..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
الشفاء فى السجود
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 2 -
صدفة البحر
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
ياليت قومى يعلمون ..مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 4 -
زكاة المال ام الضرائب تابع مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : طبيب الهوى - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 4 -
دعوة لنقاش تابع مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 10 -
مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 9 -
سئمت الصمت
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
الفرق بين الكسل والايمان
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 15 -
رأيك خير دليل
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
شاعر الأنسانيه مبارك الأشراف
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الانسانية - مشاركات : 16 -
أيران وحرب الجرذان
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 12 -
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 16 -

الإهداءات


ورقات من كراسة إسكندريات

قسم الخواطر - وهمس القوافى حصرى بقلم الأعضاء


11معجبون

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /09-18-2019, 10:38 AM   #381

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي خيمة العطر ! صفحة من كراسة إسكندريات!!!

خيمة العطر !


... نصبتْ خيمتها؛ بل قل -إن شئت- نصبتْ شباكها؛ -كما يحلو لبعضهم القول- وثبتتْ أعمدتها في فؤاده قبل قلبها؛ وتوسطتها بساري قوي في صميم سويداءه كي يقاوم رياح مشرقيته ومزاجه وبيئته وثقافته وعاداته وتقاليده؛ فهي تريده رجلها الأوحد وليس أحد سواه... كما ويقف ذلك الساري بوجه عواصف عائلتها المحافظة ونظرتهم التقليدية لأبناء الجنوب؛ ولا ننسى مَن عاش ردحا من الزمان على انقاض أمبراطورية أو تقلب بين أحضان ملكية فهو يرى العالم بمنظار خاص به... فهناك فارق بين أن يعمل الأجنبي ماسحاً لسلالم بيت أو حاملا لقطع طوب تُرص فوق فيلا لبناء بيت ... وبين أن يكون هذا الأجنبي يسكن هذا المنزل وذلك البيت؛ ويجلس على طاولة الغذاء متسلقا سلالم البيت ليأخذ مقعدة على مائدة العشاء في بيت نظر للأجنبي على أنه عامل وسيرحل...

كما وحفتها -خيمتها- بمَن يحرس كامل المكان؛ فلا يتمكن أي أحد من الدخول؛ وإزعاج سيدة البيت؛ إلا ضيفاً يتحصل على حق ضيافته ويغادر وإن كانت أختها القادمة لزيارة نهاية الإسبوع من شمال ألمانيا؛ بل وشعرتُ -صاحبة المنزل- أنها تملكت بزمام الزمان؛ فكل ثانية إثناء لحظة اللقاء مع هذا المشرقي محسوبة، فهي امرأة تريده أن يظل بجوارها وأن يبقى معها بعد أن أحبته؛ وإلى الأبد... فهو - رفيقي- المشرقي يحسن معاملة النساء بدفء قلب حار درس أشعار عنتر لعبلته؛ بيتا بيتا في كل قصائده؛ وأدرك بعقل مجنون ليلى أنه لا يوجد غير ليلى؛ وفهم بجوارح صاحب بثينة أنها الأولى والأخيرة ...

بيئة -رفيقي- الثقافية وتربيته على يد جدته لأبيه ثم مِن بعدها أمه علمته كيف يتعامل مع النساء؛ خاصة نساء المجتمع المخملي؛ تلك النساء الآتي يرغمن الذكر على أحترامهن؛ فينحني الرجل النبيل ليقبل أطراف اليد التي تعلوها قفاز الدانتيل الزَهري أو البمبي مناسبا لقطع الهندام الحريري...

رفيقي لا يرتشف قطرة أو رشفةَ عصيرٍ إلا مِن كأس تلك المرأة الغربية؛ إذ هي بأحاسيس حساسة وعواطف جياشة ومشاعر الغربيّة النصرانيّة؛ التي تربت في كاتدرائية القديس يوسف فتعمدت؛ ثم تدرجت في مبكر صباها في كنيسة العذراء الأم القديسة؛ فتعلمت أنه في السماء رب واحد؛ وفي الأرض ابناً تألم من أجلنا؛ فاحتضنت هذا المشرقي بعتباره أنه المخلص من آلامها في مطلع شبابها؛ وحظها التعس مع زوجها الأول؛ فالتربية الكنائسية للمرأة الغربية تلزمها أن تخضع لرجلها؛ إذ هي تحمل الصليب فوق صدرها ليل نهار تقبله في فجرها عند استيقاظها من نومها ومغادرة مرقدها لتغتسل في مستحمها لتطهر من أرجاس حلم الشيطان الرجيم لتعود لتقبل صليب الخلاص فـتقف أمام ما يقابلها من يومها من متاعب وصعوبات... ثم تستقر في فراشها وفوق رأسها علقت جدتها الصليب كرمز وفي مقابل سريرها تجد صورة العذراء تحمل وحيدها... سواء بُعيد الولادة ومواجهة قومها؛ وهي العذراء... أو بعد 14 محطة وهو يحمل الصليب لتضعه في قبره؛ وهي الأم المكلومة...

في هذا المناخ الكنائسي وهذا الجو التعبدي وتحت رعاية راهبات المعابد تربت امرأة رفيقي المشرقي؛ وهنا تتجلى بوضوح عبقرية لقاء الغرب والشرق.. عبقرية إلتقاء النقيض بالنقيض... عبقرية الجمع تحت سقف واحد بين شاب تربى علىٰ فتاوى ابن تيمية؛ أحمد الحراني وعبقريات عباس محمود العقاد؛ وثلاثية نجيب محفوظ؛ المحظوظ بجائزة نوبل للأدب؛ ومن ثم انخراطه في حزب سياسي يناهض الحكم ويعترض على تصرفات وأعمال الساسة... وفي مطلع شبابه حضر حلقات الذكر في جامع الأباصيري وتقلب علىٰ سجاد أبي العباس المرسي؛ وزار السيد البدوي -تبركاً- قُبيل أمتحان الثانوية العامة؛ وذُبح له ديك إنجليزي لطرد الشياطين وسحق وحرق الجان؛ فرفيقي المشرقي تقلب في صباه وشبابه من نقيض لنقيض...

وهي عروس الغرب تقمصت دور العذراء البتول أمامه؛ ونظرت إليه على أنه مخلصها؛ اضف طريقة حديثه الخاص عن نظرته للدين بصفة عامة ونظرته لدينها بصفة خاصة وفهمه لدينه وقيامه بمقارنة بين الأديان معتمداً النصوص في العهد العتيق فالجديد ثم الحديث...

رفيقي لا يرتشف قطرة أو رشفةَ عصيرٍ إلا مِن كأس تلك المرأة الغربية؛ وهي التي تعصره من فاكهة حديقتها، ولا تبتل شفاهُ إلا برحيقها العذب كماء زلال زمزم أو كزخات وقطرات من ماء السماء البكر الطاهر الذي لم يختلط بذرات الكربون المتصاعدة من مداخن الشركات الغربية أو الأمريكية، وهي تعلمت بسرعة فائقة أنه .... ذلك المشرقي .... سواء من ناحية تربية جدته لأبيه أو من ناحية مجتمعه أو بيئته ومن ثم ثقافته بجانب دراسته انه مسلم يعلم الكثير عن الأديان... ولعل هنا إما أن يكون أمر خطير مزعج -كما كان يحدث دائماً مع أختها (نصف ألمانية ونصف نمساوية) أو على العكس أمر ميسور سهل مفرح (كما كان يحدث مع زوجة ابن أختها الصينية؛ الدكتورة).... بسبب أنه درس الأديان... وهو يتكلم بما حُفظَ فسُطِر في الكتب المعتمدة ومِن أقاويل ومقالات ومراجعات السادة الأحبار ورجال الكنيسة الرهبان وكبار علماء علم الكلام أو علم التفسير وعلم الحديث؛ ولعل تركيبته العقلية لأنه درس ما يقرب من 15 عاماً على خلاصة فكر أحد كبار مفكري النصف الثاني من القرن المنصرم؛ وهو لا يقبل الهزيمة أو الإخفاق سواء في الدراسة أو العمل أو المناقشة أو أمام امرأة يريدها .. فدائما أبداً رفيقي ... ذلك المشرقي لا يقبل الهزيمة وإن كان يحسن التراجع خطوات من باب المناورة، ففارق بين انهزام في حرب وبين خسارة معركة.. وهذا دوماً ولعل مولده في نهاية الحقبة الملكية الفاروقية -وبالقطع لا يدري عنها شيئا ما فلم يحدثني ابداً عنها؛ إلا مجرد كلمات من والده سمعها ولم يتعايشها- وبالتأكيد التربية في طفولته وصباه ومطلع شبابه في كامل الحقبة الناصرية؛ وتشبعه بتلك الكريزما الطاغية والتي تلغي مَن يقف بجواره وتلك الشخصية الجبارة لقائد فذ والشخصية المؤثرة في شعوب عربية خرجت لتوها من استعمار مذل سواء بريطاني أو فرنسي وبعضهم يتكلم عن استعمار تركي جعلت أمة عربية بكاملها تشرأب لمثل هذا القائد؛ ولم تتحصل الأمة العربية مثله حين فُقد... الإشكال عند البعض حين يملك علما أو مالا أو سلطة؛ ولم يتزين بعقل راجح أو إدراك واع أن يتسيد فستكون بالفعل كارثة...

المرأة الغربية أحضرت من معبدها بخور خاص - أعلمني رفيقي أنها اشترته من متجر تركي بعاصمة الجمال وخضراء الجبال «سالزبورج» - لتجمره علىٰ فحم من بولونيا لتعطر خيمتها حين تلقاه...

سحرته أولا بعذب ريقها حيث الحديث ثم سحرته بعذب عصيرها حين الضيافة ثم سحرته بعطر خيمتها حين اللقاء.

ما فهمته من رفيقي : أنهما كانا يحضران كل على انفراد للحظة اللقاء؛ وهذه لعلها عبقرية الإنسان حين يعشق؛ ففارق بين عشق الروح وبين رغبة الجسد!

11 . 09 . 2019

يتبع بإذنه تعالىٰ

ورقة من كراسة <إسكندريات>

رواية الرجل <المشرقي>

د. محمد الرمادي







شاعر الإحساس معجبون بهذا .
  رد مع اقتباس
قديم منذ /09-17-2020, 12:12 AM   #382

مشرف ابداعات الأعضاء الأدبية سابقا

أميـــ الشعـــراء ــــر

 

 رقم العضوية : 66400
 تاريخ التسجيل : Feb 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المكان : Dubai
 المشاركات : 9,076
 الحكمة المفضلة : To Be, Or Not To Be
 النقاط : شاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond reputeشاعر الإحساس has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 1535885
 قوة التقييم : 768

شاعر الإحساس غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

مسابقة the challenging مركز اول الردالقيم فى الابداعات وسام المركز الاول عبقرى العاميه 169 108 30 

افتراضي

افتقدنا صفحاتك يا دكتور
وورقات اسكندرياتك الجميله....
لعلك بخير....
ونشوفك تاني هنا ان شاء الله
تنور الدنيا...

