..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
ذات صبـــــــاح
الكاتـب : ~♥ Queen sozan♥~ - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 1 -
همس الروح،،،،
الكاتـب : همس الحنين - آخر مشاركة : نغم الشام بعد المغيب.. - مشاركات : 5 -
بدون مداد
الكاتـب : يحيى الفضلي السودان - آخر مشاركة : ~♥ Queen sozan♥~ - مشاركات : 4 -
شِرَوَقً شِمٌسِ
الكاتـب : يحيى الفضلي السودان - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 3 -
الدعاء مستمر ل بحر القمر ربنا يرحمه
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : إيلاانا - مشاركات : 9 -
البقاء لله والدة فرح في ذمه الله
الكاتـب : نجم الحبيب - آخر مشاركة : نغم الشام بعد المغيب.. - مشاركات : 15 -
تنشيط قسم المطبخ
الكاتـب : ~♥ Queen sozan♥~ - آخر مشاركة : JUST AHMED - مشاركات : 25 -
مسابقه لقسم الخزعبلات
الكاتـب : ~♥ Queen sozan♥~ - آخر مشاركة : كريم عاصم - مشاركات : 7 -
نتيجة تنشيط قسم عالم الطفل 2
الكاتـب : 7laa - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 6 -
توقع من يفوز الاهلي ام العين الإماراتي
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 6 -
عندما يأتي المساء ...
الكاتـب : جعلوني تيتشرا - مشاركات : 9 -
الحياة معادلات...
الكاتـب : همس الحنين - آخر مشاركة : كريم عاصم - مشاركات : 3 -

الإهداءات


استنشاق صوت الكلام

صفحات مكشوفة


3611معجبون

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /04-04-2022, 05:53 PM   #12261

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

إنكم في أيام عظيمة وفي أزمنة كريمة تُضاعف فيها الأعمال وتُستجاب فيها الدعوات، وتُبارك فيها الحسنات، تُفتح فيها أبواب الجنان وتُغلق أبواب النيران وتضعُف دواعي الشر ويُنادى فيها يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.. فالموفق السعيد من عرف لهذه الأيام قدرها فاستغل اللحظات وأكثر من الحسنات وشغل جوارحه فيما يرضي رب البريات، فغير عارف بربه ذاك الذي ..
الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى، والمختص بالملك الأعز الأحمى، الذي ليس من دونه منتهى ولا ورائه مرمى، الظاهر لا تخيلاً ووهمًا، الباطن تقدسًا لا عدمًا.. وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأسبغ على أوليائه نعما عُما، وبعث فيهم رسولاً من أن أنفسهم عربًا وعجمًا، وأذكاهم محتدًا ومنما، وأشدهم بهم رأفة ورحمة حاشاه ربه عيبًا ووصمًا وذكاه روحًا وجسمًا وآتاه حكمة وحكمًا، فآمن به وصدقه من جعل الله له في مغنم السعادة قسمًا، وكذّب به وصدف عنه من كتب الله عليه الشقاء حتمًا، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى.. صلى الله عليه صلاة تنمو وتنمى وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا..

معاشر الصالحين: لقد فتح لكم ربكم أبواب رحمته، وجاد عليكم بأن مكنكم من إدراك شهر الصيام والقيام هيّأ لكم الأسباب وفتح الباب لمن أراد الاقتراب .. فاللهم لك الحمد على فضلك وإحسانك وكرمك ونوالك ..

عباد الله: إنكم في أيام عظيمة وفي أزمنة كريمة تُضاعف فيها الأعمال وتُستجاب فيها الدعوات، وتُبارك فيها الحسنات، تُفتح فيها أبواب الجنان وتُغلق أبواب النيران وتضعُف دواعي الشر ويُنادى فيها يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.

فالموفق السعيد من عرف لهذه الأيام قدرها فاستغل اللحظات وأكثر من الحسنات وشغل جوارحه فيما يرضي رب البريات، فغير عارف بربه ذاك الذي يأتي عليه رمضان فلا تتغير أحواله ولا تستقيم أموره، غير عارف بربه ذاك الذي لا يرى من رمضان إلا انقطاعًا عن الأكل والشرب ولا ينقطع عن فساده وعناده وغيبته وعدوانه.

أيها الأحباب: يأتي رمضان هذا العام مختلفا عما سبق، يأتي بعد أن شهدت الأمة ولا تزال أحداثا عظيما وتقلبات عجيبة وأمورا كانت إلى الأمس القريب أشبه بالخيال وكل هذه الأحداث التي حصلت والتي لا تزال تحصل لها عنوان واحد بارز (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) [الأنعام: 57].

هذا المعنى هو الذي ينبغي أن يترسخ في قلوب المنتسبين ويتمكن من فكرهم ووجدانهم فالمؤمن الحق هو الذي يستفيد من الأحداث وتنعكس عليه إيجابا، فيرتقي بعد ذلة، ويعرف بعد جهل..

أما الذي لا يتفاعل مع الأحداث ولا يعتبر منها، ولا يفهم مضمون رسائلها، فهذا معطل الفهم رفيق الوهم قد انقطعت به الأسباب فلا هو من أصحاب البصائر ولا هو من أولي الألباب، يقول ربنا منكر على أمثال هؤلاء (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة: 126]، تتغير الأحوال والأحداث من حولهم وهم لا يتغيرون ولا يحدثون توبة ولا تعرف لهم أوبة ..

إذاً يأتي رمضان هذا العام مختلفا عما سبق مثقلا بهذه الحمولة من المتغيرات والمتحولات فما هو موقف المسلم إزائها؟ وكيف يستثمر الصائم فرصة رمضان ليحدث ثورة في نفسه، ثورة على شهوته ونزوته، ثروة على مكامن الضعف فيه، ثروة على كل ما يجره إلى التراب ويدفعه إلى التباب .. وهذه هي الثروة الحقيقة التي تبني ولا تهدم وترقي ولا تشقي.

إن رمضان في حقيقته -أيها الأحباب- ثورة عظيمة، ثورة ضد الشهوات، ثورة ضد العادات، فهو فرصة سانحة لكل من أراد أن يذكر أو يحدث تغييرا ..

وهذا التغيير المطلوب بمقتضي ثورية رمضان هو التوبة إلى الله والرجوع إلى الله وتلكم والله أعظم ثورة يحدثها العبد في حياته يوم أن يثور ضد نوازع الشر فيه، يوم أن يثور ضد وساوس الشيطان ونزغاته، يوم أن يتخلص من القيود المعوقة التي تعوق سيره إلى الله ..

لكل من أراد ذلك ها هي الفرصة قد أتت وقد لا تعود فالتزم أمر ربك وإلى المعاصي فلا تعود، وبادر قبل أن تُبَادر، وافعل ما تؤمر قبل أن تموت وتقبر، واستغل قبل أن تنتقل .

ورمضاننا هذا كما أسلفت يأتي هذا العام بطعم خاص، يأتي وقد تقدمته أحداث وأمور تأكد بما لا يدع مجال للشك أو الريبة بأن العزة للدين والخسار والبوار والذلة للمعاندين المكابرين، أحداث تأكد بأن الدنيا دار خداع، دار غرور لا تستقر على حال، أحداث تؤكد بأن عين الله لا تغفل أبدا وأن الله وإن أمهل فما أهمل (وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) [المؤمنون: 17]، فكم ممن كان بالأمس القريب له شأن وأي شأن فأصبح بين عشية وضحى الذليل المهان فسبحان من (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29].

إن من نعم الله عليك أيها العبد أن ترى مَثُلات الله ماثلة أمامك وما أجلها من موعظة حينما يجتمع المذكور في القرآن مع المنظور للعيان، عندما يتحد المتلو مع المجلو تكون العبارة أعمق والفائدة أصدق والتوبة أوفق .

إذاً في ظل هذه المتغيرات وهذا العالم الذي يتغير من حولك هل فكرت أن تتغير؟ هل فكرت أن تتوب؟ أما أرهقتك الذنوب .. أما ألمتك العيوب .. أما رفعت لافتة ضد نفسك مكتوب عليها كفى .. كفى إعراضا .. كفى صدودا .. كفى عنادا.. كفى جحودا (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ..) [الحديد: 16].

أما آن لعبدة القبور أن يعلموا أن تجارتهم ستبور، أما آن لقاصد السحرة والكهان أن يتعلقوا بالعزيز الرحمن، أما آن للمتهاونين في صلاة الجماعة أنهم أضاعوا أربح البضاعة، أما آن للذين أضاعوا الصلوات وولوا وجوههم قبل القنوات أن يستغلوا الأعمار قبل الفوات، أما آن لأصحاب الغش والتدليس أن يتخلصوا من تلبيس إبليس ..

أما آن لبائع الخمور أن يتذكروا يوم البعث والنشور يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماء تمور، أما آن لعُبّاد المال من حرام وحلال أن يرجعوا إلى الكبير المتعال، أما آن لمن يحمل لسانًا كالمقراض يقتحم به الأستار وينتهك الأعراض أن يكفّ عن الناس شره، ويريهم خيره وبره ...

اللسان.. اللسان عباد الله .. اللسان هو ترجمانك وهو العنوان فإما أن يرضيك وإما أن يرديك، إما أن يعليك وإما أن يرميك، فصومك أيها المؤمن من أعظم الآليات التي تمكنك من الانتصار على لسانك وكبح جماحه ..

ولكن أي صوم هذا الذي يمكنك من هذا؟ أي صوم أيها الإنسان الذي يمكنك من لجم اللسان؟ إنه صيام الأرواح لا صيام الأشباح، صيام المعنى لا صيام المبنى ..

إنها لخسارة كبرى أن تظل جائعًا عطشانًا حتى إذا جاء وقت فطورك لم يكتب في صحيفتك أجر صيامك؛ لأنك ضيعت المعنى ووقفت عند المبنى، وقفت على الحروف، والحروف قد تقود إلى الحتوف إذا خلت من سر التعلق وشرط الانتساب.

ألم يقل سيد العارفين وإمام المتقين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، من لم يدع قول الزور كذبا وغيبة ونميمة واتهاما وقدحا وسبًّا وفجورا في القول وطغيانا في الفعل فقد أضاع سر صيامه وحرم الثواب وفقد سر التزكية .

إن رمضان أيها الأحباب من أعظم الأسباب التي تمنعك لقاح الاحتماء وحقن الإنماء وتمكنك من قيادة نفسك من موقع الاقتدار دون منازعة من كبار أو صغار .

