الخطوط العريضة لخطبة جمعة

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة لخطبة جمعة 24 صفر 1435هـ ~ 27 ديسمبر 2013م

موضوع الخطبة :
" شُرُوعٌ فِي خَبَرِعِيسَى بَعْدَ قِصَّةِ و واقعة أُمِّهِ وَقِصَّةِ و واقعة زَكَرِيَّا و واقعة يحيى عَلَيْهِمُ جميعاً صلاة الله وسَّلَامُه ورحماته وبركاته"



الحمد لله رب العالمين ؛
يا رب ؛ اللهم أنصر الإسلام ؛
وأعز المسلمين ،
وأعلي بـ فضلك كلمتيّ الحقِ والدين
يا رب أصلح أحوال المسلمين ؛
جمع شمل الموحدين ؛
واحقن دمائنا
احفظ أعراضنا
وبارك اللهمَّ لنا في ارزاقنا
وبارك اللهمَّ لنا في أموالنا
وأهلنا وحفظ أولادنا
اللهمَّ أصلحْ لنا ديننا الذي هو
عصمةُ أمرنا ،
و أصلح لنا دنيانا التي فيها معيشتنا ،
و أصلحْ لنا آخرتنا التي إليها منقلبنا .

**

وأشهد أن الذي قال

﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾
القائل هو الله الواحد الأحد ؛
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اتَّقُوا الْمُوبِقَاتِ الْمُهْلِكَاتِ يَعْنِي الْكَبَائِرَ " .
فَالَّذِي حَصَلَ فِي الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذِكْرِ الْكَبَائِرِ
[١٦] سِتَّةَ عَشَرَ ذَنْبًا :
[ ١. ] الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ،
وَ [ ٢. ] قَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ،
وَ [ ٣. ] عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ ،
وَ [ ٤. ] قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ ،
وَ [٥ . ] شَهَادَةُ الزُّورِ ،
وَ [ ٦. ] السِّحْرُ ،
وَ [ ٧. ] الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ ،
وَ [ ٨. ] الزِّنَى ،
وَ [ ٩. ] أَكْلُ الرِّبَا ،
وَ [ ١٠ . ] شُرْبُ الْخَمْرِ ،
وَ [ ١١ .] السَّرِقَةُ ،
وَ [ ١٢ . ] الْيَمِينُ الْغَمُوسُ ،
وَ [ ١٣. ] أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا ،
وَ [ ١٤. ] الْإِلْحَادُ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ ،
وَ [ ١٥. ] مَنْعُ ابْنِ السَّبِيلِ ،
وَ [ ١٦. ] الْجَوْرُ فِي الْحُكْمِ عَمْدًا ،
وَمَنْ جَعَلَ [ ١٧. ] الِاسْتِسْبَابَ لِلْأَبَوَيْنِ مِنْ بَابِ الْعُقُوقِ كَانَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ عَصَمَنَا اللَّهُ مِنْ جَمِيعِهَا بِرَحْمَتِهِ .
والذي قال :

﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ :
﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ؛ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾
﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِين﴾ [آيَةُ6؛سُورَةُ: الصف]
هو الله الواحد الأحد .

موضوع الخطبة :
" شُرُوعٌ فِي خَبَرِعِيسَى بَعْدَ قِصَّةِ و واقعة أُمِّهِ وَقِصَّةِ و واقعة زَكَرِيَّا و واقعة يحيى عَلَيْهِمُ جميعاً صلاة الله وسَّلَامُه ورحماته وبركاته"

ونشهد بأن الذي قَالَ : لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ؛ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ ؛ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ." . [أَخْرَجَه الْبُخَارِيُّ ، عَنْ عُمَرَ]
القائلُ هو النبي المصطفى والرسول المجتبى صلوات الله وسلامه عليه وآله .

وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا .
وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَصَابَتْهُ مِنْ هَيْبَتِهِ رِعْدَةٌ فَقَالَ لَهُ : هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ.

**

منذ جُمع ضيفنا أنفسنا في بيت امرأة عمران أم العذراء البتول ؛ وجدة عيسى عليه السلام ؛
ثم ضيفنا أنفسنا في بيت زكريا أبي يحيى السيد الحصور ؛
فـ إلى أين اليوم ومع مَن !!

أما إلى أين !.

