قال المنطقيون فرع عن تصوره. وفي التاريخ عون عظيم على التصور الصحيح؛ وإذا صحَّ ما قدمناه من مقدمات، فإنه يصح أيضاً أن نقول: إن إخفاق السياسة في معالجة شؤون اليوم؛ إنما هو إلى حد بعيد إخفاق الجامعة قبل كل شيء …). مجلة عالم الفكر - المجلد الخامس - العدد الأول - عام 1974 - مقالة للأستاذ الدكتور محمد الطالبي بعنوان التاريخ ومشاكل اليوم، ص 24.
وفي معرض أهمية الدراسة التاريخية في حل المشكلات، ضرب مثل مشكلة الوحدة العربية الإسلامية وقال فيها:
(إننا أخفقنا إلى اليوم في حل أهم قضية من قضايا عصرنا، لأننا لم نحس تصور كامل أبعداها، ولم نحسن ذلك التصوّر لأننا لم نحس التحليل التاريخي، ولم نمدّ رجال السياسة منا بما يضمن لمساعيهم التوفيق …).
إن هذا التصور للمشكلات، وهذا الحكم إزاءها يخالف الأسلوب الذي تعودنا عليه. عن حديثنا ينطلق - عادة - من أننا نعرف كل شيء، ولكن الخبثاء لا يطيعوننا … أما أن نقول: إن هؤلاء تنقصهم معرفة الطريق إلى حل المشكلة، ونحن لم نقدم لهم كيفية الحل، فهذا لا يخطر في بالنا.
وكذلك الأمر حين نقول: (إن إخفاق السياسة في معالجة شؤون اليوم، هو إخفاق الجامعة قبل كل شيء). أي: هو إخفاق الرجال المسؤولين عن الفكر، وهذا الإخفاق ناشئ من تزحلق في الرؤية. أقصد عدم رؤية أثر الفكر، أي عدم كشف آيات الآفاق والأنفس التي تدل على الحق بوضوح.
ومما يوضح الحوار الذي يدور داخل نفس المسلم حين يقف المفكر إزاء هذه المشكلات، ذلك المقال الذي كتبه سيد قطب رحمه الله بعنوان: (قوة الكلمة) أي: قوة الفكر. وقال فيه: (في بعض اللحظات، لحظات الكفاح المرير الذي كانت الأمة تزاوله في العهد الذي فات … كانت تراودني فكرة يائسة، وتلحّ عليّ إلحاحاً عنيفاً أسأل نفسي في هذه اللحظات: ما جدوى أن تكتب؟ ما قيمة هذه المقالات التي تزحم بها الصحف؟ أليس خيراً من هذا كله أن تحصل لك على مسدس وبضع طلقات، ثم تنطلق لتسوّي بهذه الطلقات حسابك مع الرؤوس الباغية الطاغية؟ ما جدوى أن تجلس إلى مكتب فتفرغ حنقك كله في كلمات وتصرف طاقتك كلها في شيء لا يبلغ إلى تلك الرؤوس التي يجب أن تطاح؟ ! ولا أنكر أن هذه اللحظات كانت تعذبني، وكانت تملأ نفسي ظلاماً ويأساً، كانت تشعرني بالخجل أمام نفسي خجل العجز عن عمل شيء ذي قيمة، ولكن هذه اللحظات ولحسن الحظ لم تكن تطول، كان يعاودني الأمل في قوة الكلمة، كنت ألقى بعض من قرؤوا لي مقالاً، أو أتلقى رسائل من بعضهم فأسترد ثقتي في جدوى هذه الأداة، كنت أحس أنهم يتواعدون معي على شيء ما شيء غامض في نفوسهم، ولكنهم ينتظرونه ويستعدون له ويثقون به!.
كنت أحسّ أن كتابات المكافحين الأحرار، لا تذهب كلها سدى، لأنها توقظ النائمين، وتثير الهامدين، وتؤلف تياراً شعبياً يتجه إلى وجه معينة، وإن لم تكن بعد متبلورة ولا واضحة، ولكن شيئاً ما كان يتم تحت تأثير هذه الأقلام. ولكنني مع هذا كنت أعود - في لحظات اليأس والظلام - أتهم نفسي، كنت أقول: أليس هذا الإيمان بقوة الكلمة تلَّة العجز عن عمل شيء آخر؟ ألا يكون هذا ضحكاً من الإنسان على نفسه ليطمئن إلى أنه يعمل شيئاً، وليهرب من تبعة التقصير والجبن؟ وهكذا كنت أعيش طوال فترة الكفاح الماضية حتى شاء الله أن يطلع الفجر الجديد، وأن تنكشف الغمة المعتمة، وأن يتنفس الناس الهواء النظيف الذي حملته الثورة، وأن يصبح هذا الصراع ذكرى يضمها التاريخ في ثناياه …) سيد قطب - دراسات إسلامية - الطبعة الثالثة ص 124.
هذه الكلمات الصادرة من الأعماق وثيقة هامة لتصوير حال المفكر المسلم في تلك المرحلة، وكيف أن عدم رؤية أهمية الفكرة وفعاليتها يؤدي إلى العذاب ويملأ النفس ظلاماً ويأساً، بل يشعر الإنسان بالخجل أمام نفسه لأنه لا يقوم بعمل شيء ذي قيمة.
كما يمكن أن يفسر الإيمان بقوة الكلمة - قوة الفكر - تعلّة العاجزين عن عمل شيء آخر، وهروباً من تبعة التقصير والجبن: فهذا التصوير دقيق للواقع - المؤلم - ينبض بالحياة. إلا أن ما اعتبره فجراً جديداً لم يكن لقوة الكلمة بمقدار ما كان نتيجة لقوة المسدس.. ولهذا لا نزال نحمل قابلية الانخداع بالفجر الكاذب، والمساهمة في صنعه بالمسدس، ونحن نظن أننا نصنع فجراً صادقاً.
والذي جعلنا نكتب هذا الاستطراد الطويل، ظن كثير من الناس أنه يمكن أن تتوفر الإرادة الجازمة والقدرة التامة، ثم لا يحدث العمل الناجح ضرورة







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-26-2009, 09:44 PM   #6

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

كيفيه التغلب على مشكله ضعف الاراده


وانتظرونىفى المشكله القادمه

دمتم بخير
اميره الورد







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-29-2009, 06:16 AM   #7

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

المراهقة: خصائص المرحلة ومشكلاتها
مشرف نافذة قضايا وحوارات بموقع المسلم

تعد المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر، والترقي في معارج الصعود نحو الكمال الإنساني الرشيد، ومكمن الخطر في هذه المرحلة التي تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الرشد، هي التغيرات في مظاهر النمو المختلفة (الجسمية والفسيولوجية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية والخلقية)، ولما يتعرض الإنسان فيها إلى صراعات متعددة، داخلية وخارجية.

* مفهوم المراهقة:
ترجع كلمة "المراهقة" إلى الفعل العربي "راهق" الذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام فهو مراهق، أي: قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقاً، أي: قربت منه. والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد.
أما المراهقة في علم النفس فتعني: "الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي"، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 10 سنوات.