إن رمضان أيها الكرام هو شهر الروح بامتياز شهر يغني بالروح ويمدها بكل الروافد التي تنميها وتثقلها، لذالكم تقل فيه وجبات الجسد في حين تكثر وجبات الروح تظل صائمًا مستعليا على رغبات جسدك لتقبل ليلاً على مأدبة ربك لتعيش مع القرآن مع آياته وبيناته وذلك أعظم غذاء للروح .

ويتكرر ذلك معك شهرا كاملا وللتكرار اعتبار، ومن ثم استحق هذا الشهر أن ينسب إلى الله فيقال شهر الله، وأن تنسب عبادة الصوم فيه إلى الله: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأن أجزي به".

لأن الروح هي محل اعتبار ونظر الله، وشتان ما بين أروح هي جنود مجندة وأجساد هي خشب مسندة، فطوبى لعبد فهم عن الله مقاصده في هذا التشريع العظيم ، تشريع الصوم وقام بحق مولاه متلذذًا مستمتعا بعبادة سيده وموجوده .

جعلني الله وإياكم ممن ذُكر فنفعته الذكرى وأخلص لله عمله سرًّا وجهرا آمين ..آمين، والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي جعل الصيام طهارة الأرواح ورق أهله وجعلهم من أهل الفلاح، أحمده على ما منى به من العطايا والمنح، والصلاة والسلام على سيد الصائمين وإمام المتقين وقرة أعين المحبين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم وعيده ووعده.

معاشر الصالحين: إن في الصيام أشفية وأدوية مخلصة ومخصصة، مخلّصة من صور الاستضعاف ومخصصة بمؤهلات الاستخلاف، وكلاهما يتم به ارتقاؤه ويكون اصطفاؤه، فما عليك أخي الصائم إلا أن تمد يديك لشفاء ربك .

إن مسألة التغيير في أنفسنا أيها الأحباب بالانتقال من ماضي العصيان والغفلة إلى واقع الطاعة والإذعان أمر ليس بالهين، أمر لا يتم إلا بألوان من المجاهدة، مجاهدة النفس حتى تستقيم على مراد ربها .

يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المجاهد من جاهد نفسه في الله " أي من جاهد نفسه وصبر على المرارة من أجل الله، وحمل نفسه على مخالفة مشتهياتها من أجل الله..

وأعظم عبادة أيها الأحباب تؤهلنا لهذا المقام مقام المجاهدة مقام تطويع النفس هي "عبادة الصوم" فصيامك يمنحك هذه الفرصة، ويتيح لك التمكن ويؤهلك للانعتاق من شتى صنوف الاسترقاق، وذلك حتى تتولى قيادة نفسك دون انبطاح لشهوة أو استسلام لسهوة.

إن صيامك يؤهلك للخروج من أسر الهوى، يؤهلك للتحرر بالتقوى، يؤهلك للاستقامة على أمر الله، نعم صيامك يؤهلك للتحرر؛ لأن المتحرر الحق هو المتقي الذي تحرر من عبودية الشيطان والهوى ووجّه وجهه لله، وليس المتحرر كما أصبحنا نسمع هو الذي يحارب تعاليم الدين ويصفها بالرجعية ويريد التحلل من كل عقد إيماني، هذا ليس حرا بل إن هذا غارق في الذلة والهوان مكبل بأنواع وألوان من الأغلال والآصار ..

يقول ربنا مبينًا للصنفين المتحرر بالتقوى، وأثير البلوى (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الملك: 22] أفمن يمشي كالبهيمة المكبة ملجمة مكممة، نظرها وفمها إلى الأرض منطرحة منبطحة على كلأ الشهوات رعيا واستنزافا، هل يستوي هذا مع من يمشي على منهج الالتزام؟! أبدا والله لا علاقة ولا مناسبة بين النموذجين ..

ذلكم في ظلمات بعضها فوق بعض والآخر على نور من ربه (هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [هود: 24] إن هؤلاء الذين يريدون التحلل من شرائع الله هؤلاء الذين ينادون مؤخرا بحرية الإفطار الجماعي في رمضان، هم في الغالب لا يخرجون عن حالتين: إما مرضى عندهم أمراض نفسية وعُقد لم يستطيعوا التخلص منها، وإما مدفوعي الأجر دُفعت لهم اللقم من أجل انتهاك الحرم.

إذاً فالأمر لا يخرج عن المرض أو الغرض، وفي كلا الحالتين فإن عاقبتهما إلى ذلة ومصيرهما إلى قلة، فقد أبى الله إلا أن يذل من عصاه وحارب شرعه، والشواهد في ذلك قائمة، ومن لم يقرأها في صفحات التاريخ الغابر فلينظرها في الواقع الحاضر .

قلنا أيها الأحباب: إن الصيام يؤهلك لمرحلة المجاهدة، مجاهدة نفسك ويؤهلك لميادين الجهاد، جهاد عدوك فلن تنتصر على عدوك ما لم تنتصر على نفسك .

ومن ثم نجد أن الصيام مع كونه عبادة هادئة صامتة لا مظهر لها نجده يلتقي في جوهره مع عبادة صارخة معلنة يلتقي فيها صهيل الخيل بمواقع السنابك سنابك العاديات إنها الجهاد، وأول وجه من وجوه التقاء الصيام بالجهاد أنهما شرعا في ظرف واحد في سنة واحدة وهي السنة الثانية من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .

والتقى الصيام أيضًا بالجهاد في الكثير من الأجزية من الجزاءات الأخروية الموعودة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما التقيا أيضًا تاريخيا في أن ظرف الصوم شهد معارك جهادية وبطولية خلدها القرآن وخلدتها السنة وخلدها التاريخ الإسلامي المشرق معارك كانت فاصلة في تاريخ أمتنا وجديرة منا بمزيد من التأمل لوعي دروسها ..

نعم أيها الأحباب لقد شرع الجهاد في نفس السنة التي كتب فيها الصيام وذلك في قول ربنا مشرعا الجهاد بالإذن (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) [الحج: 40]، وفي هذا الالتقاء في ظرف التشريع إشارة واضحة إلى الطابع والسمة الجهادية لعبادة الصوم وذلك حتى يفهم بأن الصوم ليس هو فقط امتناع عن مأكول ومشروب وإنما هو مدرسة تنمية وتقوية، مدرسة إمداد وإعداد، مدرسة اقتدار واستنفار وهو بهذه الصفات يعدك للجهاد؛ لأن الجهاد في حقيقته تضحية وتربية تبتدئ بالسخاء باللذات وتنتهي بالجود بالنفس والذات وهي نفس الدروس التي يمنحها لك الصيام، فالصيام يخلصك من عبادة شهوتك هذه الشهوة التي كانت سببًا صارفًا للكثيرين عن ساحات الجهاد وميادين العطاء والبذل من أجل إعلاء كلمة الله.

يقول ربنا منكرًا ومبينًا العلة التي صرفت الكثيرين عن الجهاد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) ثم توعدهم الله بقوله (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التوبة: 38- 39].

لم يجودوا بمال ولا بحال فتُوعدوا بالاستئصال والاستبدال، ويلتقي الصيام بالجهاد في صورة أخرى من صور الأجزية الأخروية فهذا خلوف فم الصائم وهو ذالكم النتن تلكم الرائحة الكريهة التي تتصاعد من جوف الصائم لخلوه من الطعام هذه الرائحة وإن كانت عندك مستقذرة فإنها عند الله أطيب من ريح المسك ..

وكذلكم دم الشهيد، يقول عليه الصلاة والسلام في الشهيد " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُكْلَمُ – يعني لا يجرح – أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ".

وتلاحظون هنا أن رائحة دم الشهيد تفوح مسك وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وفي ذلك زيادة مزية للصائم بسبب سر الإضافة "الصوم لي وأنا أجزي به".

صورة أخرى من صور التقاء الصوم بالجهاد وهي صورة تبين بجلاء مكانة هاتين العبادتين من الله فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم أن في الجنة باب اسمه الريان يدخل منه الصائمون ولا يدخل منه غيرهم وباب آخر يدخل منه المجاهدون ..

فصومك إذاً باب عظيم من أبواب دخولك على الله ملك الملوك وتقربك منه، ولكن إذا كان هذا الصيام بشرطه، إذا كنت في هذا الصيام من المجاهدين الذين يجاهدون أنفسهم ويجاهدون نزواتهم وشهواتهم ومكامن الضعف فيهم، إذا كنت في هذا الصيام من أصحاب العزمات والبصائر الذين أدركوا معاني الصيام وما للصائم عند الله من ثني المقام فقاموا بحق الله ولم يلتفتوا إلى الفتانين من أصحاب الأهواء الذين يريدون أن يخلو الصيام من أسراره وأنواره، الذين يريدون أن يسقطوا هيبة هذه الشعيرة العظيمة التي أضافها الله إليه ووعد أصحابها بأجر عظيم مدخر لديه ..

قال الله: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69] وأجمع علماء التفسير أن المقصود بالجهاد في هذه الآية هو جهاد النفس؛ لأن الآية في سورة العنكبوت وسورة العنكبوت مكية، والقرآن المكي لم يُفرض فيه الجهاد كما هو معلوم .

اللهم أصلح أحوالنا واجعل بطاعتنا اشتغالنا، وإلى الخيرات مآلنا ..







