مدخل لقصة يوسف الصديق

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة لخطبة جمعة 21 ربيع آخر 1435 ~21 فبراير 2014
الحمد لله رب العالمين
يا رب نسألك فعل الخيرات
و ترك المنكرات
اللهم استر العورات
وآمن الروعات
وأحفظ البلاد
وصون الأعراض

يا رب إذا أردت بعبادك فتنةً
فقبضنا إليك غير مفتونين ولا فاتنين

يا رب قد عجز الطبيبُ فداونا
وقد كثر الفساد فنجنا
يا رب قَلة حيلتي فتولنا

آلاهي يا آلاهنا
اللهم الهمنا قبل الموت توبة
وألهمنا عند الموت شهادة
وألهمنا بعد الموت رضا
وأرزقنا جنةً ونعيماً
اللهم واسقنا شربة ماء من يد نبينا لا نظمأ بعدها أبداً
لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده
آمين
وأشهد أن الذي قال : ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [2] ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾[الْآيَةَ:1~3 ؛سُورَةُ: يُوسُفَ:12].
القائل هو الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد.
وأشهد أن صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر هو محمد المصطفى والرسول المجتبى والنبي المرتضى هو خاتم الأنبياء وآخر المرسلين.
عَنْ جَابِرٍ بن عبدالله الصحابي الجليل؛ رضى الله عنه وارضاه؛ قَالَ :
" أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ : بُسْتَانَةُ الْيَهُودِيُّ. فَقَالَ :
" يَا مُحَمَّدُ ! ؛ أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَآهَا يُوسُفُ أَنَّهَا سَاجِدَةٌ لَهُ مَا أَسْمَاؤُهَا ؟؛
هنا تتجلى أمية محمد؛ وهنا يظهر بوضوح الوحي بصوره المتعددة .
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِين}[الجمعة:2]
قَالَ جابر:" فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ".
وَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِـ أَسْمَائِهَا ،
قَالَ جابر : فَبَعَثَ إِلَيْهِ: بُسْتَانَةَ الْيَهُودِيُّ. رَسُولُ اللَّهِ .
أنتبه الأن إلى قول النبي عليه السلام
فَقَالَ المصطفى الهادي :" هَلْ أَنْتَ مُؤْمِنٌ إِنْ أَخْبَرْتُكَ بِـ أَسْمَائِهَا " .
قَالَ :" نَعَمْ ".
فَقَالَ : هِيَ
[١.] جَرَبَانُ ، وَ
[٢.] الطَّارِقُ ، وَ
[٣.] الذِّيَالُ ، وَ
[٤.] ذُو الْكَنِفَاتِ ، وَ
[٥.] قَابِسُ ، وَ
[٦.] وَثَّابُ ، وَ
[٧.] عَمُودَانُ ، وَ
[٨.] الْفَيْلَقُ ، وَ
[٩.] الْمُصْبِحُ ، وَ
[١٠.] الصَّرُوحُ ، وَ
[١١.] ذُو الْفَرْعِ ، وَ
[١٢.] الضِّيَاءُ ، وَ
[١٣.] النُّورُ .
ثم انتبه إلى قول: بُسْتَانَةِ الْيَهُودِيُّ.
فَقَالَ الْيَهُودِيُّ :" إِي وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَسْمَاؤُهَا " .
وهذا مصدقاً لقوله تعالى : ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [الْآيَةَ:4 ؛سُورَةُ:يُوسُفَ :12] .
هذه هي الطريقة المحمدية والسنة النبوية في تبيان الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية : إقامة الحجة والبرهان .
وقبل أن ننتقل إلى صاحب قصة القميص ؛ نكمل مع مَن يملك عشرة آلاف معجزة :
وكما اسلفنا وقلنا أن لمحمد من المعجزات عشرة آلاف معجزة .
والمعجزة : أمر خارق للعادة لا يقوم به إلا نبي مرسل أو رسول مبتعث إثباتاً لنبوته وتحقيقاً لرسالته؛ وغيرهما النبي والرسول لا معجزة له بمعناها اللغوي أو بتعريفها الشرعي .
وحادثة معجزة النبي المصطفى يوم خيبر نلقي عليها بعض الأضواء على قدر الطاقة وبما لدينا من إستطاعة.
حادثة معجزة ذراع الشاة يوم خيبر ؛ الحادثة لها عدة مشاهد :"
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً [ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ ] مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ؛ وَهِيَ بِنْتُ أَخِي مَرْحَبِ بْنِ أَبِي مَرْحَبٍ .
وهذه الحادثة لها مشاهد متعددة
[۱.] المشهد الأول :
زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ سَمَّتْ شَاةً مَصْلِيَّةً أَيْ مَشْوِيَّةً ، وَأَكْثَرَتِ السُّمَّ فِي
[ ١. ]الْكَتِفِ وَ
[ ٢. ] الذِّرَاعِ لَمَّا بَلَغَهَا أَنَّهُمَا أَحَبُّ أَعْضَاءِ الشَّاةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ؛
[ ٢. ] المشهد الثاني :
ثُمَّ أَهْدَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ٣. ] المشهد الثالث : فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِّرَاعَ ،
فَـ أَكَلَ مِنْهَا ؛
وَأَكَلَ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُ؛ أَيْ : جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُ،
[٤. ] المشهد الرابع؛ و المعجز :
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ )؛ أَيْ : كُفُّوهَا وَامْنَعُوهَا عَنِ الْأَكْلِ؛
هنا تبدء قصة لم يتداولها السادة الأئمة بشكل تفصيلي عملي واقعي تشريعي وفق الروايات التي وصلتنا عن الحبيب محمد.
[٥.] المشهد الخامس:
وَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ فَدَعَاهَا .
فَقَالَ : أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ ؟ ؛
انتبه إلى صيغة الكلام!.
لَيس بِـ تَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ ، بَلْ بِالْجَزْمِ فِي إِخْبَارِ الْكَلَامِ ، وَلِذَا لَمْ تَقُلْ رداً على محمد : " لَا " ؛ أَوْ " نَعَمْ " .
فَقَالَتْ : مَنْ أَخْبَرَكَ ؟ ؛ أَيِ : اللَّهُ أَوْ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ
[ ٦. ] المشهد السادس :
اسمع لقول النبي : قَالَ :" أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ فِي يَدِي "؛ وأشار لِلذِّرَاعِ ؛ أَيْ : هَذِهِ الذِّرَاعُ بِإِنْطَاقِ اللَّهِ إِيَّاهَا .
[٧. ] المشهد السابع :
قَالَتْ : " نَعَمْ " ،
انظر الأن إلى ما دار في خلدها :