طمنا عليك







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-21-2020, 09:40 AM   #383

 

 رقم العضوية : 115627
 تاريخ التسجيل : Oct 2020
 الجنس : ~ امرأة
 المشاركات : 11
 النقاط : رحاب عبدالرؤوف will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

رحاب عبدالرؤوف غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو
افتراضي

كلماتٌ زُهِرّتْ بماء الوردِ
وخطت بحب







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-16-2021, 10:55 PM   #384

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

أشكرك من صميم قلبي .. لك ودي وخالص محبتي!
محمد







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-16-2021, 11:25 PM   #385

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

: *﴿«ELLE »...:


** ** ** **

المشهد الأول: [ ١ ] « اَلْمَرْأَةُ الأَفْرَنْجيّة »

.. كانت تحسنُ بجدارةٍ لا نظير لها بين بنات جنسها وبين بنات حواء وفق التاريخ المقروء عبر الدهور والأعصار.. دور « اَلْمَرْأَةِ الأَفْرَنْجيّة » ولا شبيه لها بين نساء العرب مروراً بعصر جاهليتهم أو عصر الجواري والمغنيات أو عصر زوجات الملوك والخلفاء وملكات القصور أو بين نساء العجم حين يطوف الرجل بين بلاد الهند والسند أو ما وراء سور الصين العظيم أو بين نساء الغرب في العصر الحديث وفق ما يشاهده المرء علىٰ الشاشة الفضية تمثيلاً أو ما سجله التاريخ المكتوب أو المسموع أو المشاهد..


.. كانت تحسنُ بجدارةٍ أنْ تلعبَ دورَ المرأةِ الأفرنجية قِبَالَهُ.. ومنذ اللحظة الأولىٰ حين رأها تسير في صالة المطعم الكبير خارجة منها.. وعلىٰ عجل..

.. فهي افرنجيةٌ في مشيتها.. وفي حركتها.. وفي التفاتتها.. وحين تمر بين مقعد وآخر ؛ فقد كانت جالسة علىٰ طاولة في بداية صالة الطعام وهو تقريباً في منتصفها.. ورمقها مِن خلال نظراتها المنبعثة من خلف قصيصةِ شعرٍ ذهبيةٍ سدلت علىٰ جبهتها وكأنها تنظر من علو لرعيتها.. هي إمبراطورية من العصر الحديث.. حين انتهى عصر الإمبراطوريات القديم واندثر عصر ملكات الزمان وساسة العباد والمتحكمات في البلاد.. وغاب عن النظر أميرات القصور في خدورهن.. وغابت نساء الطبقة العليا في مجتمعات الغرب أو الشرق.. بملابسهن وتسريحات شعورهن.. وطيب عطورهن ومسحات تجميل سماوية فوق خدود وردية..

.. وبعد أن تعارف عليها كانت افرنجية عند قدومها بخطوات ثابتة لمقابلته.. أو عند أنتظاره قليلاً في محطات القطارات أو محطة المترو أو الأوتوبيس.. كي تصاحبه سفراً من مدينته إلى مدينتها..


وكانت أفرنجية عند وقوفها أمامه.. وكأنها ترغب أن ينتبه لفستانها أو قوامها أو شنطة يدها أو حتى جوربها وحذائها.. أو .. عند تحيتها له سواء بإمائة رأس .. أو جذع .. أو لمسة يد .. أو ذراع أو همسة كمذاق العسل فوق آحدىٰ أذنيه.. أو .. عند السير بجواره متأبطة ذراعه تهز كتفه بكتفها عمداً خلال المسير أو لتعلو خطوتها فوق رصيف شارع أو الهبوط إلىٰ درج قطار.. أو.. عند الجلوس بجواره علىٰ طاولة في مقهىٰ من أرقىٰ مقاهي فيينا الشهيرة أو المقهىٰ العتيق في مدينة سالزبورج أو مدينة جراتس ..

.. كانت أفرنجية عند الحديث معه.. وعند إلقاء كلماتها عند أذنه بإنحنائها لتسمعه هو فقط عذب الحروف التي غمستها في رحيق عسل شفتيها أو أمررتها فوق شهد مخلوط بكلماتها.. وكيفية نطق حروف مقاطع جملها خاصة حين تستعين بلفظة فرنسية .. أو عند جلوسها في زاوية مقهىٰ أو مطعم تخبره عن تاريخ هذا المطعم أو المقهىٰ.. وحين تستعرض أمامه فستاناً جديداً ابتاعته تواً : وكيف هو مناسب تماماً لقوامها.. ولرشاقتها.. وكيف هو قطعة من جسدها ولحمها وجلدها فالناظر -وهي تُعجب بنظرات غيره: سواء مِن أمثالها من النساء أو الرجال- الناظر لا يجد قطعة دهن زائدة أو شريحة سمن في جسدها الرشيق وقوامها الفارغ؛ وإن كان هنا أو هناك توجد معامل تصليح الجسد أو ما يسمىٰ التجميل الصناعي يحشىٰ البدن بدهون في مناطق بعينها كالأرداف أو البطون.. أو الصناعة الصينية كقطعة ملابس بلاستيكية تُدَوِر مقعدة النساء أو مؤخراتهن.. أو تكبر صدورهن..

.. كانت أفرنجية حتىٰ في ارتداء حذاء لها سواء كانت الدنيا في فصل الصيف أو الشتاء أو الخريف أو الربيع..

.. هي أفرنجية.. هي إمبراطورة خلعت تاج المُلك وتقبعت تاج الحسن والجمال والدلال.. وعلىٰ رأسها تاج من الذهب المصفىٰ الخالص.. شعرها الذهبي..

.. هي نشأت في وسط الجمهورية النمساوية..

.. رفيقي أُعجب بها منذ اللحظة الأولىٰ التي قابلها منفردة في صالة المطعم الكبير.. ولعله لاحظ قليلاً من علامات الحزن تعلو جبهتها أو شحوب في مقاطع وجهها.. أو فوق خديها..

.. وأَرجعَ -رفيقي- هذا ولعله يعود إلىٰ وعثاء السفر وطول مسافته وقلة وقت النوم والراحة..

.. رفيقي أراد محادثتها.. وبسرعة وبعجلة ملفتة لمن حوله انهىٰ تناول طعامه وصحنه ما زال فيه الكثير من بقايا الطعام.. وقام مسرعا ليتقدم ناحية الباب الكبير كي يبدء في محادثتها أو إلقاء التحية عليها .. فلم يجدها..

.. أختفت عن عينيه آخر امبراطورة تعيش معه في الزمن الحديث وآخر ملكة من ملكات القصور.. وأميرات الخدور ..

.. وكانت الوجبة التي تناولها وجبة عشاء...

فاين يا تُرى ذهبت الملكة!؟..

وأين يا ترى قادت قدميها عيناها!

..

.. ورفيقي حين يعجب بامرأة فهو كالصياد لا يطيق صبراً حتىٰ يقع صيده في شبكته.. فيستريح قلبه وتهدأ نفسه وتقر عينه سرورا وفرحاً..

.. إنه -رفيقي- .. آدم الصغير.. اعتاد كاسلافه علىٰ نوبات الكر .. واعتاد كجدوده على حالات الفر .. فهو يحسن غزل شباك صيده وإحكام المصيدة والتفنن في الصيد وشد القيد كي لا يفر منه صيده الثمين!.

.. حكىٰ -رفيقي- لنفسه بصوت شبه مسموع وهو يقف في بهو المطعم الكبير حائراً .. يقول: لعل صيدي يستريح مِن عناء سفره -كما ظن هو- وعنده محاولة في فطور صباح الغد!.. وكأنه يمني نفسه بأن ما زال كل شئ علىٰ ما يرام وأن الصيد لم يفلت من يده بَعد!

.. هكذا عقلية الرجل ومنذ نعومة أظافره!

.. يلعب بالحصان الخشب حيناً.. أو المصنوع مِن السكر المخلوط بالماء أحياناً ويلهو به وكأنه في مخيلته الصغيرة يمتطيه ويعدو به عبر الوديان ويخوض به البحار والأنهار فيعلو به هضبة ويهبط به واد.. وإن كان حلوىٰ موسم المَوُلِد وفق التقاليد والأعراف الفاطمية علىٰ أرض الكنانة المِصرية.. فإذا اقترب زمن الموسم مِن الإنتهاء حلىٰ فمه بقطع مِن حصانه فيلتهمها.. ثم يعود للعبِهِ.. فكان عنده سيف يضعه في غمده ويدعي أنه يحمي عشيرته وأهل حَيّهِ.. وكان عنده سيارة -في زمنه- كانت الألعاب من الخشب قبل صناعة البلاستيك وقبل الغزو الصيني لأسواق العالم..

.. وهكذا ترىٰ أن الصبي الصغير يتدرب علىٰ الفروسية والمحاربة بالسيف.. ثم يستقل سيارته ليغادر بها إلىٰ مدينة قريبة من مدينته..

.. إذاً هي امرأة أفرنجيّة في هندامها ومشيتها وتلفتها.. ولكنه لا يعلم لها اسماً.. ولا يعلم لها رقمَ غرفةٍ.. وإن سهل عليه معرفة رقم الغرفة إذ غالباً توضع علىٰ طاولة تناول الطعام رقم غرفة النزيل ليحسن معرفة مكان مقعده.. ولكن الوقت مبكر ولعلها ستمكث بضعة أيام مثله..

.. كانت هذه الحادثة نهاية نهار يوم السبت.. وهو مازال لم يضع أغراضه في موضعها من دولاب الملابس أو أحذيته سواء للخروج أو الرياضية في مكانها..

في صباح اليوم التالي.. وكأنه نسيَّ صيده فذهب إلىٰ صالة تناول طعام فطوره دون أن ينتبه.. ثم انتهىٰ من الفطور وذهب لغرفته وارتدىٰ ملابس الخروج واراد ان يتعرف علىٰ معالم المدينة الصغيرة التي حلَّ بها ضيفاً لعدة إيام أو زائراً وقد تطول لها زيارته.. وإثناء سيره وجد كنيسة قديمة.. وكاد يبدء القُداس الصباحي فاراد التعرف علىٰ ما يفعلونه ورؤيتها من داخلها.. من باب حب الاستطلاع ومعرفة ما عند الآخر من ثقافة وعادات وتقاليد وعرف ودين..

وبمجرد أن وضع اقدامه علىٰ مدخلها وكأن نور السماء بزغ من زاوية يسار الداخل.. فإذا بها -الأفرنجية- تجلس في المقاعد الخلفية.. فما كان منه إلا أنه تقدم وجلس في المقعد الطويل خلفها مباشرة.. إذ أن بجوارها لا يوجد مكان خال..

