الأهرامات

[ياسر بن عبدالله]

	الأهرامات

ذكر في بناء الأهرام : إنها قبور الملوك , وكان الملك منهم اذا مات وضع في حوض حجارة ويسمى بمصر و الشام (الجرن) وأطبق عليه . ثم يبنى من الهرم على قدر مايزيدون من ارتفاع الأساس . ثم يحمل الحوض فيوضع وسط الهرم , ثم يقنطر عليه البنيان والأقباء . ثم يرفعون البناء . ويجعل باب الهرم تحت الهرم , ثم يحفر له طريق في الأرض بعقد أزج , فيكون طول الأزج تحت الأرض مائة ذراع وأكثر . ولكل هرم من هذه الأهرام باب يدخل منه على ما وصف .
فقد سأل : كيف بنيت هذه الأهرام المملسة ؟ وعلى أي شيء كانوا يصعدون و يبنون ؟ وعلى أي شيء كانوا يحملون هذه الحجارة العضيمة التي لا يقدر أهل زماننا هذا على أن يحركوا الحجر الواحد الا بجهد إن قدروا ؟
فقيل : كان القوم يبنون الهرم مدرجا ذو مراقي كالدرج , فاذا فرغوا منه نحتوه من فوق إلى أسفل , فهذه كانت حيلتهم , وكانوا مع هذا لهم صبر وقوة وطاعة لملوكهم .
فقيل : ما بال هذه الكتابة التي على الأهرام البرابي : (ضنا صاحب معجم البلدان أنها اسم موضوع للعبادة أو البناء المحكم أو موضع السحر) وهي لا تقرأ ؟
فقال : دثر الحكماء وأهل العصر الذين كان هذا قلمهم , وتداول أرض الأمم , فغلب على أهلها القلم الرومي , وأشكال الأحرف للروم .
والقبط تقرؤه على حسب تعارفها إياه وخلطها لأحرف اليوم بأحرفها , على حسب ما ولدوا من الكتابة بين الرومي و القبطي الأول , فذهبت عنهم كتابة آبائهم .
فقيل : فمن أول من سكن مصر ؟
قيل : أول من نزل هذه الأرض مصر بن بيصر بن حام بن نوح . ومر في أنساب ولد نوح الثلاثة و أولادهم , وتفرقهم في الأرض .
فقيل : أيعرف بمصر مقاطع رخام ؟
نعم في الجان الشرقي من الصعيد جبل رخام عظيم كانت الأوائل تقطع منه العمد و القواعد و الرؤوس التي تسميها أهل مصر الأسوانية , ومنها حجارة الطواحين فتلك نقرها الأولون بعد حدوث النصرانية بمئات السنين , ومنها العمد التي بالاسكندرية , والعمود الذي بها الضخم الكبير لا يعلم بالعالم عمود مثله .
و بحسب ما روي في جبل أسوان أخا لهذا العمود قد هندس ونقر ولم يفصل من الجبل , ولم يحك ما ظهر منه , وانما كانوا ينتظرون أن يفصل من الجبل ثم يحمل إلى حيث يريدون .
وسئل عن مدينة العقاب , فقيل : هي غربي أهرام بوصير الجيزة وهي على خمسة أيام بلياليها . وقد وعر طريقها وعميت المسالك اليها , والسمت الطريق الذي يؤدي نحوها .
وذكر ما فيها من عجائب البنيان و الجواهر و الأموال و العلة التي لها سميت مدينة العقاب .
ووصفة مدينة أخرى غربي أخيم من أرض الصعيد ذات بنيان عجيب اتخذتها الملوك السالفة , وزعم أن بينها وبين اخيم من أرض الصعيد مسيرة ستة أيام .
وسئل عن النوبة و أرضها , فقيل : هم أصحاب إبل و بخت و بقر و غنم , وملكهم يستعد الخيل العتاق , واللأغلب من ركوب عوامهم البراذين (وهي دابة دون الفرس غليظة الأعضاء ضخمة تتخذ لحمل الأثقال) . ورميهم بالنبل عن قسي عربية , وعنهم أخذ الرمي أهل الحجاز و اليمن وغيرهم من العرب , وهم الذين يسميهم العرب رماة الحدق .
