« المفيد في علم التجويد »

[د. محمد الرمادي]

بحث :" قراءة القرآن بمناسبة شهر الغفران "
**
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }
[ آية 4 من سورة المزمل: ورقمها 73 وفق مصحف المدينة المنورة ]
*****
{ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } (16) { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } (17) { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } (18) { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } (19) [الآيات 16- 19 من سورةالقيامة: ورقمها 75، وفق مصحف المدينة المنورة ]
{ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا }(آية رقم 106 من سورة الإسراء: ورقمها 17 وفق مصحف المدينة المنورة )
{ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } (آية رقم 32من سورة الفرقان: ورقمها 25، وفق مصحف المدينة المنورة)
{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (192) { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ } (193) { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ } (194) { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } ( الآيات 192-195من سورة الشعراء: ورقمها 26 وفق مصحف المدينة المنورة )
{ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } ( آية رقم 28 من سورة الزمر: ورقمها 39، وفق مصحف المدينة المنورة)
******

[د. محمد الرمادي]

« خَيرُكُم من تَعَلّم القُرآن و علّمَهُ «
رواه البخاري من حديث عثمان ؛ رضي الله عنه
« المَاهِرُ بالقُرآنِ مَعَ السَّفرةِ الكِرَامِ البَرَرَة، و الذي يَقْرَأُ القُرآنَ و يتعتعُ فيهِ؛ و هُوَ عَلَيه شَاقٌ؛ له أجْرَان.»
أخرجه البخاري (4637) ومسلم(798) من رواية أمنا السيدة عائشة أم المؤمنين؛ زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
*****

[د. محمد الرمادي]

قال ابن مسعود رضي الله عنه :" قال لنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله : يأمركم أن تقرأوا كما عُلمتم " .
وقال عبدالله بن مسعود :" لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذّ الشعر ، قفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة "
*****

[د. محمد الرمادي]

وقال الإمام الخاقاني في" رائيته " وهو أول من نظم في علم التجويد :
زن الحرف لا تخرجه عن حد وزنه * * فوزن حروف الذكر من أفضل البر
*******
قال الإمام بن الجزري في منظومه
27 وَالأَخْذُ بِالتَّجْوِيدِ حَتْمٌ لازِمُ * * مَنْ لَمْ يُجَوِّدِ الْقُرَآنَ آثِمُ
وقال الشيخ سليمان بن مراد في منظومته السلسبيل الشافي
(145) تجويدُكَ القُرْءانَ حَتمٌ واجبُ * * إِن لَّمْ تجوِّدْهُ فأنتَ مُذنِبُ
*****
قال الشيخ احمد الطويل في كتابه ( فن الترتيل وعلومه ) قال " وقراءة القرآن عبادة تتوقف على صفة تلقيها بالسند المتواتر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "
*******

[د. محمد الرمادي]

« مدخل لموضوع التجويد »
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وصلى الله وسلم على سيد الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن تبع هداه واقتفى أثره إلى يوم الدين .
أما بعد :
« التجويد » علمٌ موضوعٌ ؛ أما موضوعه فهو :" الكلمات القرآنية من حيث إعطاء الحرف حقه ومستحقه ".
ويعتبر علم التجويد من أهم العلوم التي توافرت على خدمة كتاب الله عز وجل بل هو أولاها وأشرفها .
واضع علم التجويد
أما واضعه من الناحية العملية فهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

[د. محمد الرمادي]