وهناك فرق بين المراهقة والبلوغ، فالبلوغ يعني "بلوغ المراهق القدرة على الإنسال، أي: اكتمال الوظائف الجنسية عنده، وذلك بنمو الغدد الجنسية، وقدرتها على أداء وظيفتها"، أما المراهقة فتشير إلى "التدرج نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي". وعلى ذلك فالبلوغ ما هو إلا جانب واحد من جوانب المراهقة، كما أنه من الناحية الزمنية يسبقها، فهو أول دلائل دخول الطفل مرحلة المراهقة.
ويشير ذلك إلى حقيقة مهمة، وهي أن النمو لا ينتقل من مرحلة إلى أخرى فجأة، ولكنه تدريجي ومستمر ومتصل، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح مراهقاً بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل انتقالاً تدريجياً، ويتخذ هذا الانتقال شكل نمو وتغير في جسمه وعقله ووجدانه.
وجدير بالذكر أن وصول الفرد إلى النضج الجنسي لا يعني بالضرورة أنه قد وصل إلى النضج العقلي، وإنما عليه أن يتعلم الكثير والكثير ليصبح راشداً ناضجاً.
و للمراهقة والمراهق نموه المتفجر في عقله وفكره وجسمه وإدراكه وانفعالاته، مما يمكن أن نلخصه بأنه نوع من النمو البركاني، حيث ينمو الجسم من الداخل فسيولوجياً وهرمونياً وكيماوياً وذهنياً وانفعالياً، ومن الخارج والداخل معاً عضوياً.

* مراحل المراهقة:
والمدة الزمنية التي تسمى "مراهقة" تختلف من مجتمع إلى آخر، ففي بعض المجتمعات تكون قصيرة، وفي بعضها الآخر تكون طويلة، ولذلك فقد قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي:
1- مرحلة المراهقة الأولى (11-14 عاما)، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة.
2- مرحلة المراهقة الوسطي (14-18 عاما)، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية.
3- مرحلة المراهقة المتأخرة (18-21)، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات.
ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عمر الفرد

* علامات بداية مرحلة المراهقة وأبرز خصائصها وصورها الجسدية والنفسية:
بوجه عام تطرأ ثلاث علامات أو تحولات بيولوجية على المراهق، إشارة لبداية هذه المرحلة عنده، وهي:
1 - النمو الجسدي: حيث تظهر قفزة سريعة في النمو، طولاً ووزناً، تختلف بين الذكور والإناث، فتبدو الفتاة أطول وأثقل من الشاب خلال مرحلة المراهقة الأولى، وعند الذكور يتسع الكتفان بالنسبة إلى الوركين، وعند الإناث يتسع الوركان بالنسبة للكتفين والخصر، وعند الذكور تكون الساقان طويلتين بالنسبة لبقية الجسد، وتنمو العضلات.

2- النضوج الجنسي: يتحدد النضوج الجنسي عند الإناث بظهور الدورة الشهرية، ولكنه لا يعني بالضرورة ظهور الخصائص الجنسية الثانوية (مثل: نمو الثديين وظهور الشعر تحت الإبطين وعلى الأعضاء التناسلية)، أما عند الذكور، فالعلامة الأولى للنضوج الجنسي هي زيادة حجم الخصيتين، وظهور الشعر حول الأعضاء التناسلية لاحقاً، مع زيادة في حجم العضو التناسلي، وفي حين تظهر الدورة الشهرية عند الإناث في حدود العام الثالث عشر، يحصل القذف المنوي الأول عند الذكور في العام الخامس عشر تقريباً.

3- التغير النفسي: إن للتحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة تأثيراً قوياً على الصورة الذاتية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، فظهور الدورة الشهرية عند الإناث، يمكن أن يكون لها ردة فعل معقدة، تكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحياناً، وذات الأمر قد يحدث عند الذكور عند حدوث القذف المنوي الأول، أي: مزيج من المشاعر السلبية والإيجايبة. ولكن المهم هنا، أن أكثرية الذكور يكون لديهم علم بالأمر قبل حدوثه، في حين أن معظم الإناث يتكلن على أمهاتهن للحصول على المعلومات أو يبحثن عنها في المصادر والمراجع المتوافرة.

* مشاكل المراهقة:
يقول الدكتور عبد الرحمن العيسوي: "إن المراهقة تختلف من فرد إلى آخر، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، ومن سلالة إلى أخرى، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي يتربى في وسطها المراهق، فهي في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، كما تختلف من المجتمع المتزمت الذي يفرض كثيراً من القيود والأغلال على نشاط المراهق، عنها في المجتمع الحر الذي يتيح للمراهق فرص العمل والنشاط، وفرص إشباع الحاجات والدوافع المختلفة.
كذلك فإن مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، وإنما هي تتأثر بما مر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة، والنمو عملية مستمرة ومتصلة".
ولأن النمو الجنسي الذي يحدث في المراهقة ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات للمراهقين، فقد دلت التجارب على أن النظم الاجتماعية الحديثة التي يعيش فيها المراهق هي المسؤولة عن حدوث أزمة المراهقة، فمشاكل المراهقة في المجتمعات الغربية أكثر بكثير من نظيرتها في المجتمعات العربية والإسلامية، وهناك أشكال مختلفة للمراهقة، منها:
1- مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات.
2- مراهقة انسحابية، حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.
3- مراهقة عدوانية، حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.
والصراع لدى المراهق ينشأ من التغيرات البيولوجية، الجسدية والنفسية التي تطرأ عليه في هذه المرحلة، فجسدياً يشعر بنمو سريع في أعضاء جسمه قد يسبب له قلقاً وإرباكاً، وينتج عنه إحساسه بالخمول والكسل والتراخي، كذلك تؤدي سرعة النمو إلى جعل المهارات الحركية عند المراهق غير دقيقة، وقد يعتري المراهق حالات من اليأس والحزن والألم التي لا يعرف لها سبباً، ونفسيا يبدأ بالتحرر من سلطة الوالدين ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس، وبناء المسؤولية الاجتماعية، وهو في الوقت نفسه لا يستطيع أن يبتعد عن الوالدين؛ لأنهم مصدر الأمن والطمأنينة ومنبع الجانب المادي لديه، وهذا التعارض بين الحاجة إلى الاستقلال والتحرر والحاجة إلى الاعتماد على الوالدين، وعدم فهم الأهل لطبيعة المرحلة وكيفية التعامل مع سلوكيات المراهق، وهذه التغيرات تجعل المراهق طريد مجتمع الكبار والصغار، إذا تصرف كطفل سخر منه الكبار، وإذا تصرف كرجل انتقده الرجال، مما يؤدي إلى خلخلة التوازن النفسي للمراهق، ويزيد من حدة المرحلة ومشاكلها.

وفي بحث ميداني ولقاءات متعددة مع بعض المراهقين وآبائهم، أجرته الباحثة عزة تهامي مهدي (الحاصلة على الماجستير في مجال الإرشاد النفسي) تبين أن أهم ما يعاني الآباء منه خلال هذه المرحلة مع أبنائهم:

* الخوف الزائد على الأبناء من أصدقاء السوء.
* عدم قدرتهم على التميز بين الخطأ والصواب باعتبارهم قليلو الخبرة في الحياة ومتهورون.
* أنهم متمردون ويرفضون أي نوع من الوصايا أو حتى النصح.
* أنهم يطالبون بمزيد من الحرية والاستقلال.
* أنهم يعيشون في عالمهم الخاص، ويحاولون الانفصال عن الآباء بشتى الطرق.

* أبرز المشكلات والتحديات السلوكية في حياة المراهق:
1- الصراع الداخلي: حيث يعاني المراهق من جود عدة صراعات داخلية، ومنها: صراع بين الاستقلال عن الأسرة والاعتماد عليها، وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة والأنوثة، وصراع بين طموحات المراهق الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته، وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد الاجتماعية، والصراع الديني بين ما تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة، وصراعه الثقافي بين جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق.

2- الاغتراب والتمرد: فالمراهق يشكو من أن والديه لا يفهمانه، ولذلك يحاول الانسلاخ عن مواقف وثوابت ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه، وهذا يستلزم معارضة سلطة الأهل؛ لأنه يعد أي سلطة فوقية أو أي توجيه إنما هو استخفاف لا يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهرياً لقدرات الراشد، واستهانة بالروح النقدية المتيقظة لديه، والتي تدفعه إلى تمحيص الأمور كافة، وفقا لمقاييس المنطق، وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة والعناد والتعصب والعدوانية.

3- الخجل والانطواء: فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي والانطواء والخجل.

4- السلوك المزعج: والذي يسببه رغبة المراهق في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي قد يصرخ، يشتم، يسرق، يركل الصغار ويتصارع مع الكبار، يتلف الممتلكات، يجادل في أمور تافهة، يتورط في المشاكل، يخرق حق الاستئذان، ولا يهتم بمشاعر غيره.

5- العصبية وحدة الطباع: فالمراهق يتصرف من خلال عصبيته وعناده، يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، ويكون متوتراً بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
وتجدر الإشارة إلى أن كثيراًَ من الدراسات العلمية تشير إلى وجود علاقة قوية بين وظيفة الهرمونات الجنسية والتفاعل العاطفي عند المراهقين، بمعنى أن المستويات الهرمونية المرتفعة خلال هذه المرحلة تؤدي إلى تفاعلات مزاجية كبيرة على شكل غضب وإثارة وحدة طبع عند الذكور، وغضب واكتئاب عند الإناث.
ويوضح الدكتور أحمد المجدوب الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مظاهر وخصائص مرحلة المراهقة، فيقول هي:" الغرق في الخيالات، وقراءة القصص الجنسية والروايات البوليسية وقصص العنف والإجرام، كما يميل إلى أحلام اليقظة، والحب من أول نظرة، كذلك يمتاز المراهق بحب المغامرات، وارتكاب الأخطار، والميل إلى التقليد، كما يكون عرضة للإصابة بأمراض النمو، مثل: فقر الدم، وتقوس الظهر، وقصر النظر".

وفي حديثه مع موقع المسلم، يذكر الدكتور المجدوب من مظاهر وسلوكيات الفتاة المراهقة: " الاندفاع، ومحاولة إثبات الذات، والخجل من التغيرات التي حدثت في شكلها، و جنوحها لتقليد أمها في سلوكياتها، وتذبذب وتردد عواطفها، فهي تغضب بسرعة وتصفو بسرعة، وتميل لتكوين صداقات مع الجنس الآخر، وشعورها بالقلق والرهبة عند حدوث أول دورة من دورات الطمث، فهي لا تستطيع أن تناقش ما تحس به من مشكلات مع أفراد الأسرة، كما أنها لا تفهم طبيعة هذه العملية".
ويشير الخبير الاجتماعي الدكتور المجدوب إلى أن هناك بعض المشاكل التي تظهر في مرحلة المراهقة، مثل: " الانحرافات الجنسية، والميل الجنسي لأفراد من نفس الجنس، والجنوح، وعدم التوافق مع البيئة، وكذا انحرافات الأحداث من اعتداء، وسرقة، وهروب"، موضحاً "أن هذه الانحرافات تحدث نتيجة حرمان المراهق في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية والإشراف، وعدم إشباع رغباته، وأيضاً لضعف التوجيه الديني".

ويوضح المجدوب أن مرحلة المراهقة بخصائصها ومعطياتها هي أخطر منعطف يمر به الشباب، وأكبر منزلق يمكن أن تزل فيه قدمه؛ إذا عدم التوجيه والعناية، مشيراً إلى أن أبرز المخاطر التي يعيشها المراهقون في تلك المرحلة:" فقدان الهوية والانتماء، وافتقاد الهدف الذي يسعون إليه، وتناقض القيم التي يعيشونها، فضلاً عن مشكلة الفراغ ".
كما يوضح أن الدراسات التي أجريت في أمريكا على الشواذ جنسياً أظهرت أن دور الأب كان معدوماً في الأسرة، وأن الأم كانت تقوم بالدورين معاً، وأنهم عند بلوغهم كانوا يميلون إلى مخالطة النساء ( أمهاتهم – أخواتهم -..... ) أكثر من الرجال، و هو ما كان له أبلغ الأثر في شذوذه جنسياً ".

* طرق علاج المشاكل التي يمر بها المراهق:
قد اتفق خبراء الاجتماع وعلماء النفس والتربية على أهمية إشراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة، وكذا إحاطته علماً بالأمور الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يقع فريسة للجهل والضياع أو الإغراء".

كما أوصوا بأهمية " تشجيع النشاط الترويحي الموجه والقيام بالرحلات والاشتراك في مناشط الساحات الشعبية والأندية، كما يجب توجيههم نحو العمل بمعسكرات الكشافة، والمشاركة في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي... إلخ".
كما أكدت الدراسات العلمية أن أكثر من 80% من مشكلات المراهقين في عالمنا العربي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، ومن ثم يحجم الأبناء، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها.
وقد أجمعت الاتجاهات الحديثة في دراسة طب النفس أن الأذن المصغية في تلك السن هي الحل لمشكلاتها، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من زي النصح والتوجيه بالأمر، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر، و بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر، هو السبيل الأمثال لتكوين علاقة حميمة بين الآباء وأبنائهم في سن المراهقة".

وقد أثبتت دراسة قامت بها الـ (Gssw) المدرسة المتخصصة للدراسات الاجتماعية بالولايات المتحدة على حوالي 400 طفل، بداية من سن رياض الأطفال وحتى سن 24 على لقاءات مختلفة في سن 5، 9، 15، 18، 21، أن المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلية محببة يشارك فيها الجميع، ويهتم جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض، هم الأقل ضغوطًا، والأكثر إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشاكلها، في حين كان الآخرون أكثر عرضة للاكتئاب والضغوط النفسية.

* حلول عملية:
ولمساعدة الأهل على حسن التعامل مع المراهق ومشاكله، نقدم فيما يلي نماذج لمشكلات يمكن أن تحدث مع حل عملي، سهل التطبيق، لكل منها.
المشكلة الأولى: وجود حالة من "الصدية" أو السباحة ضد تيار الأهل بين المراهق وأسرته، وشعور الأهل والمراهق بأن كل واحد منهما لا يفهم الآخر.
- الحل المقترح: تقول الأستاذة منى يونس (أخصائية علم النفس): إن السبب في حدوث هذه المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها، أو أنهم - حتى إن فهموها - ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم.
ومعالجة هذه المشكلة لا تكون إلا بإحلال الحوار الحقيقي بدل التنافر والصراع والاغتراب المتبادل، ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلاً لا شكلاً بحيث يشعر المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده - حتى لو لم يكن الأهل موافقين على كل آرائه ومواقفه - وأن له حقاً مشروعاً في أن يصرح بهذه الآراء. الأهم من ذلك أن يجد المراهق لدى الأهل آذاناً صاغية وقلوباً متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة، كما ينبغي أن نفسح له المجال ليشق طريقه بنفسه حتى لو أخطأ، فالأخطاء طريق للتعلم،

وليختر الأهل الوقت المناسب لبدء الحوار مع المراهق، بحيث يكونا غير مشغولين، وأن يتحدثا جالسين،
جلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، وليحذرا نبرة التوبيخ، والنهر، والتسفيه..
حاولا الابتعاد عن الأسئلة التي تكون إجاباتها "بنعم" أو "لا"، أو الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة، وافسحا له مجالاً للتعبير عن نفسه، ولا تستخدما ألفاظاً قد تكون جارحة دون قصد، مثل: "كان هذا خطأ" أو "ألم أنبهك لهذا الأمر من قبل؟".

المشكلة الثانية:
شعور المراهق بالخجل والانطواء، الأمر الذي يعيقه عن تحقيق تفاعله الاجتماعي، وتظهر عليه هاتين الصفتين من خلال احمرار الوجه عند التحدث، والتلعثم في الكلام وعدم الطلاقة، وجفاف الحلق.
- الحل المقترح: إن أسباب الخجل والانطواء عند المراهق متعددة، وأهمها: عجزه عن مواجهة مشكلات المرحلة، وأسلوب التنشئة الاجتماعية الذي ينشأ عليه، فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعوره بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فيحدث صراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي، والانطواء والخجل عند التحدث مع الآخرين.

ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـ: توجيه المراهق بصورة دائمة وغير مباشرة، وإعطاء مساحة كبيرة للنقاش والحوار معه، والتسامح معه في بعض المواقف الاجتماعية، وتشجيعه على التحدث والحوار بطلاقة مع الآخرين، وتعزيز ثقته بنفسه.

المشكلة الثالثة:
عصبية المراهق واندفاعه، وحدة طباعه، وعناده، ورغبته في تحقيق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، وتوتره الدائم بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
- الحل المقترح: يرى الدكتور عبد العزيز محمد الحر، أن لعصبية المراهق أسباباً كثيرة، منها: أسباب مرتبطة بالتكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد الوالدين عصبياً فعلاً، ومنها: أسباب بيئية، مثل: نشأة المراهق في جو تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب.
كما أن الحديث مع المراهقين بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف، يؤدي بهم إلى أن يتصرفوا ويتكلموا بالطريقة نفسها، بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيراً، فالمراهقون يتعلمون العصبية في معظم الحالات من الوالدين أو المحيطين بهم، كما أن تشدد الأهل معهم بشكل مفرط، ومطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من التصرفات والسلوكيات، يجعلهم عاجزين عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة إحساس هؤلاء المراهقين بأن عدواناً يمارس عليهم، يؤدي إلى توترهم وعصبيتهم، ويدفعهم ذلك إلى عدوانية السلوك الذي يعبرون عنه في صورته الأولية بالعصبية، فالتشدد المفرط هذا يحولهم إلى عصبيين، ومتمردين.

وهناك أسباب أخرى لعصبية المراهقين كضيق المنزل، وعدم توافر أماكن للهو، وممارسة أنشطة ذهنية أو جسدية، وإهمال حاجتهم الحقيقية للاسترخاء والراحة لبعض الوقت.
ويرى الدكتور الحر أن علاج عصبية المراهق يكون من خلال الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم، فلا بد للمراهق من الشعور بالأمان في المنزل.. الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في الدراسة، والأمر الآخر هو الحب فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب، والعدل في التعامل مع الأبناء ضروري؛ لأن السلوك التفاضلي نحوهم يوجد أرضاً خصبة للعصبية، فالعصبية ردة فعل لأمر آخر وليست المشكلة نفسها، والاستقلالية مهمة، فلا بد من تخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد، فالاستقلالية شعور محبب لدى الأبناء خصوصاً في هذه السن، ولابد من الحزم مع المراهق، فيجب ألا يترك لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد، وإنما يجب أن يعي أن مثل ما له من حقوق، فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها، وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها.

المشكلة الرابعة: ممارسة المراهق للسلوك المزعج، كعدم مراعاة الآداب العامة، والاعتداء على الناس، وتخريب الممتلكات والبيئة والطبيعة، وقد يكون الإزعاج لفظياً أو عملياً.
- الحل المقترح: من أهم أسباب السلوك المزعج عند المراهق: رغبته في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة، والأفكار الخاطئة التي تصل لذهنه من أن المراهق هو الشخص القوي الشجاع، وهو الذي يصرع الآخرين ويأخذ حقوقه بيده لا بالحسنى، وأيضاً الإحباط والحرمان والقهر الذي يعيشه داخل الأسرة، وتقليد الآخرين والاقتداء بسلوكهم الفوضوي، والتعثر الدراسي، ومصاحبة أقران السوء.
أما مظاهر السلوك المزعج، فهي: نشاط حركي زائد يغلب عليه الاضطراب والسلوكيات المرتجلة، واشتداد نزعة الاستقلال والتطلع إلى القيادة، وتعبير المراهق عن نفسه وأحاسيسه ورغباته بطرق غير لائقة (الصراخ، الشتم، السرقة، القسوة، الجدل العقيم، التورط في المشاكل، والضجر السريع، والتأفف من الاحتكاك بالناس، وتبرير التصرفات بأسباب واهية، والنفور من النصح، والتمادي في العناد).

أما مدخل العلاج فهو تبصير المراهق بعظمة المسؤوليات التي تقع على كاهله وكيفية الوفاء بالأمانات، وإشغاله بالخير والأعمال المثمرة البناءة، وتصويب المفاهيم الخاطئة في ذهنه، ونفي العلاقة المزعومة بين الاستقلالية والتعدي على الغير، وتشجيعه على مصاحبة الجيدين من الأصدقاء ممن لا يحبون أن يمدوا يد الإساءة للآخرين، وإرشاده لبعض الطرق لحل الأزمات ومواجهة عدوان الآخرين بحكمة، وتعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر إلى القيام بسلوك إيجابي يدل على احترامه للآخرين من خلال المدح والثناء، والابتعاد عن الألفاظ الاستفزازية والبرمجة السلبية وتجنب التوبيخ قدر المستطاع.