قُلْتُ :
إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَنْ تَضُرَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ .
ثم انظر إلى رد فعل النبي !؟
فَـ عَفَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُعَاقِبْهَا ، وَتُوَفِّي أَصْحَابُهُ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ ، [ مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ من أشراف قومه ] ؛ وهو من كبار البدريين .
وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَاهِلِهِ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَكَلَ مِنَ الشَّاةِ ، حَجَمَهُ أَبُو هِنْدٍ بِالْقَرْنِ وَالشَّفْرَةِ ، وَهُوَ مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ .
القصة لم تنتهي :
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ قَوْلُهُ : فَعَفَا عَنْهَا أَيْ : تَرَكَهَا أَوَّلًا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ.
جَزَمَ بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي مَغَازِيهِ .
[٨.] المشهد الثامن:
وَلَفْظُهُ بَعْدَ قَوْلِهَا : وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ ، وَقَدِ اسْتَبَانَ لِي أَنَّكَ صَادِقٌ ، وَأَنَا أُشْهِدُكَ وَمَنْ حَضَرَ عَلَى دِينِكَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . ارادت قتله فعفا عنها ؛ فأسلمت . هذا هو محمد هذا هو نبي المرحمة .[. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالدَّارِمِيُّ .]

وإنني أتساءل : أين هدي النبي المختار الهادي الشفيع البشير؛ وأين فعل؛ ورد فعل المصطفى الهادي مع اليهودية زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ من خيبر ؛ وما يحدث على أرض الواقع في مصر وسوريا و ليبيا وتونس واليمن ولبنان .

