القرآن وصحوة العقل

[الجنرال]

لكل نبي ورسول‏..‏ معجزته التي خاطب بها قومه وكانت حجة دعوته إليهم وجاءت المعجزة مناسبة للبيئة‏..‏ فهي مادية كما جاءت مصاحبة لموسي عليه السلام ممثلة في يده وعصاه التي تلقف ما يأفكون من خيال السحر والسحرة أو كما صاحبت عيسي عليه السلام من شفاء للمرضي وإحياء للموتي بإذن الله‏..‏ أما المعجزة التي صاحبت النبي محمدا صلي الله عليه وسلم فقد نزلت في بيئة بدوية‏:‏ بداوة في الفكر وفي العصبية وفي جمود العقل‏..‏ ولكنهم كانوا أهل بلاغة وفصاحة وطلاقة لسان وبيان‏..‏ فكانت معجزة القرآن التي تحدت بلاغتهم وفصاحتهم وأخرجتهم من بداوة الجهالة وعبادة الوثن والصنم إلي عبادة الله الواحد ومن روح القبيلة إلي روح الجماعة ومن الثأر وإشعال الحروب لأتفه الأسباب إلي التسامح والتعاون والانصهار في بوتقة واحدة هدفها تحقيق الخير والعدل والحق والسلام للجميع‏.‏ وكما يقول الاستاذ الدكتو محمد محمد داود في كتابه القرآن وصحوة العقل

فإن ألفاظا مثل‏:‏ الفهم‏,‏ التدبر‏,‏ التفكر‏,‏ العقل‏,‏ أولو الألباب‏..‏ تكررت في الخطاب القرآني في آيات كثيرة‏,‏ في سياق حملة القرآن علي الجمود والتقليد الأعمي‏..‏ فعاب علي من سلكوا هذا الطريق المنحرف والضال تقليدهم للباطل وتمسكهم بما ورثوه عن آبائهم كما في هذه الآية الكريمة‏:‏ واذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا‏.‏

كما دعا القرآن الكريم إلي تدبر الآيات وفهم المراد منها‏:‏ أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها وإلي إعمال وسائل الادراك وإيقاظها‏:‏ أو لم يروا إلي ما خلق الله من شيء‏.‏ أفلا ينظرون إلي الابل كيف خلقت كما ختمت آيات كثيرة بنحو قوله تعالي‏:‏ أفلا يسمعون‏.‏ أفلا يبصرون‏.‏ أفلا يعقلون‏.‏

وذلك كله يؤدي بنا إلي اقرار ما أقره الإسلام من أن العقل هو أساس التكليف فمن سقط عنه التكليف‏..‏ وحرم الله في كتابه الكريم كل ما يضر العقل أو يغيبه فحرم المسكرات‏:‏ إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه

وقد أشار القرآن إلي أن تنمية العقل تكون بالعلم‏:‏ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون‏.‏

ومن هذا نفهم أن القرآن في كل زمان ومكان سيظل له أثره وتأثيره في إيقاظ العقل من الغفلة والجمود والتقليد والتعصب وما ذلك إلا لأن يقظة العقل هي باب التكريم للإنسان وأساس الحضارة والهداية‏.‏ والمتتبع لتاريخ الإسلام يجد أن القرآن الكريم صنع حضارة الخير والعدل فسادت العالم كله ونشرت قيم الحب والسلام والعطاء والأمانة والصدق وهي حضارة خير أمة أخرجت للناس‏.‏
ويبقي السؤال الذي نشارك د‏.‏ محمد داود في طرحه‏:‏
ما الذي غاب عن منظومة حضارة الإسلام؟ وسؤال آخر‏:‏

أليس القرآن موجودا بيننا؟
إن القرآن موجود بيننا في ملايين المصاحف والأشرطة واسطوانات الحاسب الآلي‏..‏ والسنة النبوية كذلك متاحة بنفس القدر‏..‏ وتستطيع من خلال شبكة الانترنت أن تحصل علي ما تريد في مجال القرآن والسنة وغيرهما مما له صلة بمبادئ وتعاليم الإسلام‏..‏
ونكرر السؤال مرة أخري‏:‏

ما الذي غاب عن منظومة حضارة الإسلام؟
الواقع يجيب‏:‏ أن الذي غاب هو الإنسان الذي يستجيب لهدي القرآن ويحول آياته إلي واقع عملي‏..‏ وأمامنا هذا التناقض الصارخ في حاضر المسلمين‏:‏ دعانا القرآن للعمل في حين أن ساعات العمل عندنا حسب الاحصاءات قليلة بل ومخجلة‏.‏ القرآن دعانا إلي الإتقان والتميز وأحسنوا إن الله يحب المحسنين فهل نحن كذلك فعلا‏..‏ وفي إطار العولمة التي لا تعترف إلا بالانتاج المتميز كان ينبغي أن تكون المقدمة لإنتاج الأيدي المتوضئة المؤمنة الصادقة‏..‏ فهل فعلنا؟ القرآن دعانا إلي التماسك والتعاون والتضامن‏..‏ والتوحد صفا وهدفا‏..‏ فهل اتحدنا وتماسكنا وتآلفنا علي قلب رجل واحد وفكر واحد واقتصاد واحد وكيان واحد يواجه وينافس الكيانات الكبري في العالم؟

لو فعلنا‏..‏ فسوف يتحقق لنا وقتها وصف الله لنا خير أمة ونكون قد حققنا عملا وسلوكا حضارة القرآن التي تدعو كل البشر للانخراط في المبدأ الإسلامي الأصيل الاخاء الإنساني لتزدهر الحياة وتعلو قيمة الإنسان في عالم يسوده العدل والأمن والسلام‏.

[elking for ever]

جزاك الله كل خير ياجنرال على الموضوع الرائع

[الجنرال]

اقتباس جزاك الله كل خير ياجنرال على الموضوع الرائع

شكرا جزيلا ياكينج على مرورك الجميل
ومنورنى ومنور التوبيك