المشكلة الخامسة:
تعرض المراهق إلى سلسلة من الصراعات النفسية والاجتماعية المتعلقة بصعوبة تحديد الهوية ومعرفة النفس يقوده نحو التمرد السلبي على الأسرة وقيم المجتمع، ويظهر ذلك في شعوره بضعف الانتماء الأسري، وعدم التقيد بتوجيهات الوالدين، والمعارضة والتصلب في المواقف، والتكبر، والغرور، وحب الظهور، وإلقاء اللوم على الآخرين، التلفظ بألفاظ نابية.
- الحل المقترح: إن غياب التوجيه السليم، والمتابعة اليقظة المتزنة، والقدوة الصحيحة يقود المراهق نحو التمرد، ومن أسباب التمرد أيضاً: عيش المراهق في حالة صراع بين الحنين إلى مرحلة الطفولة المليئة باللعب وبين التطلع إلى مرحلة الشباب التي تكثر فيها المسؤوليات، وكثرة القيود الاجتماعية التي تحد من حركته، وضعف الاهتمام الأسري بمواهبه وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة، وتأنيب الوالدين له أمام إخوته أو أقربائه أو أصدقائه، ومتابعته للأفلام والبرامج التي تدعو إلى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية والعنف.
ويرى كل من الدكتور بدر محمد ملك، والدكتورة لطيفة حسين الكندري أن علاج تمرد المراهق يكون بالوسائل التالية: السماح للمراهق بالتعبير عن أفكاره الشخصية، وتوجيهه نحو البرامج الفعالة لتكريس وممارسة مفهوم التسامح والتعايش في محيط الأندية الرياضية والثقافية، وتقوية الوازع الديني من خلال أداء الفرائض الدينية والتزام الصحبة الصالحة ومد جسور التواصل والتعاون مع أهل الخبرة والصلاح في المحيط الأسري وخارجه، ولا بد من تكثيف جرعات الثقافة الإسلامية، حيث إن الشريعة الإسلامية تنظم حياة المراهق لا كما يزعم أعداء الإسلام بأنه يكبت الرغبات ويحرم الشهوات، والاشتراك مع المراهق في عمل أنشطة يفضلها، وذلك لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول التوافق وبناء جسور التفاهم، وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة السلبية، وتجنب عبارات: أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت دائماً تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبداً...إلخ؛ لأن هذه الكلمات والعبارات تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من العلاج.

المراهقة: التعامل مع المرحلة وفق النظرية الإسلامية
تطرقنا معكم في الحلقة السابقة من هذه القضية لعدة جوانب، وهي:
مفهوم المراهقة
مراحل المراهقة
علامات بداية مرحلة المراهقة، وأبرز خصائصها وصورها الجسدية والنفسية
مشاكل المراهقة
أبرز المشكلات والتحديات السلوكية في حياة المراهق
طرق علاج المشاكل التي يمر بها المراهق
ونستكمل معكم عرض باقي الجوانب في تلك القضية، وهي كالتالي:

* كيف عالج الإسلام مرحلة المراهقة؟
يقول الدكتور أحمد المجدوب (المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة)، أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قد سبق الجميع بقوله: "علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع".
ويدلل المجدوب بالدراسة التي أجراها عالم أمريكي يدعى " ألفريد كنسي" بعنوان " السلوك الجنسي لدى الأمريكيين"، والتي طبقها على 12 ألف مواطن أمريكي من مختلف شرائح المجتمع، والتي أثبتت أن 22 % ممن سألهم عن أول تجربة لممارسة الجنس قالوا: إن أول تجربة جنسية لهم كانت في سن العاشرة، وأنها كانت في فراش النوم، وأنها كانت مع الأخ أو الأخت أو الأم !!

ويستطرد المجدوب قائلاً: " وانتهت الدراسة التي أجريت في مطلع الأربعينيات، إلى القول بأن الإرهاصات الجنسية تبدأ عند الولد والبنت في سن العاشرة"، ويعلق المجدوب على نتائج الدراسة قائلا: " هذا ما أثبته نبينا محمد _صلى الله عليه وسلم_ قبل ألفريد كنسي بـ 14 قرناً من الزمان ! ولكننا لا نعي تعاليم ديننا ".

ويقول المجدوب: " لقد اتضح لي من خلال دراسة ميدانية شاملة قمت بها على عينة من 200 حالة حول (زنا المحارم) الذي أصبح منتشراً للأسف، أن معظم حالات زنا المحارم كانت بسبب النوم المشترك في نفس الفراش مع الأخت أو الأم أو...، وهو ما حذرنا منه الرسول _صلى الله عليه وسلم_ بقوله: " وفرقوا بينهم في المضاجع".

واستطرد المجدوب يقول: " البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقول: إن هناك 20 % من الأسر المصرية تقيم في غرفة واحدة، وأن كل 7 أفراد منهم ينامون متجاورين! ".
ويشير المجدوب إلى أن دراسته عن زنا المحارم انتهت إلى نتيجة مؤداها أن أحد أهم الأسباب لدى مرتكبي جرائم زنا المحارم هو الانخفاض الشديد في مستوى التدين، والذي لم يزد على أفضل الأحوال عن 10 %، هذا طبعاً عدا الأسباب الأخرى، مثل: انتشار الخمر بين الطبقات الدنيا والوسطى، و اهتزاز قيمة الأسرة، و الجهل، والفقر، و....
ويرجع المجدوب هذه الظاهرة إلى "الزخم الجنسي وعوامل التحريض والإثارة في الصحف والمجلات والبرامج والمسلسلات والأفلام التي يبثها التلفاز والسينما والدش فضلاً عن أشرطة الفيديو"، منبهاً إلى خطورة افتقاد القدوة وإلى أهمية " التربية الدينية في تكوين ضمير الإنسان".
ويضيف المجدوب أنه " وفقاً لآخر بيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر يؤكد أن هناك 9 مليون شاب وفتاة من سن 20 سنة إلى 35 سنة لا يستطيعون الزواج، كما أن هناك 9 مليون آخرين ممن تعدو سن 35 سنة قد فاتهم قطار الزواج وأصبحوا عوانس !!!

* النظرية الإسلامية في التربية:
وتقوم النظرية الإسلامية في التربية على أسس أربعة،هي: ( تربية الجسم، وتربية الروح، وتربية النفس، وتربية العقل)، وهذه الأسس الأربعة تنطلق من قيم الإسلام، وتصدر عن القرآن والسنة ونهج الصحابة والسلف في المحافظة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها بلا تبديل ولا تحريف، فمع التربية الجسمية تبدأ التربية الروحية الإيمانية منذ نعومة الأظفار.
وقد اهتم الإسلام بالصحة النفسية والروحية والذهنية، واعتبر أن من أهم مقوماتها التعاون والتراحم والتكافل وغيرها من الأمور التي تجعل المجتمع الإسلامي مجتمعاً قوياً في مجموعه وأفراده، وفي قصص القرآن الكريم ما يوجه إلى مراهقة منضبطة تمام الانضباط مع وحي الله _عز وجل_، وقد سبق الرسول _صلى الله عليه وسلم_ الجميع بقوله:"لاعبوهم سبعًا وأدبوهم سبعًا وصادقوهم سبعًا، ثم اتركوا لهم الحبل على الغارب".
و قد قدم الإسلام عدداً من المعالم التي تهدي إلى الانضباط في مرحلة المراهقة، مثل:" الطاعة: بمعنى طاعة الله وطاعة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ وطاعة الوالدين ومن في حكمهما، وقد أكد القرآن الكريم هذه المعاني في وصية لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه قال: "يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان: من الآية13).

أيضاً هناك:" الاقتداء بالصالحين، وعلى رأس من يقتدي بهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فالإقتداء به واتباع سنته من أصول ديننا الحنيف، قال الله _عز وجل_: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " [الأحزاب:21].
كما اعتبر الإسلام أن أحد أهم المعالم التي تهدى إلى الانضباط في مرحلة المراهقة:" التعاون والتراحم والتكافل؛ لأنه يجعل الفرد في خدمة المجتمع، ويجعل المجتمع في خدمة الفرد، و الدليل على ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن النعمان بن بشير _رضي الله عنه_ عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال:" مثل المؤمن كمثل الجسد إذا اشتكى الرجل رأسه تداعى له سائر جسده".
ولم ينس الإسلام دور الأب في حياة ابنه، وكذلك تأثير البيئة التي ينشأ فيها الفتى في تربيته ونشأته، فقد روي في الصحيحين عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، أنه قال: " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجّسانه".