انتهىٰ القُداس وكان مِن التقليد الكنائيسي المتبع أن يسلم الجار علىٰ جيرانه في مقعده قائلا لهم :


«Friede sei mit dir.‟»

وبالرغم من أن رفيقي يحسن لغة منطقة الألب جيداً.. إلا وكأنه لم يسمع بهذه الجملة مِن قبل.. حيَّت -الأفرنجيّة- رفيقتها عن يمينها ثم جارة يسارها .. ثم استدارت للخلف فوجدته في انتظارها ليسمع لأول مرة صوتها وهي تنشده القول :


«„..السَّلامُ عليكَ(*) . سلامُ الله.. محب السلام .. عليكَ »



رفيقي -في حقيقة أمره ومنذ أن وعىٰ علىٰ الدنيا يحسن لعب دور الفتىٰ المشرقي.. خاصة الإسكندراني.. سواء في مدينته.. مسقط رأسه المطلة علىٰ البحيرة المتوسطية البيضاء.. أو حين يغادرها إلىٰ بقعة آخرىٰ.. كأنه مبعوث مدينته ورسول بلدته .. ومن ثم فهو الرجل المشرقي هنا أو هناك!...
أو الإسكندراني بأمتياز

-**-

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

(*) لعله.. فَهَمَ متأخراً لما اسمعته ذات مرة :

"Back To Black"


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ


(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

المشهد الثاني: [ ٢ ] «المرأةِ الأفرنجية »



ورقةٌ مِنْ كُراسة إِسْكَنْدَرِيَّات



د. الْفَخْرُ؛ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ؛ ثم الْمِصْرِيُّ؛﴿ نَزِيلُ فيَّنا.. المطلة على الدانوب الأزرقمُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ؛ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ؛ بِـمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَىٰ-


Dr. MUHAMMAD ELRAMADY


الثلاثاء : ٥ رجب ١٤٤٢هـ ~ 16 فبراير 2021 م


-**-.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-18-2021, 11:15 AM   #386

موقوف
 

 رقم العضوية : 115759
 تاريخ التسجيل : Feb 2021
 الجنس : ~ أنثى
 المشاركات : 25
 النقاط : ebtihal sobhy will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ebtihal sobhy غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو
افتراضي

مشكورين بالتوفيق ان شاء الله







  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-13-2021, 03:02 PM   #387

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي الرجل المشرقي


رواية :





الرجل المشرقي(*)


(*) ما أقُصُه مِن خلال كتابتي لهذه الرواية - آحدىٰ ورقات كُراسة إِسْكَنْدَرِيَّات - يمتزج فيها الخيال بالواقع؛ ويتعانق فيه الرجاء بالمفقود ويختلط فيه الوهم بالحقيقة وتتبعثر حولها أحلام تحقق منها الشئ النزير وعند الاستيقاظ من غفلة النوم وسرد الأحلام يضيع منها الكثير الكثير. بيد أن هذه الرواية تبقى صحيحة -في أحداثها ومواقفها وجزئياتها- علىٰ ذمة ما رواه لي رفيقي؛ فقد روىٰ لي في عدة جلسات إثناء سفرنا معا أو ساعات تجوالنا أو وقت تناول غذاءنا أو إثناء مذاكرتنا. فهي - روايته- تحمل بين طياتها تأريخ لفئة من جيل ولد في الخمسينات من القرن الفائت في الدقيقة الآخيرة من الحكم المَلكي للعائلة العلوية ذات الجذور الألبانية وتدحرج إلىٰ مرحلة الطفولة في الستينات ووعىٰ علىٰ الدنيا زمن حكم الزعيم جمال عبدالناصر حين ولج هذا الجيل لمرحلة الشباب.. ثم تعاقب عليه حكم رجال الجيش مرورا برجل العلم والإيمان ثم برجل كانت نهايته مؤلمة حين طُرد مِن منصب حاكم البلاد والعباد؛ واللافت للنظر أن في هذا الإسبوع - منتصف مارس 2021م- يرفع الاتحاد الأوروبي منع عائلته من السفر وبعض رموز حكمه.. ثم التعايش بصورة ما مع الصحوة الإسلامية.. إيجابا مع حزب أو نفورا من جماعة ولعل تلك الازدواجية متعددة الأطراف ومتنوعة المشارب بين خليط غير متجانس أوجد أمامنا هذا النموذج من جيل قارب على الانقراض أو كاد..

ما أكتبه روايةً ويصدر مني.. فاسطره بقلمي.. محاولةً مِن كاتب يسردها مِن خلال روايةٍ قصصية -معايشة- يمزج فيها الواقع المنظور والمعاش في الغرب؛ خاصة جمهورية النمسا والتي يرويها الدانوب الأزرق، فتزهر.. ثم تمطر السماء فينبت العشب فوق الجبال ويكسو اللون الأخضر الزاهي التلال.. هذه محاولة مِن الكاتب يمزج واقع غربي ويخالطه مع تلك الحقائق الواقعة علىٰ أرض يخترقها النيل الفضي منذ آلاف السنين فتظل البقعة الصفراء كما هي لم تتلاشَ بعد أو تنقص..

محاولة الكاتب -هذه- يمزج فيها بين الحقيقة وبين الوهم أو بين الخيال وبين الواقع في علاج قضية التواجد العربي/الإسلامي في الغرب الديموقراطي والذي يعلوه سحابة تدين نصراني؛ ومسحة كهنوتية تريح البعض وتزعج آخرين..

يحلو للكاتب ويروق له استحضار نموذج:﴿«الشَاب الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ »ظناً منه.. أنه المؤهل الوحيد لهذا الدور.. وفي نفس اللحظة لا يقلل مِن محاولات الآخرين.. أو من شأنهم.. ونجاحاتهم ..

ولعل إنتماء رفيق الكاتب وهويته وكينونته وسنوات طفولته الأُولىٰ وزمن صباه ومطلع شبابه فوق ثغر الإكسندر المقدوني؛ ومهندسه [دينو قراطيس] .. ثم بعد سنوات لا تحصىٰ [تمَّ لعمرو بن العاص الاستيلاء علىٰ مصر بسقوط الإسكندريَّة في يده سنة 21 هـ المُوافقة لِسنة 642م.] .. ذلك الثغر المطل علىٰ بحيرة متوسطية.. شاطئُها الجنوبي يغسل شَعر القارة الأفريقية صباحَ مساء والآخر ينعش القارة الأوربية شتاءً وصيفاً.. لعل كل هذا وروافد آخرىٰ شاركت دون قصد في تكوين شخصية بطل هذه الرواية..

أرجو أن أعالج قضيته من خلال نسيج روائي هادف وليس مقالات جافة وبحوث مملة!..



أحداث هذه الرواية وقعت بالفعل وامتزجت دموع رفيقي بدموع ﴿«ELLE»واسمها الحقيقي :﴿«Elfriede»:واختلطت دماؤه بدمائها في مشهد درامي لم تسجله عدستي بل حفظته عدسة قرنية عين رفيقي حين صممت أن تجرح اصبعها بدبوس شعرها الذهبي وايضا طرف اصبعه لتختلط الدماء ببعضها البعض فتصير له أبد الأبدين ويصبح لها زمن الدهرين -الدنيا والآخرة- ولن استبق الأحداث .. بل نبدء معاً في السماع!


--*- *-

(1)



الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ؛ ثم الْمِصْرِيُّ؛ مُحَمَّدُ الرَّمَادِيُّ؛ ﴿ نَزِيلُ فيَّنا

-**-

حُرِّرَ في يوم السبت : ٣٠ رجب ١٤٤٢ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين الْهِجْرِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ~ الموافق 13 مِن شهر مارس عام ٢٠٢١ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول -عليهما السلام-.

*

آحدىٰ ورقات كُراسة إِسْكَنْدَرِيَّات


-*-*-*-*-

﴿.«ELLE » * «Elfriede»


** ** ** **

المشهد الأول: [ ١ .]« المرأةِ الأفرنجيّة »

..

هي :﴿« Elfriede» تحسنُ بجدارةٍ لا نظير لها بين بنات جنسها وبين بنات حواء وفق التاريخ المقروء عبر الأعصار ومرور الدهور.. تحسن دور المرأة الأفرنجيّة.. ولا شبيه لها بين نساء العرب مرورا بعصر جاهليتهم أو زمن الجواري والمغنيات أو عصر زوجات الخلفاء القادمات من بلاد الفرنجة وملكات القصور أو بين نساء العجم حين يطوف الرجل بين وديان بلاد الهند والسند أو ما وراء سور الصين العظيم أو بين نساء الغرب في عصور الإمبراطوريات أو العصر الحديث وفق ما يشاهده المرء علىٰ الشاشة الفضية أو ما سجله التاريخ المكتوب أو المسموع أو المشاهد..

كانت :﴿ « Elfriede» تحسنُ بجدارةٍ منقطعة النظير أنْ تلعبَ دورَ المرأةِ الأفرنجية قِبَالَهُ.. ومنذ اللحظة الأولىٰ حين رأها تسير في صالة المطعم الكبير خارجة منها.. وعلىٰ عجل..

.. فهي افرنجيةٌ في مشيتها.. وفي حركتها.. وفي التفاتتها.. وحين تسعىٰ لتمر بين مقعد وآخر؛ فقد كانت جالسة علىٰ طاولة في بداية صالة الطعام وهو تقريباً في منتصفها.. ورمقها مِن خلال نظراتها المنبعثة من خلف قصة شعر ذهبية سُدلت علىٰ جبهتها -عفواً ودون قصد- وكأنها تنظر من علو لرعيتها.. هي إمبراطورية مِن العصر الحديث.. حين انتهىٰ عصر الإمبراطوريات القديم واندثر عصر ملكات ذاك الزمان وساسة العباد والمتحكمات في البلاد.. وغاب عن النظر أميرات القصور في خدورهن.. وغابت نساء الطبقة العليا في مجتمعات الغرب أو الشرق.. بملابسهن الزاهية وتسريحات شعورهن.. وطيب عطورهن ومسحات تجميل سماوية فوق خدود وردية.. كهبة الإله لآحدىٰ مخلوقاته رضا منه!

رفيقي يقصُ عليَّ.. وبعد أن تعارف عليها.. يقول : كانت افرنجيّة عند قدومها بخطوات ثابتة لمقابلته.. تعلوها ابتسامة فرح اللقاء وتغمرها بشاشة سعادة لمس اليد في تحية الصباح أو بعد الظهيرة.. أو عند أنتظاره قليلاً في محطة القطارات؛ والتي لم يجرؤ قطار أن يتأخر لحيظة عند دخوله محطته ورفيقي يقف على رصيف الانتظار.. أو محطة مترو الأنفاق والتي يسارع عطرها سرعة المترو لتخبره أنها قادمة.. أو الأوتوبيس وكأنه يسير بقوة نبض قلبها وليس بالمازوت أو الغاز حماية للبيئةوحفظا للبشرية.. تأتيه كي تصاحبه سفراً مِن مدينته إلىٰ مدينتها.. فهي لا تريد أن يضيع الوقت في زحمة الانتظار..

وكانت أفرنجيّة عند وقوفها أمامه.. وكأنها ترغب أن ينتبه لفستانها.. والذي ارتده ليعجبه.. أو ينظر بتمعن لقوامها الممشوق ليحسن التغزل في جمالها.. أو شنطة يدها.. وقد خبأت شيئا ما لتقدمه لهلتحلية فمه.. أو حتى جوربها وتناسقه مع لون هندامها ولون حذائها.. أو .. عند تحيتها له سواء بإمائة رأس أو جذع أو لمسة يد أو ذراع أو همسة كمذاق العسل فوق آحدىٰ أذنيه.. أو .. عند السير بجواره متأبطة ذراعه تصطدم به فتهز كتفه بكتفها عمدا خلال المسير أو لتعلو خطوتها فوق رصيف شارع أو الهبوط إلىٰ درج قطار.. أو.. عند الجلوس بجواره علىٰ طاولة في مقهىٰ من أرقىٰ مقاهي فيينا الشهيرة أو المقهىٰ العتيق في مدينة سالزبورج أو مدينة جراتس ..