ومن ناحية وضع قواعده:
اختلف العلماء في أول من وضع قواعده وأصوله، فقيل: أبو الأسود الدّؤلي، وقيل الخليل بن أحمد الفراهيدي وقيل: أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبوعمر حفص بن عمر الدوري، وقيل غير ذلك .
وأول من صنف فيه هو الإمام موسى بن عبدالله بن يحيى الخاقاني البغدادي المتوفى سنة 325 هجرية، وقيل: غير هؤلاء من أئمة الإقراء، وعلماء اللغة.
وقد بدأ هذا العلم أخيا ملازما لعلم القراءات، ووجدنا مباحثه وأصوله متداخلة في ثنايا كتب اختلاف القراء ؛ وأول من جمع هذا العلم في كتاب هو الإمام العظيم أبوعبيد القاسم بن سلام في القرن الثالث الهجري فقد ألف " كتاب القراءات "، وقيل أن أول من ألف وجمع القراءات هو حفص بن عمر الدوري، واشتهر في القرن الرابع الهجري الحافظ أبوبكر بن مجاهد البغدادي وهو أول من ألف في القراءات السبعة المشهورة، وتوفي سنة 324 من الهجرة، وفي القرن الخامس اشتهر الحافظ الإمام أبوعمرو عثمان بن سعيد الداني مؤلف كتاب ( التيسير ) في القراءات السبع والذي صار عمدة القراء وله تصانيف كثيرة في هذا الفن وغيره.
واشتهر في هذا العلم أيضاً الإمام مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني وقد ألف كتبًا لا تعد ولا تحصى في القراءات وعلوم القرآن.
ويرى الشيخ الدكتور حازم سعيد حيدر أن :" أول محاولة وليدة لفصل بعض أقسام علم التجويد عن القراءات على يد الإمام أبي مزاحم موسى بن عبيدالله الخاقاني ـ رحمه الله ـ في منظومته في "حسن الأداء" المعروفة بـ "الخاقانية أو الرائية" .
ويردف فضيلته على ذلك بقوله و :" تتابع التأليف في علم التلاوة بصورة أبسط وأوسع مما حوته أبيات الخاقانية ، نحو : كتاب " التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي" لأبي الحسن علي بن جعفر السعيدي الحذاء (ت نحو : 410هـ)، وكتاب "بيان العيوب التي يجب أن يجتنبها القراء وإيضاح الأدوات التي بني عليها الإقراء" لأبي علي الحسن بن أحمد المعروف بابن البناء الحنبلي (ت :471هـ) ، وكتاب "التمهيد في التجويد" للحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار الحنبلي (ت :569هـ) .
ثم ينبه فضيلته لأمر ذي بال فيقول :" وكان لعلماء الأندلس القدح المعلى في وضع جمهرة من تصانيف علم التجويد ، نحو كتاب "الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة" لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي (ت :437هـ) ، وكتاب "التحديد في الإتقان والتجويد" للحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت :444هـ) ، وغيرهما .

[د. محمد الرمادي]

قلتُ؛ الرمادي؛ وفي القرن السادس الهجري اشتهر شيخ هذا الفن الذي تسابق العلماء إلى لاميته وانكبوا عليها انكباب الفراش على النور تلك هي الشاطبية التي أسماها " حرز الأماني و وجه التهاني " نظم فيها القراءات السبعة المتواترة في ألف ومائة وثلاثة وسبعين بيتًا (1173). ذاك هو أبوالقاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الأندلسي، توفي سنة 590 من الهجرة ، وبعده ما زالت العلماء في هذا الفن تترى في كل عصر وقرن حاملين لواء القرآن الكريم آخذين بزمام علومه قراءة وتطبيقاً ، صارفين الأعمار لخدمته تصنيفاً وتحقيقاً .
وقد قيض الله عز وجل له إمام المحققين وشيخ المقرئين محمد بن الجزري الشافعي فتتلمذ عليه خلق لا يحصون وألف كتباً كثيرة أشهرها ( النشر في القراءات العشر ) ونظم في التجويد ( المقدمة فيما على قارئه أن يعلمه ) ، فينبه الشيخ الدكتور حيدر بقوله :" أظن أن منظومة الحافظ الإمام أبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن الجزري ( ولد في دمشق سنة 751هــ، وتوفي بشيراز سنة 833 هـــ، ودفن بدار القرآن التي أنشأها هناك ) المعروفة بـ"المقدمة الجزرية" تمثل واسطة العقد في مؤلفات هذا العلم، وبخاصة إذا اتضح لنا أنه ألفها في فترة متأخرة من عمره، وتزامنت مع تصنيفه أهم كتابين وضعهما في بيان حروف القراءة، وهما : "النشر في القراءات العشر" ونظمه "طيبة النشر في القراءات العشر".
وقد ضمن هذه الأخيرة أربعة وثلاثين بيتا من أبيات "المقدمة الجزرية" على وجه التقريب .
فالمقدمة الجزرية ليست كـــ كتابه "التمهيد في علم التجويد" الذي ألفه في سن الرشد وعمره تسعة عشر عاما .