ويشير الدكتور محمد سمير عبد الفتاح (أستاذ علم النفس، مدير مركز البحوث النفسية بجامعة المنيا)، إلى أن: " المراهق يحتاج إلى من يتفهم حالته النفسية ويراعي احتياجاته الجسدية، ولذا فهو بحاجة إلى صديق ناضج يجيب عن تساؤلاته بتفهم وعطف وصراحة، صديق يستمع إليه حتى النهاية دون مقاطعة أو سخرية أو شك، كما يحتاج إلى الأم الصديقة والأب المتفهم".
وفي حديثه لموقع المسلم ، يدعو (الخبير النفسي) الدكتور سمير عبد الفتاح أولياء الأمور إلى " التوقف الفوري عن محاولات برمجة حياة المراهق، ويقدم بدلاً منها الحوار، و التحلي بالصبر، واحترم استقلاليته وتفكيره، والتعامل معه كشخص كبير، وغمره بالحنان وشمله بمزيد من الاهتمام".
وينصح الدكتور عبد الفتاح الأمهات بضرورة " إشراك الأب في تحمل عبء تربية أولاده في هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم"، ويقول للأم: " شجعي ابنك وبثي التفاؤل في نفسه، وجملي أسلوبك معه، واحرصي على انتقاء الكلمات كما تنتقي أطايب الثمر".

ويوجه عبد الفتاح النصح للأب قائلاً: " أعطه قدراً من الحرية بإشرافك ورضاك، لكن من المهم أن تتفق معه على احترام الوقت وتحديده، وكافئه إن أحسن كما تعاقبه إن أساء، حاول تفهم مشاكله والبحث معه عن حل، اهتم بتوجيهه إلى الصحبة الصالحة، كن له قدوة حسنة ومثلاً أعلى، احترم أسراره وخصوصياته، ولا تسخر منه أبدًا".
ويضيف عبد الفتاح موجها كلامه للأب:" صاحبه وتعامل معه كأنه شاب، اصطحبه إلى المسجد لأداء الصلاة وخاصة الجمعة والعيدين، أَجِب عن كل أسئلته مهما كانت بكل صراحة ووضوح ودون حرج، وخصص له وقتاً منتظماً للجلوس معه، وأشركه في النشاطات الاجتماعية العائلية كزيارة المرضى وصلة الأرحام، نمِّ لديه الوازع الديني وأشعره بأهمية حسن الخلق ".
كما ينصح الدكتور عبد الفتاح الأمهات بمراعاة عدد من الملاحظات المهمة في التعامل مع بناتهن في مرحلة المراهقة فيؤكد بداية أن على الأمهات أن يتعلمن فن معاملة المراهقات، ويقول للأم:" أعلميها أنها تنتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة تسمَّى مرحلة التكليف، وأنها كبرت وأصبحت مسؤولة عن تصرفاتها، قولي لها: إنها مثلما زادت مسؤولياتها فقد زادت حقوقها، وإنها أصبحت عضوًا كاملاً في الأسرة تشارك في القرارات، ويؤخذ رأيها فيما يخصها، وتوكل له مهام تؤديها للثقة فيها وفي قدراتها، علميها الأمور الشرعية كالاغتسال، وكيفية التطهر، سواء من الدورة الشهرية أو من الإفرازات".

ويضيف عبد الفتاح: " ابتعدي عن مواجهتها بأخطائها، أقيمي علاقات وطيدة وحميمة معها، دعمي كل تصرف إيجابي وسلوك حسن صادر عنها، أسري لها بملاحظات ولا تنصحيها على الملأ فإن (لكل فعل ردة فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه)، اقصري استخدام سلطتك في المنع على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها، واستعيني بالله وادعي لها كثيراً، ولا تدعي عليها مطلقاً، و تذكري أن الزمن جزء من العلاج".
ويضيف الدكتور سمير عبد الفتاح (مدير مركز البحوث النفسية) قائلاً:" افتحي قناة للاتصال معها، اجلسي وتحاوري معها لتفهمي كيف تفكر، وما ذا تحب من الأمور وماذا تكره؟ واحذري أن تعامليها كأنها ند لك ولا تقرني نفسك بها، وعندما تجادلك أنصتي لملاحظاتها وردي عليها بمنطق وبرهان، إذا انتقدت فانتقدي تصرفاتها ولا تنتقديها هي كشخص، وختاماً استعيني بالله ليحفظها لك ويهديها".

* فهم المرحلة.. تجاوز ناجح لها:
إن المشاكل السابقة الذكر، سببها الرئيس هو عدم فهم طبيعة واحتياجات هذه المرحلة من جهة الوالدين، وأيضاً عدم تهيئة الطفل أو الطفلة لهذه المرحلة قبل وصولها.
ولمساعدة الوالدين على فهم مرحلة المراهقة، فقد حدد بعض العلماء واجبات النمو التي ينبغي أن تحدث في هذه المرحلة للانتقال إلى المرحلة التالية، ومن هذه الواجبات ما يلي:
1- إقامة نوع جديد من العلاقات الناضجة مع زملاء العمر.
2- اكتساب الدور المذكر أو المؤنث المقبول دينياً واجتماعياً لكل جنس من الجنسين.
3- قبول الفرد لجسمه أو جسده، واستخدام الجسم استخداماً صالحاً.
4- اكتساب الاستقلال الانفعالي عن الوالدين وغيرهم من الكبار.
5- اختيار مهنة والإعداد اللازم لها.
6- الاستعداد للزواج وحياة الأسرة.
7- تنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية للكفاءة في الحياة الاجتماعية.
8- اكتساب مجموعة من القيم الدينية والأخلاقية التي تهديه في سلوكه.

ويرى المراهق أنه بحاجة إلى خمسة عناصر في هذه المرحلة، وهي: الحاجة إلى الحب والأمان، والحاجة إلى الاحترام، والحاجة لإثبات الذات، والحاجة للمكانة الاجتماعية، والحاجة للتوجيه الإيجابي.

* تهيئة المراهق:
ولتحقيق واجبات النمو التي حددها العلماء، وحاجات المراهق في هذه المرحلة، على الأهل تهيئة ابنهم المراهق لدخول هذه المرحلة، وتجاوزها دون مشاكل، ويمكن أن يتم ذلك بخطوات كثيرة، منها:
1- إعلام المراهق أنه ينتقل من مرحلة إلى أخرى، فهو يخرج من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة، تعني أنه كبر وأصبح مسؤولاً عن تصرفاته، وأنها تسمى مرحلة التكليف؛ لأن الإنسان يصبح محاسباً من قبل الله _تعالى_؛ لأنه وصل إلى النضج العقلي والنفسي الذي يجعله قادراً على تحمل نتيجة أفعاله واختياراته.
وأنه مثلما زادت مسؤولياته فقد زادت حقوقه، وأصبح عضواً كاملاً في الأسرة يشارك في القرارات، ويؤخذ رأيه، وتوكل له مهام يؤديها للثقة فيه وفي قدراته.