.. كانت أفرنجيّة عند الحديث معه.. وعند إلقاء كلماتها عند أذنه بإنحنائها لتسمعه هو فقط عذب الحروف التي غمستها في رحيق عسل شفتيها أو أمررتها فوق شهد مخلوط بكلماتها.. وكيفية نطق حروف مقاطع جملها خاصة حين تستعين بلفظة فرنسية .. أو عند جلوسها في زاوية مقهىٰ أو مطعم تخبره عن تاريخ هذا المطعم أو المقهىٰ.. وحين تستعرض أمامه فستاناً جديداً ابتاعته تواً : وكيف هو مناسب تماماً لقوامها.. ولرشاقتها.. وكيف هو قطعة مِن جسدها وجُسِّم فوق لحمها كطبقة اصلية من جلدها.. فالناظر -وهي تُعجب بنظرات غيره: سواء مِن أمثالها مِن النساء أو الرجال- الناظر لا يجد قطعة دهن زائدة أو شريحة سمن في جسدها الرشيق وقوامها الفارغ؛ وإن كان هنا وهناك توجد معامل تصليح الجسد أو ما يسمىٰ التجميل الصناعي يحشىٰ بدهون في مناطق بعينها كالأرداف أو البطون.. أو الصناعة الصينية كقطعة ملابس بلاستيكية تُدَوِر مقعدة النساء أو تكبر صدورهن..

.. كانت أفرنجيّة حتىٰ في ارتداء حذاء لها سواء كانت الدنيا في فصل الصيف أو الشتاء أو الخريف أو الربيع..

.. هي أفرنجيّة.. هي إمبراطورية بذاتها.. إمبراطورة خلعت تاج المُلك وتقبعت تاج الحسن والجمال والدلال.. وعلىٰ رأسها تاج مِن الذهب المصفىٰ الخالص.. شعرها الذهبي..

.. هي نشأت في وسط الجمهوريّة النمساويّة.. وهي كما كانت لها مجد ومُلك .. إمبراطورية وملكية!

.. رفيقي أُعجب بها منذ اللحظة الأولىٰ التي قابلها منفردة في صالة المطعم الكبير.. ولعله لاحظ قليلاً مِن علامات الحزن تعلو جبهتها أو شحوب في مقاطع وجهها.. أو فوق خديها..

.. وأَرجعَ -رفيقي- هذا ولعله يعود إلىٰ وعثاء السفر وطول المسافة وقلة وقت النوم والراحة..

.. رفيقي أراد محادثتها.. وبسرعة وبعجلة ملفتة لمن حوله انهىٰ تناول طعامه.. وصحنه ما زال فيه الكثير مِن بقايا الطعام.. وقام مسرعا ليتقدم ناحية الباب الكبير كي يبدء في محادثتها أو إلقاء التحية عليها .. فلم يجدها..

.. أختفت عن عينيه آخر امبراطورة تعيش معه في الزمن الحديث وآخر ملكة من ملكات القصور.. وأميرات الخدور .. وكانت الوجبة التي تناولها وجبة عشاء...

فأين يا تُرىٰ ذهبت الملكة!؟..

وأين يا ترىٰ قادت قدميها عيني إمبراطورية آخر الزمان!

..

.. ورفيقي حين يعجب بامرأة فهو كالصياد لا يطيق صبراً حتىٰ يقع صيده في شبكته.. فيستريح قلبه وتهدأ نفسه وتقر عينه سرورا وفرحاً..

.. إنه -رفيقي- آدم الصغير.. اعتاد كاسلافه من أمثاله علىٰ نوبات الكر واعتاد كجدوده علىٰ حالات الفر فهو يحسن غَزْل الشباك وإحكام المصيدة وإحسان القبض علىٰ الصيد والتحكم في قيده كي لا يفر منه صيده الثمين!.

.. حكىٰ -رفيقي- لنفسه بصوت شبه مسموع وهو يقف في بهو المطعم الكبير حائراً .. يقول: " لعل صيدي يستريح مِن عناء سفره ".. و -كما ظن هو- عنده محاولة في فطور صباح الغد!.. وكأنه يمني نفسه بأن ما زال كل شئ علىٰ ما يرام وأن الصيد لم يفلت مِن يده بَعد!

.. هكذا عقلية الرجل ومنذ نعومة أظافره!

.. يلعب بالحصان الخشب حيناً.. أو المصنوع من السكر أحياناً ويلهو به وكأنه في مخيلته الصغيرة يمتطيه ويعدو به عبر الوديان ويخوض به البحار والأنهار فيعلو به هضبة ويهبط به واد.. وإن كان حلوىٰ موسم المَوُلِد وفق التقاليد والأعراف الفاطمية علىٰ أرض الكنانة المِصرية.. فإذا اقترب زمن الموسم مِن الإنتهاء حلىٰ فمه بقطع مِن حصانه فيلتهمها.. ثم يعود للعبِهِ.. فكان عنده سيف يضعه في غمده ويدعي أنه يحمي عشيرته وأهل حَيّهِ.. وكان عنده سيارة -في زمنه- كانت الألعاب مِن الخشب قبل صناعة البلاستيك وقبل الغزو الصيني لأسواق العالم..

.. وهكذا ترىٰ أن الصبي الصغير يتدرب علىٰ الفروسية والمحاربة بالسيف.. ثم يستقل سيارته ليغادر بها إلىٰ مدينة قريبة مِن مدينته.. إنه آدم الصغير!

.. إذن هي امرأة أفرنجيّة في هندامها ومشيتها وتلفتها وحديثها ومداعبتها له ودلالها.. ولكنه لا يعلم لها اسماً.. ولا يعلم لها رقمَ غرفةٍ.. وإن سهل عليه معرفة رقم الغرفة إذ غالباً توضع علىٰ طاولة تناول الطعام رقم غرفة النزيل ليحسن معرفة مكان مقعده.. ولكن الوقت مبكر ولعلها ستمكث بضعة أيام مثله..

.. كانت هذه الحادثة نهاية نهار يوم السبت.. وهو مازال لم يضع أغراضه في موضعها من دولاب الملابس أو أحذيته سواء للخروج أو الرياضية في مكانها..

في صباح اليوم التالي.. وكأنه نسيَّ صيده فذهب إلىٰ صالة تناول طعام فطوره دون أن ينتبه.. ثم انتهىٰ من الفطور وذهب لغرفته وارتدىٰ ملابس الخروج واراد ان يتعرف علىٰ معالم المدينة الصغيرة التي حلَّ بها ضيفاً لعدة إيام أو زائراً وقد تطول زيارته.. وإثناء سيره وجد كنيسة قديمة.. وكاد يبدء القُداس الصباحي فاراد التعرف علىٰ ما يفعلونه ورؤيتها مِن داخلها.. مِن باب حب الاستطلاع ومعرفة ما عند الآخر مِن ثقافة وعادات وعرف وتقاليد بل أيضاً .. ودين.. وبمجرد أن وضع اقدامه علىٰ مدخل الكنيسة العتيقة وكأن نور السماء بزغ من زاوية يسار الداخل.. فاشاع في المكان بهجة كــ فرحة أعياد الميلاد.. فإذا بها -الأفرنجيّة- تجلس في المقاعد الخلفية.. فما كان منه إلا أنه تقدم وجلس في المقعد الطويل خلفها مباشرة.. إذ أن بجوارها لا يوجد مكان خال.. انتهىٰ القُداس وكان مِن التقليد الكنائيسي المتبع أن يسلم الجار علىٰ جيرانه في مقعده قائلا لهم :


« Friede sei mit dir .»

وبالرغم من أن رفيقي يحسن لغة منطقة الألب إلا وكأنه لم يسمع بهذه الجملة مِن قبل.. حيَّت -الأفرنجيّة- رفيقتها عن يمينها ثم يسارها ثم استدارت للخلف فوجدته في انتظارها ليسمع لأول مرة صوتها وهي تنشده القول :


«„..السَّلامُ عليكَ(*) .»



رفيقي -في حقيقة أمره ومنذ أن وعىٰ علىٰ الدنيا يحسن لعب دور الفتىٰ المشرقي.. سواء في مدينته.. مسقط رأسه المطلة علىٰ البحيرة المتوسطية البيضاء.. أو حين يغادرها إلىٰ بقعة آخرىٰ.. كأنه مبعوث مدينته ورسول بلدته .. ومن ثم فهو الرجل المشرقي هنا أو هناك!...


-**-

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

(*) لعله.. فَهَمَ متأخراً لما اسمعته ذات مرة :

"Back To Black"


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

يليه : المشهد الثاني: [ ٢] «المرأةِ الأفرنجيّة »

ورقةٌ مِنْ كُراسة إِسْكَنْدَرِيَّات

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

مُحَمَّدُالرَّمَادِيُّ

الثلاثاء : ٣٠ رجب ١٤٤٢ هـ ~ 13 مارس 2021 م

-**-


(1)














  رد مع اقتباس
قديم منذ /09-09-2021, 05:39 PM   #388

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي «„اللهُ جاءَ بِكِ .. ‟»


ورقةٌ مِن ْكُراسة إِسْكَنْدَرِيَّات

«اللهُ جاءَ بِكِ .. »
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
في واقعٍ معاش غريب تغيرت فيه نظرة مسلم اليوم العادي للحياة.. نتيجة الضعف العام الشديد الذي طرأ على ذهن المسلم في فهم الإسلام -كتابا وسنة- .. ومن ثم إحسان تطبيقه .. أضف أن الفضاء العام والمناخ السائد والبيئة الحاضنة لا تساعده بل وزاد استيراد بضاعة الغير وأفكاره بل وطريقة حياة الآخرين ونمط عيشهم.. صار لزاماً محاولة تغير الخطاب الديني إلى خطاب أدبي(!).. هذا الخطاب -الأدبي- قد يروق للبعض فيكمل القراءة.. وقد ينزعج منه البعض فيغلق الصفحة.. بيد أنها محاولة .. والأصل أن المحاولات في الخطاب -شرعاً- ينبغي أن تتعدد .. وفقا لحال السائل ووضعه .. فهناك خطاب يخاطب الوجدان والأحاسيس والمشاعر والعواطف أو ما يسمى بالآداب الشرعية.. فتجد السامع قد يبكي تأثراً.. وهناك خطاب يتكلم مع كل ذي لب أو عقل أو قلب فينفتح الفؤاد وتبدء الخلايا الرمادية في مخ الإنسان تعمل فيقبل على فهم القرآن بعد حفظه؛ -طريقة النبي الرسول عليه السلام مع صحابته- فينتقل من الإدراك لآيات القرآن واستيعاب أحاديث الرسول إلى إحسان التطبيق العملي.. ومع كل هذا تبقى محاولة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
.. في لحظاتٍ تحتاجُ الأرضُ الجرداءإلىٰ غيثٍ ينهمرُ عليها مِن أعالي السماء ليروي عطشها منذ حين من الزمان لتخرج خبأها المكنون فتنبت فتراها خضراء تسر الناظر وتطمئن السائر فتطعم الجائع وتسقي العطشان.. فيرقد قرير العين مسرورا.. هكذا كان حال رفيقي.. حبن جاءت!