[ ** ]

السادة أهل الإسلام !
في جمعاتنا السابقات أنتقلنا بحضراتكم إلى ديار بكر ؛ ديار حليمة السعدية ثم عدنا إلى مكة المكرمة والتي بها الكعبة المشرفة ثم نسافر لنبقى سويعات مع صاحب القميص؛ وننزل معه فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ؛ ثم التي { هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِين} [يوسف:24]؛ :"نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ " ثم السجن :" قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ" لن نهبط في ساحة السجن بـ هليوكوبتر ولن نقف في قفص جدرانه زجاجية ؛ ولكن سجن عزيز مصر .
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِين}[يوسف:54]
{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيم}[يوسف:55]
{وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين}[يوسف:56]



ماذا يحدث الأن على أرض مصر !؟
يخبر الصادق الأمين النبي الأمي الكريم :
صَلَّىٰ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ ؛
ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ، وَقَالَ :
" إِنِّي فَرَطُكُمْ ،
وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ ،
وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ ،
وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ ،
فَإِنَّ عَرْضَهُ ، كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ ،
ثم يخبر عن المستقبل وكأنه يعيش بيننا الأن :"
[ ١. ] وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي ،وَ
[ ٢. ] لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْكُفْرَ ،
وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تُنَافِسُوا فِيهَا ، وَتَقْتَتِلُوا ،فَتَهْلَكُوا كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ،
قَالَ عُقْبَةُ بْنِ عَامِرٍ [راوي الحديث] : فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ .[ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛
فمن هو عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ:" الإمام ، المقرئ أبوالأسد المصري ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم . وكان عالما مقرئا فصيحا فقيها فرضيـا شاعرا كبير الشأن .
وهو كان البريد إلى عمر بفتح دمشق.
شهد فتح مصر . وولي الجند بمصر لمعاوية ، ثم عزله بعد ثلاث سنين ، وأغزاه البحر . وكان يخضب بالسواد .
قبره بـ المقطم .
مات سنة ثمان وخمسين .
قال : بايعت رسول الله على الهجرة ، وأقمت معه .
وقال عقبة : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة وكنت من أصحاب الصفة . وكان عقبة من الرماة المذكورين .
وعن أبي عبد الرحمن الحبلي : أن عقبة كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن . فقال له عمر : اعرض علي .
فقرأ . فبكـى عمر .
ولي إمرة مصر . له في "مسند بقي" خمسة وخمسون حديثا مات سنة ثمان وخمسين].

اخترنا لنعيش لحظات مع تَفْسِيرِ وتأويل السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا يُوسُفُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمناسبتها لحال أمة : مصر بقاهرتها ؛ قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ؛ صاحبة الألف مأذنة خرج علينا تقرير من الأمم المتحدة يقول بأن نسبة 99% فاصل 3 من المائة من نساء مصر يتعرضن للتحرش الجنسي. التحرش الجنسي في أماكن العمل والمواصلات ؛ ثم جاءت الطامة الكبرى فقتلت الطفولة وذبحت البراءة وأنتهكت ".
ولنا في قصة صاحب القميص يوسف عليه السلام عبرة طيبة وموعظة حسنة :"
**
ننتقل بحضراتكم إلى مصر ؛نعيش مع قصة القميص!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ ،
وَأَصْلُ الْكَرَمِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ ، وَقَدْ جَمَعَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ مَعَ شَرَفِ النُّبُوَّةِ . وَكَوْنُهُ ابْنًا لِثَلَاثَةِ أَنْبِيَاءَ مُتَنَاسِلِينَ ، وَمَعَ شَرَفِ رِيَاسَةِ الدُّنْيَا مُلْكَهَا بِالْعَدْلِ و الْإِحْسَانِ " .
قَالَ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ جَاءَنِي الرَّسُولُ[ وفي رواية : الدَّاعِي ] أَجَبْتُ [أَيْ لَأَسْرَعْتُ الْإِجَابَةَ فِي الْخُرُوجِ مِنَ السِّجْنِ وَلَمَا قَدَّمْتُ طَلَبَ الْبَرَاءَةِ ، فَوُصِفَ بِشِدَّةِ الصَّبْرِ حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ بِالْخُرُوجِ "] ثُمَّ قَرَأَ ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ[وَطَلَبَهُ لِلْخُرُوجِ قَالَ أَيْ يُوسُفُ قَاصِدًا إِظْهَارَ بَرَاءَتِهِ :﴿قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾ أَيْ إِلَى سَيِّدِكَ وَهُوَ الْمَلِكُ فَاسْأَلْهُ أَنْ يَسْأَلَ ﴿مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾؛ لَمْ يُصَرِّحْ بِذِكْرِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ أَدَبًا وَاحْتِرَامًا لَهَا .
قَالَ :" وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ؛
أَيْ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، يُشِيرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾[الْآيَةَ: 80 ؛سُورَةُ هود:] ؛ وَيُقَالُ إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ يَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي نَسَبِهِ ،
لِأَنَّهُمْ مِنْ سَدُومَ وَهِيَ مِنَ الشَّامِ ،
وَأَصْلُ إِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ مِنَ الْعِرَاقِ ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الشَّامِ هَاجَرَ مَعَهُ لُوطٌ ، فَبَعَثَ اللَّهُ لُوطًا إِلَى أَهْلِ سَدُومَ ،
فَقَالَ : لَوْ أَنَّ لِي مَنَعَةً وَأَقَارِبَ وَعَشِيرَةً ، لَكُنْتُ أَسْتَنْصِرُ بِهِمْ عَلَيْكُمْ لِيَدْفَعُوا عَنْ ضِيفَانِي ، فهو عَنَى عَشِيرَتَهُ ، فَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ نَبِيًّا إِلَّا فِي ذِرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ "
، زَادَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِ قَوْمِ شُعَيْبٍ ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ﴾[الْآيَةَ:91 ؛سُورَةُ هود:]
ورواية :" مَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الثَّرْوَةُ الْكَثْرَةُ وَالْمَنَعَةُ ".
فَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ ) أَيْ بَعْدَ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ( إِلَّا فِي ذُرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ ) بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا ، أَيْ أَعْلَا نَسَبِ قَوْمِهِ ." ، :" قَوْلُهُ : ( فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ : فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ . " :" الثَّرْوَةُ : الْكَثْرَةُ وَالْمَنَعَةُ " :" هُوَ فِي عِزٍّ وَمَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ عَشِيرَتِهِ ".
وَإِنَّمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضُعًا ، وَالتَّوَاضُعُ لَا يَحُطُّ مَرْتَبَةَ الْكَبِيرِ بَلْ يَزِيدُهُ رِفْعَةً وَجَلَالًا ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ :
" لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ " ؛
وقوله سلام الله عليه وصلاته وتبريكاته :" لاتأطروني كما أطرت النصارى عيسى " .
:" وقد قِيلَ إِنَّهُ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْجَمِيعِ ".

استسمح حضراتكم أن نعيش مع الحلقة الرابعة في سلسلتهم الذهبية من آل إبراهيم . {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين}[آل عمران:33]

نهاية الخطبة الأولى :
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ بَكَى يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ :
فَكَّرْتُ فِي الدُّنْيَا وَلِذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا ، فَاعْتَبَرْتُ مِنْهَا بِهَا ، مَا تَكَادُ شَهَوَاتُهَا تَنْقَضِي حَتَّى تُكَدِّرَهَا مَرَارَتُهَا ، وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِبْرَةٌ لِمَنِ اعْتَبَرَ ، إِنَّ فِيهَا مَوَاعِظَ لِمَنِ ادَّكَرَ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ :

نُزْهَةُ الْمُؤْمِنِ الْفِكَرْ لَذَّةُ الْمُؤْمِنِ الْعِبَرْ

نَحْمَدُ اللَّهَ وَحْدَهُ نَحْنُ كُلٌّ عَلَى خَطَرْ

رُبَّ لَاهٍ وَعُمْرُهُ قَدْ تَقَضَّى وَمَا شَعَرْ

رُبَّ عَيْشٍ قَدْ كَانَ فَوْ قَ الْمُنَى مُونِقَ الزَهَرْ
فِي خَرِيرٍ مِنَ الْعُيُو نِ وَظِلٌّ مِنَ الشَّجَرْ
وَسُرُورٌ مِنَ النَّبَا تِ وَطِيبٍ مِنَ الثَمَرْ
غَيَّرَتْهُ وَأَهْلَهُ سُرْعَةُ الدَّهْرِ بِالْغِيَرْ
نَحْمَدُ اللَّهَ وَحْدَهُ إِنَّ فِي ذَا لَمُعْتَبَرْ
إِنَّ فِي ذَا لَعِبْرَةً لِلَبِيبٍ إِنِ اعْتَبَرْ

**

نهاية الخطبة الأولى
:" عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : "
كَانَ لِيَعْقُوبَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخٌ مُؤَاخِيًا فِي اللَّهِ ،
فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ : يَا يَعْقُوبُ مَا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَكَ ؟ ؛
وَمَا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرَكَ ؟ .
فَقَالَ : أَمَّا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرِي فَالْبُكَاءُ عَلَى يُوسُفَ ،
وَأَمَّا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرِي فَالْحُزْنُ عَلَى ابْنِي بِنْيَامِينَ .
قَالَ : فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ : يَا يَعْقُوبُ ، إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ لَكَ أَمَا تَسْتَحْيِي تَشْكُونِي إِلَى غَيْرِي ؟
قَالَ : فَقَالَ يَعْقُوبُ: إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ .
قَالَ : فَقَالَ جِبْرِيلُ: أَعْلَمُ مَا تَشْكُو يَا يَعْقُوبُ .
قَالَ : ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ: أَيْ رَبِّ ، أَمَا تَرْحَمُ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ ، أَذْهَبْتَ بَصَرِي ، وَقَوَّسْتَ ظَهْرِي ،
فَارْدُدْ عَلَيَّ رَيْحَانَتِي أَشُمُّهُ شَمًّا قَبْلَ الْمَوْتِ ،
ثُمَّ اصْنَعْ بِي مَا أَرَدْتَ .
قَالَ : فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ :
إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ،
وَيَقُولُ لَكَ أَبْشِرْ ، وَلْيَفْرَحْ قَلْبُكَ ، فَوَعِزَّتِي لَوْ كَانَا مَيِّتَيْنِ لَنَشَرْتُهُمَا ،
فَاصْنَعْ طَعَامًا لِلْمَسَاكِينِ ، فَإِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ ، وَالْمَسَاكِينُ ،
أَتَدْرِي لِمَ أَذْهَبْتُ بَصَرَكَ ، وَقَوَّسْتُ ظَهْرَكَ ، وَصَنَعَ إِخْوَةُ يُوسُفَ بِهِ مَا صَنَعُوا ؟
إِنَّكُمْ ذَبَحْتُمْ شَاةً ، فَأَتَاكُمْ مِسْكِينٌ يَتِيمٌ ، وَهُوَ صَائِمٌ ، فَلَمْ تُطْعِمُوهُ مِنْهُ شَيْئًا .
قَالَ : فَكَانَ يَعْقُوبُ بَعْدَهَا إِذَا أَرَادَ الْغَدَاءَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى أَلَا مَنْ أَرَادَ الْغَدَاءَ مِنَ الْمَسَاكِينِ ،
فَلْيَتَغَدَّ مَعَ يَعْقُوبَ وَإِذَا كَانَ صَائِمًا أَمَرَ مُنَادِيًا ، فَنَادَى أَلَا مَنْ كَانَ صَائِمًا مِنَ الْمَسَاكِينِ فَلْيُفْطِرْ مَعَ يَعْقُوبَ.

***

?فَخْرُ الدينِ ؛ مُحَمَّدُ الرَّمَادِيُّ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ

Dr.MUHAMMADELRAMADY

حُرِّرَ سَنَةَ ١٤٣٥ الْهِجْرِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ الخميس : ٢٠ ربيع آخر ~ ٢٠ فبراير ٢٠١٤ م

[توحد ارواح]

ماشاء الله
طرح قيم
جزاك الله خيرا
جعله الله فى ميزان حسناتك
بانتظار التكمله

[a7med mido]

الله يعطيك الف عافية على الموضوع المفييد

[نغم الشام بعد المغيب..]

	بارك الله فيك أخي الفاضل .. وجعل الله تلك الخطبة الطيبة.. وكل ماذكرته فيها في صالح أعمالك إن شاء الله. دمت بحفظ الرحمن

[العاشق الذى لم يتب]

بارك الله فيك
وجزاك خيرا
وجعله فى موازين الحسنات
مودتى