[د. محمد الرمادي]

ويترجح لديَّ [ القول لـــ د. حيدر ] أن ابن الجزري ـ رحمه الله ـ وضع مقدمته بين عامي (798ــ 800هـ)، وذلك في رحلته إلى بلاد الروم (وهي تركيا الآن) ؛ لأن ابنه أبا بكر أحمد حضر سماعا إجازة أبيه لأبي الحسن علي باشا بقراء الأخير "المقدمة" عليه عام (800هـ) كما هو مثبت بخط ابن الجزري في نهاية نسخة مكتبة [ لاله لي ] .
وأيضا فإن ابنه الآخر أبا الخير محمد لحق بأبيه إلى تركيا عام (801هـ) ، وفيه حفظ "المقدمة الجزرية"، فلو كان ابن الجزري نظمها قبل ذلك في الشام أو مصر لسبق لابنه المذكور حفظها .
وقد أرست مقدمة ابن الجزري قواعد علم التجويد، وحددت معالمه وأطره في أربع حلقات، وهي : مخارج الحروف، وصفاتها، والمسائل التجويدية، والوقف والابتداء .
لهذا لاقت احتفاء كبيرا من أهل العلم، ووصلت شروحها ـ التي علمنا من خبرها ـ قرابة خمسين شرحا بين مخطوط ومطبوع .
وأول من تناول شرحها ـ فيما أعلم [ القول مازال لــ فضيلة الدكتور حيدر ] ـ هو ابن الناظم : أبو بكر أحمد بن محمد بن الجزري (ت نحو :835هـ) في شرحه المسمى "الحواشي المفهمة لشرح المقدمة"، وهو مطبوع .
ويثني الشيخ الدكتور حازم سعيد حيدر على شيخه ومعلمه فيقول :" وقد وفق الله تعالى أستاذي وشيخي فضيلة الشيخ المقرئ عبدالرازق بن علي بن إبراهيم موسى لشرح هذه المنظومة شرحا وسيطا سماه "الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية"، أبان فيه خفاياها، وأوضح مسائلها، وفصل مجملها، ونبه على بعض قضايا طال الجدال حولها، فحسم الخلاف وأظهر الراجح لديه ببينة وبرهان .

[د. محمد الرمادي]

وقد استبطن في شرح جملة من شرح العلامة عمر بن إبراهيم السعدي أو المُسْعَدي المعروف بابن كاشوحة (ت :1017هـ) المسمى "الفوائد المسعدية" كما ذكر في مقدمته .
والناظر في معظم كتب علم التجويد المتداولة بين أيدي عامة المتعلمين اليوم يلمس فيها ظاهرة غريبة عن هذا العلم الجليل، توحي إليه بأن قواعد التلاوة ما هي إلا أسس وضعها علماء هذا الفن اجتهادا واستحسانا دون رواية وأثر؛ وذلك لأن كثيرا من المباحث اصطبغت بتلك الوجهة في عرضها وتقريرها، دون التركيز على ركنية :" التلقي و المشافهة و الإسناد " .
ولنعلم أن الله تعالى ذكره أنزل القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى جبريل عليه السلام على هذه الكيفية من التحرير والتجويد، وأن جبريل عليه السلام علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذه الكيفية وتعلمه منه الصحابة رضى الله عنهم ثم تعلمه منهم التابعون؛ حتى نقل إلينا جيلاً بعد جيل، بطريق التواتر الذي يفيد القطع واليقين .
وهذا يدل على أن هذا العلم توقيفي، فليس لأحد أن يتحول عنه قيد أنملة، ومن فعل فهو معتد أثيم .

[ڪــــبرياء الروح]

اللهم صلى على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
جزاك الله خيراا