في لحظاتٍ حين تحصَّل رفيقي علىٰ شهادته العلمية العليا مِن جامعة مرموقة عالمياً؛ ثم يتحصل علىٰ أفضل درجات التقدم العلمي والتكنولوجي في مجال تخصصه فيعلو في كادره الوظيفي.. هكذا كان حال رفيقي .. حين جاءت!

في لحظاتٍ حيت يسير -رفيقي- في طرقات مدينته العتيقة تحيّيه الناس بلقبه العلمي؛ ويستمع إلى كلمته أهلُ العلم التخصصي لضلوعه في حيثيات جزء من علم لم يسبقه إليه أحد؛ وينادىٰ عليه في صالات الإقلاع للطيران في المطارات العالمية بدرجته الأكاديمية.. هكذا كان حال رفيقي.. حين جاءت!

في لحظاتٍ تفتحت له زهرة حياة الدنيا فهو في عز شبابه وكامل قدراته العقلية والذهنية ولكن به خوار نفسي شديد وضعف روحي قاتل.. هي جاءت!

لحظةُ أن جاءت وطلت عليه مِن شباك الحياة بما فيها من نعيم عايشه كان يشعر ببرودةٍ في أطراف اصابعه.. ويحس بتجمد جليدي قطبي في أطراف اقدامه.. إذ أنه كان يشعر أنه بمفرده مع وجود هذا الحشد من الناس والنجاحات من حوله.. في تلك اللحظة.. جاءت!

والتناقض الذي لم يستطع أن يفك رموزه أنه كان كل عام خاصةً أيام ميلاده يذهب -بمفرده- إلىٰ رؤية الكعبة المشرفة ويتمسح بكسوتها -كما تفعل العامة- ويضع جبهته فوق جدرانها ويمكث يدعو ويلح في دعائه؛ لعل خالقه يستجيب له؛ فهو يريد أن يحسن العمل فيتقنه ويتفوق على اقرانه في عدة مجالات هو يهتم بها.. فهو يرغب أن يتشبه بجيل الأوائل: زمن الشيخ / محمد رشيد رضا وأستاذه/ الإمام .. محمد عبده. والأديب عباس محمود العقاد و وزير المعارف د. طه حسين..


ثم يقوم بزيارة مكة المكرمة وما حولها، ويصعد جبل النور ومِن غارٍ أعلىٰ الجبل يطل بناظره علىٰ الكعبة وكأنه بين السماء والأرض ويعود بروحه إلىٰ بدء دعوة خاتم الأنبياء..


فرفيقي يؤمن بمبادئها (دعوة خاتم الأنبياء).. فيشحن جميع جوانبه الجسدية والفكرية والروحية والنفسية بــ طاقات إيجابية قرآنية نورانية؛ وكأن عبق المكان وعبير الزمان يفتح عليه بآيات بعينها من وحي الرحمن يشعر حين يقرأها كأنها نزلت في زمنها الأول لتخصه فترفع من معنوياته وتزيد من صهر معدنه في بوتقة الإيمان فيزداد يقيناً بما هو عليه من عقيدة التوحيد؛ وخالص العبودية للواحد القهار الرحيم؛ وخضوعه للآِله الفرد الصمد..


ثم يأتي زيارةً للمسجد النبوي الشريف فيتسكع في شوراع وأزقة وحارات محيطة به ظناً منه أن خطواته وهو حاف القدمين تلامس آثر خطوات سيدنا آخر المرسلين ومن معه من الصحابة الكرام.. فيملؤ جوانب صدره مِن عطر الزمان النبوي.. كأنه يريد أن يتعايش عهد النبوة فيستنشق هواء عزة الإسلام ويدثر برداء الافتخار لأنه آحد المسلمين؛ وكأنه يريد أن يرتدي قميص الصديق فالفاروق فقميص ذي النورين فباب مدينة العلم.. العَليّ؛ فحين يخرج من المدينة المنورة يشعر كأن فوق كتفيه قد استعار بُردته -عليه السلام- خاصةً حين يتعمد زيارة مكتبة الحرمين: المكي ثم المدني..



ثم ينتقل من بلاد الحجاز إلى بلاد الأفرنج.. !



وهنا تبدء حياة جديدة.. أو اسلوب خاص من العيش!


يعود ليجلس علىٰ مكتبه بين أوراقه العلمية وبين ملفات أبحاثه وإدارة إعماله فيشعر بحالة من الفراغ وكأن الإنسان مركب من شيئين متناقضين: روح وجسد.. روحٌ تتطلب سويعات حسن عبادة وخالص تقديس.. وجسد يريد أن تمتلئ معدته بطعام وشراب؛ ثم من بعد الإشباع عنده ميل ذكوري طبيعي لأنثىٰ تملؤ عليه حياته العاطفية !



وهنا أقولُ: لقد كذبت رابعة العدوية باختلاقها نظرية العشق الآلهي.. وهي الأنثىٰ التي تمرغت -كما ظهرت علىٰ الشاشة الفضية- في أوحال الإشباعات الجسدية ومارستها مع السيد الذي يقدر أن يدفع الأثمان في ليال السكر والغناء والعربدة..



وهي نظرية لا يمكن تحقيقها إلا في خيال مؤلف بارع؛ أو من خلال أبيات مجون شاعر..


فكانت -رابعة- تفتقر للحظات الصفا الروحي والنقاء الجسدي والإلتجاء إلى الله.. الخالق؛ إذ أن الإنسان مركب من جسد وروح بالقطع..



و -رابعة- عند اقترابها من نهاية النضج الأنثوي وأوشكت -أو تكاد- من دخولها سن اليأس الذي يصيب بنات آدم -لحكمة لا يعلمها إلا خالقها- أرادت أن تشبع رغبة آخرى كانت أهملتها.. علىٰ فرضية صدق رواية تدعي وجود امرأة تسمىٰ رابعة العدوية وليس من خيال مؤلف أو تأليف وتوليف شاعر..



النظرية الصوفية -وهي لها رواج دائم؛ عند غياب أهل العلم من الساحة وكذا الدجال والمشعوذ- تكاد تكون خاطئة في آحدىٰ جوانبها؛ إن لم تكن في اساسها.. إذ أن الإنسان ليس فقط جسد يحتاج لإشباعات متعددة؛ وبأي كيفية كانت كما وأنه ليس فقط روح ترغب في السمو إلىٰ الآِله.. وهنا تأتي لحظات القلق.. حين يصعب عند البعض التوفيق بين إشباعات الروح وإشباعات الجسد..


فكلمات رابعة العدوية والتي صيغت شعراً يُغنىٰ تشعرك أنها تخاطب ذكر وليس آِله.. و الحب الآلهي.. أو العشق الآِلهيوليدان زمانهما؛ في عصر الرفاهية ويتكرر من حين إلى آخر.. فهما تعبيران أو مصطلحان لم يتحدث عنهما مصدرا الوحي: الذكر الحكيم والقرآن الكريم والفرقان المبين أو السنة المحمدية المصطفوية العطرة؛ وعليه فــ « العشق الآلهي» أو كثير من مفردات الصوفية تعارض مفردات الإسلام وتناقضها.. إذ أن خير البشر وسيد ولد آدم في رحلته :«المعراج » حين سُئل : "هل رأيتَ ربك".. رد قائلا : «رأيتُ نوراً » اضف مفردات السلفية الحديثة ومفردات إسلام الفضائيات ومنابر الوعاظ؛ والإسلام السياسي والمعتدل والمعدل تحتاج إلىٰ إعادة تعريف جديد صحيح شامل جامع مانع..

لذا احتاج العابد المسلم المؤمن وفق الرؤية الإسلامية إلىٰ تعريف الآِله المعبود كي يحسن عبادته بيد أنه من خلال أقوال الآِله نفسه وليس تصور العابد الناسك لهذا الآِله؛ ومن هنا يأتي الخلط بين تصور إنساني ناقص وعاجز وقاصر وبين حقيقة المعبود.. لذا جاءت الأسماء الحسنىٰ في القرآن الكريم واصفة إياه تعالىٰ الذي يُعرف نفسَه بنفسِه؛ وليس العابد الناسك هو الذي يعرفه أو يصفه.. وهنا تصح المقولة التي تخبر عن تأثير الفلسفات الفرعونية والهندية والإغريقية واليونانية والفارسية وترجماتها في تشبيه الآِله أو وصف العلاقة معه.. أو كيفية العلاقة التعبدية أو المعيشية مع الآخر ومن ذلك فكرة التصوف الدخيلة علىٰ إسلام محمد بن عبدالله..



والذي أفسدَ إلىٰ حد ما المناخ التعبدي العام لذهن الإنسان منذ أزمان وعهود.. مَن ولد في الألف الثالث قبل الميلاد.. الآِله: حورس- وكان اسمه باللاتينية «أكرست christ »- الفرعوني مِن العذراء:" أيسيس-ماري" Isis-Meri. [إيزيس]. ومن ثم انتشرت الفكرة مع خطئها وفسادها في بقية اقطار الأرض : أهل الصين القدماء؛ والهندوس؛ والبوذيون؛ والروس القدماء؛ والكلدان؛ وسكان سوريا والقدس وبيت لحم قبل ميلاد المسيح؛ وسكان فريجيا؛ والإسكندنافيون؛ والأنجلوساكسون؛ والفرس القدماء؛ واليونانيون والروم..


ويصح القول بأن فكرة إنزال الآِله مِن علاه ووضعه في رحم ضيق؛ وحشره في أحشاء مظلمة لأنثىٰ -لعلها تصور إنساني لقرب الآِله من الإنسان؛ والذي أخرجته عذراء من رحمها ليعيش الآِله كأنه إنسان ثم تمكن الإنسان من الإمساك بالآله لتقترب قدرة الإنسان -بقدر الإمكان- لقدرة الآِله ثم سعىٰ الإنسان لمطاردته فتعذيبه لإثبات بقية قدر من القدرة عند الإنسان كما عند الآِله.. ثم طعنه ليتبين ضعفه -والمتابع في حياة الإنسان يظهر للعيان ضعف الإنسان من بعد قدرة- ثم أذله في مشهد درامي مؤثر -أحسنت الصناعة الفِلمية تصويره- تبين رغبة الإنسان في إثبات المذلة لآِله ثم تركته كما يحدث لإي إنسان أن يترك حتى يموت وحده.. ولكي تكتمل الصورة البشرية لتصور هذا الآِله رافق عمليه تعذيبه وانتهاء حياة الآله على الأرض وموته.. رافق تلك المشاهد -مذنب/عاص؛ وهذا عند البعض- صلب معه كي يتساوى آِله علوي مع إنسان عاص مذنب سفلي..



