الكشف عن حاويات مبيد محظور دوليا بـ «السويس» منذ ١٢ عاما

[الملكة كيلوباترا]

اتهم بلاغ قدمته جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك الى النائب العام كلا من وزيرى البيئة والزراعة ورئيس هيئة موانئ البحر الاحمر، ورئيس مصلحة امن الموانئ، ورجل الاعمال عبد المنعم سعودى، بالتقاعس عن التصرف بشأن ١٠ حاويات من المبيد الحشرى «لاندين ١٠» الممنوع دوليا، والمتواجدة بميناء الادبية بالسويس منذ عام ١٩٩٩.
حصلت على المستندات المرفقة مع البلاغ، وتفيد بدخول الحاويات للميناء عام ١٩٩٩، ونظرا لخطورة المبيد تم منع دخوله لمصر وتقرر التخلص منه فورا.
وتشير المستندات الى ان المسؤولية القانونية فى ذلك تقع على المستورد، وان التخلص من الحاويات مسؤولية وزارات البيئة والمالية والزراعة والنقل، بعدما اغلق المستورد شركته ولم تتمكن السلطات من الوصول اليه، إلا انه حتى الآن لم يتم التخلص من الحاويات التى اكدت مصادر متخصصة خطورتها الشديدة وكونها مادة «مشعة» تتسبب فى الإصابة باامراض الكلى والكبد والسرطان.
ويفيد تقرير المعاينة، الصادر عن جهاز شؤون البيئة بالسويس، باان شركة المشرق للتجارة الخارجية، المملوكة لرجل الاعمال عبد المنعم سعودى، استوردت شحنة مبيد حشرى «لاندين» فى يناير ١٩٩٩، تم تخزينها بميناء الأدبية بالسويس نظرا لخطورتها.
واوضحت المستندات انه نظرا لانبعاث رائحة شديدة من الحاويات تعذر على لجنة الجرد حصر عدد محتوياتها، وتم إخطار هيئة المبيعات الحكومية، التى عرضت الحاويات للبيع برسم إعادة تصدير فى مزاد خلال شهر ديسمبر من نفس العام، إلا ان الشحنة لم يتم بيعها، كما اشار التقرير الى صدور حكم ببراءة رجل الاعمال من الدعوى المقامة ضده برقم ٢٣٨ لعام ٢٠٠١ جنايات بشأن استيراد هذا المبيد.
وظل الحال كما هو حتى تقدم سعد خليفة، عضو مجلس الشعب عام ٢٠٠٦، بطلب إحاطة عن الموضوع، مما دفع رئيس مصلحة الجمارك لإرسال خطابات استعجال لجهاز شؤون البيئة للرد على كيفية التخلص من الحاويات باعتبارها «نفايات خطرة»، وردا عليه اصدرت وزارة البيئة خطابا عام ٢٠٠٧ تؤكد فيه مسؤولية الشركة المستوردة عن إعادة تصدير الشحنة للخارج على نفقتها الخاصة.
وفى مارس ٢٠٠٧ صدر كتاب عن وزارة الزراعة تؤكد فيه ان المواد التى يحتوى عليها المبيد تقع ضمن قائمة الملوثات العضوية الثابتة والمحظور استيرادها او تداولها طبقا للاتفاقيات الدولية، وليس للوزارة شأن فى هذا الموضوع، إلا ان وزارة البيئة ردت على الخطاب عام ٢٠٠٨، واكدت ان وزارة الزراعة هى جهة الاختصاص المسؤولة عن هذا الموضوع طبقا للمادة ٢٥ من قانون البيئة، وان الشركة المستوردة - التى حصل صاحبها على حكم بالبراءة - مخالفة للمادة ٣٢ من قانون البيئة رقم ٤ لسنة ١٩٩٤ ومخالفة للمادة ٨٨ من نفس القانون.
وبناء على توصيات وزارة البيئة تحرك مدير المناطق الحرة بالسويس بعد عامين للاستعلام عن الشركة المستوردة، التى اقرت البيئة مسؤوليتها عن إعادة تصدير الحاويات، ووفقا للتقرير تبين انها قامت بتصفية اعمالها عام ٢٠٠٥ ولا يوجد لها اى اثر فى مصر. وانتهى التقرير بتوصية من إدارة شؤون البيئة فى السويس بسرعة التخلص من المبيدات بسرعة، عن طريق لجنة وزارات المالية والبيئة والزراعة والنقل، نظرا لتناول صحف المعارضة وبعض وسائل الإعلام الموضوع، لذلك تقدم محافظ السويس بطلب للدكتور احمد نظيف، رئيس الوزراء آنذاك، للموافقة على تشكيل اللجنة.
وبعد تداول الخطابات بين الوزارات المذكورة لمدة ١١ عاما تنفى كل وزارة مسؤوليتها عن الموضوع، لذلك قرر محمد سيف الدين جلال، محافظ السويس وقتها، التخلص من الحاويات فى مدفن المخلفات الخطرة بمنطقة الناصرية بالإسكندرية، وهو ما وافق عليه الدكتور احمد نظيف، إلا ان خبراء البيئة رفضوا القرار، مؤكدين خطورة تسرب المادة المسرطنة الى المياه الجوفية بالمنطقة.
وقال امير الكومى، رئيس مجلس إدارة جمعية المراقبة والجودة مقدمة البلاغ، ان الجمعية سعت لمقابلة المسؤولين قبل التقدم بالبلاغ، إلا انهم ابدوا نفس الموقف المثبت فى المستندات وهو التنصل من المسؤولية وإلقاؤها على الجهات الاخرى، واضاف: «الدكتورة مواهب ابو العزم، رئيس جهاز شؤون البيئة، اكدت لى صعوبة قيام الوزارة بإعادة التصدير نظرا لتكلفتها العالية، التى ستتطلب إصدار امر مباشر للحصول عليه، وهو ما اصبح امرا خطيرا خاصة بعد الثورة».
وعلق «الكومى» على رد جهاز البيئة عليه قائلا: «لا اتصور ان تبخل وزارة على صحة المواطنين بمليون وربع مليون جنيه»، لافتا الى ان تقاعس المسؤولين يدل على ان المواطن فى مصر ليس له ثمن عند الحكومة. ومن جانبها، اكدت الدكتورة مواهب ابو العزم ان وزير البيئة ليس عليه مسؤولية حتى يدرج اسمه فى بلاغ النائب العام المذكور سلفا، وقالت: «المسؤولية تقع على وزارة الزراعة، كما ان القانون يلزم الشركة المستوردة بإعادة تصدير الشحنة».
واكد الدكتور جمال الدين ابوالمكارم، رئيس قسم المبيدات بجامعة الازهر، خطورة المادة التى يتكون منها المبيد حال حدوث اى تسرب إشعاعى من الحاويات، مشيرا الى ان الوزارة منعت من قبل دخول ياميش رمضان المستورد من تركيا بسبب حدوث تسرب إشعاعى فى الاتحاد السوفيتى، وبالتالى لابد ان تتصرف مصر مع هذه المادة التى لا يتوقف ضررها على استخدامها فقط وإنما على تواجدها فى الميناء.
وحذر «ابو المكارم» مما تقوم به الدول المتقدمة من دفن المخلفات الخطرة فى اراضى الدول النامية بسبب ارتفاع تكلفة الدفن، وهو الامر الذى ربما لا يشعر بخطورته سكان هذه الدول. وطالب بسرعة التحرك للتخلص من هذه الحاويات حفاظا على صحة المواطنين.