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 05:54 PM   #12262

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله، الحمد لله الذي له الخلق والأمر، والعزةُ والقهر، تبارك ربُّنا وتفضَّل علينا بهذا الشهر، وبلَّغَنا أواخره العشر، فنحمدُ الله تعالى ونشكرُه، ومن كل سوءٍ وتقصيرٍ نستعفِيه ونستغفرُه، ومن كل خيرٍ وفضلٍ نرجُو الله ونستكثِرُه، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدَّس اسمُه، وعظُم حلمُه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه خيرُ من صامَ واعتكَف، ولربِّه تقرَّب وازدلَف، صلَّى الله عليه وصلَّى على آله وأصحابِه ومن اقتفَى أثرَهم إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فعليكم بتقوى الله -أيها الناس-؛ فإن لباسَ التقوى خيرُ لباس، وهي المُرتجَى حين الرَّحيل وعند الإياس: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
ثم اعلموا أنكم غدًا أمام الله موقوفون، ويوم العرض عليه مُحاسَبون، وبأعمالكم مجزِيُّون، ومن أخلَدَ إلى الأرض بانَت ندامتُه يوم العرض، واعلَموا أن للقبور وحشةً أُنسُها الأعمالُ الصالحة، وبها ظُلمةٌ يُبدِّدُها تدارُك المواسم السانِحة، فلا تغُرَّنَّكم الحياة الدنيا، ولا تُلهيَنَّكم عن الآخرة، وإن الذين يُسابِقُ في الملذَّات لن يرقَى في سُلَّم الطاعات.
ولا تيأسُوا من كثرة الهالِكين، أو تسلُّط الفاسقين: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا) [المائدة: 105].
اللهم أقِل العثرةَ، واعفُ عن الزَّلَّة، وعُد بحلمِك على جهل من لم يرْجُ غيرَك؛ فإنك واسعُ المغفرة، ليس لذي خطيئةٍ من خطيئتِه مهربٌ إلا إليك.
أيها المسلمون: لئن مضَى أكثرُ شهرنا فلقد بقِيَ منه أرجاه، ولئن تصرَّمَت أيامُه فلقد بقِيَ منها ما تكونُ به النجاة، ولئن ترحَّلَت لياليه فقد ظلَّت ليالٍ يتحقَّقُ فيها للعبد مُنَاه.
شهرٌ كريمٌ تتضوَّع بالخير كلُّ ساعاته وثوانِيه، وموسمٌ عظيمٌ باركَ الله كلَّ لحظةٍ فيه، فلم يزَل فيه مضمار لكل مُسارِعٍ ومُسابِق، ولم يزَل الميدانُ مُشرَعًا لكل مُستعتِبٍ ولاحِق.
وإنك لا تعلم -يا عبد الله- أيَّ ساعةٍ سوف تُظِلُّك فيها الرحمات، وتَطالُك فيها النَّفَحات! وأيَّ ليلةٍ تُعتَقُ فيها من النار لتلحَقَ بركبِ الأبرار!
فقد باركَ الله الشهرَ كلَّ الشهر، ولم تزَل أبوابُ السماوات مُشرعةً لرفع الدعوات، ولم تزَل الملائكةُ حاملةً أقلامَها لتكتُب الحسنات والأعمال الصالحات، ولن يمَلَّ مُوفَّقٌ من خيرٍ حتى يكون مُنتهاهُ الجنة.
لم يأسَفِ العُبَّادُ والصالحون على الدنيا عند وفاتِهم إلا على فِراقِ أمثال هذه المواسِم، ولم يسُحُّوا الدمعَ عند رحيلِهم إلا على قيام الأسحار، وظمأ الهواجِر، وعلى الجهاد في سبيل الله.
وأنتم بعدُ في المُهلة. فما أنتم فاعِلون؟! ولم تزالُوا في دار العمل. فكيف تصنَعون؟!
وقد سنحَت هذه السوانِحُ لأقوامٍ قبلَكم فسوَّفُوا وأمَّلوا حتى جاءتهم السكرةُ على حين غِرَّة، فأمسَوا خبرًا من أخبار الماضِين وقد كانوا في دُنياهم مُتمكِّنين، ومن أنفسهم واثِقين، وقد قال الله في مثلِ أولئك: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [الزمر: 56].
ألا وإن من أعظم آثار شهر رمضان على العبد المُوفَّق: توبتُه إلى الله وأوبتُه لمولاه، وفي الحديث الصحيح: أن نبيَّنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- قال: "آمين"، حينما دعا الملَكُ العظيمُ جبرائيل قائلاً: "من أدركَه رمضانُ فلم يُغفَر له فأبعدَه الله. فقُل يا محمد: آمين"، فقال: "آمين".
ولا خيارَ للعبد في التوبة؛ فقد قال الله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات: 11].
أيها المسلمون: بقِيَت ليالٍ هي أرجَى ما تكونُ لليلةِ القدر؛ فجِدُّوا وشمِّروا، فإنه عملٌ يسيرٌ بليلٍ قصيرٍ، وعُقباهُ ثوابٌ جزيلٌ وسعادةُ الأبد.
لا تُثبِّطنَّكم الرُّؤَى والمناماتُ في تحديدها، فلو أرادَ الله إطلاعَ خلقه عليها لفعَل، ولكن عليكم بالعمل.
ولا تتواكَلوا فكلُّ ليالي العشر حرِيَّةٌ بها، وأرجَاها ليالي الوِتر، وأرجاهنَّ ليلةُ سبعٍ وعشرين، وفي كل ليلةٍ لله عُتقاءُ من النار.
وقد كان هديُ نبيِّنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر من رمضان أتمَّ الهديِ وأكملَه؛ إذ هي ليالٍ عظَّم الله أمرَها، وأعلى ذِكرَها وأجزلَ أجرَها. "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شدَّ مِئزرَه، وأحيَى ليلَه، وأيقظَ أهلَه". رواه البخاري ومسلم.
كان يُصلِّي بالناس حتى يخشَوا فواتَ السَّحور، وكان يعتكِفُ العشرَ الأواخِرَ من رمضان، فيُلازِمُ المسجد، ويعمُرُ ليلَه ونهارَه بالعبادة، ويتحرَّى مع الصَّحب الكِرام في هذه الليالي ليلةَ القدر، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قامَ ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه". رواه البخاري ومسلم.
وإنما سُمِّيَت ليلةَ القدر لعِظَم قدرها، وعلوِّ شأنها، ولما يُقدِّرُه الله فيها من القضاء، ويقسِمُه من الأرزاق والآجال.
أنزلَ الله فيها القرآن وباركَها، فقال -سبحانه-: (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: 1- 4].
وأنزلَ في شأنها سورةً كاملة، بسم الله الرحمن الرحيم: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 1- 5].
والمُوفَّقُ من تحرَّاها بقيامِ الليالِي كلِّها، واجتهدَ وصدقَ في تطلُّبها؛ فإن اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنين. عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تحرَّوا ليلةَ القدر في الوِتر من العشر الأواخر من رمضان". أخرجه البخاري ومسلم.
وعن عائشة أيضًا قالت: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُجاوِرُ في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: "تحرَّوا ليلةَ القدر في العشر الأواخر من رمضان". رواه البخاري ومسلم.
وعن عُبادة بن الصامِت -رضي الله عنه- قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليُخبِرُنا بليلة القدر، فتلاحَ رجُلان من المُسلمين، فقال: "خرجتُ لأُخبِركم بليلةِ القدر فتلاحَى فلانٌ وفلانٌ فرُفِعت، وعسَى أن يكون خيرًا لكم، فالتمِسُوها في التاسعة والسابعة والخامسة". رواه البخاري.
وهذا دليلٌ على شُؤم الخلاف والنِّزاع والفُرقة وما يمنعُ من الخير.
أيها المؤمنون الصائِمون: ألِحُّوا على الله في الدعاء؛ فإنه يُحبُّ المُلِحِّين. تضرَّعوا له وارجُوه، واطلُبُوا خيرَيْ الدنيا والآخرة لكم ولأهلِيكم ولقرابَتكم ولبلادكم ولمن ولاَّه الله أمرَكم وللمُسلمين.
واجعَلوا حظًّا من دُعائِكم لإخوانكم المَنكُوبين، وخُصُّوا إخوانَكم في سوريا وفلسطين وبُورما وكل جُرحٍ للمُسلمين ينزِف، لعلَّ الله أن يُفرِّج عنهم بدعوةٍ من صادقٍ لا يُلقِي الناسُ له بالاً وهو عند الله عظيم.
ألِحُّوا فإن الله يحبُّ المُلِحِّين؛ كم صلَحَت بالدعاء أحوالٌ لم يخطُر ببالٍ أنها تصلُح. وكم نامَ ظالمٌ وأتاهُ سهمُ الإجابة قبل أن يُصبِح. وكم من مغالِيق تفتَّحَت وكانت في ظُنون الناس لن تُفتَح.
إن الله يحبُّ قُنوتَ المُخبِتين: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60]، وفي ثنايا آيات الصيام: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].
ألِحُّوا فإن الله يحبُّ المُلِحِّين، والتزِموا مع الله الأدب: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 55، 56].
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلتُ: يا رسول الله: أرأيتَ إن علِمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقولُ فيها؟! قال: "قُولِي: اللهم إنك عفُوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي". حديثٌ صحيحٌ أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه.
بارَك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعَنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقولُ قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 05:55 PM   #12263

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله الذي في السماء تمجَّد، والشكرُ له على الدوامِ سرمَدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه خيرُ من صام وقام وزكَّى وتعبَّد، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه، وعلى آله وأصحابِه أُولِي الفضل والسُّؤدَد، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أيها المسلمون: إن الله تعالى قد شرعَ لكم في خِتام شهرِكم زكاةَ الفِطر، وهي واجبةٌ بالإجماع، كما أنها وجهٌ مُشرقٌ في محاسِن هذا الدين العظيم؛ حيث العيدُ للغني والفقير، والواجِد والمُعدَم.
وحتى يكون عيدًا فلا بُدَّ أن يفرَحَ الجميع؛ روى أبو داود وابن ماجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "فرَضَ زكاةَ الفِطر طُهرةً للصائم من اللَّغو والرَّفَث، وطُعمةً للمساكين".
فاحرِصُوا على أدائِها -رحمكم الله- لمُستحقِّيها، ومِقدارُها: صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو طعامٌ من غالب قُوت البلد؛ كالبُرِّ والأرز. وتُخرَجُ في بلد الصائم، ويجوزُ نقلُه لبلدٍ أهلُه أكثر حاجة، ووقتُها من قبل العيد بيومٍ أو يومين إلى ما قبل صلاة العيد.
ثم أدُّوا صلاةَ العيد مع المُسلمين، واصحَبوا إليها أولادَكم ونساءَكم؛ فهي شعيرةٌ ظاهرةٌ من شعائِر المُسلمين.
ويُسنُّ التكبيرُ ليلة العيد، وصبيحة العيد حتى يدخُل الخطيب، ويُجهَر بالتكبير في الأسواق والطُّرُقات، قال الله -عز وجل-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
أعيادُ المُسلمين تميَّزَت عن أعياد الجاهليَّة بأنها قُربةٌ وطاعةٌ لله، وفيها تعظيمُ الله وذِكرُه بالتكبير في العيدَين، وحضورُ الصلاة في جماعة، وتوزيعُ زكاة الفِطر، وإظهارُ الفرَح والسُّرُور على نعمة الدين، ونعمة تمام الصيام.
فابتهِجُوا بعيدكم، واشكرُوا الله على التمام، واسألُوه القبولَ وحُسن الخِتام.
ثم اعلموا أن الله أمرَكم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وزِد وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارضَ اللهم عن صحابة رسولك أجمعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الطغاةَ والملاحدةَ والمفسدين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنةَ نبيِّك وعبادك المؤمنين.
اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدَى في أهلُ معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهَى عن المنكر يا رب العالمين.
اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين.
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في فلسطين وفي كل مكان، اللهم فُكَّ حِصارَهم، وأصلِح أحوالَهم، واكبِت عدوَّهم.
اللهم إنا نسألُك باسمِك الأعظم أن تلطُف بإخواننا في سوريا، اللهم الطُف بهم، وارفع عنهم البلاء، وعجِّل لهم بالفرَج، اللهم ارحَم ضعفَهم، واجبُر كسرَهم، وتولَّ أمرَهم، يا راحِم المُستضعفين، ويا ناصر المظلومين، اللهم فُكَّ حِصارَهم، واحقِن دماءَهم، وآمِن روعاتهم، واحفَظ أعراضَهم، وسُدَّ خلَّتَهم، وأطعِم جائِعَهم، واربِط على قلوبِهم، وثبِّت أقدامَهم، وانصُرهم على من بغَى عليهم.
اللهم أصلِح أحوالَهم، واجمعهم على الهُدى، واكفِهم شِرارَهم، واكبِت عدوَّهم، اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين ومن عاونَهم، اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين ومن عاونَهم.
اللهم حرِّر المسجدَ الأقصى من ظلم الظالمين، وعُدوان المُحتلِّين.
اللهم أصلِح أحوالَ إخواننا في مصر وفي كل مكان، اللهم اجمَعهم على الحق والهُدى، وأصلِح أحوالَهم، واكفِهم شِرارَهم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 05:55 PM   #12264