مشاهد / رؤية بشرية أفسدت الذوق الإنساني العام واقتربت بمشاهد آخرىٰ إلى الصوفية ذات الوشاح الإسلامي.. وحين أراد الله في المشهد الأول -الفراعنة ومن سار خلفهم ومن جاء من بعده-.. حين اراد الله تصحيح المشاهد والرؤية الصحيحة للآِله أرسل آخر رسله لتحقيق القول الأول منذ عهد أبي البشر آدم: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد } [١]{ اللَّهُ الصَّمَد } [٢] { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد } [٣] { وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد } [الإخلاص:١~ ٤]



.. ولأن طبيعة الإنسان -دائماً- ترغب في الأسهل والتملص من القيود ورفع التكاليف سواء الشرعية أو المدنية أو تخفيفها.. والإشكال جاء نتيجة احتكاك فلسفة بشرية تولدت في ذهن إنسان بافكار آِلهية ثم لُصق بها وصف إسلامية صوفية..
-***-
.. شردَ مني كثيراً رفيقي -اثناءارتشافه قطرات مِن قهوته ونحن نجلس في شقة تطل علىٰ الشارع التجاري السياحي لعله الثاني في العاصمة الفييناوية؛ والشقة أجرتها آحدىٰ التجمعات العربية في الغرب- ..



.. شردَ -رفيقي- حين سرد هذه النظرة وهو يتكلم عنها..



.. وفي حقيقة الأمر لا تمل سماعاً لما يرويه أو يقوله رفيقي لي..



فقد كنتُ الوحيد الذي يطمئن له عند الكلام عما يدور في خلده أو بين جنبات صدره .. وهو -رفيقي- كان ملماً بشكل جيد بعدة علوم..

ولكن السر الأعظم لديه كان -حريمه-.. والشئ بالشئ يذكر..



فهو -رفيقي- كان يفتخر بمطبخ أمه؛ ثم مِن بعدها مطبخ خالته -الحاجة أمينة- وكانوا ينطقون اسمها فـ ينادونها بــ « آمنه» وهي -رحمها الله- كانت تحمل صفات ونعوت كاسمها تماماً..

وهو -رفيقي- إثناء غربته بمفرده دون امرأة أو زوجة لم يكن يحسن الطبخ..



يروي لي: بسبب دراسته في جامعة فيينا العتيقة أنه كان يتبضع يوم السبت فقط ويرتب في ثلاجته الصغيرة ما سوف يتناوله طعاماً على مدار أيام الإسبوع الذي يلي يوم شراء غذائه؛ فيقطع مثلا الفرخة لأجزاء يضعها متتالية واحدة خلف الآخرى: ورك.. صدر .. جناح في صف وبجواره صف آخر من قطع لحم الضأن أو البقر.. أقرب إلى ما كان يأكله في بيت أمه أو خالته.. وكان لا يروق له أن يتغذى خارج بيته في المطاعم.. أو يتردد على الحانات!

وحين اقترب من المطبخ الأوروبي لم يعجبه سوى طبخ تلك المرأة الكرواتية والآخرى ذات الأصول من النمسا السفلى؛ وهي مقاطعة نمساوية مجاورة لولاية فيينا العاصمة..

وهنا جاء تساءل من طرفي: كم مِن النساء تزوجهن رفيقي !؟..



أو كم من النساء كن يطبخن لرفيقي.. ومتى !!؟..

أجلت السؤال لحين ننتهي من قصة المرأة الحالية أو التي بالفعل أنتهى حبه لها بشكل درامي كالأفلام المِصرية القديمة أو أنهى عمداً علاقته بها !



.. لا ينبغي أن ننسىٰ المرأة الإسكندرانية التي تزوجها في مطلع شبابه.. ولا يصح نسيان مطبخها.. وحلوياتها..



وكما يقول بنفسه : هي التي صبرت على أحواله وتصرفاته بل شطحاته حتى كتابة هذه السطور!



.. هي -ELLE- لم تكن تحسن سوى الشكوى لما اصابها من أمراض نفسية أو أعراض جسدية؛ ولكنها كانت تحسن تقديم وجبة حنان من خلال جسد معذب؛ وهي كان تتقن هذا الدور مع رفيقي؛ ولعل مشوار الحياة افهمها أنها ينبغي أن تحسن هذا الدور خاصةً أن -رفيقي- رجل مشرقي!



يقتل الإنسان وإن ظل حيا يسعى: الفراغ الجسدي.. والفراغ الروحي.. عند الكثير من البشر..
والعبادة لله تعالى -في مفهوم الإسلام- إما جسدية.. أو مالية .. أو معا جسدية مالية فتهدأ النفس وترتاح الروح!

هي لا تحسن الطهي ولا تحسن مضغه كي تشتهي ما تريد أن تتناوله.. إذ لديها حالة مرضية : إمساك مزمن تحتاج إلى دواء كي تحسن أفراغ ما في الأمعاء..
هي أرادت أن تكون عارضة أزياء لجمالها ورشاقة قوامها !..

لكن آحدهم -لكثرة ماله- تمكن من اقتنائها كآحدىٰ لوحات المشاهير وكان يقدمها لضيوفه الأغنياء مثالا على اعتبارها تحفة نادرة.. فغابت الناحية الإنسانية بينهما.. وطمست المشاعر الآدمية بينهما.. أنقطعت حبال الرحمة وروابط المودة..
-***-
ثم جاءالله بــ« رفيقي.. »!

رأتْ منه أنه يقدر أن يحول المشاعر إلى لمسات إنسانية يهتز لها كيانها فيدق قلبها فينبض بالحياة وليس نبض مَن هو تحت ماكينة الإنعاش في غرفة العناية المركزة!



رأته وهو يحول المكنون في الوجدان إلى إحساس ظاهر يشعر به جسد الإنسان يسري كــ دم الإنسان في كافة أنحاء هذا الكائن!



ورأتْ فيه أنه يحول الفراغ ما بين الكلمات إلى اصابع تمسك بالحروف فتكون جملا تُقرأ بالعين المجردة وليس بأجهزة مكبرات الأشياء!



مؤلم للنفس والجسد معاً أن يتحول الإنسان إلى تمثال من الرخام وبواسطة وسائل التقنية الحديثة تظن أنه يتحرك!
ومؤلم أن يتحول الإنسان إلى أَلة في مصنع ينتج ما يحتاجه البشر!
ومؤلم أن يتحول الإنسان إلى وعاء يمتلئ بالكيماويات المصنعة بطعم المانجو أو الملوخية أو التغليف من خلال التعليب في صفيح المعلبات هو الغذاء اليومي لإنسان فقدَ طعم الخضروات الطازجة أو نكهة الفواكة اليافعة المثمرة.. أضف بعد ذلك حفظ الطعام في مبردات تحت درجة الصفر بــ 18 درجة في كل البيوت!



والظاهر أن الإنسان استطاع أن يحفظ في ثلاجات المنازل طعامه لمدد طويلة وأيضا حفظ مشاعره وعواطفه وأحاسيسه في دولاب الملابس القديمة!



هي -ELLE- كانت وعاء إما خارجي لوضع أثواب الموضة الجديدة فوقها.. أو امتلاء هذا الوعاء بقدر يبقي تدفق الدم في وريد..



لجمالها الظاهري المعاين للناظر.. لم تشعر بجمالها الداخلي الذي غاب عن جوانب روحها وجسدها!



رفيقي استطاع أن يشعرها بأنها ليست وعاء إما للتفريغ وإما للإحتواء!



أن يتعامل الرجل مع المرأة علىٰ أنها إنسان ترفعهما معا هذه المعاملة إلىٰ مصاف الملائكة!



أن يتعامل الذكر مع الأنثىٰ على أنها وعاء.. صارت بالوعة في مرحاض!.. سواء من خلال الطبخ والطهي وإعداد الطعام أو تفريغ شحنة ذكورية.. وآخرى أنثوية!
أفهمُ أن الوليد يحتاج أن يلتقم طرف ثدي لغذائه.. والحديث هنا عن وسيلة تغذية لكائن حي يريد أن يبقىٰ.. وليس الحديث عن ذكر.. فالحديث عن الإطعام والسقاء والغذاء وإشباع جوعة معدة فلا توجد هنا ذكورة أو أنوثة..
فالوليد الأنثىٰ مثل الوليد الذكر في عملية الإلقام والإشباع من ثدي سواء أمه الإنسان أو كان الثدي لحيوان!
يخطؤ من يفرق بين شقي الطفولة -طفل أنثىٰ وطفل ذكر- من حيث الاحتياجات فهما يحتاجا إلىٰ الحصول عليها؛ كما يحتاجا إلى رعاية كاملة؛ وسوء الرعاية أو التفريق بين الرعاية ينتج إنسانا اصابه مرض مزمن إما عضوي أو نفسي.. ومنذ طفولته.. وما نراه في المصحات والمشافي لدليل صدق لما أقوله!



هي --ELLE- جاءت إلى الدنيا وليدة رغم رغبة الوعاء الأول بيولوجياً -الأب- .. ورغبة ملحة من الوعاء الثاني بيولوجياً -الأم- ظناً أنها بتلك الصلة تقترب كثيراً من الأب؛ والذي رفضها منذ اللحظات الأولىٰ حين أخبرته المرأة الحامل بما يتكون فيتشكل في أحشائها.. لم يعترف بها حين وُلدت فلقبت باسم جدها من طرف أمها.. ومن هنا تبدء بدايات المتاعب النفسية وسلسلة المعاناة الجسدية..



طفلةٌ لا ذنب لها جاءت إلىٰ الدنيا نتيجة صلة -ابتعدَ رفيقي عن تعبير ثمرة-.. علاقة لحظية بين أنثىٰ تريد إشباع جانب من احتياجاتها غير الضرورية.. ورجل يريد اثبات قدر ما من ذكوريته..
أخبرتْ -رفيقي- أنها لم تراه -والدها- إلا مرة في طفولتها ثم المرة الثانية حين مات ولم يستطع أحد دفع مصاريف الجنازة وثمن الدفن!



وحين تم الرفض من قبل ذكر -الأب البيولوجي- تحيرت الأم والتي حملتها تسعة أشهر وشعرت بأوجاع الولادة وما يصاحبها من آَلام المخاض..



هي - ELLE-ولدت طفلة جميلة بريئة.. شقراء بيضاء.. ذات عيون زرقاء..
وهذا مايرغب فيه رفيقي..



هو -رفيقي- ينبهني بأن الإنسان لا يقدر علىٰ الوصول إلىٰ أدنىٰ درجات الكمال؛ وهذا يعود لتركيبته الأصلية الآدمية وليس لعدم استطاعته.. فهو لا يملك مقومات الكمال ولا بدايات الاكتمال.. يولد ضعيفاً محتاج إلىٰ غيره بالضرورة.. وعاجز أن يقوم بصورة طبيعية للقيام بأدوار حياته.. وقاصر علىٰ أن يبقي علىٰ حياته بمفرده.. في جميع أطوار حياته يحتاج لمن يطعمه فينظفه رضيعا؛ ثم يحتاج لمن يعلمه ويهذبه فيؤدبه يافعا ثم يحتاج لمن يطببه شيخاً.. ثم يدفنه عجوزا ميتاً..