2- أن هناك تغيرات جسدية، وعاطفية، وعقلية، واجتماعية تحدث في نفسيته وفي بنائه، وأن ذلك نتيجة لثورة تحدث داخله استعداداً أو إعدادا لهذا التغير في مهمته الحياتية، فهو لم يعد طفلاً يلعب ويلهو، بل أصبح له دور في الحياة، لذا فإن إحساسه العاطفي نحو الجنس الآخر أو شعوره بالرغبة يجب أن يوظف لأداء هذا الدور، فالمشاعر العاطفية والجنسية ليست شيئاً وضيعاً أو مستقذراً؛ لأن له دوراً هاماً في إعمار الأرض وتحقيق مراد الله في خلافة الإنسان. ولذا فهي مشاعر سامية إذا أحسن توظيفها في هذا الاتجاه، لذا يجب أن يعظم الإنسان منها ويوجهها الاتجاه الصحيح لسمو الغاية التي وضعها الله في الإنسان من أجلها، لذا فنحن عندما نقول: إن هذه العواطف والمشاعر لها طريقها الشرعي من خلال الزواج، فنحن نحدد الجهة الصحيحة لتفريغها وتوجيهها.

3-
أن يعلم المراهق الأحكام الشرعية الخاصة بالصيام والصلاة والطهارة والاغتسال، ويكون ذلك مدخلاً لإعطائه الفرصة للتساؤل حول أي شيء يدور حول هذه المسألة، حتى لا يضطر لأن يستقي معلوماته من جهات خارجية يمكن أن تضره أو ترشده إلى خطأ أو حرام.

4- التفهم الكامل لما يعاني منه المراهق من قلق وعصبية وتمرد، وامتصاص غضبه؛ لأن هذه المرحلة هي مرحلة الإحساس المرهف، مما يجعل المراهق شخصاً سهل الاستثارة والغضب، ولذلك على الأهل بث الأمان والاطمئنان في نفس ابنهم، وقد يكون من المفيد القول مثلاً: "أنا أعرف أن إخوتك يسببون بعض المضايقات، وأنا نفسي أحس بالإزعاج، لكن على ما يبدو أن هناك أمراً آخر يكدرك ويغضبك، فهل ترغب بالحديث عنه؟" لأن ذلك يشجع المراهق على الحديث عما يدور في نفسه.

5-
إشاعة روح الشورى في الأسرة؛ لأن تطبيقها يجعل المراهق يدرك أن هناك رأياً ورأياً آخر معتبراً لا بد أن يحترم، ويعلمه ذلك أيضاً كيفية عرض رأيه بصورة عقلانية منطقية، ويجعله يدرك أن هناك أموراً إستراتيجية لا يمكن المساس بها، منها على سبيل المثال: الدين، والتماسك الأسري، والأخلاق والقيم.

* التعامل مع المراهق علم وفن:
ومن جهتها تقدم (الخبيرة الاجتماعية) الدكتورة مُنى يونس، الحاصلة على جائزة الدكتور شوقي الفنجري للدعوة والفقه الإسلامي عام 1995م، وصفة علاجية وتوجيهات عملية لأولياء الأمور في فنون التعامل مع أبنائهم وبناتهم المراهقين، فتقول: " إياكم أن تنتقدوهم أمام الآخرين، وأنصتوا لهم باهتمام شديد عندما يحدثوكم، ولا تقاطعوهم، ولا تسفهوا آراءهم".

وفي حديثها لموقع المسلم ، تدعو الخبيرة الاجتماعية الدكتورة منى يونس أولياء الأمور لتجنب مخاطبة أبنائهم وبناتهم المراهقين بعدد من العبارات المحبطة بل والمحطمة، مثل: ( أنا أعرف ما ينفعك، لا داعي لأن تكملي حديثك.. أستطيع توقع ما حدث، فلتنصتي إليّ الآن دون أن تقاطعيني، اسمعي كلامي ولا تناقشيني، يا للغباء.. أخطأت مرة أخرى!، يا كسولة، يا أنانية، إنك طفلة لا تعرفين مصلحتك).
وتقول الخبيرة الاجتماعية: " لقد أثبتت الدراسات أن عبارات المديح لها أثر إيجابي في تحسين مستوى التحصيل الدراسي لدى أطفال كانوا يعانون من صعوبات التعلم ونقص التركيز".
و تضرب الدكتورة منى مثالاً ببعض عبارات المديح المحببة إلى قلوب الأبناء والبنات من المراهقين، مثل: ( بارك الله فيك، ما شاء الله، رائع، يا لك من فتاة، أحسنت، لقد تحسنت كثيراً، ما فعلته هو الصواب، هذه هي الطريقة المثلى، أفكارك رائعة، إنجاز رائع، يعجبني اختيارك لملابسك، استمر، إلى الأمام، أنا فخور بك، يا سلام، عمل ممتاز، لقد أحسست برغبتك الصادقة في تحمل المسؤولية، أنت محل ثقتي، أنت ماهر في هذا العمل،... ).

احرصوا على استعمال أساليب التشجيع والثناء الجسدية، مثل ( الابتسامة، الاحتضان، مسك الأيدي، اربت على كتفه، المسح على الرأس،.... ).
وتختتم الخبيرة الاجتماعية الدكتورة مُنى يونس، حديثها بتوصية أولياء الأمور بمراعاة عدد من القواعد والتوجيهات العامة في التعامل مع الأولاد في مرحلة المراهقة، فتقول لولي الأمر:-
اهتم بإعداده لمرحلة البلوغ، وضح له أنها من أجمل أوقات حياته.
اشرح له بعض الأحكام الشرعية الخاصة بالصيام والصلاة والطهارة بشكل بسيط.
أظهر الاهتمام والتقدير لما يقوله عند تحدثه إليك.
اهتم بمظهره، واترك له حرية الاختيار.
استضف أصدقاءه وتعرف عليهم عن قرب، وأبد احتراماً شديداً لهم.
امدح أصدقاءه ذوي الصفات الحسنة مع مراعاة عدم ذم الآخرين.
شجِّعه على تكوين أصدقاء جيدين، ولا تشعره بمراقبتك أو تفرض عليه أحدًا لا يريده.
احرص على لم شمل الأسرة باصطحابهم إلى الحدائق أو الملاهي أو الأماكن الممتعة.
احرص على تناول وجبات الطعام معهم.
أظهر فخرك به أمام أعمامه وأخواله وأصدقائه؛ فهذا سيشعرهم بالخجل من أخطائهم.
• اصطحبه في تجمعات الرجال وجلساتهم الخاصة بحل مشاكل الناس، ليعيش أجواء الرجولة ومسؤولياتها؛ فتسمو نفسه، وتطمح إلى تحمل المسؤوليات التي تجعله جديرًا بالانتماء إلى ذلك العالم.
شجِّعه على ممارسة رياضة يحبها، ولا تفرض عليه نوعًا معينًا من الرياضة.
اقترح عليه عدَّة هوايات، وشجِّعه على القراءة لتساعده في تحسين سلوكه.
كافئه على أعماله الحسنة.
تجاهل تصرفاته التي لا تعجبك.
تحاور معه كأب حنون وحادثه كصديق مقرب.
احرص على أن تكون النموذج الناجح للتعامل مع أمه.
قم بزيارته بنفسك في المدرسة، وقابل معلميه وأبرِز ما يقوله المعلمون عن إيجابياته.
اختيار الوقت المناسب لبدء الحوار مع الشاب.
محاولة الوصول إلى قلب المراهق قبل عقله.
الابتعاد عن الأسئلة التي إجاباتها نعم أولا، أو الأسئلة غير الواضحة وغير المباشرة.
العيش قليلاً داخل عالمهم لنفهمهم ونستوعب مشاكلهم ومعاناتهم ورغباتهم.

