رساله من شهداء الثورة

[مشاغب مصرى]

[

size="5"]رســــــــــــــــــــاله من شهداء الثورة

قعدت أفكر .. وأفكر حاأقضى عيد الأضحى السَنة دِى فِين ؟ ياترى أطلع الحج ؟ ولا أقضيه فى الكاريبى أو مَاربيلا أو الريف الفرنسى ؟ وحاأقضيه مع مين ؟ .. طبعا الكلام ده كله لو كان من سنتين يعنى قبل الثورة المباركة كنت نفذت فوراً أى من هذه الأفكار .. ولكن دلوقتِ فالحمدلله مامَعاييش فلوس تودِّينى حتى لبَحر الأنفوشى فى إسكندرية !!

ولقيت الحَل الأمثل ، وهو أن أمَارس هِوَايتى القديمة ، من أيام الصِبَا ..( واللى لسه بأمارسها لغاية دلوقتِ بس فى لحظات الإحباط الشديد ).. وهى أحلام اليَقظة .. كل اللى تعمله إنك تغمض عينيك ، وتتخيل أنك تلبس خاتِم سُليمان فى صباعك الخنصر .. أو طاقية الإخفاء على التسْريحة ، أو مِصباح عَلاء الدين مِتلمَع وجاهز تحت السرير .. وتبتدى تتخيل بَقى كل الجِنان اللى ييجى فى دِمَاغك .. من خِير أو شَر !!

وقلت لنفسى خلاص ياوَاد طالما أنك مُتحكم فى الحِكاية ومُمكن تِرُوح مَكان ماأنت عايز ، ومع اللى أنت عايزه .. قررت أن أحلم فى يَقظتى بأنى فى زيارة لشُهداء ثورة يناير .. وقلت أشُوفهم ، وأعيّد عليهم ، وأوَاسِيهم عن كل البَلاوى اللى بتحصل فى مصر ، وإن دَمُّهم رَاح هَدَرّ بس أحنا بنحَاول الأخذ بالثأر ، وتحقيق أهداف الثورة .

وماكَدِبتش خبر .. وتوجَهت بخيَالى للجَنة عِدِلّ .. فوجَدت أمامى 8 أبواب للجنة .. بَاب الرَسُول صَلى الله عليه وسَلم وأسمه بَاب ( التوْبَة ) .. وبَاب الصَلاة و بَاب الصِيَام ويُعْرَف بالريَّان .. وبَاب الزكاة وبَاب الصَدَقة .. وبَاب الحَج والعُمْرَة .. وبَاب الجهَاد .. وبَاب الصِلة .. .
وبما أننى ناوى على زيارة الشُهداء فقررت الدُخول من بَاب الجهاد .. فوجدت أن للجنة دَرجات .. أعلاها الفردُوس الأعلى ، وهو تحت عَرش الرَحمَن مُباشَرةً .. ومنه تخرج أنهار الجَنة الأربَعة ..نهر اللبَن .. ونهر العسَل .. ونهر الخمْر .. ونهر المَاء ..
شُفت قصُور أشكال وألوان..مُتعَدِدة الأدوَار من الدُرر والجَواهر .. ومن تحتها الأنهار .. يَراها الشُهداء والصَابرين كأنها نجُوماً تتلألأ فى السَماء ..
دوَّرت يمين وشمَال على أى حَد أسأله فين الشُهدَاء .. وبمُجَرد ماطرأ السُؤال على ذهني.. سَمعت ضَحِكاً من القلب ، وصَل لأذني لحظة سِمَاعه كَعزف قيثارة جَميل ومُؤثر.. بحثت عن مَصْدر الصَوت ، لقيتهم !..وجوه من نور.. مَجموعة من شهدائنا : مُصطفى رَجب ، و مُحمد عِماد ، والشِيخ عِفت ، وإسْلام مُحمد ، وأحْمَد هِلال ، وبَكرى عبد الوَهاب ، ومُحمد شَعبان .. والغريب فى الموضوع أننى وجدت معهم عَبدالله بن رَواحة .. وجَعفر بن أبى طالب ، والزُبَير بن العَوام ، وحَمزة بن عبد المُطلب .. وكلهم شَباب وحَيَويَة .. تفيضُ وجُوهَهُم بالبُشر والسُرور .
و أثناء خرُوجهم من نهر( البيدخ ) - وهو نهر يُغمس فيه الشُهداء .. فيخرُجون مِنه كالقمَر ليلة البَدر .. وقد ذهَب عنهم ماوجَدوه من أذى الدُنيا ، وأى إصابات أو جُروح أصَابتهم - وَجدتهم يَضحكون ويتسابقون إلى شجرة عِنب وَارفة ، تتدلى منها عَناقيد العِنب ، وكأنها لوحة مَرسُومة بريشة فنان عَظيم ، مُتناسِقة ، ومُتماسِكة ، وحَباتِها تلمَع وتشِفّ ويظهَر مابداخِلها ..مَذاقِها كالشَهد المُصَفى .. وكيف لا وهى شَجَرة فى فِردُوس الفنان الأوْحَد ، الرَازق ، العَاطِى ، الوَهَاب .. سِيقانِها من الذهَب وأورَاقِها من الزمُرد الأخضر .. وبجوَارها نهر آخر يُقال له نهر( بَارق ) والشُهداء جالسون على رَبوَة خَضرَاء عَالية فى ظِل هذه الشَجرة اليانعة , المُحاطة بهذا النهر ، ويأتيهم رزقهم من الجَنة بُكرةً وعَشياً ..
و تحت الشَجرة المُثمرة ذاتها , وَجدت إمرأة جالِسَة .. وَجهها كاليَاقوت والمُرجان .. واللؤلؤ المَكنون , نضِرَة جميلة ، ناعِمَة ، لو أنها ظهَرت على أهل الأرض لأضاءت الدُنيا وماعليها .. تأملتها فعَرفتها فوراً .. كانت سُميَّة بنت خيَّاط أم عمَّار بن ياسِر وهى أول شَهيدة فى الإسلام .. جلست تسَامِر الشُهداء ، وحَولهُم مَجمُوعة من الغلمَان , مُجَرَد رُؤيَتهُم تسُر القلب والعَين , يُحيطُون بهم كحَبَاتِ لؤلؤ مَنثور .. عَملهم هو خِدمَة أهل الجَنة ، وتقديم الأكل ، والشراب لهم ..

تقدَمت اليهم وبي سعادةٍ وفرحٍ لم أعهده, وكأن سَعادة أهل الجنة تنتقل تلقائياً لزائِريها حتى لو كانوا فى أحلام يَقظة مِثلى .. فلما رَأونى قدِمُوا إليّ ، وأستقبلونى بترحَاب شَديد ، مع ضَحِكات صَافية لم تغادر وجُوهِهم أبداً .. قائلين : أنت أوَل زائِر للجَنة ليس مُقيماً فِيها .. فقلت لهم ياإخواننا أنا دِلوقتِ معاكم آهو .. وآهى فرصة تدعولى رَب العِزة ، ومَلك العَرش أن أكُون برفقتكم حين تأتى سَاعتى .. فقالوا هذه مَكانة الشُهداء والصَابرين .. والله وَحدَه صاحب الكلِمَة في أن تكون مَعنا ، حَسب أعمالك فى الدنيا .. وهنا كله مَكتوب ومَعلوم .. والله هو الحَق ، والعَدل ، والرَحمة ، ولا يُظلم عنده أحداً أبداً .. أو أن تكون مع بَاقى أهل الجَنة العاديين .. فالجنة مِائة دَرجة وأدْناهم مَنزلة من كان له مُلك مِثل عَشرة أمثال أغنى مُلوك الدُنيا ..
وفتحوا شَهيَّتى للحَديث عن الجَنة ، ودَرجاتِها ، وناسَها ، وأنهارَها ، وكل تفاصيلها ،علشان أنقلكم وكلي شوق اللي شفته واللي سمعته .. لكن قلت خليك جَدع ياوَاد وأسأل كل الأسئلة اللى أنت عايزها عن الجَنة بالتفصيل فى زيَارة قادِمَة .. ماخلاص عِرفت السِكَّة ..

وقبل ماأبدأ حديثي إليهم عَمَّا قابلوه فى دُنيَاهم .. لقيتهم بيبَادرُوني بالسُؤال ، عَاوزين يعرفوا كل حَاجة حَصلت من وقت إستشهادهم لِغاية دلوقتِ !! فقلت لهم مُندهِشَاً لِيه هو أنتم ماتعرفوش حَاجة خالِص عَننا تحْت فى الدُنيا ؟ فقالوا طبعاً لأ ؟ إزاى عاوزنا نفكر فى دُنيا فانيَة ؟ .. واحنا عايشين فى نعِيم ، وخلود ، وشباب دَائِم .. وصُحبَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وصَحَابته من خيْر رجَال ونِسَاء الدُنيا ! إزاى عَاوزنا نفكر فى كل ماعَانينا منه فى دُنيانا من جُوع ، ومَرض ، وذل ، وظلم ؟ واحنا هنا لا فِيه جوع ، ولا مرض ، ولا ذل ، ولا ظلم .. إحنا فى أجمَل وأعْدَل مكان , إحنا فى حِمَى وضِيَافة الرَحمَن العَادِل .

ونِزلِت أسئلتهم على رَاسى كالصَاعِقة .. هَل تحققت أهدَاف الثورة ؟ هَل تم القصَاص العَادل من قتلتنا ؟ هَل أصبحَت مِصر دِيمُقراطية حَقيقية ؟ هل تحَقق العَدل ؟ هَل حُفِظت كَرامَة المِصرى، ولم يَعُد يُهان فى أقسام الشُرطة ؟ هَل ... وهَل .. ومِليُون هَل ؟؟.. طيِّب باللهِ عَليكم ياإخواننا حُطوا نفسُكم مَكانِى وقولولِى أرُد عَليهم بإيه ؟ ورطة حطيت نفسي فيها..بس أعمل إيه ..كنت مُتشوق قوى للقيَاهُم..
بينى وبينكم صِعبُوا عَليَّا قوى .. وخُفت أحرمهُم من مُتعتهم بالفردوس .. ولقيت إنه من المُستحيل أن أجعَلهم يَظنون أن ماأستشهدوا من أجله أصبَح نسْيَاً مَنسِيَاً .. وأن دِمَائِهم رَاحت بَلاش .. فقلت لهم أن استشهادكم كان الخطوَة الأولى ، نحو العَدالة والحُريَّة ، والدِيمُقراطِيَّة ، والعَيش ، والكرَامَة الإنسَانيَة .. وأن المِصريين يَعيشون فى نعِيم ، ورَخاء بسَبب دِمَائِكم الطاهرة .. وأننا أوشكنا أن نكون إحدَى القوَى العُظمَى فى أقل من سَنتين .. وأن أمريكا وإسرائيل دلوقتِ بيجروا ورَانا وبيتمنولنا الرضَا نِرضَى .. وأستطعنا أن نستعيد 90% من أرَاضِى فلسطين لأهلها .. ولأن إسلامنا رَحِيم فقد سَمَحنا لليهود أن يَعِيشوا على الـ 10 الباقية فى مناطق نائية بعيدة عن المدن الفلسطينية ،حتى لا يختلطوا بأهل البلد الأصليين .

وتركتهم سُعداء يضحكون مِلء قلوبهم .. وأنا أدَارى دَمعَة سَالت من عَينى ألمَاً وحُزناً على مانحن فِيه على الأرض .. وسَعادة وفرَح لِمَكانة خِيرة شَباب مصر ممن رووا ثورتها بدمائهم الذكيَّة ..ينعمون بالفردوس الأعلى.. وجَزاؤهم العَادِل فى السَماء خير مِليون مَرَّة من جزاؤهم الظالِم فى الأرض .. وظللت طوال عَودتِى من حُلم اليَقظة ، وحتى الآن ، أدعُو رَبى أن يَغفر لى كَذبى على الشُهدَاء فى الجَنة .. حتى وإن كان كذبـــــَــــاً فى أحلام يَقظة .

قال تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ((
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ
)) رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ
صدق الله العظيم [/size]

[مشاغب مصرى]

قال تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ((
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ
)) رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ
صدق الله العظي