ولهم النخل و الكرم و الذرة و الموز و الحنطة , وأرضهم كأنها جزء من أرض اليمن . وللنوبة أترج كأكثر ما يكون بأرض الاسلام , وملوكهم تزعم أنهم من حمْير , وملكهم يستولي على مقرا و نوبة و علوة .
ووراء علوة أمة عظيمة من السودان تدعى بكنة , وهم عراة كالزنج , وأرضهم تنبت الذهب .
وفي مملكة هذه الأمة يفترق النيل فيتشعب منه خليج عظيم ثم يخضر الخليج بعد انفصاله من النيل , وينحدر الأكثر إلى بلاد النوبة . ولا يتغير .
فاذا كان في بعض الأزمنة انفصال الأكثر من الماء في ذلك الخليج , وأبيض الأكثر , وأخضر الأقل . فيشق ذلك الخليج في أودية و خلجان و أعماق مأنوسة , حتى يخرج إلى جلاسق و الجنوب , وذلك على ساحل الزنج , ومصبه في بحرهم .
وسأل عن الفيوم و المنهى و حجر اللاهون , فذكر كلاما ً طويلا في أمر الفيوم , وأن جارية من بنات الروم و ابنها نزلوا الفيوم , وكانوا البدء في عمارتها و عمارة أرضها .
وانما كان الماء يأتي الفيوم من المنهى أيام جري النيل , ولم يكن حجر اللاهون مبني , وإنما كان مصب الماء من المنهى من الموضع المعروف بدمونة .
ثم بني اللاهون على ما هو عليه اليوم .
وقيل : ان يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم الصلاة و السلام , بناه أيام العزيز (الريان بن الوليد) . ودبر من أمر الفيوم ما هو اليوم قائم بين من الخلج المرتفعة و المطاطية , وهو خليج فوق خليج فوق خليج و بنى القنطرة المعروفة بسفونة .
وأقام العمود الذي في وسط الفيوم , وهو غائص في الأرض لا يدرك منتهاه منها وهو أحد عجائب الدنياء , مربع الشكل , قد جهد أناس من الأمم ممن ورد بعد يوسف أن ينتهوا إلى لآخره في الأرض حفرا لم يتأت له ذلك , ولا قدروا عليه , وغلبهم الماء فعجزهم ورأسَ هذا العمود مساو لأرض المنهى .
وقيل إيضاً : وأما حجر اللاهون فإن من سطح الحجر الذي فيما بين القبتين إلى ناحية اللاهون . و اللاهون هي القرية , ففي ما بين السطح إلى القرية ستون درجا , وربما قل الماء في المنهى و ظهر بعض الدرج .
وفي حائط الحجر فوارات بعضها اليوم يخرج منه الماء , و البعض الآخر لا يرى .
وفيما بين سطح الحجر الذي بين القبتين و بين القرية شاذروان , وهو من أسفل الدرج . وإنما يدخل الماء الفيوم بوزن الحجر , وجعلت الاسقالة و هي القانطر ليخرج الماء منها , ولا يعلو الماء الحجر أيام سده .
فبالتقدير بني حجر اللاهون . وبقدر ما يكفي الفيوم من الماء يدخل اليها . وبناء حجر اللاهون من أعجب الأمور , ومن أحكم البنيان , ومن البناء الذي يبقى على وجه الماء لا يتحرك ولا يزول .
بالهندسة عمل و بالفلفسة أتقن , وفي السعود نصب .
وقد ذكر أن يوسف صلوات الله وسلامه عليه عمل ذلك بالوحي والله أعلم .

[Transporter]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مشكور على عرضك للموضوع بشكل جيد
اشكرك وتحياتي

[عاشق الجمال]

بارك الله فيك وجزاك الله كل خير