التسامح ...

[بحر القمر]

في درب الحياة الممتد ، كثيراً ما تعترضنا مواقف تثيرنا من أشخاص قد يعبثون بمشاعرنا ..

أو يكيدون لنا أو يتعمدون إهانتنا ومن طبيعة النفس البشرية أن يكون لكل فعل وجّه إليها ردة فعل مساوية له .

ولو تأملنا .. فإن في كل قلب ندبة مؤلمة من روح قريبة كانت أو بعيدة وفي كل روح جرح سطحي وربما عميق

مضى عليه الزمن فأندمل أو صارع ليندمل .. ولا شك أن البعض منا الآن قد لاح لها وجه بغيض أو تجربة مؤلمة

عانت أو عانا منها أو معها الكثير !!

يحدث أحياناً أن اسمع في مجتمعنا نحن الشباب بعض العبارات المؤلمة كـ أكره أخي وأتمنى موته

أو أكره أمي !! أو حاقد على صديقي أو قلبي شايل على ولد عمي من سنين ..

وكذلك الفتيات بنفس العبارات ...





وليس لشخص أن يلوم آخر على معاناة خلّفها شخص ما بسوء تصرفه وبرعونة سلوكه ... ورحل بعيداً تاركاً

أثره السلبي وبصمته الموجعة في روح أخرى ما احببت قوله أن ( الحزن ، الغضب ، الكره الخ .. ) كلها مشاعر

طبيعية جداً ووارد حدوثها إزاء السلوكيات السلبية الصادرة من الغير تجاهنا لكن من غير المتوقع أن يكون

استمرار هذه المشاعر لفترة طويلة وسنين مديدة أمراً طبيعياً وسلوكاً محموداً ..

قد نقول ( مستحيل أو صعب علي عمل ذلك ) وربما يكون كذلك فعلاً أو ان المسيء لا يزال يمارس اضطهاده

عليها ، لكن كل هذا ليس مبرراً بأن نستمر في جلد ذواتنا بسياط الحقد ، وان نترك أكوام الغضب والكره

تتراكم في قلوبنا لأشخاص قد رحلوا ونسوا ما خلفّوه من إساءات في حقنا منذ سنين ..

أو لأشخاص موجودين فعلاً على خارطة حياتنا لكنهم لا يستحقون أن نفرد لهم مساحات من تفكيرنا

أو شعورنا ..

يقول جيرالدج جامبولسكي صاحب كتاب ( التسامح أعظم علاج على الإطلاق ) إن القرار بعد التسامح هو

قرار بالمعاناة إما أن تسامح تماماً أو لا تسامح على الإطلاق ...

أود أن اهمس في أذنك بألا تسامحي لأحد أن يملك حجرات سوداء في قلبك وذلك من أجلك قبل أن يكون

لأجله ،، فالحياة أقصر من استرجاع ذكرياتنا السيئة فيها .. والصحة أغلى من أن نبددها في انفعالات

مستمرة لا تنتهي على من يستحق ومن لا يستحق ...

التسامح طاقة علاجية كبرى لو استخدمناها بحكمة في حياتنا وذلك بأن نسمح لأنفسنا بالتعبير المتزن

( في وقت الحدث ) عن الشعور السلبي الذي تولّد داخلنا .. ثم نترك فرصة زمنية مناسبة لفشاء الجرح

ونجلعها خلية من التفكير في السبب والمسبب .. ثم أخيراً نفتح ملف الذكرى السيئة بهدوء لنقرر حذف

هذا الملف بصورة أكيدة من سياق عقولنا وقلوبنا .. إما أننا وجدنا عذراً خفياً لمن أخطأ بحقنا أو لأننا نريد

أن نسامح .. لننال بذلك أجراً من الله وليس من السخص نفسه أو لأجل الشخص المعني .....

أو لأننا لا نريد أن نفرغ طاقاتنا ونبدد سعادتنا في ذكرى انتهت وأصحبت ماضياً لن يعود ..

هي دعوة إذا الى التسامح دعوة من أجل أن نكون بخير وسعادة وأن تحلق أرواحنا خفيف بلا أثقال وأن

نصبح بعيدين عن براكين الغضب التي تستهلكنا صباح مساء ،،

دعوة لكي لا نسمح لأحد أن يسلبنا فرحنا وطاقاتنا ومساحات واسعة وآفاقاً رحبة من تفكيرنا ...

في الختام هي دعوة لكي نكون ( الكاضمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )