هل يجوز وضع علامة على القبر لمعرفة صاحبه

[أبو المعالي]

.هل يجوز وضع علامة على القبر لمعرفة صاحبه
للشيخ محمد بن صالح المنجد

****

العادة عندنا أن القبر يوضع فيه حجر أو الإسمنت أو وتد من قصب في جهة رأس الميت وفي رجله وأحيانا في رأسه فقط , فما حكم الإسلام في ذلك ؟.

الحمد لله

حرَّم الشرع البناء على القبور ، وأمر بهدم ما بني عليها ، وأجاز وضع علامة على قبر الميت يتعرف من خلالها أهله وأصحابه عليه ، ولا ينبغي أن تكون هذه العلامة بناءً أو شيئاً آخر منع منه الشارع .

1. أما تحريم البناء على القبور فدليله :

عن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجَصَّصَ القبر وأن يُقعد عليه وأن يُبنى عليه .

رواه مسلم ( 970 ) .

التجصيص : الطلاء بالجص وهو الكِلس .

قال الشوكاني :

قوله " وأن يُبنى عليه " : فيه دليل على تحريم البناء على القبر .

وفصَّل الشافعي وأصحابه فقالوا : إن كان البناء في ملك الباني فمكروه ، وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام . ولا دليل على هذا التفصيل .

وقد قال الشافعي : رأيتُ الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى .

ويدل على الهدم حديث علي المتقدم .

" نيل الأوطار " ( 4 / 132 ) ، وقول الشافعي في " الأم " ( 1 / 277 ) .

وحديث علي رضي الله عنه المشار إليه : هو الآتي في الفقرة التالية .

وأما الأمر بهدم ما بني على القبور ، فقد ثبت ذلك في السنة .

عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن لا تدع تمثالا إلا طمستَه ولا قبراً مشرفاً إلا سوَّيتَه .

رواه مسلم ( 969 ) .

قال الشوكاني :

قوله " ولا قبراً مشرفاً إلا سويتَه " فيه : أن السنة أن القبر لا يُرفع رفعاً كثيراً مِن غير فرقٍ بين مَن كان فاضلا ومَن كان غير فاضل .

والظاهر : أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم ، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك .

والقول بأنه غير محظور لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير كما قال الإمام يحيى والمهدي في " الغيث " لا يصح لأن غاية ما فيه أنهم سكتوا عن ذلك والسكوت لا يكون دليلا إذا كان في الأمور الظنية وتحريم رفع القبور ظني .

ومِن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولاً أوليّاً : القُبب والمشاهد المعمورة على القبور وأيضا هو من اتخاذ القبور مساجد وقد لعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاعل ذلك .

" نيل الأوطار " ( 4 / 130 ) .

وأما جواز تعليم القبر بشيء مباح ، فقد جاء في السنة ما يبين ذلك .

عن كثير بن زيد المدني عن المطلب قال : لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدُفن ؛ أَمَر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بحجَرٍ فلم يستطع حملَه ، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه – قال كثير : قال المطلب : قال الذي يخبرني ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : - كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما ثم حملها فوضعها عند رأسه ، وقال : أَتَعَلَّمُ بها قبر أخي ، وأدفن إليه من مات من أهلي .

رواه أبو داود ( 3206 ) .

والحديث : حسَّن إسنادَه الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 2 / 133 ) .

قال ابن قدامة :

ولا بأس بتعليم القبر بحجر أو خشبة ، قال أحمد : لا بأس أن يعلِّم الرجل القبرَ علامةً يعرفه بها ، وقد علَّم النبي صلى الله عليه وسلم قبرَ عثمان بن مظعون .

" المغني " ( 2 / 191 ) .

والله أعلم .

المصدر :

الإسلام سؤال وجواب

[أبو المعالي]

تعليم القبور بين التحريم والحاجة | |


قبر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي

المجلس – عن مجلة باريس نجد :
تحقيق – عيسى الواصل :

د.أحمد القاضي : هذه القضايا ينبغي أن تصدر فيها فتوى من جهة مخولة !!

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن وضع العلامات في القبور, حيث يطالب ذوو المتوفين بالسماح لهم بوضع أي علامة أو كتابة الاسم وتاريخ الوفاة أو حتى رموز بسيطة كالحروف الأولى من الاسم الثلاثي.
فيما يرفض الكثيرون من طلبة العلم والمجتهدين أي شيءٍ من ذلك ويعملون على إزالته ولو لم يكن فيه تمييز للقبر أو تعزيز لصاحبه.
"باريس نجد" حاولت البحث عما يحقق رغبة ذوي المتوفين دون الوقوع في المحذور اجتماعيًا والمحظور شرعيًا.

