..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..


العودة   منتديات بنات مصر > بنات مصر نقاشات حوارات مواضيع عامه تبادل اراء > منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم

آخر 12 مواضيع
الشفاء فى السجود
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 2 -
صدفة البحر
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
ياليت قومى يعلمون ..مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 4 -
زكاة المال ام الضرائب تابع مسابقة أفضل موضوع
الكاتـب : طبيب الهوى - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 4 -
دعوة لنقاش تابع مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 10 -
مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 9 -
سئمت الصمت
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
الفرق بين الكسل والايمان
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 15 -
رأيك خير دليل
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
شاعر الأنسانيه مبارك الأشراف
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الانسانية - مشاركات : 16 -
أيران وحرب الجرذان
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 12 -
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 16 -

الإهداءات


[١١] الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ كِتَابُ « قَصَصِ » « أَحَادِيثِ » الْأَنْبِيَاءِ

منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /07-22-2015, 10:27 AM   #91

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

[١. ٤. ] : مخلوقات ما قبل آدم؛
مشاهد الوجود قبل خلق آدم:
ينبغي أن نقرر حقيقة وهي أن الله جل جلاله مالك متصرف في ملكه كيفما شاء ووقت ما يشاء. وأن الله تعالىٰ أخبرنا عن خلق السموات والأرض، وعن خلق آدم، وعن خلق القلم الذي كتبت به مقادير الخلائق، وأخبرنا عن وجود الملائكة والجن قبل خلق آدم،
ثم:
من النص القرآني نعرف علىٰ اليقين قبل خلق آدم الآتي :
[١. ٤. ١. ] :« وجود الملآئكة » بـ نص آية ٣٠ من سورة البقرة.
[١. ٤. ٢. ] : « وجود الأرض »
والدليل :"
هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلاٌّرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ" [ البقرة 29] "
[١. ٤. ٣. ] : وظناً أن « الجـن كـانوا هـم سكان الأرض »، قبل خلق آدم عليه السلام ، ولعل ذلك مأخوذ من أهل الكتاب.
[١. ٤. ٤. ] : «السموات»
[١. ٤. ٥. ] : « الجبال »،
[١. ٤. ٦. ] : « الدواب ، الحيوان» ،








التعديل الأخير تم بواسطة د. محمد الرمادي ; 07-22-2015 الساعة 10:54 AM
  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-22-2015, 12:07 PM   #92

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

˜˜¹
[ ٢. ] « المشهد الثاني ما قبل خلق آدم »
هل اسْتَشَارَ الْمَلائِكَةَ فِي خَلْقِ آدَمَ!!!؟







  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-23-2015, 11:33 AM   #93

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي


[ ٢. ] « المشهد الثاني ما قبل خلق آدم »
هل يصح في حق الله تعالى : استشارة أحد من خلقه قبل القيام بفعل من أفعاله؛ أول قول من أقواله؛ أو تصرف من تصرفاته







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-16-2015, 03:15 PM   #94

عضوية تميز

 

 رقم العضوية : 100074
 تاريخ التسجيل : Nov 2015
 الجنس : ~ أنثى
 المكان : بني سويف
 المشاركات : 4,426
 الحكمة المفضلة : كن كما تريد حتى وان كان ماتريد مستحيل
 النقاط : مــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond reputeمــريــم has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 22129
 قوة التقييم : 12

مــريــم غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

وسام مسابقة لمحة من حياتنا مركز ثالث وسام النشاط العام لشهر ديسمبر 2015 وسام مسابقة مولد الهدى مركز ثالث المسابقة الفلاشية للمولد النبوي المسابق الفلاشية وسام تميز قسم السويتش ماكس 

افتراضي

جزاك الله كل خير
وجعله فى ميزان حسناتك







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-19-2015, 09:16 PM   #95

 

 رقم العضوية : 31625
 تاريخ التسجيل : Sep 2009
 العمر : 26
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مملكتي
 المشاركات : 8,497
 الحكمة المفضلة : لا يستحق ان يولد من عاش لنفسه فقط
 النقاط : && برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute&& برنسيسة المنصورة && has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 229090
 قوة التقييم : 115

&& برنسيسة المنصورة && غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو
افتراضي

جزاك الله خيرا
يسلموعلي الطرح







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-07-2017, 08:46 PM   #96

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

*في يوم 20 من ديسمبر 2014 بدأت الحديث والكتابة عن السيد الجليل المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام ... ثم توقفت لأسباب عدة خارجة عن إرادتي أو قدرتي وبينت أسباب الإنقطاع عن إتمام البحث.. * وها أنا أعود مرة ثانية لمراجعة ما تحت يدي من مراجع ومصادر .. وأعتذر مرة ثانية للقارئ الكريم..
محمد:
الخميس 19 ربيع الأول 1439 هـ ~07. 12. 2017م







  رد مع اقتباس
قديم منذ /08-16-2018, 01:46 PM   #97

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

﴿ « ١ »
الترقيم حسب ظهور أنبياء الله -تعالى- - سلامات وصلوات الله عليهم وبركاته -
في
سماء
دعوة التوحيد؛
وتبيان المنهج :







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-20-2021, 08:58 PM   #98

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

سلسلة بحوث:

»سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل نصوص الوحي وتفسير آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء«(*)

أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة زاهرة .. ذات حضارة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

(*) الحمد لله - تعالى في سماه وتقدست اسماه وتبارك في علاه-؛ فقد فتح الله العلي القدير عليَّ؛ وأنا العبد الفقير: محمدفخرالدين بن إبراهيم آل الــ ــرمادي بهذا العنوان العريض قبيل صلاة المغرب من شهر القرآن المبارك؛ شهر الصيام؛ مجاوراً لبيته العتيق؛ ناظراً وداعياً ومتوسلاً بأن يفقهني في الدين ويعلمني التأويل؛ كما دعا الــحبــيــب المصطفى والنبي المجتبى والرسول المرتضى والخليل المحتبى - صلوات الله وسلامه عليه وآله - لابن عمه "عبدالله" بن عباس - رضي الله تعالى عنه -..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

[١١] الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ

كِتَابُ « قَصَصِ » « أَحَادِيثِ » الْأَنْبِيَاءِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

تقديم بين يدي الكتاب:

أثبت القرآن الكريم؛ الذكر الحكيم؛ الفرقان المبين اسم آدم - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض آياته؛ ونصوص القرآن العظيم جميعها قطعية الثبوت؛ أي أنها وحي مِن عنده -سبحانه وتعالىٰ- .. بيد أن بعض آيات القرآن تجدها قطعية الدلالة؛ يفهم منها معنى واحدا لا يتعدد.. ونصوص آخرىٰ ظنية الدلالة لحكمة علوية.. قد تفتح أبواب الإجتهاد وتشَرَعَ نوافذ الفهم من حيث الاستنباط والتأويل.. فتجد سعة في التشريع؛ وفسحة في الفقه.. وتبيان المنهاج كما وأثبت القرآن المجيد قصته- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.. وما جرىٰ وحدث له.. مِن حيث الخلق والإبداع والتكوين والإيجاد من العدم.. ثم التعليم والتكريم فــ التكليف.. ويقابله- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تجد ذكر اسم زوجه-عليها السلام- بين دفتي المصحف الشريف؛ كما لا تجد ذكر اسم امرأة من نساء الأنبياء-سلام الله عليهم وصلواته وبركاته- جميعاً.. واللافت لإمعان النظر ولتدقيق الإعتبار ذُكر في القرآن الكريم اسم أم نبي؛ بل وسميت سورة بأكملها باسم أم رسول؛ كما أن الملاحظ للنصوص القرآنية لا يجدها أم نبي آخر المرسلين؛ ولا أم متمم المبتعثين؛ فهي ليست أم خاتم الأنبياء.. بل تقرأ اسمها بوضوح : «مَرْيَمَ» العذراء البتول؛ بنت عمران.. كما وأنها -سلام الله عليها- علىٰ التحقيق ليست من الأنبياء.. لذا فالقرآن الكريم له صياغته الخاصة؛ وتركيبة جمله باعتباره كتاب رب العالمين.. هداية للبشر أجمعين؛ فهو -القرآن العظيم- ليس كتاب أدبي.. ثقافي.. أو كتاب طبي.. علمي.. أو كتاب تاريخ.. أحياء.. هندسة زراعة.. بل كتاب هداية.. ونعمة.. بدليل النص القرآني نفسه؛ فيقول خالقنا -سبحانه وتعالىٰ- :{ وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [البقرة:150]؛ ثم يتم الإخبار بواسطة خاتم الأنبياء فنطق القرآن الكريم يقول : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [الأعراف:158]

ثم ينطق القرآن فيقول : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [آل عمران:103]







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-23-2021, 05:24 PM   #99

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي تقديم بين يدي الكتاب!