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

شهر رمضان فرصة لمن فرط وقصر وتساهل وتعدى على حدود الله، فرصة لمن كذب وزور وخان الأمانة وتنصل من المسئولية، فرصة لمن كان فعله وسلوك سببًا لفساد المجتمع وانتشار الرذائل وترويع الآمنين وتخويف الناس وإقلاق السكينة أن يتوب إلى الله.. وإن المحروم في رمضان من حُرم فيه الخير ولم ..
الحمد لله الذي خلق الشهور والأعوام..والساعات والأيام.. وفاوت بينها في الفضل والإكرام.. وربك يخلق ما يشاء ويختار.. أحمده سبحانه.. فهو العليم الخبير..الذي يعلم أعمال العباد ويُجري عليهم المقادير.. لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو على كل شيء قدير.. في السماء ملكه.. وفي الأرض عظمته.. وفي البحر قدرته.. خلق الخلق بعلمه.. فقدر لهم أقدارًا.. وضرب لهم آجالاً.. خلقهم.. فأحصاهم عددًا وكتب جميع أعمالهم فلم يغادر منهم أحدًا.. وأصلي وأسلم على أفضل من صلى وصام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام.. صلى الله وسلم وبارك عليه.. ما ذكره الذاكرون الأبرار وصلى الله وسلم وبارك عليه.. ما تعاقب الليل والنهار، ونسأله سبحانه أن يجعلنا من خيار أمته.. وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته.

أما بعـد: عبـــــــــاد الله:- ها هو شهر رمضان يحل ضيفًا علينا بعد عام مضى من حياتنا حدثت فيه الكثير من الأحداث وقدم فيه بعضنا من الأعمال ما قدم وأحسن فيه من أحسن وقصر أناس آخرون وتساهل آخرون ورحل عن الدنيا آخرون حسابهم على ربهم والمسلم الحق هو من يتعظ بغيره ويعود إلى رشده ويستفيد من الفرص في حياته..

وإن رمضان لفرصة عظيمة لتقوية الإيمان والتزود من الطاعات والتوبة النصوح لرب الأرض والسماوات والندم على ما فات من التقصير والهفوات في حق النفس والأهل والجيران والأرحام والناس من حولنا.. لذلك ينبغي أن يكون رمضان هذا العام مختلف عن غيره من الأعوام حتى لا يستمر التفريط والتقصير وينتقل الإنسان إلى الدار الآخرة وليس له من العمل الصالح ما يبلغه رضوان الله وجنته، قد غرته دنياه وإمهال الله له وأعجب بأمواله وأتباعه وصحته وأولاده فتكون خسارة ما بعدها خسارة.. قال تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) (الكهف/103-105)...

إنه ينبغي لمن أراد أن يستفيد من شهر رمضان هذا العام ويكون نقطة تحول في حياته أن يركز على أولويات هامة وضرورية من الأقوال والأعمال والسلوكيات ويعزم على القيام بها ويربي نفسه عليها حتى تستقيم حياته ويسعد في آخرته فهو شهر الخيرات والنفحات الربانية وقد كان صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدومه فيقول: «قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم» صححه الألباني كما في صحيح النسائي.

وإن أهم هذه الأولويات التي يجب أن يسارع كل مسلم للقيام بها هي التوبة من الذنوب والمعاصي ورد الحقوق والمظالم إلى أهلها والعزم على عدم العودة إلى ذلك.. فالتوبة هي شعار المتقين..ودأب الصالحين.. روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة " فكيف برمضان شهر الغفران والرحمات والذي لله فيه كل ليلة عتقاء من النار..

فرمضان فرصة لمن فرط وقصر وتساهل وتعدى على حدود الله، فرصة لمن كذب وزور وخان الأمانة وتنصل من المسئولية، فرصة لمن كان فعله وسلوك سببًا لفساد المجتمع وانتشار الرذائل وترويع الآمنين وتخويف الناس وإقلاق السكينة أن يتوب إلى الله..

قال أبو حامد: طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه.. والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه.. مائةّ سنة.. ومائتي سنة.. أو أكثر يعذب بها في قبره.. ويسأل عنها إلى آخر انقراضها.. وقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) [يس: 12].. أي نكتب ما أخروه من آثار أعمالهم.. كما نكتب ما قدموه.. والصوم يهذب سلوك المسلم وخلقه ويحرك ضميره نحو الخير وهو يساعد على تحقيق التوبة النصوح وتقوى الله ومراقبته والخوف منه وتلك هي ثمار الصوم قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لعلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، ويقول صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».. وإن المحروم في رمضان من حرم فيه الخير ولم يتزود منه ولم يعمل فيه أعمالاً تقربه من ربه وتسعده في دنياه وآخرته...

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب *** حتى عصى ربَّه في شهر شعبان
لقد أظلك شهرُ الصوم بعدهما *** فلا تصيِّر أيضًا شهرَ عصيان

عبــــــاد الله: ومن أولويات المسلم في رمضان المحافظة على الصلوات جماعة في بيوت الله والتزود من النوافل والمحافظة على ذكر الله، والإكثار من القرآن قراءةً وسماعًا وفهمًا وتدبرًا وعملاً والتزامًا في واقع الحياة فكم من مسلم هجر القرآن في حياته فتحولت إلى تعاسة وشقاء وذهبت الراحة من الطمأنينة من القلوب وهو دستور أمة الإسلام وسر قوتها وعزتها والمسلم يجب أن يرتبط بهذا القرآن في رمضان وغير رمضان وأن يكون له وردًا من القرآن في كل يوم في رمضان وغيره وأما في رمضان فإنه شهر القرآن قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [ البقرة:185 ].

وهو موسم مدارسة القرآن حيث كَانَ المصطفى صلى الله عليه وسلم: «أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ» [ رواه البخاري ].

والشفاعة تربط بين رمضان والقرآن فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ» [ رواه أحمد ]..

وعن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ. فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ. فَيَقُولُ لَهُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا. فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلاً» (رواه أحمد في "المسند" (394) وابن ماجه في "السنن" (3781) وحسنه البوصيري في الزوائد والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829).

أيها المؤمنون عبـــــــــاد الله: ومن الأعمال والعبادات التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها في رمضان وتكون في برنامجه، المحافظة على صلاة التراويح وقيام الليل لما فيهما من الأجر والثواب والفوائد الروحية والقيم الأخلاقية والصحة الجسدية قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»( مسلم)..

وعن عمر بن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليتُ الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيتُ الزكاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء» (أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما وهو في"صحيح الترغيب للألباني" (1/419/993).

فهل نشمر عن ساعد الجد لتربية نفوسنا على صلاة التراويح والقيام في رمضان حتى تستقيم على هذه العبادة والطاعة طوال العام فتحل علينا البركات وتتنزل علينا الرحمات وتفرج الكربات وتقضى الحاجات وتدفع الشرور والآفات..

وكم نحن محتاجين إلى رحمة الله وتوفيقه ولن تنال إلا بعبادة صحيحة ومناجاة صادقة وعمل خالص..قال تعالى: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة، الآيات: 15-17] ووصفهم في موضع آخر , بقوله: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا) إلى أن قال: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) [الفرقان، الآيات: 64-75].

إن قيام الليل له لذة، وفيه حلاوة وسعادة لا يشعر بها إلا من صف قدميه لله في ظلمات الليل يعبد ربه ويشكو ذنبه، ويناجى مولاه، ويطلب جنته، ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، ويستعيذ من ناره قال تعالى عنهم: (كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:18،17] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار... وقال تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) [الزمر:9]...

ومن أعمال المسلم في شهر رمضان أن ينفق مما أعطاه الله مما قل منه أو كثر كلٌ حسب قدرته وطاقته قال تعالى (مَنْ ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافًا كَثِيرَةً) (البقرة /245) وقال عز وجل: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَيْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ:39)...

فكم من جائع ومحتاج ويتيم ومسكين ومريض وغارم يحتاج إلى من يقف بجانبه ويمد يد العون له ولن يضيع ذلك عند الله..لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس في رمضان وغير رمضان... أخرج البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان يدارسه القرآن في كل ليلة من ليالي رمضان، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة».. فتشبهوا بنبيكم واقتدوا بسلوكه وأخلاقه والتزموا بتوجيهات تفلحوا في الدنيا والآخرة.. اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه وتقبل طاعاتنا واغفر ذنوبنا يا أرحم الراحمين.

قلت قولي هَذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 05:57 PM   #12265

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

عبـاد الله:- ومن أولويات المسلم في شهر رمضان استغلال جميع أوقاته بالعلم النافع والعمل الصالح والانضباط الأخلاقي والسلوكي في البيت والشارع؛ فالصوم لا يزيد المسلم إلا تهذيبًا فرمضان شهرٌ للمراجعة والتغيير والتربية والتهذيب للنفوس وهو مدرسة الأخلاق يقول صلى الله عليه وسلم: «والصيام جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم» (البخاري).

وليس هذا على سبيل الجبن والضعف والخور بل إنها العظمة والسمو والرفعة التي يربي عليها الإسلام أتباعه.. ومن ذلك الانضباط الوظيفي ورعاية مصالح الناس والعمل وطلب الرزق فالصيام لا يعد عذرًا للنوم والتأخر عن الدوام والتقصير في الأعمال والتغيب وتعطيل مصالح الناس..

فرمضان شهر الجد والنشاط والجهاد والبذل والعطاء.. ويستوي في ذلك الموظف البسيط والمدير والوزير ورجل الأمن وكل واحد على ثغرة في هذا المجتمع وهو مأجور عند الله.. ومن أولويات المسلم في شهر رمضان صلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والعفو والتسامح مع إخوانه من حوله..

فإذا كان رمضان هو شهر الغفران والعتق من النيران والتجاوز عن الزلات والهفوات وفيه ليلة يعفو فيها الله عن الكثير من خلقه ومن أراد أن يعفو الله عنه فليعفو عن خلقة فكم من خصومات بين الناس والأهل والجيران والإخوة... وكم من قلوب ممتلئة على بعضها البعض بالحقد والغل والبغضاء والحسد فلماذا لا يسامح بعضنا بعضا... لقد رفعت ليلة القدر كما في ورد الحديث بسبب خصومة بين رجلين من المسلمين فماذا نقول في زماننا هذا والخصومات والخلافات تعصف بالناس عصفا خلافات وخصومات سياسية واجتماعية وقبلية... فهل من عفو يبني به المؤمن عزًا ويرفع به قدرًا لنفسه في الدنيا والآخرة ويحفظ به سلامة مجتمعة وأمنه وازدهاره.. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» [رواه مسلم]..

لقد جاءتِ الآيات متضَافِرةً في ذكرِ الصفح والجمعِ بينه وبين العفو كما في قوله تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ) [المائدة:13]، وقوله: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) [البقرة:109]، وقوله سبحانه: (وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [التوبة:22]..

فلنلتمس الأعذار ولنحسن الظن ببعضنا البعض وليكون العفو سجية كل مسلم خاصة في هذا الشهر المبارك.. وكم هو جميل وعظيم أن نطوي صفحة الخلافات ونبدأ في بناء علاقة مع بعضنا تقوم على التآلف والتراحم والإخاء ولين الجانب ولنتخذ من رمضان محطة انطلاق وتغيير إلى الأفضل.

عبـــاد الله: وشهر رمضان هو شهر الدعاء والتضرع بين يدي الله سبحانه وتعالى ندعو لأنفسنا ومجتمعاتنا وأمتنا وللصائم عند فطره دعوة لا ترد ينبغي أن لا يفرط فيها فقد جبلت هذه الدنيا على كدر وكم نحن محتاجين إلى رحمة الله وعطفه.. فكم في هذه الدنيا مصائب ورزايا، ومحن وبلايا.. آلام تضيق بها النفوس، ومزعجات تورث الخوف والجزع.. فكم في هذه الدنيا من عين باكية، وكم فيها من قلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعدومين.. قلوبهم تشتعل ودموعهم تسيل.. هذا يشكو علة وسقمًا، وذاك حاجة وفقرًا، وآخر همًا وقلقًا!! عزيز قد ذل، وغني افتقر، وصحيح مرض.. وكل له هموم وآلام، فإلى من يشكون؟ وأيديهم إلى من يمدون؟ إلى رب الأرض والسماوات، مجيب الدعوات، ومقيل العثرات، عالم السر والنجوى..

فالدعاء هو أعظم أنواع العبادات،لأنه يدل على التواضع لله، والافتقار إلى الله، ولين القلب والرغبة فيما عنده، والخوف منه تعالى، وترك الدعاء يدل على الكبر وقسوة القلب والإعراض عن الله، وهو سبب دخول النار، يقول تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غافر 60]..

كما أن دعاء الله سبب لدخول الجنة قال تعالى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور: 27-28]..

فاللهم يا موضع كل شكوى! ويا سامع كل نجوى! ويا شاهد كل بلوى! يا عالم كل خفية! ويا كاشف كل بلية! يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين! ندعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت قوته، وقلّت حيلته، دعاء الغرباء المضطرين، الذين لا يجدون لكشف ما هم فيه إلا أنت، يا أرحم الراحمين! اكشف ما بنا وبالمسلمين من ضعف وفتور وذل وهوان واقض حاجاتنا واشف مرضانا واحقن دمائنا وخذ بنواصينا إلى كل خير.....

هذا وصلوا وسلموا على محمد خير البرية ورسول الإنسانية صلى الله عليه وعلى آله وسلم..... والحمد لله رب العالمين.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 05:57 PM   #12266

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

سنقف مع آية واحدة من آيات الصيام نبين عن جمالها، ونكشف عن جلالها، ونسعد الأرواح بفحواها، ونمتع الألباب بمعناها، إنها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ..

قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان) [البقرة:185].

هذا هو القرآن يتحدث عن رمضان، فيجلي منزلته، ويبين عظمته، ويشرح أحكامه؛ ولا أحسن موعظة من القرآن، ولا أجمل حديثا من الوحي، إن هذا الشهر شهر القرآن، فما أحرانا بالنهل من فيضه، والتزود من زاده، والتضمخ بعبيره، والتدبر لآياته، والتأمل في أسراره!.

وإننا اليوم سنقف مع آية واحدة من آيات الصيام نبين عن جمالها، ونكشف عن جلالها، ونسعد الأرواح بفحواها، ونمتع الألباب بمعناها، إنها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].

بدأت بهذا النداء الإيماني اللطيف، حيث دعي المخاطبون بأحب أسمائهم، وأجمل صفاتهم، صفة الإيمان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) فهو أمر كتبه الله، وأوجبه الخالق (كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
الصوم معروف ومشروع في جميع الملل حتى الوثنية، كان عند قدماء الوثنيين المصريين، وعند اليونان والرومان ووثنيي الهند، وجاء في بعض الروايات أن موسى -عليه السلام- صام أربعين يوما، واليهود لهم صيام أيام معينة، وكانوا يصومون يوم عاشوراء، والتوراة فيها مدح للصيام وأهله، وكذلك الأناجيل فيها مدح للصوم، واعتباره عبادة.

(كَمَا).. يا الله! ما أبدع هذه الكلمة! (كَمَا)! يا الله! كم تثير في النفس، وكم تبعث في الفؤاد، وكم تزرع من المعاني واللطائف والذكريات! إنها جاءت لتعطي المشابهة والمماثلة، فمثلكم كمثل الذين من قبلكم، إنه التشبيه البديع الذي يفتح منافذ الأعين والأذهان على سجل حافل بديع جميل من المعاني الرائقة، والذكريات العابقة، والمنن المتدفقة، والعطاءات المتألقة، وهذا التشبيه هو تشبيه في الفرضية فقط، أما الكيفيات والصفات فهي مختلفة؛ فإن رمضان بهذه الصفة لم يكن إلا لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

ولهذا التشبيه أسرار بديعة، وأغراض عظيمة، ومرام بعيدة، ومن أهمها:
الاهتمام بهذه العبادة، والتنويه بها؛ لأن الله شرعها قبل الإسلام لمن كانوا مسلمين، وشرعها للمسلمين، وذلك دلالة على صلاحها، ووفرة ثوابها، ففي التشبيه إنهاض لهمم المسلمين لتلقي هذه العبادة؛ كي لا يتميز بها مَن كان قبلهم.

ومنها قطع لتفاخر أهل الكتاب عليهم بأنهم أهل شريعة: (أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ) [الأنعام:156-157]. فألحَقَ اللهُ المؤمنين بصالح الأمم في الشرائع العائدة بخيري الدنيا والآخرة.

ومن أغراض التشبيه أن فيه تهويناً على المسلمين حينما كلفوا بهذه العبادة بأن غيرهم قد سبقهم بها، وبتحمل تكاليفها. وهذه اللفتات التذكارية، والحنان الرباني، والتسلية الإلهية، ترد في القرآن الكريم لتطمين السائرين، وتسلية المؤمنين، وأعظمهم محمد -صلى الله عليه وسلم- ، فكثيرا ما كانت تعرض عليه قصص إخوانه الأنبياءن وما لاقوه من أقوامهم؛ ليكون في ذلك دفعا لهمته، ونفيا لهمه، وتنفيسا لكربه، وتقوية لعزيمته: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف:35]، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ) [يوسف:111].

ومن أغراض التشبيه إثارة العزائم عند المؤمنين للقيام بهذه الفريضة حتى لا يكونوا مقصرين في قبول هذا الفرض، بل يأخذوه بقوة تفوق ما أدت به الأمم السابقة، وهذا من إثارة المنافسة الشريفة، والمسارعة المحمودة لاستباق الخيرات، وكسب الدرجات، (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين:26].

ومن أغراض التشبيه ما يثيره في النفوس المؤمنة من العزة بالدين، والفرح بالإسلام والفخر بالمنهج؛ لأن الله اختار لهم الطريق الأكمل، والمنهج الأجمل، فوفقهم للسير في درب العظماء، وسبل الأنبياء والأولياء منذ فجر البشرية، هداهم إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

إن المؤمن حينما يعلم أنه يحذو حذوهم، ويقفو أثرهم، يطمئن قلبه، ويرتاح ضميره، وتزكو مشاعره، ويفيض حنينه؛ يا الله! أنا أصوم كما صام نوح، وكما صام إبراهيم، وكما صام موسى وعيسى ويونس وداود ومحمد! عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

ولذلك فإن هذا التشبيه يرد في آيات أخرى كثيرة، يذكِّر فيها الله تعالى المؤمنين بإخوانهم السابقين لهم، المؤمنين مثلهم، مثل قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [النور:55].

ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- ينهج هذا المنهج التذكيري الجميل، فيحاول ربط أمته بماضيها المجيد، وسلفها الحميد، فحينما كان قادما إلى مكة في رحلة حجة الوداع، حينما وصل إلى وادي الأزرق، وقف ثم نظر إلى أصحابه فقال لهم: "أي واد هذا؟"، فقالوا: هذا وادي الأزرق، قال: "كأني أنظر إلى موسى -عليه السلام- هابطا من الثنية، وله جؤار إلى الله بالتلبية".

ثم أتى على ثنية هرشى، فقال: "أي ثنية هذه؟" قالوا: ثنية هرشى -وثنية هرشى: جبل على طريق الشام والمدينة- قال: "كأني أنظر إلى يونس بن متى -عليه السلام- على ناقة حمراء جعدة، عليه جبة من صوف، خطام ناقته خلبة -أي ليف- وهو يلبي" أخرجه مسلم.

وكذلك الحال في الصيام، فها هو -صلى الله عليه وسلم- يذكرهم بماضيهم الطيب، وسلفهم المبارك في الصيام، فيقول: "أحب الصيام إلى الله صيام داود" متفق عليه.

إن المؤمن يشكر ربه، ويحمد خالقه أنه لم يجعله يمشي في طريق الضالين والمغضوب عليهم من الكافرين والماردين والمنافقين، فلم يكن مسيره في ركب فرعون وهامان وقارون والنمرود وأبي جهل وأبي لهب وغيرهم من تلك السلسلة العفنة التي رميت في مزبلة التاريخ، بل هو مختار للهداية، مجتبى للإيمان، موفق للسير الحسن المشرق المشرف المتألق، صراط الله العزيز الحميد.
تلك ومضات مما يوحي به التشبيه الجميل في الآية الكريمة، أما آخرها، وهو قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183].

فهذا يهتف بالحكمة الأسمى، والمطلب الأهم من الصيام، وهو بلوغ درجة التقوى، فالصيام تهذيب وتدريب للإنسان على الكمال الروحاني الذي يؤهله لأن يكون من أهل الآخرة؛ لأن التقوى درجة كبيرة من الشفافية، ومنزلة بديعة من المراقبة، إنها استحضار عظمة الباري، واليقين بمراقبته، والحياء من اطلاعه، إنها المنزلة التي إذا ارتقى إليها العبد قرت عينه، وزكا قلبه، وصفا ذهنه، وهذبت أحاسيسه، وتألقت مشاعره، وامتلأت روحه بجلال الله، ومضت مسيرته على نور من الله، فالسير في رضاه، والنطق في طاعته، والسماع لما يرضيه، والأكل مما أباحه، والشرب مما أحله، والكسب مما شرعه، فهو لله، وفي الله، وبالله، ومع الله.

وتعذيب الجسد في الإسلام لا قيمة له، كثير من الوثنيين كانوا يصومون لتسكين غضب آلهتهم، أو لإرضائها أو استمالتها، وكانوا يعتقدون أن إرضاء الآلهة هو بتعذيب الجسد، وحرمان النفس؛ أما الإسلام فيقول لنا: صوموا وزكوا أنفسكم لكي تصلوا إلى درجــة التقوى؛ لتكون طريقا لأنسكم، وسببا في سعادتكم، وجسرا إلى جنان ربكم.

والصوم هو من أعظم العبادات التي توصل إلى التقوى، وذلك لأمور عدة أهمها الرقابة الذاتية، والموعظة الشخصية، وأن المرء في صيامه تعرض له كل الشهوات، فيترفع عنها ويتركها امتثالا لله، ومراعاة لمراقبته، وهذه الروح لا تزال بالمرء حتى تجعله في قمة المراقبة والحياء منه تعالى أن يراه حيث نهاه.

انظر إلى الصائم تتجلى له الشهوات والملذات في وجهها الخلاب، ومنظرها الجذاب ثم يعرض عنها ولا يلتفت إليها.

هذه هي الزوجة الحسناء، تميس أمامه، وتتمشى بين يديه، في قدها المياس، ووجها الجميل، وملبسها القشيب، وبسمتها الآسرة، ونظراتها الساحرة، يفوح عطرها، وينتثر عبيرها، وهو الذي يهيم بها حبا، ولا يطيق عنها صبرا؛ ولكنه مع كل ذلك كابح لجماحه، كافّ لنفسه، حازم لشهوته، مالك لإربه، ليس خوفا من أحد، ولا مراعاة لرقيب، فالأبواب مغلقة، والشبابيك موصدة، والفراش وثير، والأمر مثير، ولكنه أعرض عنها خوفا، ومراقبة، ومراعاة، وإجلالا، وحياء من الله الواحد الأحد، السميع البصير، العليم الخبير، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. أليست هذه درجة من التقوى بديعة؟.

انظر إلى الصائم، وقد يكون أرهقه التعب، وأنهكه الجوع، وأمضَّه العطش، ثم يرى من صنوف الطعام، وأشكال الشراب، وموائد الأكل، ما تهفو له النفوس، وتضعف عنده القوى، وتتحطم أمامه العزائم؛ مناظر لو رآها في يوم فطره لانقض عليها كما ينقض الأسد، ولَهَبَّ لَهَا كما يهبُّ الصقر، ولكن الصيام هذب نفسه، وصبَّر جوعه، وسكّن ألمه؛ فالله مطلع، والخالق رقيب، والعظيم يرى، فيصرف النفس عن كل ذلك، ويصبح طمعه وشوقه ورجاؤه في غفران ربه، وقبول صومه.

بل هذه هي المرأة الصائمة المؤمنة تظل ساعات في مطبخها، وقد تكون منهارة القوى، ظامئة الفؤاد، وهي تهيئ الطعام، وتعد الشراب، وترتب المائدة، ثم لا تهفو نفسها لها ولا تميل شهيتها إليها، إلا بعد أن تسمع هتاف المؤذن، ونداء الصلاة. أليست هذه درجة من درجات التقوى؟.

انظر إلى الصائم يستفزه الغضب، ويستثيره الخصم، ويماحكه الآخر، ويجـادله المجـادل، ويثير انفعاله الحدث، ويهزه الخطأ، فيكاد يطلق للنفس زمامها، وينساق وراء الغضب، ويندفع خلف الهوى، ويطلق اللسان بما يشاء، فيتذكر الصوم، فيحبس لسانه، ويكبت غضبه، ويكظم غيظه، ويُهدِّئ أعصابه، ويتذكر ربه، ويتعوذ من الشيطان، ولا يسمح لنفسه أن يتمتم إلا بكلمتين خفيفتين لطيفتين حبيبتين: اللهم إني صائم، اللهم إني صائم، أليست هذه منزلة من منازل التقوى.

انظر إلى الصائم! قد يكون في أيام فطره له ميل إلى بعض اللهو، أو ولوغ في شيء من المعاصي، أو جرأة لبعض المحرمات، أو تلبس ببعض المخالفات؛ فإذا صام قاده صومه إلى الطاعة، وجره إمساكه إلى المسجد، وقاده رمضانه إلى الخير؛ وما إن يلم به طائف، أو تستهويه شهوة، حتى يتذكر صيامه، ويحاسب نفسه، ويعاتب ضميره. (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف:201]، فالصيام أعظم مُرَبٍّ للإرادة، وكابح لجماح الأهواء.

ومن طرق الوصول للتقوى بالصوم، أن الصائم عندما يجوع يتذكر من لا يجد قوتا، فيحمله ذلك على الرأفة والرحمة واللين التي تدعوا إلى البذل والصدقة والسخاء وتطرد الأنانية، وتزرع الشفقة، وبها يحصل التكافل والتعاون بين المسلمين، (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح:29]، وهذه منزلة من منازل التقوى.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 05:58 PM   #12267

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

ولعل هذا من أقوى الأسباب وأبلغها في جفاف الروحانيات التي يشكو منه الكثير، ويتبرم ويتضايق من أن نفسه لا تقبل على العبادة، ولا تتأثر بالمواعظ وخاصة القرآن، ربما دخل الشهر الكريم وخرج وعينه لم تدمع خشية لله أو خوفًا منه، بل ترقب -وبكل شوق- متى ينتهي شهر رمضان.




أما بعد: مظاهر غير محمودة تقع خاصة في رمضان، وفيها من التفريط وتفويتِ نيل الأجر الشيء الكثير، بل إنها تعرّض صاحبها لاقتراف الذنوب وتحمّل الأوزار، ذلكم ما يشاهد في شاشات التلفزيون من المسلسلات؛ وخاصة الشعبية منها، والتي يؤجّل عرضها -مع الأسف- حتى تثبت رؤية هلال رمضان، وكأنّ رمضان عندهم شهر الهزل وتضييع الأوقات والضحك والسهر.

إن المسلسلات من هذا النوع؛ لتفعل في نفوس مشاهديها ما تعجز عنه أمضى خطط المكر والتمييع؛ إذ إن هدف الأعداء تفريغ رمضان من معانيه الإيمانية والنفسية والصحية، فإذا تم لهم ذلك بأي وسيلة فهو المطلوب، فضلاً عما يعرض من المباريات الرياضية والأغاني التي يسمونها الأغاني الرمضانية!!

ولعل هذا من أقوى الأسباب وأبلغها في جفاف الروحانيات التي يشكو منه الكثير، ويتبرم ويتضايق من أن نفسه لا تقبل على العبادة، ولا تتأثر بالمواعظ وخاصة القرآن، ربما دخل الشهر الكريم وخرج وعينه لم تدمع خشية لله أو خوفًا منه، بل ترقب -وبكل شوق- متى ينتهي شهر رمضان.

أيها المسلم: إذا كنت جادًّا في إصلاح نفسك واغتنام فرصةِ عمرك والتزود للآخرة فأقلع عما يصرفك عن الطاعات: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه: 132]، واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وستجد انشراح صدرك وإقبال نفسك على فعل الخير والتوجه إليه والفرح بالظفر به والانتفاع.

ومسألة أخرى -معاشر الصائمين- تتعلق بإهدار الوقت في رمضان، ألا وهي الرّكض وراء المسابقات الرمضانية التي يُتعمَّد هي الأخرى نشرها في رمضان، سواء ما كان منها في الجرائد أو الإذاعات المحلية والخارجية، ومنها ما يشاهد في محطات التلفزة، وهي مع ما تضيّعه من الأوقات المتمثّل فيما يجري من المكالمات التليفزيونية بين الشباب بعضهم مع بعض، بحثًا عن حلّ السؤال الفلاني أو التأكد من الجواب، وما يتم بين الفتيات ربما يفوق مثيله عند الشبان.

إن ذلكم مع ما يضيعه من الوقت فإن بعضًا من المسابقات يدخل في تعاملاتها الميسر، والميسر -كما هو معلوم- محرم شرعًا؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) [المائدة:90، 91]، وهو كلّ معاملة يدخل فيها المتعامل في الجهالة، لا يدري هل يغنم أو يغرم، ومعاملةٌ هذا شأنها تُعوِّد متعاطيها على البطالة والكسل وهجر الأعمال المشروعة.