من بين تلك العلامات التي توضع على القبر ما بالغ البعض فيه كوضع قطع من الحجارة الملونة، وطلاء نصب القبر بالدهان من أي لون، أو وضع نصب من الحجارة مرتفعة؛ ليتميز بها القبر عن غيره من القبور.
وآخرون يقومون بوضع علامات على القبر منالقطع الأسمنتيه، والبلاط، والرخام، والسيراميك، والأزفلت، والألمنيوم، والطوب،والبُلَكّ، ونحوه، والبعض يقوم بلف قطع من الخرق والحبال والحديد، ونحوها على نصائبالقبر.
وأيضاً منها غرز قطع من الحديد، أو الخشب، أو الألمنيوم، ونحوها، بجوار نصائبالقبر، وأحيانًا تكون مرتفعة واضحة الارتفاع، بالإضافة إلى وضع العلب الفارغة من الحديد أولبلاستيك، وتعبئة بعضها بالأسمنت أو الجبس، وطلاء بعضها بالبوية، ووضعها علامةللقبر.
ما يعتبر النحت أو كتابة حرف واحد من اسم المتوفَّى، أو حرف من اسم قبيلته أووسمها، أو وسم خاص به كعلامة أيضًا للقبر.
تعدد العلامات، ووضع أربع أو أكثرأو أقل من العلامات على القبر.
معظم هذه الظواهر غير موجودة في مقابر عنيزة ـ ولله الحمد ـ ولكن ما يطالب فيه الكثيرون من أبناء المحافظة هو السماح لهم بوضع علامات غير بارزة لا من حيث اللون ولا الحجم..

رؤية المذاهب
هذا وقد قمنا ببحث حول حكم وضع العلامات على القبور وتوجّه المذاهب حيث جاء في مذهب الحنفية، فقال ابن عابدين في حاشيته " لأن النهي عنها ـ يقصد الكتابة على القبر - وإن صح فقد وجد الإجماع العملي بها ، فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق ثم قال: هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف ويتقوى بما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل حجرا فوضعه عند رأس عثمان بن مضعون وقال : أتعلم بها قبر أخي ، وأدفن إليه من مات من أهلي " ( أبو داود 3206 ).
فإن الكتابة طريق إلى تعرف القبر بها ، نعم يظهر أن محل هذا الإجماع العملي على الرخصة فيها ما إذا كانت الحاجة داعية إليه في الجملة ، حتى يكره كتابة شئ عليه من القرآن أو الشعر أو إطراء مدح ونحو ذلك".

المالكية : جاز للتمييز كما يجوز وضع خشبة أو حجر بلا نقش
الشافعية: يستحب وضع ما يعرف به القبور أنه لو احتاج إلى كتابة اسم الميت

رأي المالكية
قال خليل :{وجاز للتمييز} قال شراحه : " أي البناء أو التحويز كما يجوز وضع خشبة أو حجر عليه بلا نقش وإلا كره إلا أن يكون النقش بقرآن فتظهر الحرمة خوف الامتهان ".
قال الحطاب :" وقال ابن رشد : " كره مالك البناء على القبر وأن يجعل البلاطة المكتوبة ، لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الطول من إرادة الفخر والمباهاة والسمعة ، وذلك ممّا لا اختلاف في كراهته وقال ابن العربي في " العارضة " : وأما الكتابة عليها فأمر قد عمَّ الأرض ، وإن كان النهي قد ورد عنه ، ولكنه لمّا لم يكن من طريق صحيح تسامح الناس فيه ، وليس له فائدة إلا التعليم للقبر لئلا يدثر ".

رأي الشافعية
قال النووي في المنهاج " ويكره تجصيص القبر والبناء والكتابة عليه " وكذا قاله في الروضة وعلق الرملي في النهاية فقال : " سواء كان اسم صاحبه أم لا في لوح عند رأسه أم في غيره كما في المجموع نعم يؤخذ من قولهم إنه يستحب وضع ما يعرف به القبور أنه لو احتاج إلى كتابة اسم الميت لمعرفته للزيارة كان مستحبا بقدر الحاجة ".

رأي الحنابلة
قال ابن قدامة في المغني : " ويكره البناء على القبر وتجصيصه والكتابة عليه " . وقال المرداوي في " الإنصاف ": " أما تجصيصه فمكروه بلا خلاف نعلمه وكذا الكتابة عليه وكذا تزويقه وتخليقه ونحوه وهو بدعة "و نقل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن الشيخ ابن سعدي أنه قال: " المراد بالكتابة ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من عبارات المدح والثناء لأن هذه هي التي يكون بها المحظور أما التي بقدر الإعلام فلا تكره " .