تقديم بين يدي الكتاب:

أثبت القرآن الكريم؛ الذكر الحكيم؛ الفرقان المبين اسم آدم - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض آياته؛ ونصوص القرآن العظيم جميعها قطعية الثبوت؛ أي أنها وحي مِن عنده -سبحانه وتعالىٰ- .. بيد أن بعض آيات القرآن تجدها قطعية الدلالة؛ يفهم منها معنى واحدا لا يتعدد.. ونصوص آخرىٰ ظنية الدلالة لحكمة علوية.. قد تفتح أبواب الإجتهاد وتشَرَعَ نوافذ الفهم من حيث الاستنباط والتأويل.. فتجد سعة في التشريع؛ وفسحة في الفقه.. وتبيان المنهاج .. كما وأثبت القرآن المجيد قصته- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.. وما جرىٰ عليه وحدث له.. مِن حيث الخلق والإبداع والتكوين والإيجاد من العدم.. ثم التعليم والتكريم فــ التكليف.. ويقابله- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تجد ذكر اسم زوجه -عليها السلام- بين دفتي المصحف الشريف؛ كما لا تجد ذكر اسم امرأة من نساء الأنبياء -سلام الله عليهم وصلواته وبركاته- جميعاً.. واللافت لإمعان النظر ولتدقيق الإعتبار ذُكر في القرآن الكريم اسم أم نبي؛ بل وسميت سورة بأكملها باسم أم رسول؛ كما أن الملاحظ للنصوص القرآنية لا يجدها أم نبي آخر المرسلين؛ ولا أم متمم المبتعثين؛ فهي ليست أم خاتم الأنبياء.. بل تقرأ اسمها بوضوح : « مَرْيَمَ » العذراء البتول؛ بنت عمران.. كما وأنها -سلام الله عليها- علىٰ التحقيق ليست من الأنبياء.. لذا فالقرآن الكريم له صياغته الخاصة؛ وتركيبة جمله باعتباره كتاب رب العالمين.. هداية للبشر أجمعين؛ فهو -القرآن العظيم- ليس كتاب أدبي.. ثقافي.. أو كتاب طبي.. علمي.. أو كتاب تاريخ.. أحياء.. هندسة زراعة.. بل كتاب هداية.. ونعمة.. بدليل النص القرآني نفسه؛ فيقول خالقنا -سبحانه وتعالىٰ- :{ وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [البقرة:150]؛ ثم يتم الإخبار بواسطة خاتم الأنبياء فنطق القرآن الكريم يقول : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [الأعراف:158]

ثم ينطق القرآن فيقول : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [آل عمران:103]
فالقرآن الكريم كما يعرف نفسه بنفسه ممن أوحاه على خاتم الأنبياء أنه كتاب هداية وأنه نعمة من نعم الخالق على المخلوق!

مُقَدِّمَة عن قصة :«„ آدَمَ ”»
سأبدءُ الحديث -بمزيد مِن عون الله تعالىٰ وبعظيم فضله وكامل أحسانه وتمام توفيقه وبتكثير الدعاء كي أحصل على إعانته وعونه- سأبدءُ الكلام بعد البحث والتحري في بطون إمهات الكتب المعتمدة والمعتبرة والموثقة والمحققة أحياناً؛ أو أقوم بتحقيق الخبر من نفسي -وأخشىٰ مِن الزلل أو الخطأ- أو نقلاً من أقوال أهل العلم..
سأبدء الحديث عن أهم حدث تم في الوجود بل أهم إيجاد لمخلوق أُبدع في الكون؛ بعد كل تلك الإبداعات في الخلق والتكوين والتصوير والتنشأة والتي ترىٰ بالعين المجردة؛ ثم معرفة مخلوقاته -سبحانه وتعالىٰ- خاصةً بعد خطوات ملموسة في مجال العلم وتقدمه؛ ودقة الأجهزة المساعدة في أكتشاف دورة حياة المخلوقات سواء علىٰ سطح الأرض؛ أو في باطنها.. أو في أعماق البحار والأنهار والبحيرات أو شواطئها.. أو في أجواء السماء الدنيا أو في بعيد المجرات والمسيرات..
أو
تلك المخلوقات.. والتي لم نراها ولكننا أُخبرنا عنها عن طريق صحيح بوجودها ؛ مأمون المصدر موثق المخبر والمنبئ.. كــ الملآئكة والجن الشياطين..