ختاماً...
يجب على الأهل استثمار هذه المرحلة إيجابياً، وذلك بتوظيف وتوجيه طاقات المراهق لصالحه شخصياً، ولصالح أهله، وبلده، والمجتمع ككل. وهذا لن يتأتى دون منح المراهق الدعم العاطفي، والحرية ضمن ضوابط الدين والمجتمع، والثقة، وتنمية تفكيره الإبداعي، وتشجيعه على القراءة والإطلاع، وممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، وتدريبه على مواجهة التحديات وتحمل المسؤوليات، واستثمار وقت فراغه بما يعود عليه بالنفع.
ولعل قدوتنا في ذلك هم الصحابة _رضوان الله عليهم_، فمن يطلع على سيرهم يشعر بعظمة أخلاقهم، وهيبة مواقفهم، وحسن صنيعهم، حتى في هذه المرحلة التي تعد من أصعب المراحل التي يمر بها الإنسان أخلاقياً وعضوياً وتربوياً أيضاً.
فبحكم صحبتهم لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_ خير قائد وخير قدوة وخير مرب، واحتكامهم إلى المنهج الإسلامي القويم الذي يوجه الإنسان للصواب دوماً، ويعني بجميع الأمور التي تخصه وتوجه غرائزه توجيهاً سليماً.. تخرج منهم خير الخلق بعد الرسل _صلوات الله وسلامه عليهم_، فكان منهم من حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في أولى سنوات العمر، وكان منهم الذين نبغوا في علوم القرآن والسنة والفقه والكثير من العلوم الإنسانية الأخرى، وكان منهم الدعاة الذين فتحوا القلوب وأسروا العقول كسيدنا مصعب بن عمير الذي انتدبه رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ داعية إلى المدينة ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وكان منهم الفتيان الذين قادوا الجيوش وخاضوا المعارك وهم بين يدي سن الحلم، كسيدنا أسامة بن زيد _رضي الله عنهم جميعاً_ وما ذاك إلا لترعرعهم تحت ظل الإسلام وتخرجهم من المدرسة المحمدية الجليلة.
والحمد لله رب العالمين...
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-29-2009, 06:18 AM   #8

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

انتظرونى مع المشكله القادمه

تحياتى

اميره الورد







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-03-2009, 08:32 AM   #9

مشــرفة الشخصيات التاريخية سابقا

 

 رقم العضوية : 12404
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصريه وافتخر والى مش عاجبه ينتحر
 المشاركات : 4,383
 النقاط : اميره الورد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 68
 قوة التقييم : 1

اميره الورد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

مشكله التاقلم مع الحياه

وكان السؤال


إني أحس دائما أني معقدة، دخلت كلية التجارة بعد مقارنة بينها وبين الحقوق والآداب ومشورة أناس كثيرين، والتقيت ثلاثة أصدقاء من الثانوية العامة، لكنني أريد أن أتعرف على أصدقاء غيرهم، لكن أنا بطبعي من الصعب أن أتعرف على أحد.

كما أني أحس بتردد؛ حتى إني لا أسأل أحدًا عن شيء حتى المحاضرات، أو أي شيء داخل الجامعة، وحتى الأنشطة أود أشترك فيها، ولكن لا أعرف، بمعنى آخر لا أعرف كيف أتأقلم مع حياه الجامعة، لدرجة أني ليس لي أصدقاء فيها




وكانت الاجابه



الأخت السائلة أماني، المرحلة الجامعية تختلف عن المرحلة المدرسية كثيرا؛ ولذا كان من المتوقع أن يكون الانتقال إليها مصحوبا ببعض الاضطراب.. والجامعة ليست كما يعتقد البعض مكانا للتعليم فقط، إنما هي لها معنى أوسع وأشمل؛ فهي تُعنى بتربية الكوادر والقيادات التي من المفروض أنها ستحتل بعد قليل أماكن هامة من المجتمع.

ولذا كان من المهم أن يتخرج الطالب والطالبة في الجامعة وهو مصقول الشخصية وقادر على تحمُّل المسئولية، ومواجهة العقبات التي تعترضه بجانب كفاءته وبروزه في تخصصه العلمي.
فأنت تحتاجين أولا إلى كسر مسألة الخجل والانطواء وتوسيع دائرة التعارف مع الآخرين، وهذا الأمر يتحقق بشيء من الصبر والتدريب، وهذا مهم أيضا من أجل الحصول على المعلومات والمصادر المفيدة في الاستذكار.

ومن المهم أيضا ممارسة أنشطة وهوايات غير الدراسة يكتسب الإنسان من خلالها صفات هامة، مثل القدرة على تحمل المسئولية، ومواجهة العقبات والإحباطات، والتعامل مع الآخرين، واكتساب صداقتهم. وتحمل مسئولية النجاح والفشل عند إقامة هذه الأنشطة وتوسيع دائرة التعارف ينبغي أن يصاحبه انتقاء مجموعة من الفتيات ذوات الخلق والسلوك الحسن يكنَّ لك خير صحبة.

ينبغي أيضا أن تهتمي بالتعارف على من هن في سنين أكبر منك وتتوسمين فيهن الخير والقدوة حتى يعطينك من خبرتهن في الحياة الجامعية؛ فهذا أمر بالغ الأهمية.

الأخت الكريمة، لقد زاد من قلقك واضطرابك وجودك في هذه الفترة العمرية غير المستقرة التي تنتقلين فيها من مرحلة الاعتماد على الغير إلى مرحلة النضوج وتحمل المسئولية ومواجهة صعوبات الحياة.


وأخيرا.. أقول لك يا أختي الكريمة: ادعي الله تعالى أن يرزقك الصحبة الصالحة، واجتهدي أن تصلي إليها؛ فهي خير معين على تجاوز هذه المرحلة، والتأقلم على هذه الحياة الجديدة.



الاجابه من كتور فى علم النفس

فاشكرا له







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-03-2009, 01:58 PM   #10

 

 رقم العضوية : 36085
 تاريخ التسجيل : Dec 2009
 المشاركات : 4
 النقاط : عازفة لحن الحياة will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

عازفة لحن الحياة غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

يسلمووووووووووووووو







  رد مع اقتباس
إضافة رد

« فقد الثقة في الآخرين | اختر صوره بأمانه...ليتم تحليل شخصيتك »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
*رسول الله علمنا* للشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل.. متجدد بإذن الله موعدنا الجنة مواضيع عامة - ثقافة عامة 5 08-10-2011 08:44 PM
مسج واي تو انسا تب مكافح هكر منتدى الجوالات 2022- نوكيا - ايفون - بلاك بيرى - هواوي _سامسونج _اوبو _شاومي 0 01-17-2010 07:58 AM
قصص انجلزيه انشا الله تعجبكم اميره الورد قسم اللغات الأجنبية 6 12-02-2009 03:21 AM
دكتور للمحمول *** محمولك فيه مشكله قولها وان شاء الله فى حل *** متجدد قلم بلا حبر منتدى الجوالات 2022- نوكيا - ايفون - بلاك بيرى - هواوي _سامسونج _اوبو _شاومي 25 12-15-2008 02:09 AM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 01:54 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