فنحن سنمر على الناصرة :" عروس الجليل " في فلسطين :" تعتبر مدينة الناصرة أحد أكثر المدن قداسًة في الديانة المسيحية ، فبحسب الانجيل ، فإن الملاك جبرائيل بشّر مريم العذراء بولادة يسوع المسيح ؛ فمدينة الناصرة هي المدينة التي نشأ فيها يسوع ، وفقًا للعهد الجديد فقد عاش كل من مريم العذراء، أم يسوع والقديس يوسف في الناصرة، وقد عاش يسوع المسيح أيضا غالبية سنين حياته فنُسِبَ إليها ودعي بيـ يسوع الناصري " فـنمر على بيت لحم :" تقع في الضفة الغربية التابعة للسلطة الفلسطينية على بعد 10 كم إلى الجنوب من القدس . يبلغ عدد سكانها 30.000 نسمة بدون سكان مخيمات اللاجئين.
للمدينة أهمية عظيمة لدى المسيحيين لكونها مسقط رأس يسوع المسيح (عيسى ) .
في بيت لحم العديد من الكنائس، ولعل أهمها كنيسة المهد ، التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر (330 م). وذلك فوق كهف أو مغارة، والتي يعتقد أنها الإسطبل الذي ولد فيه المسيح.
يعتقد أن هذه الكنيسة هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم. كما أن هناك سرداب آخر قريب يعتقد أن جيروم قد قضى ثلاثين عاما من حياته فيه يترجم الكتاب المقدس " ثم نذهب جنوباً إلى العقيق إذ :" تلتقي العقيق حدودياً مع محافظة بيشة التابعة لمنطقة عسير ومع منطقة مكة المكرمة " بالمملكة العربية السعودية .

وها نحن نضيف أنفسنا على مائدة عيسى :
﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِين ﴾ [الْآيَةَ: 114 ؛سُورَةُ: المائدة : 5]



وقبل أن نضيف أنفسنا على مائدة كلمة الله وروحه ورسوله ونبيه نضيّف أنفسنا على مائدة مَن ليس بـ نبي مرسل ؛ ولا رسول ملهم ؛ ولا بملك مقرب .
اسمه سَعْدٌ ؛
سعدٌ في الدنيا وسعدٌ في الآخرة !

أتعلمون مَن هو سعد ؛
عن أي سعد ؛
ولنقارن بيننا وبينه ؛
فـ أي رجالٍ نحن ؛
أين رجال الأمة الإسلامية ؛
أين رجال الوسط السياسي ؛
أين رجال الدولة ؛
[ ١. ] المشهد الأول مع سعد عند الضيافة
تتكلم عائشة
قالت عائشة .. عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ : أَنَا ابْنَةُ الْمُهَاجِرِ الَّذِي فَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ أُحُدٍ بِالْأَبَوَيْنِ .
قَالَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ : مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي .

وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ لَيَقُولُ لِي : " يَا سَعْدُ ، ارْمِ ـ يَوْمَ أُحُدٍ ـ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي " . وَإِنِّي لَأَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ رَمَى الْمُشْرِكِينَ بِسَهْمٍ .

بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فِيهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى جَانِبٍ مِنَ الْحِجَازِ يُدْعَى رَابِغَ ، وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْجُحْفَةِ.

فَـ انْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَحَمَاهُمْ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ بِسِهَامِهِ ، فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ قِتَالٍ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ سَعْدٌ :

أَلَا هَلْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي
حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي

فَمَا يَعْتَدُّ رَامٍ فِي عَدُوٍّ

بِسَهْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَبْلِي

وَرَوَى الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ: أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَعْدٌ ، وَإِنَّهُ مِنْ أَخْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ .
أهل لنا من دليل !؟


أتعلمون عن مَن نتحدث !؟
نحن نضيف أنفسنا عند خال خاتم الأنبياء وآخر المرسلين

عَنْ جَابِرٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " هَذَا خَالِيَ ، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ " ..

قُلْتُ؛ الذهبي؛ صاحب سير أعلام النبلاء : لِأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُهْرِيَّةً ، وَهِيَ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، ابْنَةُ عَمِّ أَبِي وَقَّاصٍ .

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ :

وَاسْمُ أَبِي وَقَّاصٍ : مَالِكُ بْنُ أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ ؛ الْأَمِيرُ أَبُو إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ الْمَكِّيُّ .

[ ٢. ] المشهد الثاني مع سعد
وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِعَ سَبْعَةٍ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقَ السَّمُرِ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ ، لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي .

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ؛ أجتمعت فيه خصال خمس :
[ ١. ] أَحَدُ الْعَشَرَةِ ،
[ ٢. ] وَأَحَدُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ ،
[ ٣. ] وَأَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا
[ ٤. ] وَ وَأَحَدُ مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ ،
[ ٥. ] وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّورَى .

العشرةُ المبشرون بالجنة :" أولهم يبدء اسمه بحرف الألف :
[١] "أبو بكر الصديق : وثانيهم بحرف الألف ؛
[٢]" أبو عبيدة بن الجراح ؛
وأربعة تبدءُ اسماهم بحرف العين :
[٣]" عمر بن الخطاب " ؛
[٤] " عثمان بن عفان " ؛
[ ٥] " علي بن أبي طالب " ؛
[ ٦] " عبد الرحمن بن عوف " ؛
وأحدهم بحرف الطاء :
[ ٧] " طلحة بن عبيد الله " ؛
وأحدهم بحرف الزاي :
[٨] "الزبير بن العوام " ؛
وإثنان بحرف السين ؛
[٩ ] " سعيد بن زيد " ؛
[١٠] " سعد بن أبي وقاص " .

وإني لأتساءل معكم : ما هو وجه المقارنة بين عيسى ابن مريم ؛ ابن الصديقة ؛ ابن العذراء البتول ، وبين سعد بن أبي وقاص ؛ خال النبي المهتدى والرسول المجتبى .

[ ٣. ] المشهد الثالث : قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: أَسْلَمَ سَعْدٌ ابْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً .
يقول عن نفسه فـ عن سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ :" قَالَ سعد: مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ ". [حلية الأولياء]

وإني لمن فوق منبر الإتحاد ؛ أقول :" على الأباء والأمهات أن ينظروا إلى حال سعد في السابعة عشرة من عمره حين أسلم ؛ وبين حال أولاد المسلمين الذين تربوا في بيت مسلمٍ اليوم ".

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ تربى في جاهلية جهلاء ؛ وفي ليلة بدون الأنبياء ظلماء ؛ فلا ارض إسلام تحملهم ولا يظلهم وحي ينزل من السماء .

[ ٤. ] المشهد الرابع : وصفه :
وَكَانَ قَصِيرًا ، دَحْدَاحًا ، شَثْنَ الْأَصَابِعِ ، غَلِيظًا ، ذَا هَامَةٍ .
[5. ] المشهد الخامس :
تُوُفِّيَ بِالْعَقِيقِ فِي قَصْرِهِ ، عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ . وَحُمِلَ إِلَيْهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ . " .

ماذا روى سعد
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :" خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي " وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ .
أتعلمون لماذا تحدثنا طويلا عن سعد بن مالك
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ شَكَا أهلُ الكوفة سعْدًا إِلَى عُمَرَ ،
فَبَعَثَ عُمَرُ رِجَالًا يَسْأَلُونَ عَنْهُ بِالْكُوفَةِ ،
فَـ كَانُوا لَا يَأْتُونَ مَسْجِدًا مِنْ مَسَاجِدِ الْكُوفَةِ ، إِلَّا قَالُوا خَيْرًا ،
حَتَّى أَتَوْا مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَعْدَةَ:
[١. ] إِنَّهُ لَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ .
فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَّا أَنَا ، فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ لَا أَخْرِمُ مِنْهَا ، أَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ .
فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ .
ثم قال أَبُو سَعْدَةَ: أَمَا إِذْ نَشَدْتُمُونَا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ
[١. ]" لَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ ،
وفي رواية :"
إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُكَ لَا تَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ ". [الذهبي ؛ سيرأعلام النبلاء]
[٢. ] " وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ ،
[٣. ]" وَلَا يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ ، وفي رواية :" وَلَا تَغْزُو فِي السَّرِيَّةِ ". [الذهبي ؛ سير ] .

فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا ، فَـ
[ ١. ] أَعْمِ بَصَرَهُ ، وَ
[ ٢. ] عَجِّلْ فَقْرَهُ ؛ وَ
[ ٣. ] أَطِلْ عُمُرَهُ ، وَ
[ ٤. ] عَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ .
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ يَتَعَرَّضُ لِلْإِمَاءِ فِي السِّكَكِ .
فَإِذَا سُئِلَ كَيْفَ أَنْتَ ؟ ؛
يَقُولُ : كَبِيرٌ مَفْتُونٌ ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛
وفي رواية آخرى :" قَالَ : فَمَا مَاتَ حَتَّى عَمِيَ ، فَكَانَ يَلْتَمِسُ الْجُدُرَاتِ ، وَافْتَقَرَ حَتَّى سَأَلَ ، وَأَدْرَكَ فِتْنَةَ الْمُخْتَارِ فَقُتِلَ فِيهَا ." [الذهبي؛ سير].

المقارنة بين عيسى ابن مريم وسعد بن أبي وقاص : الإدعاء الكاذب !

اتقوا دعوة المظلوم
كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ يَعْنِي لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ :" إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ " الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ :" وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ " ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ .
وَلِلطَّبَرَانِيِّ وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ عَنِ ابْنِ ثَابِتٍ رَفَعَهُ :" اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ يَقُولُ اللَّهُ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْصُرُنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ " ،
وَلِلْحَاكِمِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا : " اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهَا تَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ كَأَنَّهَا شَرَارَةٌ " ،
وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا :" اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهُ حِجَابٌ "
وَعِنْدَ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا :" دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا ، فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ" .


أعلموا مع من نحن اليوم ؛ لسنا مع نبي مرسل ولا مع رسول ملهم


نحن مع سعد بن مالك ؛ سعد بن ابي وقاص ؛ خال النبي محمد .
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ عَلَيْهَا قَمِيصٌ جَدِيدٌ ،
فَـ كَشَفَتْهَا الرِّيحُ ، فَشَدَّ عُمَرُ عَلَيْهَا بِالدِّرَّةِ ، وَجَاءَ سَعْدٌ لِيَمْنَعَهُ ، فَتَنَاوَلَهُ بِالدِّرَّةِ ، فَذَهَبَ سَعْدٌ يَدْعُو عَلَى عُمَرَ ،

فَنَاوَلَهُ الدِّرَّةَ وَقَالَ : اقْتَصَّ .
فَعَفَا عَنْ عُمَرَ .

عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ جَاءَهُ ابْنُهُ عَامِرٌ فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، أَفِي الْفِتْنَةِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَكُونَ رَأْسًا ؟ لَا وَاللَّهِ ، حَتَّى أُعْطَى سَيْفًا ، إِنْ ضَرَبْتُ بِهِ مُسْلِمًا ، نَبَا عَنْهُ ، وَإِنْ ضَرَبْتُ كَافِرًا قَتَلَهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ التَّقِيَّ " .

نعود إلى صاحب المائدة نحن نتحدث عنْ أَمْرِ عِيسَى ؛ وكأن الخالق الرازق يقول لـ نبيه ومصطفاه محمد :" فَقَصَصْتُهُ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهِ ، وَأَنَّهُ :
[١.] عَبْدِي ؛
[٢.] وَرَسُولِي ؛
وَ [٣.] كَلِمَتِي أَلْقَيْتُهَا إِلَى مَرْيَمَ ؛
وَ [٤.] رُوحٌ مِنِّي .

و قَوْله تَعَالَى ﴿ هُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ ﴿ هُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ﴾ أَمْرٌ بِتَكَلُّفِ الْكَسْبِ فِي الرِّزْقِ ، وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا مِنْ غَيْرِ تَكَسُّبٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ﴾
﴿ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ﴾
﴿ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾
﴿ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ .
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : كَانَ قَلْبُهَا فَارِغًا لِلَّهِ ،
فَـ فَرَّغَ اللَّهُ جَارِحَتَهَا عَنْ النَّصَبِ ،
فَـ لَمَّا وَلَدَتْ عِيسَى ، وَتَعَلَّقَ قَلْبُهَا بِحُبِّهِ ، وَكَّلَهَا اللَّهُ إلَى كَسْبِهَا ،
وَرَدَّهَا إلَى الْعَادَةِ فِي التَّعَلُّقِ بِالْأَسْبَابِ ، وَفِي مَعْنَاهُ أَنْشَدُوا :

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمَرْيَمَ * *
إلَيْك فَهُزِّي الْجِذْعَ يَسَّاقَطْ الرُّطَبْ