رئاسة الإفتاء : تعليم القبور لا تجوز قطعاً !
رأي رئاسة الإفتاء
وتفضل فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن عبد الرحمن القاضي بإفادتنا حول حكم وضع العلامات على القبور قائلاً: لا يخفى عليكم أن مثل هذه القضايا ذات الصفة العامة, ينبغي أن يصدر الناس فيها عن جهة مخولة, دفعًا للاختلاف والتنازع في أمور إجرائية مستندًا على الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد دراسة اللجنة للموضوع واستقراء أحوال ما يوضع على القبور من علامات توسع الناس فيها واستحدثوها قررت ما يلي:

أولاً : أن التعليم بالكتابة سواء كانت بكتابة الاسم أو كتابة رقم أو وضع اسم قبيلة ونحوه لا يجوز لعموم ما رواه جابر رضي الله عنه, أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – نهى أن يجصص القبر أو يقعد عليه, وأن يبنى عليه, وأن يكتب عليه, رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم, وأصله في صحيح مسلم.

ثانيًا: أن التعليم بالكتابة مع رسم صورة الميت لا يجوز, وأما الصورة فللأحاديث النهي الشديد عن التصور, ويزداد النهي عنها في هذا الموضوع لأنها على قبر, فهي وسيلة مباشرة للشرك والوثنية.

ثالثًا: التعليم بلياسة كجص وطين ونحوها لا يجوز، لثبوت النهي عن تجصيص القبر في حديث جابر المذكور, والطين ونحوه بمعناه.

رابعًا: التعليم بالبوية الخضراء هي بمعنى الجص, سواء كانت خضراء أو أي لون آخر, فلا يجوز التعليم بها.

خامسًا: التعليم برخام يصنع لهذا الغرض هذا من مظاهر الغلو, ولم يكن عليه من مضى من صالح السلف هذه الأمة, فيمنع اتخاذه لذلك.

سادسًا: التعليم بخرقة تعقد على نصيبتي القبر, وقد شاع عقد الخرق على القبور للتبرك وكل هذا محدث لا يجوز.
كما توجهنا بالسؤال ذاته للعديد من طلبة العلم الذين فضلوا عدم الخوض في هذا الموضوع, بل إن بعضهم عارض نشره.
وقد توجهنا لبلدية محافظة عنيزة لمعرفة دورها في هذا وهي المشرفة على مقابر عنيزة, وتحدث الجبري قائلاً: إن دور البلدية يتمثل فقط في إزالة العلامات الملونة للقبور أما عدا ذلك فلا نعمل على إزالته وبالتحديد حين تكون الكتابة على شكل حفر على نصب القبر واستشهد على ما فعله هو في قبر المرحوم عبد العزيز بن عبد الرحمن الوهيب يرحمه الله حيث قام بالحفر عليه باسم(أبوتركي) بالإضافة إلى تاريخ وفاته!!





ولعل ملخص هذا البحث يتمثل في أن الكتابة على نصب القبر بدون تمييزه بلون كالحفر عليه مثل ما هو موجود في مقبرة (الشهوانية) على قبر الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي وما قبله من القبور جائز, وإلا لكان الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى قد أنكر ذلك أيضًا.
ولكن إنكار البعض لذلك هو من باب سد الذرائع والخشية من التوسع في هذا, والوصول إلى حد تميز القبور وتعظيم صاحبه وإبراز القبيلة وما إلى ذلك.
هذا ما يظهر من نتائج بحثنا, دون أن يكون لنا رأي فيه, في الوقت الذي نتمنى أن يكون في هذا الموضوع فاتحة للوصول إلى حلٍ يحقق المراد دون المساس بثوابت الشريعة.




منقوووول

[أبو المعالي]

رقم الفتوى (7547)
موضوع الفتوى حكم تعليم القبور بعلامات خاصة


السؤال س: دخلت المقبرة في يوم من الأيام فوجدت أكثر القبور عليها علامات كقارورة أو ماسورة أو حديدة يقوم بركزها على جانب القبر وبعضهم يضع بخاخ يقوم بصبغ جزء صغير من القبر، وبعضهم يضع خرقة على حصاة أو نحوه وذلك لكي لا يضيّع القبر عندما يأتي لزيارته، فهل يجوز ذلك؟ وما رأيكم في الطريقة الصحيحة لوضع العلامة على القبر ؟


الاجابـــة

لا بأس بتعليم القبر بعلامة خاصة؛ ليُعرف عند الزيارة والسلام أو ليُدفن بجواره من مات من أقاربه وسواء كانت العلامة حجرًا أو لبنة أو قارورة أو خرقة أو صبغًا ملونًا أو نحو ذلك، فقد روى أبو داود بإسناد حسن أن ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما دفن عثمان بن مظعون وضع حجرًا إلى جانب قبره، وقال: أعرف بهذا قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي فدل ذلك على جواز تعليم القبر مُطلقًا وإنما ورد النهي عن إدخال الحديد وما مسّته النار داخل القبر، وكذا الخشب ونحوها، وذلك لا يعم ما جُعل على ظاهر القبر من اللبن والبلاط والقوارير الزجاجية أو نحوها، والله أعلم.


عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين