عندما جفّ قلمي..!!

[بحر القمر]

كالعادة مسكت قلمي لأكتب..وجلست على تلك الطاولة لأستجمع تلك الحروف..
وكالعادة بدأت بالكتابة..ولكني أحسست إن حروفي ليست على ما يرام..
أحسست أنها تخرج مني بسهوله وبدون أي معاني.! مآبها يا ترى..! فتلك ليست عادتها..!
لماذا هي هكذا..؟ هل فعلت شيئا خاطئا..؟ أم أن شعوري ليس صادقا معها..؟

راودتني الكثير من الأسئلة.. ولكن استمريت بالكتابة..مدعيا عدم المبالاة..
وفي لحظة ما.. بين تلك الأسطر الغير صادقه.. توقف القلم عن الكتابة..!
شئ غريب..! لكل تلك الصفحات والأحرف لم يتوقف هذا القلم عن الكتابة..! فلماذا الآن..؟
هل له علاقة بتلك الأحرف ..؟ أم ماذا..؟!

وأيضا .. ادعيت عدم المبالاة..
وقد أهممت بالذهاب إلى النوم.. فقد كان الوقت متأخرا قليلا..
ولكن حدث شئ لم أكن لأتوقعه طوال حياتي..
فجأة..! سمعت صوت بكاء..
خفت كثيرا.. فالصوت يبدوا قريبا جدا..
فنهضت لأتفقد المنزل.. فلم أجد شخصا غيري في ذلك المنزل..
ازداد خوفي كثيرا..لذا عدت إلى غرفة نومي..واستلقيت على سريري..
فأزداد صوت البكاء..!
نهضت من على سريري خائفا..! من هذا الذي يبكي..!
ولماذا يبكي..!
كانت هناك أسئلة كثير تدور في نفسي..وكان يرافق هذه الأسئلة الكثير الفضول..
كنت أريد أن اعرف مصدر البكاء .. وسببه.. ولماذا صوته مرتفع هكذا..!

لذا نهضت ببطء.. وحاولت أن اقترب من مصدر الصوت..
اقتربت واقتربت واقتربت.. حتى وصلت إلى قلمي وأحرفي التي لم أكملها..
فتساءلت بصوت خفيف.. من الذي يبكي..؟!

وفجأة..وبدون أي مقدمات .. نطق قلمي..!!
وقال : أنا الذي يبكي..

خفت وارتبكت .. وعقد لساني..
لم اعرف ماذا أقول أو ماذا افعل..!
حاولت الهرب ولكن أحسست أن قدماي مشلولة .. لا أستطيع التحرك من مكاني..!
وبفعل غير إرادي.. جلست على طاولتي..!

فقلت : يا قلم لماذا تبكي..؟
فقال : هل تسألني..؟ هل أنت من يسأل هذا السؤال..!
هل تسأل وقد كنت غير صادقا معي في إحساسك وشعورك ؟!
فقلت : هل تعلم لماذا لم أكن صادقا معك..؟ لأني اكره الاعتراف بشعوري وإحساسي..
تعبت من أن اكتب شعوري وإحساسي ولكن لا احد يهتم لي..
تعبت من أني أعاني عند كتابة تلك الحروف.. ولكن لا احد يبالي..
فلماذا تشترط عليّ أن أكون صادقا معك..؟
فقال :لكي ترتاح..وارتاح انا ..! فقد مسكني الكثير من الناس ..فكنت اشعر دائما أنهم غير صادقين في شعورهم..
كنت أتحسس آلامهم ومعاناتهم.. لقد كنت أتسائل لماذا لا يكتبون بكل حرية ..! مما هم يقلقون..!
لقد أتعبتني تلك الاسئلة وتلك المشاعر الكاذبة..

لذا امسكني مرة أخرى وكن صادقا معي.. واخرج كل ما يحمله قلبك..
ربما تبكي.. ولكنك سوف ترتاح كثيرا..
وسوف تشعر بسعادة لا توصف..أنت تعلم هذا..! لأنك كنت قد عانقت هذا الشعور كثيرا..
أرجوك امسكني مرة أخرى.. وكن صادقا..

فقلت : حسنا .. سأعدك بان أكون صادقا معك..
واعدك بأني لن ادعك تبكي مرة أخرى ..

وهنا انتهى حديثنا .. وحان الوقت لأفي بوعدي وامسك القلم وأكون صادقا..
فمددت يدي لأمسك ذاك القلم.. وكانت يدي ترتجف..
كلما اقتربت منه زاد توتري وخوفي.. فلم أكن اعلم ماذا سوف اكتب..!
وفي النهاية لامست يدي ذاك القلم.. فشعرت بشعور لا أستطيع وصفه..
شعور ممزوج بالقلق والخوف ونوع من السعاده..

مسكت القلم.. وفتحت صفحه جديدة... لأكتب بصدق..
بدأت بكتابة أول حرف.. لم استطع قراءته. ولكني كتبته بصعوبة..
حاولت إكمال الكلمة.. ولكني كنت اشعر بصعوبة في التنفس كلما كتبت حرفا آخر..
أحسست انه سوف يغمى عليّ ..
استمريت في الكتابة .. إلى أن وصلت إلى الحرف الأخير..
لم أكن قادرا كتابة أي حرف آخر فقد كنت منهك القوى..
ولكن تذكرت وعدي لذا القلم الذي يبكي.. بأن أكون صادقا ولو كلف ذلك حياتي..
فعزمت على كتابة ذلك الحرف .. فكتبته وانتهى يومي بالإغماء عليّ ..

كانت كلمة صعبه جدا.. مع أني لم أستطيع قراءتها في ذلك الوقت.. ولكن لم اكتب كلمة أصعب منها في حياتي بأكملها..
عندما استيقظت .. فتحت عينيّ على قلمي وصفحتي..
فتذكرت معاناتي مع تلك الكلمة بالأمس.. لذا نهضت بسرعة لأقرا ما كتبت..
اقتربت من الورقة.. وحملتها بدي التي كانت ترتجف..
أدرت عيني إلى الكلمة لأقرأها .. فتملكني القلق الشديد ..بأن تكون الكلمة تشرح آلامي ومشاعري ..
تملكني القلق بان لا أحد يهتم لتلك الكلمة.. أو يعيرها شئ من الاهتمام..

ولكن مع ذلك قرأتها..
وتمنيت من أني لم اقرأها.. فقد صدق إحساسي.. وكانت كلمة أخاف أن أقولها يوم من الأيام..
كنت أخاف أن أقولها.. ولا احد يجيب..
فبكت عيني.. وسقطت دمعاتي على تلك الكلمة..
فقد كانت الكلمة التي لم أتوقع أن أقولها ..
فقد كانت ( لا ترحلي )

لذا أرجوك لا ترحلي..
فهل ستشعرين بكلمتي البسيطة هذه..؟
أم ستتجاهلينها .. كما تجاهلها الآخرون..؟
أرجوك لا ترحلي..

..
.