وَلَوْ شَاءَ أَحْنَى الْجِذْعَ مِنْ غَيْرِ هَزِّهَا

إلَيْهَا وَلَكِنْ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ سَبَبْ

وَقَدْ كَانَ حُبُّ اللَّهِ أَوْلَى بِرِزْقِهَا

كَمَا كَانَ حُبُّ الْخَلْقِ أَدْعَى إلَى النَّصَبْ

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي صِفَةِ الْجِذْعِ قَوْلَانِ:
[ ١. ] أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ كَانَ لِنَخْلَةٍ خَضْرَاءَ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ زَمَانَ الشِّتَاءِ ، فَصَارَ وُجُودُ التَّمْرِ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ آيَةً .
[ ٢. ] الثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ جِذْعًا يَابِسًا فَهَزَّتْهُ ، فَاخْضَرَّ وَأَوْرَقَ وَأَثْمَرَ فِي لَحْظَةٍ .

ويروي لنا ابن العربي فقال : وَدَخَلْتُ ؛ محمد بن عبدالله الأندلسي ؛ وشهرته ابن العربي بَيْتَ لَحْمٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ [٤٨٥ هـ] ، فَرَأَيْت فِي مُتَعَبَّدِهِمْ غَارًا عَلَيْهِ جِذْعٌ يَابِسٌ كَانَ رُهْبَانُهُمْ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ جِذْعُ مَرْيَمَ بِإِجْمَاعٍ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ [٤٩٢هـ ] دَخَلَتْ بَيْتَ لَحْمٍ قَبْلَ اسْتِيلَاءِ الرُّومِ عَلَيْهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَرَأَيْت الْغَارَ فِي الْمُتَعَبَّدِ خَالِيًا مِنْ الْجِذْعِ . فَسَأَلَتْ الرُّهْبَانَ بِهِ ، فَقَالُوا : نَخَرَ وَتَسَاقَطَ ، مَعَ أَنَّ الْخَلْقَ كَانُوا يَقْطَعُونَهُ اسْتِشْفَاءً حَتَّى فُقِدَ .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ ابْنُ وَهْبٍ :
" قَالَ مَالِكٌ: قَالَ اللَّهُ : رُطَبًا جَنِيًّا .
الْجَنِيُّ : مَا طَابَ مِنْ غَيْرِ نَقْشٍ وَلَا إفْسَادٍ ، وَالنَّقْشُ أَنْ يُنْقَشَ فِي أَسْفَلِ الْبُسْرَةِ حَتَّى تُرَطَّبَ ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ يَعْنِي مَالِكٌ أَنَّ هَذَا تَعْجِيلٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ رِقَّتِهِ ، وَإِفْسَادٌ لِجَنَاهُ ؛ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ ، وَلَوْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ مَا كَانَ ذَلِكَ مُجَوِّزًا لِبَيْعِهِ ، وَلَا حُكْمًا بِطِيبِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .


نهاية الخطبة الأولى

حَيَاتُكَ أَنْفَاسٌ تُعَدُّ فَكُلَّمَا * * مَضَى نَفَسٌ مِنْكَانْتَقَصْتَ بِهِ جُزْءَا

يُمِيتُكَ مَا يُحْيِيكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ* * وَيَحْدُوكَ حَادٍ مَا يُرِيدُ بِهِالْهُزْءَا

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ ؛ سعد ابن أبي وقاص أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ .
فَقَالَ : نَعَمْ ، دَعْوَةُ ذِي النُّونِ ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ ؛فَإِنَّهَا لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ " .
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون ﴾ [آيَةُ 56؛ سُورَةُ: الذاريات]
﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُون ﴾ [آيَةُ57؛ سُورَةُ: الذاريات]
﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين﴾ [آيَةُ58؛ سُورَةُ: الذاريات].

[توحد ارواح]

ماشاء الله
طرح قيم
جزاك الله خيرا
وجعله الله فى ميزان حسناتك

[الآمير العآشق]

جزاك الله خيراً
وجعله في موازين حسناتك
دمت متالق

[د. محمد الرمادي]

شكراً لحسن المارجعة والقراءة

كما أسلفت هذه الخطوط العريضة لخطبة جمعة

وبالفعل قلت ؛ اليوم ما لم أكتبه واضفت مرتجلاً ما لم أسطره

محمد

[كريم*]

جزاكم الله خيرا