أحوال اّخر الزمان

[ابو نصير]

بسم الله الرحمن الرحيم



يتلفت المؤمن حوله فلا يرى نصراً ولا يرى تفوقاً ولا يرى نجاحاً. أولئك المسلمون الأوائل الذين غلبوا الأكثرية وكانوا قلة ما بالهم يُغلبون اليوم وهم مليار ومائتي مليون؟ المسلم يحتاج إلى تفسير مقنع لذلك.

الحقيقة أن النبي عليه الصلاة والسلام الذي أطلعه الله على بعض الغيب أطلعه على أحوال أمته في آخر الزمان. ولقد تحدث النبي عليه الصلاة والسلام عن أحوال المسلمين في آخر الزمان وعلاقتنا بهذه الأحاديث أن نبتعد بكل من أوتينا من قوة ومن علم بدين الله عن وصف المسلمين في آخر الزمان، لئلا ينطبق علينا ما قدره الله عليهم.

الله عز وجل عادل فيما قضى فإذا انحرف المجموع واستقام واحد على أمر الله فلهذا الواحد معاملة خاصة. فإذا رأى الإنسان في آخر الزمان شُحاً مُطاعاً وهَواً متبعاً وإعجابَ كل ذي رأي برأيه، فإن النبي عليه الصلاة والسلام ينصحه بالتزام بيته وأخذ ما يعرف وترك ما يُنكِر وأن عليه بخاصة نفسه وترك أمر العامة. وتوجيهات النبي عليه الصلاة والسلام صالحة لكل زمان ومكان.

حدث عبد الرحمن بن جبير عن أبيه قال: "لما فُتِحَت قبرص فرق بين لأهلها وبكى بعضهم على بعض. رأيت أبا الدرداء، الصحابي الجليل، يبكي وحده. فقلت يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه المسلمين؟ فقال: ويحك يا جبير! ما أهون الخلق على الله إذا هم أضاعوا أمرهم. بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى." كان جبير يتحدث عن أهل قبرص الأقوياء كيف أزلهم الله وكيف فقدوا ملكهم.

إذا هان أمر الله على الإنسان، أي كان سيان عنده أطاعه أم عصاه، صلى أم لم يُصل، استقام لسانه أم لم يستقم، دخله حرام أم حلال، هان أمره على الله ورأى من أحوال آخر الزمان ما يرى. أما إذا عَظِم أمر الله عنده كان عند الله عظيماً.

يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود في الملاحم:

"لن يهلك الناس حتى يُعْذروا من أنفسهم."
أي أن يعترفوا بأنهم استحقوا ما أصابهم.

ما من مؤمن على وجه الأرض ساق الله عليه بلية أو مصيبة إلا ويعلم علم اليقين أن الله عادل وأنه فعل قبل أن يصيبه ما أصابه ما يستأهل هذه المصيبة. وهذا كلام مقطوع به. إننا نسمع كل يوم آلاف القصص ولكن لجهل أو لنقص نقول: فلان لا يستاهل أو فلان مظلوم.

"ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولاخدش عود إلا بما قدمت أيديكم"

وقال النبي عليه الصلاة والسلام:

"لا تزال هذه الأمة تحت يد الله (أي محفوفة بألطاف الله ومشمولة برعايته ومحروسة بعينه) وفي كنفه ما لم يمالئ (أي ينافق) قراؤها أمراءها وما لم يزكي (أي يمدح) صلحاؤها فجارها وما لم يُهن أشرارها خيَارَها."

عندها تهون الأمة على الله ويكون سيان عزت أم ذلت، قويت أو ضعفت.

قال تعالى:

" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا"


يقول الإنسان "الرزق قليل". هل فتش عن المعاصي والآثام؟ هل فتش عن الكذب والتدليس؟ هل فتش عن عمل أو بضاعة لا ترضي الله؟

يقول عليه الصلاة والسلام في مسند الإمام أحمد:

"إن الرجل ليُحرَم الرزق بالذنب يصيبه"

ويقول في الحديث الذي رواه أبو داود:

"يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.



قلنا: يا رسول الله أمن قلةٍ يومئذٍ؟
قال: أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاءٌ كغثاءِ السيل. تُنزَع المهابة من قلوب أعدائكم ويجعل في قلوبكم الوهن.
قالوا: وما الوهن؟
قال: حب الدنيا وكراهية الموت."

وفي مسند الإمام أحمد من حديث أنس قال: قال عليه الصلاة والسلام:

"لما عُرج بي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم. قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم."

فكثير من مجالس ولقاءات وحفلات وولائم المسلمين اليوم تنطلق فيها الألسنة لنهش أعراض الآخرين وهم يعلمون علم اليقين أن الغيبة محرمة وأنها من الكبائر.

فإن لم يجد الإنسان لا استخلافاً ولا تمكيناً ولا تطميناً ولا حفظاً ولا نصراً ولا تأييداً ولا دفاعاً ولا توفيقاً ورأى بأس المسلمين بينهم، فهذا هو التفسير لذلك: هان على الناس دينهم فهانوا على الله.

ذكر ابن أبي الدنيا من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أنه قال: قال علي كرم الله وجهه: يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا إسمه ولا من القرآن إلا رسمه."

أي أن الإنسان يصبح في جهل عن الدين لا يعرف شيء عن فرائضه ولا عن واجباته، يرتكب كل الموبقات وكأنها مشروعة. وهذه كلها من علامات آخر الزمان.

فهل أدرك الإنسان لماذا تخلى الله عنه؟

يقول عز وجل:

"وإن عدتم عدنا"

وقال عليه الصلاة والسلام:

"أيها الناس إن الله تعالى يقول: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أستجيب لكم وتستنصروني فلا أنصركم وتسألوني فلا أعطيكم."



اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
واجعلنا ممن يسمعون القول فيتَبعون أحسنه
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
آمين

[عذب المعانى]

يسلموـو على طرحك الراقي

يعطيك الف عافيه

ننتظر جديد من اطروحاتك

دمت بخير وجزاك الله خيراا اخوى

[ابو نصير]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عذب المعانى يسلموـو على طرحك الراقي يعطيك الف عافيه ننتظر جديد من اطروحاتك دمت بخير وجزاك الله خيراا اخوى

ارق التحايا
ودمت بخير ودام التواجد