المصورون والصحفيون مصنع أيقونات الثورة..واجهوا الموت لمتابعة الأحداث

[Professional]

استعدوا بالأقلام والأوراق، وهواتفهم وحواسبهم المحمولة، وبعضهم وضعوا كاميراتهم فى حقائب الظهر التى تركت آثارها على أكتافهم من كثرة ما حملوها، تلوّ الشهادتين ونزلوا لمتابعة المشاهد الحقيقة للدعوات التى ملأت الـ"فيس بوك" لثورة مصرية على غرار ثورة تونس، لكن أحداً منهم لم يتصور أن يُملى أخباراً عن سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى بينما يختبئ فى "حوش" عمارة، أو أن تلتقط عدسته صوراً لاحتراق أقسام ومقرات بينما يجرى حتى لا تطوله ضربة هراوة من عساكر الأمن المركزى أو طلقات النار والخرطوش، وبفضل صوره سيسجل بطولات لمجهولين سيظلون أيقونات للثورة، أو سيسقط هو شهيداً بينما يؤدى عمله ليصبح بدوره أحد أيقونات ثورة يناير 2011 كشهيد الصحافة الأول أحمد محمد محمود، الذى توفى برصاص قناصة وهو بشرفة منزله قرب ميدان التحرير يلتقط صوراً للأحداث الدائرة.



شاب أعزل يواجه بمفرده مدرعة ترش عليه المياه بينما يقف أمامها باسلاً صامداً حتى يجبر قائد المدرعة أن يتراجع.. جميعنا رأى ذلك المشهد بفضل عدسة طارق وجيه، المصور بجريدة المصرى اليوم، ويروى تفاصيل هذا المشهد: "انتهيت من تصوير المتظاهرين أمام القضاء العالى وأخذت طريق العودة للجريدة فى شارع المبتديان سيراً على الأقدام لعدم وجود مواصلات، وهذا ما قادنى إلى مجلس الشورى، وهناك قابلت ذلك المصرى الشجاع الذى وقف أمام المدرعة، بينما أخذ المتظاهرون حوله فى التراجع هروباً من المياه، لكن تسمره فى مكانه أجبر قائد المدرعة على عدم التقدم أكثر".



أكثر ما تتذكره مصورة جريدة الشروق لبنى طارق من تغطية ثورة 25 يناير، هو السير المرهق والهروب من مطاردات العساكر التى تهوى على من تلحق به بالهراوات، فلم تكن تخشى على جسدها من ضربة موجعة أكثر من خوفها من انكسار الكاميرا وعدم قدرتها على توثيق ما يجرى: "مشيت يوم 25 يناير من ميدان التحرير لدوران شبرا، ورجعت من الدوران للمهندسين عشان أرسل الصور، وفى فترة قطع الإنترنت والاتصالات كنا نذهب كل اثنين لمكان واحد حتى يعود شخص ليرسل الصور ويكمل الآخر".

تظل مشاهد العنف الأولى وتلون الشوارع بالدماء هى الأشد وطأة، ورغم أن المظاهرات الحالية ازدادت عنفاً كما تقول لبنى، وتضيف ساخرة "خلاص جتتنا نحست".



يروى الصحفى عبد المجيد عبد العزيز، الذى كان يغطى لموقع الدستور الأصلى وقتها، تفاصيل ساعات الفزع التى عاشوها يوم 25 يناير بعد منتصف الليل بقليل حين اقتحمت قوات الأمن بشكل مفاجئ الميدان وأخلته فى ظرف دقائق بعد إلقاء مئات من قنابل الكربون التى تسحب الأكسجين من الهواء المحيط: "كنا بنجرى ونقع ونرجع نكمل جرى عشان نلاقى هوا نتنفسه، وكانت المدرعات تجرى تسابق المتظاهرين عشان ترمى قدامها القنابل، وفى ظرف دقائق الميدان فضى بعد ما سحبوا الهوا لكن رجعنا أتجمعنا فى شارع جانبى قرب ميدان التحرير، وساعتها كانت أول مرة أسمع هتاف الشعب يريد إسقاط النظام يرج الجدران".

كل هذا العناء لتغطية وتوثيق الأحداث كاد يصبح هباءً بعد قطع الإنترنت، لكن هناك مواقع وجدت طريقة للتحايل على ذلك كما يقول "عبد المجيد": "كنا نتصل من التليفون الأرضى برقم شخص مصرى فى الخارج نثق فيه ونملى عليه الأخبار، أعطيناه "الباسورد" ليرفع الأخبار على الموقع من الخارج حتى يعرف العالم الخارجى ما يحدث".

لم يكن استخدام الأقنعة التى تحمى من قنابل الغاز شائع وقتها سوى بين محررى الوكالات الأجنبية، كما يقول أحمد لطفى، صحفى فى موقع مصراوى، الذى نزل لتغطية أحداث 25 يناير دون أى استعدادات:"مكناش متوقعين اللى حصل".