والطامة الكبرى أنه يولد جاهل يحتاج إلى من يعلمه بعض أو جزء من العلوم.. ومن خلال العملية التعليمية إما أن يصبح إنساناً أو أنه يصير فقط كائناً حياً.. وهنا يكمن الفارق!
ماذاتفعل الأم! ..
تركتها لجدتها من طرف أمها.. تربت الحسناء البيضاء الشقراء في بيت جدتها .



هي - ELLE- استثمرت جانب جمالها دون أن تشعر به..
رفيقي نقلها من كينونتها كأنثىٰ تُشتهىٰ.. والتي بها حياة .. إلى إنسانة تشعر بحياتها وآدمية تحس بوجودها



بحكم البيئة التي تربت فيها والمناخ العام الذي نشأت فيه.. صارت نصرانية بحكم المولد والتربية والحياة المعاشة .. ولكن رفيقي شعر بغير ذلك.. فقط الجانب التديني المشاعري الكهنوتي؛ وهذا تلاحظه عند الكثيرين من أتباع الأديان!



مكان العبادة يُقدم من خلال الطقوس والقداس كل ما يحتاجه المؤمن بفكرة خلاصه من العذاب لما يرتكبه الإنسان من ذنوب ومعاص وكبائر من خلال المخلص ابن الآله -الذي عُلق على الخشب وفارق الحياة على الصليب- الذي مات من أجل الإنسان.. وهي عقيدة المسيحية؛ وهي موضع نقاش عند أهل العلم وليس مع العامة.. فاراد رفيقي -وهو مسلم يعتمر كل عام- أن يظهر لها عدم معارضته لعقيدتها أو رفضه لإيمانها..



ذهب معها ذات مرة في نزهة لمدينة سالزبورج وإثناء التفرج على آحدى معالم المدينة وجد كنيسة تتبع الدومينيكان؛ فدخلها معها وعثر على غرفة مستقلة باسم العذراء البتول مريم فدخلها معها ووجد في مقدمة الغرفة كراسة يسجل فيها فيكتب الزائر خواطره.. فكتب معها في ورقة من تلك الكراسة « وثيقة » عهد بينهما وكأنه كتبها بدمه وليس بحبر قلمه.. ثم وقع على الوثيقة ووقعت هي..

لاحظ رفيقي وبدى على ملامحها حالة من الرضا وايضا حالة من الاستغراب أن لم يكن ذهول المستغرب من تصرفه مع إسلامه الظاهر للعيان من خلال أحاديثه معها وإحسانه المقارنة أو المقاربة بين الأديان... وكأن هذا قدر من يسكن في بلاد الغرب ذات المسحة المسيحية أن يحسن علماً بشقيه: المقارنة والمقاربة بين الأديان وإلا ذاب في المجتمع دون أن يشعر... وعصف به من كل جانب..



هي - ELLE- كانت تظن أنه لا يصح أن يفعل ذلك

لم تبدِ هي كثيرا من الاهتمام وأكملا معاً زيارة بقية معالم وآثار المدينة العتيقة !
... إشكالية رفيقي معها.. أنه لم يقدر بعد عدة سنوات أن يلعب دور المخلص من آلامها النفسية ومتاعبها الجسدية.. إذ أنها كانت توقظه مبكراً للغاية في الثالثة أو الرابعة قبل بزوغ الفجر لتخبره أنها تريد منه أن يحادثها لأنها أصابها قلق فلا تسطيع النوم.. وهو بالتالي يخبرها أنه يجب أن يأخذ قسطا جيدا من الراحة والنوم خلال سويعات الليل ليحسن أداء عمله وممارسة وظيفته فهو يحتاج لذهن صاف..



توقفت الحياة معها وغادر مدينة جراتس في قطار المساء مودعا إياها بلا عودة.. ولم تنفع سكوبات عيناها بكاءً وإلحاحها في البقاء معها فهي تريده رجلا بجوارها..



غادر رفيقي حياتها..



بيد أني سأعود لأكمل بعض جوانب تشرح هذا الرجل المشرقي حين يعيش في بلاد الغرب...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
الأربعاء - 30 محرم 1443 هـ - 08 سبتمبر 2021مـ
ورقةٌ مِن ْكُراسة إِسْكَنْدَرِيَّات
-*-*
مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-







  رد مع اقتباس
قديم منذ /09-22-2021, 04:17 PM   #389

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي «„ عندما — رحلتْ —”»

«„ عندما رحلتْ“» [ 1 ]



.. هناكَ امرأةٌ تَسكنُ بحجمِها الطبيعي داخل كل خلية مِن خلايا الرجل الذي يعشقها؛ فلا تبرحها.. وبكامل ملابس خروجها تتنزه بداخلها.. وتضع فوق كتفيها شالها الحريري الأسود؛ الذي يشبه الملاية اللَف الإسكندرانية؛ فجزء عريض يغطي جسدها.. فتلم قوامها كأنه تُمَشِقَهُ.. وجزء انزلق مِن فوق غطاء رأسها تسعىٰ لتثبيته وكأنها في عراك دائم معه.. أو هو علامة دلال بنات الذوات وقادين(*) الهوانم.. وساكنات الخدور في أعالي القصور.. وبحذائها الذي لم يلامسه غبار تسير كيفما شاءت فتجدها تقبع داخل خلية هذا الرجل.. لا تفارقها.. كأن خليته غرفة معيشتها.. وكأن كل خلية مِن خلايا بدنه صارت غرفة سكن لها وحدها.. هي ليست حبيسة عند الرجل.. بل تريد فقط الاستحواذ علىٰ كل مشاعره وكافة عواطفه وتملك كل وجدانه.. ثم تتجول بين الفراغات البينية لتلك الخلايا.. لتشعره أنها موجودة في كينونته وتحسسه بالفعل وجودها داخل كيانه؛ وليس فقط بجواره أو بالقرب منه.. وأنها الوحيدة الواحدة المنفردة بهذه الخاصية -الاستحواذ عليه- في هذا الكون وليس فقط في حيزٍ ما مِن مكان..

.. تلك المرأة تتدفق بسهولة مع كل نبضةٍ حين تخرج دفعات دمه مِن قلبه محملة بالأوكسجين.. ومن فؤاده تحمل خالص الغذاء لتلك الخلايا فتصل إثناء طريقها إلىٰ خلايا مخه وأطراف أعصابه فتوقظه دائماً.. تنبهه إنها تراه في سكناته وتراقبه في تجواله وحركاته بل وتسمع همساته.. وأنها موجودة إثناء استحمامه اليومي في صباحه الباكر تناوله شامبو الشعر فتدلك أصول شعره كأنها تريد الوصول لما تحت جمجمته.. ثم مِن بعده شامبو الجسم.. كطفل رضيع يأخذ حمامه الساخن اليومي في حوضه الصغير لتثبت أحقية تملكها كله : جسد.. بدن.. روح.. نفس.. وجدان.. مشاعر.. عواطف.. مشاعر..

أحياناً تظن أن المرأة العاشقة أُماً لمعشوقها وليست أنثىٰ ترغب في رجولته وتحتمي تحت أبطه من عواصف الزمن وتستظل برمشه من لفحة شمس الظهيرة..
كما تثبت وجودها إثناء اختياره القميص المناسب لخروجه مع تلك البدلة وإثناء اختيار وعقد رابطة عنقه.. تجد أصابعها تسابق يده.. وإثناء تناوله فطوره سواء في منزله أو في غرفة تناول الطعام في عمله التاسعة صباحاً.. تراقب مَن يقترب مِن مجلسه لتبادل كلمات لا مضمون لها أو نكات كررت عدة مرات.. وهي تراقبه إثناء سيره في الطريق العام.. وتراقبه إثناء صعوده للمواصلات العامة والسفر من خلالها.. وإثناء دخوله لمصلحته الحكومية.. تراقب مَن يتوقف ثوان أكثر من اللازم لتحيتها ومِن ثم الحديث معها وليس في مجال العمل أو مشاكله.. وهي من خلال سكناها في خلاياه تعلم جيداً عدد معالق السكر في قهوته الصباحية؛ وكأنها تعد حبات سكره بلسانها.. ونسبة الدهون في طعامه.. وكأنها تحسب السعرات الحرارية في وجبته.. تفعل كل ذلك لأنها أخيراً وجدت الرجل الذي أنحنىٰ في أول لحظةِ تعارف معها ليضع قبلة الاحترام فوق يدها وأطال الإنحناء عمداً ليربكها.. ماذا ستقول هي بعد ذلك.. وهو يحسن هذا الفن -فن الارباك الأول- ويحسن أن يُظهر لها أنه رجل وليس -فقط- ذكر تحركه قطرة من هرمون الذكورة فتخشاه علىٰ نفسها لأنها لم تطمئن له بعد.. المرأة تريد حالة مِن الاطمئنان أولاً.. كي تعلم أهي فريسة لذكر.. فتبتعد أم أنها امرأة توجت منذ لحظة فوق عرش قلب رجل أعجب بجمالها.. وما سيأتي بعد ذلك قد يكون ميسوراً أو عسيراً وإن استغرق قليلا أو كثيرا مِن الوقت..

.. تلك المرأة هي شهيق رئته.. وهي إذا دخلت ليس لها زفير..

.. تلك المرأة هي بطعم قهوة الصباح علىٰ الريق -ولحسن حظها.. فرفيقي لا يدخن- قالها بابتسامة عريضة كأنها تعلوها سحائب النرجيلة حين يشدها صاحب المزاج العالي بطعم التفاح.. فهو بحق مَشْرَقِي المزاج وعاش بخياله في قصور الملوك!

.. يردد أسمها :«„ (**) .M. CH ”»؛ فتلك المرأة استحوذت علىٰ تفكيره منذ اللحظة الأولىٰ.. علىٰ عقله عند رؤيتها للوهلة الأولىٰ.. استحوذت علىٰ جوانب حياته فقد سكنت خلايا بدنه.. وهذا ما تريده المرأة العاقلة.. الاستحواذ علىٰ الرجل.. غريزة الأم بداخلها تصاحبها منذ نعومة أظافرها حين لعبت بعروستها في طفولتها فتعامل الدمية علىٰ أنها أمها.. يجب أن تسمع كلامها وتنفذ أوامرها وتستجيب لــ ندائها وتطيع ما تريده.. فإذا انتقلت إلىٰ مرحلة سنيّة متقدمة أعلىٰ وصادفت رجلا مِن طراز رفيقي.. أرادات أن تبقيه في حضنها كــ لعبتها وتحت يدها كــ دميتها ووفق تربيتها كــ وليدها.. ووفق حضانتها كــ طفلها الأول.. أما ماعدا ذلك فهو مِن المكملات.. كــ طعامه وكيفية تحضيره له وكيفية تقديمه له وما يحب وما يتذوقه وما يرغب في شرابه أو وقت منامه وساعة استيقاظه وملابسه وجريدته المفضلة للقراءة والبرامج التلفزيونية التي يريد رؤيتها.. ومتى تبدء نشرة الأخبار ليعرف ما يدور في العالم من حوله وأمثال ذلك.. كلها مكملات.. والهدف عند المرأة العاقلة أن تستحوذ علىٰ فؤاده وتسيطر علىٰ عقله وتشغل ذهنه فتصير هي الأولىٰ والرابعة وهي بقية الجواري بل كلهن وهي سيدة القصر بل هي كافة إماء القصر وكل إناث الحريملك!.. فهي المرأة الوحيدة الواحدة المنفردة في حياة رجل عشقها!.. لحظتها تقدم له كل ما يرغب وإن لم ترغب هي نفسها في هذا الشئ!

رفيقي يصفها بأنها امرأة تنعكس علىٰ شبكة عينه اليسرى فيغمضها خشية عليها من ريح فيفتح اليمنى فيراها.. فلا يرىٰ في الكون امرأة غيرها.. بل لا توجد إناث فوق المعمورة.. يمشين بجواره أو يعملن معه؛ ويزعجها أن -رفيقي- هو الرجل الوحيد في مبنىٰ القسم الذي يعمل فيه بوزارته فالبقية كلهن إناث.. وهي علمت بهذا فارادت أن تجعل نفسها في غيابها عنه كما في حضورها معه المرأة الوحيدة الواحدة المنفردة.. وكأنهن -نساء الدنيا- اختفين أو كأنهن صرن هي تلك المرأة..

وتدخل بين ثنايا منخره فلا يشم إلا طيب عطرها وأزكاه..

وتمكث طويلاً في تجويفات إذنه فلا يتردد علىٰ مسمعه إلا صدىٰ صوتها وإن كانت بعيدة عنه بآلاف الأميال.. وهو دائم السفر والترحال..

وهي علىٰ طرف لسانه فلا يتذوق إلا رحيق ريقها العذب.. سواء أطعمته أو شربته فأسكرته..

امرأةٌ مِن هذا الطراز نادرةُ الوجود بل تكاد توجد في قَصَص ألف ليلة وليلة.. أو خيال الصبي الذي ذهب إلىٰ السينما الفرنسية أو الإيطالية للفرجة علىٰ أفلام الحب والمغامرات.. كلها خيال بل الدقة أنها أوهام.. يدفع المراهق وإن كان عمره ثمانين عاماً تذكرة الدخول للفرجة علىٰ أوهام مؤلف أو تخيلات مخرج أو حسن أداء ممثلة.. لكنها :«„ (**).M. CH”».. حقيقة وجودية!

-*-*

.. هكذا كان رفيقي يصفها لي.. وهو نبهني أن هناك فارق بين الوصف الحقيقي لامرأة تعيش داخل الرجل فيعشقها وبين الشعر الغزلي العفيف.. إذ أن الثاني يغلب عليه خيال الشاعر وإن كان عاشق.. ويسود المعلقة أو القصيدة تشبيهات الوهم أما الأول فحقيقة وجودية..

«„ (**).M. CH”»؛ استحوذت تماماً علىٰ كل مشاعره وتغلبت علىٰ كل مداخل عواطفه وتملكت مفاصل أحاسيسه فتشبع كيانه البدني والنفسي بها وملئت أركان وجدانه.. ولعل هذا يعود إلىٰ اللحظة التي أطلت فيها علىٰ حياته وجاءت دون أن تطرق باباً أو يفتح لها شباكاً..

.. فحين يكون الرجل يعد مشروعاً مستقبلياً له.. وقُبيل الإنتهاء منه -أو علىٰ وشك- خاصةً حين يتحصل علىٰ درجة علمية عالية تمكنه من إعتلاء درجة وظيفية أكبر ويمكث راغباً متعلما كطالب في «„ Akademie für Fortbildungen und Sonderausbildungen”»؛ زمناً لا يقاربه لتخصصه العالي شخص مثله ويعاني مِن مضايقات الآخرين كي لا يتمكن مِن الإنتهاء مِن هذه الدراسة التكميلية قبلهم.. في هذه اللحظات وعلىٰ وشك الحصول علىٰ تلك الدراسة الأكاديمية وجدها أمامه.. فتدخل إلىٰ حياته عنوة أو برفق وبــ إستئذان أو بدونه؛ وكما يقول المثل الشعبي المِصري لا «„ آحم ”» ولا «„ دستور(***) ”»؛ حين وقع نظره عليها في المرة الأولىٰ صدفةً لم يتمكن مِن أن يرفع بصره عنها وسار خلفها مشدوهاً؛ نسيَّ كل شئ(!).. نَسىٰ إلىٰ أين كان يريد الذهاب!؟.. ونسيَّ ماذا كان سيفعل هناك!؟.. ولماذا سيكون هناك!؟.. فقط سار خلفها.. ويغلب علىٰ ظنه أنها انتبهت أن شخصاً غريباً سائراً خلفها ينظر إلىٰ قوامها.. يتلصص بنظرات مريبة قوامها.. كأنه يريد أن يسرق مقاطع جسدها.. وهكذا هنَّ النساء.. يلاحظنَّ بسهولة فائقة أسرع من الصوت والبرق لصوص النظرات والحرامية الذين يأتون من الخلف.. فهذا يزعجهن.. .. فهو -رفيقي- لا يتكلم معها بل قد تسمع شهيقاً عالٍ كأنه يصعد لقمة جبل؛ ويصل إليها زفيره الحار فكأنه قريب منها وهو خلفها بخطوات.. ولا تدري ماذا يريد بالفعل!؟.. والمرأة بطبعها حريصة على خصوصيتها؛ وبغريزتها تعمل علىٰ صيانة نفسها.. وتخشىٰ نظرات الغرباء المريبة..

هكذا وصف اللحظات الأولى مع امرأة من طراز بنات الملوك وسليلات الأمراء..

ومع ذلك كله.. رحل عنها وتركها!

وهذا ما سأبينه مع فنجان القهوة الذي يحضره رفيقي لي!

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*

‏الأربعاء‏، 15‏ صفر‏، 1443هــ ~ ‏22‏ سبتمبر‏، 2021م

-*-*

:" الرَجُلُ المَشْرَقِيُّ "

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رواية

:" الرَجُلُ المَشْرَقِيُّ ".

ورقاتٌ مِنْ كُراسة إِسْكَنْدَرِيَّات

Dr.MUHAMMADELRAMADY
*-*-*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(*) قادين تعني :"امرأة" بالشركسية!
(**) اختصارا لأسمها الحقيقي :«„ Christina Maria ”».
(***) قِصة مَثل :«„ لا احم ولا دستور ”».. فيُروى أنه في عشرينات القرن الفائت، وبالتحديد حين أصدرت وزارة إسماعيل صدقي، في عهد الملك فؤاد، قرارًا بأن يتعطل العمل بدستور عام ألف وتسعمئة وثلاثة وعشرين، الأمر الذي فاقم من عناء وألم الشعب من فساد الملك وحكومته، وحدث في إحدى الليالي، وخلال مرور أحد الأشخاص في شوارع القاهرة، والذي كان يتألم أثر نوبة سعال، إذ صادف حينها وجود أحد عسكر الدورية الليلية، فكلما اقترب هذا الشخص المريض من العسكري، ازداد عليه السعال، وصار يقول: ” احم، احم”، فانزعج العسكري من هذا الأمر، فقال له: ” امشِ في حالك يا مواطن”، فما كان من المواطن إلا أن رد عليه قائلًا: “يعني لا احم ولا دستور”، فانتشرت المقولة بين الناس حتى صارت مثلًا يرددونه إلى يومنا هذا.. وهو -المثل الشعبي- ليس له علاقة بالاستئذان أو السماح بالدخول!

د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-28-2021, 03:57 PM   #390

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي هاتفها!

«chm»

« وَرَقَةٌ مِنْ كُرَاسَةِ إِسْكَنْدَارِيَّات»:

.. تلكأَ كثيراً وهو يعتصرهُ الألم.. توقف مرتبكاً وإن كان منفرداً ليس معه في غرفته أحد سواه.. أشْخَصَ ببصره في فضاءٍ لا حدودَ له ولا نهاية في عتمة ليلةٍ لا يرىٰ سوىٰ خيالات يتذكرها دون وضوح ملامح لها.. يريد أن يهرب ولا يوجد مِن أحدٍ يطارده.. نوىٰ أن يتسلق جدار الزمن ليهرب إلىٰ حديقة زرعها في وهمه فاثمرت.. أو هكذا ظن أنها مثمرة ليستظل تحت اشجارها .. عزم علىٰ الهروب! .. لكن .. مِن مَن!؟ .. وإلىٰ أين!؟ ومع مَن!؟ .. أيهرب مِن جلده فيخلعه.. وهل هذا ممكنٌ!؟.. أيهرب مِن تاريخه الذي كتبَ سطورَه بأنامله علىٰ حيطان ذاكرته!؟.. أيهرب مِن ماضيه وهو الذي صنعه بيده ولونه بأصابعه!؟.. أيهرب مِن حياة له سلفت وهو الذي رسمها علىٰ لوحة بصره وابصرتها حدقة عينيه!؟..

هذا حدث لأن رقم تليفون دق على مسامعه من هاتفه المحمول!

رفيقي .. ارتبك.. اضطرب ..كَلأَ بَصَرَهُ عدة مرات فِي هاتفه المحمول وتمعن النظر علىٰ شاشة عرضه..


إنه الرقم الذي حفظه عن ظهر قلب لسنوات طوال.. إن جميع الأرقام الآخرىٰ قد يتعثر قليلا في تذكرها أو لا يحسن نطقها؛ كرقم جواز سفره أو رقم تأمينه الصحي إلا هذا الرقم.. تمعن فيه كثيراً أطال النظر في شاشة عرض هاتفه.. وأخذ يتساءل أمعقول أن يكون هذا الرقم رقمها.. أيعقل أن الناس جميعا لم يتذكروا هذا اليوم وهي -«CHM» - فقط الأولى في العالم تتذكر يوم ميلادي..

.. اضطرب.. ارتبك.. وهو يرمق الرقم.. حقا إنه رقمها..

ترسل تهنئة قلبية بيوم مولدي.. وأنا الذي تركتها في عز علاقتي العاطفية بها !..

هكذا روى لي رفيقي..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
وَرَقَةٌ مِنْ كُرَاسَةِ إِسْكَنْدَارِيَّات
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*
حُرِّرَ في يوم الثلاثاء 23 جمادى الأولى ١٤٤٣ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين الْهِجْرِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ ~ الموافق ٢٨ من شهر ديسمبر عام ٢٠٢١ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام
.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
إسكندريات, ورقات, كراسة

« شهور وسنين | حقك عليا »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اتَذَوقُكِ ..صفحات من كراسة إسكندريات د. محمد الرمادي قسم الخواطر - وهمس القوافى حصرى بقلم الأعضاء 10 04-17-2014 05:34 PM
[ 1 . *« ثغرك » ] « صفحة من كراسة إسكندريات » د. محمد الرمادي قسم الخواطر - وهمس القوافى حصرى بقلم الأعضاء 3 07-27-2011 10:29 PM
احتفظ بثلاث ورقات ومزق ثلاث ورقات عاشقة ذكر الله مواضيع عامة - ثقافة عامة 17 06-25-2011 02:51 PM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 02:30 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