تُطرح في المسابقات الرمضانية وغيرها بطاقاتٌ تباع بأثمان مختلفة، لا يحق لأحد الدخول في المسابقة حتى يشتري هذه البطاقة، فحاله الآن إذًا غارم، فإذا أدخل بطاقته كرخصة دخول فيحتمل أن يكون جوابه صحيحًا فيغنم، كما يحتمل أيضًا خطؤه فيغرم. هذا من جانب. ومن جانب آخر فالبطاقات التي يبيعها منظمو المسابقة كثيرة، بينما الفائزون عددهم محدود، فمن هذا الباب دخلت في حكم الميسر.

فاتقوا الله -أيها المسلمون- في دينكم، واتقوه في صيامكم، فإنه ما شرع إلا من أجل بناء التقوى وعمارتها في القلوب، قال الله -جل شأنه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

فهل يجد المنشغلون والمتابعون للمسلسلات والمباريات والمسابقات، هل يجدون بعدها تقوى أم يجدون ضدها؟!

اللهم حبب إلينا الإيمان.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 05:59 PM   #12268

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

إن الحمد لله...
أما بعد: أيها المسلمون: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].
من المعاني التي لأجلها سمي شهر الصيام بشهر رمضان، أنه شهر ترتمض فيه الذنوب، أي تحترق، ومنه الرمضاء وهي بقايا الحريق. قال الإمام القرطبي -رحمه الله-: "قيل: إنما سُمي رمضان لأنه يرمض الذنوب، أي: يحرقها بالأعمال الصالحة".
فشهر الصوم فيه تلك الخصوصية لذاته، فإن مجرد صيامه إيماناً واحتساباً يحرق الذنوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
أيها المسلمون: إنها مواسم تتكرر كل عام (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) [الفرقان: 62]، شهر الصيام الذي عظّمه الله وكرّمه، وشرّف صوّامه وقوّامه، وخصهم فيه من الأجور ما ليس لغيره من الشهور، حتى جعل أجر صائميه متجاوزاً العشرة أمثال، والسبعمائة ضعف، إلى ما يزيد على ذلك مما لا يُحدّ ولا يُعد، فقال عليه الصلاة والسلام متحدثاً عن ربه عز وجل: "كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به".
فكل الأعمال يمكن أن تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه عند حد، ولا يتوقف عند عدد؛ لأن الصيام تعبّد بالصبر، و(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10].

وقد شرع الصيام لأجل الترقي في أعمال التقوى، فكان رمضان مضماراً للمتسابقين فيها، وميداناً للمتنافسين على أجورها، فتحصل التقوى بنياتها وأعمالها وأخلاقها.

إن رمضان يحل علينا ضيفاً مضيافاً، يكرمنا إذا أكرمناه، فتحل بحلوله البركات والخيرات، يُقدِم علينا، فيقدّم إلينا أصنافاً من الإتحافات والنفحات، ضيف لكنه مُضيف، وربما يكون الواحد منا في ضيافته للمرة الأخيرة! أو ربما ينـزل هو في ضيافة غيرنا بعد أعمار قصيرة، فهلا أكرمنا ضيفنا؟! وهلا تعرضنا لنفحات مضيفنا!.
يقول ابن رجب -رحمه الله-: "بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه، ويدل عليه حديث الثلاثة الذين استشهد اثنان منهم، ثم مات الثالث على فراشه بعدهما، فرُئي في النوم سابقاً لهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة، وأدرك رمضان فصامه، فو الذي نفسي بيده، إن بينهما لأبعد مما بين السماء والأرض" رواه أحمد وابن ماجه وهو صحيح.

نصوم رمضان في كل عام، وهَمُّ أكثرنا أن يبرئ الذمة، ويؤدي الفريضة فليكن همّنا لهذا العام تحقيق معنى صومه إيماناً واحتساباً ليغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وهي كثيرة.
نحرص كل عام على ختم القرآن مرات عديدة، فلتكن إحدى ختمات هذا العام، ختمة بتدبر وتأمل في معانيه، بنية إقامة حدوده قبل سرد حروفه.
يتزايد حرصنا في أوائل الشهر على عدم تضييع الجماعة مع الإمام، فليكن حرصنا هذا العام طوال الشهر على إدراك تكبيرة الإحرام.
نخص رمضان بمزيد من التوسعة على النفس والأهل من أطايب الدنيا الدانية، فليتسع ذلك للتوسعة عليهم بأغذية الروح العالية، في كتاب يُقرأ، أو شريط يُسمع، أو لقاء يفيد.
نحرص على اكتساب العمل النافع لأنفسنا، فليكن النفع متعدياً هذا العام بنصائح تُسدَى، أو كتب تُهدَى، لعل الله يكتب في صحائفنا حسنات قوم دللناهم على الخير، فالدال على الخير كفاعله.
لنفسك وأهلك من دعائك النصيب الأوفى كل عام في رمضان، فلتتخل عن هذا البخل في شهر الكرم، فهنالك الملايين من أهليك المسلمين يحتاجون إلى نصيب من دعائك الذي تؤمّن عليه الملائكة قائلين: "ولك بمثل".

إن للقرآن مذاقًا خاصًّا في رمضان، ولقيام ليالي رمضان خصوصية عن بقية ليالي العام لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه".
إن للقيام روحاً، كما أن للصيام روحاً، وروح القيام هي الخشوع والخضوع والإخبات، وقد كان صلى الله عليه وسلم في صلاة القيام لا يمر بآية تخويف إلا وقف وتعوّذ، ولا بآية رحمة إلا وقف وسأل. استحضِر عند قيامك أنك تمتثل لقول الله تعالى: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238]، فالقيام وحده بالصلاة لا يكفي ما لم يكن القلب قانتاً لله فيه، وتذكّر وأنت تطيل القيام بين يدي الله وقوف الناس في القيامة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وقيامك يوم قيامتك سيقصر ويسهل بمقدار طول قيامك لله في حياتك.

إن الله تعالى ينـزل إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه إلى سماء الدنيا كما ثبت في الحديث فيقول: "هل من سائل يُعطى، هل من داع يُستجاب له، هل من مستغفر يُغفر له، حتى ينفجر الصبح".
وليل المسلمين تحول في عصرنا إلى نهار بعضه عمار وأكثره دمار، فلا تفوّت ساعات التنـزل الإلهي في ليالي رمضان كفواتها في بقية ليالي العام، وسل نفسك يا أخي الحبيب أين ستكون في ثلث الليل هذا؟ هل في لقاء مع الله؟ أم في نوم عن مناجاة الله؟ أم في سهر على معصية الله؟!
لقد ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام حتى أصبح فقال عليه الصلاة والسلام: "ذاك الرجل بال الشيطان في أذنيه"، فإذا كان هذا فعل الشيطان فيمن نام عن الطاعة، فما هو فعله فيمن سهر على المعصية؟!
وإذا كان البعض يستثقل السهر في عبادة الله، فما بال هذا السهر يطول في الغفلة عن الله؟! قيل لابن مسعود رضي الله عنه: "ما نستطيع قيام الليل!" قال: "أقعدتكم ذنوبكم". وقال الفضيل بن عياض: "إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم، قيدتك خطيئتك".

إن رمضان ميزان ومقياس نقيس به مدى الغبن الحاصل في الأعمار والأوقات، فهناك من يُغبن في العشر الأوائل من شهره، على أمل أن ينشط في أوسطه أو آخره، فيقصر في نوال الفضل، وهناك من ينشط في أوله ويكسل في أوسطه وآخره، فيقصر في نوال الفضل، انشغالاً عن الطاعات أو استثقالاً لها، وهناك من يغبن نفسه في الشهر كله، فيخرج منه كما دخل فيه، بل ربما أسوأ مما دخل فيه؛ لأنه هجر القرآن في شهر القرآن، وأفطر قلبه وإن صام بجسده، ونام عن القيام والعبادة، وأقام شهر الطاعة في سهر الغفلة.
يا مذهباً ساعات عمرٍ مَا لهَا *** عوض وليس لفواتها إرجاع
أنفقتَ عمرك في الخسار *** وإنه وجع ستأتي بعده أوجاع

أيها المسلمون: إن شياطين الجنّ رغم تصفيد مردتها وسلسلتهم في رمضان، يتحالف بقيتهم من غير المردة مع شياطين الإنس، لإفساد ذلك الشهر على عباد الله، فهم يتسابقون حتى قبل أن يبدأ الشهر بشهور لكي يملئوا الأيام والليالي الرمضانية بما يمرض القلوب. وبدلاً من الاستكثار من خصال الخير والتسابق فيها يستكثرون من الأفلام والمسلسلات والفكاهات والمسابقات واللقاءات الموجهة القميئة غير البريئة، التي لا تفسد في الأرض فقط، بل تملأ الفضاء بالغثاء الغث والخلق الوضيع.
ومن عجيب أمر العابثين بحرمة الزمان في رمضان، أنهم يغررون بالأمة، فيضاعفون أمامها في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، وجبات حافلة بالمفطرات المعنوية من مغريات الشهوات، فيتقلب المرء في أيام رمضان وهو يظن أنه صائم، وقد تسحر بالشرور وأفطر على الفجور، وتقلب في مساخط الله بين سحوره وفطوره.
والمفطرات المعنوية من الشهوات المحرمة في رمضان، ليست مقصورة على تلك المتعلقة بشهوات العيون والآذان والفروج، بل إن منها ما يتعلق بشهوات البطون.

مسؤوليتك أيها المسلم أن تقوم بدور في رمضان للتصدي لحملات تصدئة الأرواح، التي يقوم عليها لصوص مهمتهم سرقة القلوب أيام الطاعة، حتى لا ترقى بتلاوة أو صيام، ولا تصبر على ذكر أو طول قيام، ولا ترعوي بحفظ سمع ولا بصر ولا فؤاد، اسمع قول الله (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: 36]، لتعلم أن كلا منا سيُسأل عن هذا السمع والبصر والفؤاد، سواء عن نفسه أو عمن استرعاه الله من رعية، وما استحفظه من أمانة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].
أرأيت إلى من ترك أهله في الشهر الكريم يضيّعونه ويفوّتون أيامه، ويضحون بلياليه أمام المفسدات، هل وقى أهله النار؟! أرأيت إلى من أهمل طاعتهم فيه كما يهملها في غيره، هل اتقى الله فيهم؟!

باشِر أحوال أسرتك وأولادك في حفظ الصيام، واصحبهم في الذهاب للقيام، وتفقد أحوالهم مع القرآن، وراقب ترقيهم في مراتب الطاعة والإيمان، وبخاصة في الصلاة (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طه: 132].

انتبه فإنك فرد في جماعة كبيرة، وكل فرد في جماعة المسلمين تلك له عليك حقوق، كما أن لك تجاهه واجبات، وأولى لك وأحرى بك أن تتحرى أحوال إخوانك في شهر الجود، وتتفقد احتياجاتهم في شهر الكرم.
فمن إخوانك من قد لا يجد تمرات يفطر عليها، أو مذقة لبن يبل ريقه بها، بينما قد تتزاحم الأصناف على مائدتك، فلا تدري أي صنف تأخذ وأي نوع تدع. قد تتقلب في مراتع الراحة آمناً، وفي منازل الهدوء والسكينة مطمئناً، وفي إخوانك من ينامون تحت مطارق القلق، ويصحون على هجوم المخاطر، في بلدان تتلون فيها البلاءات، خوفاً وجوعاً وبرداً وحراً، مع نقص في الأموال والأنفس والثمرات.
وقد تتعدد مراكبك، وتتنوع مفارشك، وتتلون أصناف متاعك وأقسام أموالك، ومن إخوانك من لا يجد مثوى يؤويه، أو مسكناً يداريه، أو مركبا يحمله إلى مسيس حاجته وعاجل ضرورته.
وقد تهنأ بالعافية والصحة في رفاه وسعد، وطمأنينة ورغد، وغيرك من الإخوان يقارعون الشدائد ويقاسون المرض ويتشوقون إلى كرام يباشرون أحوالهم، أو أوفياء يتذكرون معاناتهم.

أخي الكريم: عندما تجود على إخوانك فإنك تجود على نفسك، وأنت بعطائك تقرض رب العالمين قرضاً حسناً، سوف يوفيه لك في يوم يفر المرء فيه من أخيه، وأمه وأبيه، سوف تلقى عطائك، وتقطف ثمرة جودك في يوم فقرك وظرف ضرورتك (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة: 245].







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 06:00 PM   #12269

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله ...

أما بعد: أيها المسلمون: ما من موسم من مواسم العام يُعان فيه الإنسان على أعدائه مثل شهر الصيام، فعدو الإنسان الأكبر وهو الشيطان الرجيم وذريته، يقيَّدون في رمضان، ويمكّن المؤمن من إلحاق الهزيمة بهم في هذا الشهر، ليكون في ذلك دُربة له على مواجهتهم في بقية العام، والمعركة الكبرى للإنسان مع الشيطان لا تنتهي، ولعل في هدنة رمضان فرصة لالتقاط أنفاس الإيمان، لجولات أخرى يرغم فيها أنف اللعين، وتُعان النفس على الصمود أمام نزعه ونفثه ونفخه.

ويبقى عدوان للإنسان بعد عداوة الشيطان وهما: النفس الأمارة بالسوء والهوى المضل، وللإنسان أيضاً عليهما أعوان في رمضان وفي غير رمضان، فالنفس الأمارة بالسوء، يستعان عليها بالقلب الحي السليم الذي ينازعها في منازعها، ويوجهها إلى وجهات المعالي، بترفعه عن سفاسف الأمور.

وأما الهوى فيغالب بالعقل، فما أنعم الله تعالى على الإنسان بالعقل، إلا أنه عقال للهوى، يمنعه من الخفة التي تطير به إلى الهاوية، فما سمي الهوى بالهوى إلا لأنه يهوي بصاحبه إلى كل هاوية ويقوده إلى كل داهية (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) [الفرقان: 43- 44].

وأخيراً هل لك في مناسبة تستدرك فيها ما فات من عمرك؟!
هل لك في ساعات تضاعف الأعمال فيها بالآلاف والمئات؟!
هل لك في أمسية تصافحك فيها الملائكة، وسيد الملائكة جبريل عليه السلام، فيسلمون عليك ويدعون لك ويؤمّنون على دعائك؟!
هل لك في لحظات إن وافقتها أخرجتك من ذنوبك التي قدمتها؟!
هل لك في ليلة لا تدرك قدرها العقول ولا تفي بوصفها الألسنة؟!
إنها ليلة القدر (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) [القدر: 2]، فإن فزت فيها فأنت الفائز، وإن حُرمت منها فأنت المحروم (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 3- 5]، فقد سألت عائشة -رضي الله عنها- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله إذا شهدت ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني".
يا رب عبدك قد أتاك *** وقد أساء وقد هفا
يكفيه منك حياؤه من *** سوء ما قد أسلفا
حمل الذنوب على الذنوب *** الموبقات وأسرفا
وقد استجار بذيل عفوك *** من عقابك ملحِفا
رب فاعف عنه وعافه *** فلأنت أولى من عفا

عن الحسن -رحمه الله- قال: "إن الله جعل رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر المبطلون".

وفي آخر الشهر! يا ليت شعري من المقبول فتقدم له التهاني، ومن المحروم فتقدم له التعازي؟!
أيها المقبول هنيئاً لك، أيها المحروم جبر الله كسرك.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-04-2022, 06:00 PM   #12270

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

اتقوا الله -تعالى- حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقَى، واحذروا أسباب سخط الله؛ فإن أجسامكم على النار لا تقوى.
معاشر المؤمنين: إن رمضان موسمٌ عظيم، وشهرٌ مبارك، جعله الله فرصةً لترتويَ الأرواحُ بعد عَطَشِها، وتلينَ القلوبُ بعد قسوتها، وتعودَ النفوسُ إلى خالقها وبارئها، لتَنْفِضَ عن ظُهورها الأوزار، وتقترب إلى العلي الجبار، ورغِمَ أنفُ من أدركَه رمضان فلم يُغفَر له.
أحبتي في الله: إن مواسِمَ الخيرات فرصٌ عابرة، يغنم فيها الصابرون والمشمِّرون القربَ من الله -جل وعلا-، ومن وفَّقَه الله -تعالى- للعمل الصالح فاز بسعادةِ الدارين، وكان من المُقرَّبين.
اللهم اجعلنا من المُسارعين إلى رضوانك، والفائزين بمغفرتك وجِنانك.
عباد الله: رمضان شهرُ الرحماتِ والبركاتِ، والحسناتِ والخيرات، تُفتَّحُ فيه أبوابُ الجِنان، وتُغلَق فيه أبوابُ النيران، وتسلسل فيه الشياطين، وفيه ليلةُ القدر التي قال الله -تعالى- عنها: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر: 3].
ولله -تعالى- عُتقاءُ من النار: "من صام رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
و "من قام رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
و "من قام ليلة القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
"خَلوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريحِ المِسك، وللصائم فرحتان: إذا أفطرَ فرِح بفِطره، وإذا لقِيَ ربَّه فرِح بصومه".
وفي صحيح مسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "... ورمضان إلى رمضان مُكفِّراتٌ لما بينهنَّ إذا اجتُنِبت الكبائرُ".
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة: 185].
كان جبريلُ -عليه السلام- يُدارِسُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان.
وكان السلفُ -رحمهم الله- إذا جاء رمضان تركُوا الحديثَ وتفرَّغوا لقراءة القرآن، وفي الحديث: أنَّ الصيامَ والقرآنَ يشفَعان لصاحبهما يوم القيامة.
فرمضان من الفرصِ العظيمة لمن أراد أن يُخْلِصَ دينَه لله، ويتخلَّصَ من أدران الذنوب والمعاصي، فبادروا بالتوبة، وأكثروا من الاستِغفار؛ فإن الذنوبَ مُقعِدةٌ عن الطاعات، وحائلٌ عن القُرُبات.
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، ثم بصيانةِ صومِكم عما يجرَحه، أو يُنقِص أجرَهُ أو يُحبِطه، فرب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر والتعب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يدَع قولَ الزور والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه".
وفي الصحيحين أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفَث ولا يصخَب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتلَه فليقُل: إني صائمٌ".
وقال: "ليس الصيام من الطعام والشراب؛ إنما الصيام من اللغو والرفث".
فإذا كنا نمنَعُ الأجساد عن بعض المُباحات حال الصيام؛ فمن بابِ أولَى أن نمنعَ الجوارح عن الحرام.
ومما يُنقص أجر الصيام: الغيبة والنميمة، والسِّبابُ والشتائمُ والتلفظ بألفاظ نابية.
وكذلك مشاهدة النساء المتبرجات سواء في الأسواق أو على الشاشات، ومتابعة المسلسلات، فأوقاتُ رمضان أثمنُ من أن تُضيعَ أمام مشاهِدٍ هابِطة؛ لو لم يكن فيها إلا إضاعةُ الوقت الثمين لكان ذلك كافِيًا في ذمِّها؛ فكيف والقنواتُ في سباقٍ محمومٍ مع الشيطان في نشر الفساد والفتنة، والصدِّ عن ذكر الله وعن الصلاة؟!
فأوصي نفسي وجميع إخواني بتقوى الله -عز وجل-، ثم بالمحافظة على الفرائض والواجبات في أوقاتها، وعلى الوجه الذي شرعه الله، وأن نحذر من التشاغل عنها بنوم أو بغيره من المباحات، وأما من تشاغل بشيء من المعاصي فإثمه أكبر وجريمته أعظم.
نسأل الله -جل وعلا- أن يُلهمنا رشدنا، وأن يُصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، وأن يُفقِّهَنا في الدين، ويجعلنا من أوليائه المتقين.
أقول هذا القول، وأستغفر الله...







  رد مع اقتباس
إضافة رد

« آنآ مش آنطوآئى آنتم متتعآشروش | بوح نبض »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 0 والزوار 19)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فـوائد استنشاق هواء الفجر ۩۩ سيد الشرقاوي ۩۩ منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 8 04-26-2012 10:08 AM
فوائد استنشاق هواء الفجر بحبك حبيبي مواضيع عامة - ثقافة عامة 0 12-27-2010 05:33 PM
فوائد استنشاق هواء الفجر .. ؟؟ احمد العليمي صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 2 11-22-2010 04:06 PM
استنشاق زيت النعناع ميدو العثل صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 4 10-25-2010 09:33 AM
استنشاق الورد يقووي الذاكـره الملكة كيلوباترا صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 6 11-27-2009 06:07 AM


الساعة الآن 03:58 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