سأبدء الحديث عن أول إنسان؛ وهو المخلوق الوحيد الذي يملك قدراً هائلاً مِن الفهم والاستيعاب مع تخزين المعلومات الأولية عن الأشياء المحسوسة والملموسة والغيبية والتي يتحصل عليها من خلال المشاهدة والرؤية والتعليم والتلقين؛ ومِن ثم إعادة استرجاعها وربطها بالواقع الحالي أو الجديد؛ فيحسن التعامل مع تلك الأشياء.. وهو ما يسمىٰ بالعقل والإدراك؛ وهذه خاصيةٌ لم يشاركه فيها أي مخلوق آخر سواه؛ فلديه خلايا مخية تقوم بهذه العملية الاستيعابية الفهمية العقلية؛ بالإضافة لما حباه خالقه وموجده من غرائز ومظاهرها؛ وحاجات عضوية وكيفية إشباعهما -غرائز الإنسان وحاجاته- بصورة صحيحة سوية..
لذا أُكرم وعُظم وبُجل لتلك القدرة العقلية الجبارة -التعليم.. وإعادة استحضار المعلومات التي تعلمها- كُرمَ مِن قِبل خالقه أولاً؛ ثم من قِبل أعلىٰ درجات التكريم في الخلق -التخليق مِن العدم- والتنشأة والتكوين والتصوير على غير مثال سابق.. وهم الملآئكة؛ وسجود التكريم له وليس عبادة الإنسان..
اقرأ ما كتبه ابن كثير الدمشقي في بداية كتابه فسطر يقول.:" وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ، وَجَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، فَجَعَلَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، وَشَرَّفَهُ بِالْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، خَلَقَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ آدَمَ أَبَا الْبَشَرِ وَصَوَّرَ جُثَّتَهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَخَلَقَ مِنْهُ زَوْجَهُ -حَوَّاءَ- أُمَّ الْبَشَرِ، فَآنَسَ بِهَا وَحْدَتَهُ وَأَسْكَنَهَا جَنَّتَهُ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمَا نِعْمَتَهُ، ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ ؛ لِمَا سَبَقَ فِي ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ الْحَكِيمِ، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَقَسَّمَهُمْ بِقَدَرِهِ الْعَظِيمِ:
- مُلُوكًا وَرُعَاةً،
وَ
- فُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ،
وَ
- أَحْرَارًا وَعَبِيدًا(!
وَ
- حَرَائِرَ وَإِمَاءً، وَأَسْكَنَهُمْ أَرْجَاءَ الْأَرْض ِطُولَهَا وَالْعَرْضَ، وَجَعَلَهُمْ خَلَائِفَ فِيهَا يَخْلُفُ الْبَعْضُ مِنْهُمُ الْبَعْضَ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، وَسَخَّرَ لَهُمُ الْأَنْهَارَ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ، تَشُقُّ الْأَقَالِيمَ إِلَى الْأَمْصَارِ، مَا بَيْنَ صِغَارٍ وَكِبَارٍ، عَلَى مِقْدَارِ الْحَاجَاتِ وَالْأَوْطَارِ، وَأَنْبَعَ لَهُمُ العيون والآبار. وأرسل عليهم السحائب بالامطار، فأنبت لهم سائر صنوف الزرع وَالثِّمَارِ. وَآتَاهُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلُوهُ بِلِسَانِ حَالِهِمْ وَقَالِهِمْ: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار» فسبحان الكريم الْعَظِيمِ الْحَلِيمِ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ. وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، بَعْدَ أَنْ خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَيَسَّرَ لَهُمُ السَّبِيلَ وَأَنْطَقَهُمْ، أَنْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ إِلَيْهِمْ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ عَلَيْهِمْ: مُبَيِّنَةً حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَأَخْبَارَهُ وَأَحْكَامَهُ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَالسَّعِيدُ مَنْ قَابَلَ الْأَخْبَارَ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالْأَوَامِرَ بِالِانْقِيَادِ وَالنَّوَاهِيَ بِالتَّعْظِيمِ. فَفَازَ بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَزُحْزِحَ عَنْ مَقَامِ الْمُكَذِّبِينَ فِي الْجَحِيمِ ذَاتِ الزَّقُّومِ وَالْحَمِيمِ، وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ
(البداية والنهاية؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
ولآدم -عليه السلام- قصة في القرآن؛ قصها المَلٰك جبريل -عليه السلام- أولاً على قلب آخر الأنبياء ومتمم المبتعثين وخاتم المرسلين ليثبت بها فؤاده ويطمئن قلبه؛ ثم يقصها النبي وحياً من ربه -تعالى- علىٰ الخلق أجمعين؛ فمن الصعوبات الأُوُل في رسالة الأنبياء ودعوة المرسلين مسألة:


« التكذيب »؛

واللافت للنظر حين تكون الدعوة لا تمس مصالح الناس الحيوية؛ من باب التحريم والتحليل؛ ولا تتعارض مع مبادئهم الأساسية الحياتية الموروثة لا يلقون بالاً لمن يدعي نبوة أو يدعو لرسالة أو لمصلح إجتماعي أو سياسي..
وفي اللحظة التي يبدء الصراع الفكري مع تقاليد القوم والمصادمة العقلية مع مفاهيمهم المغلوطة وقيمهم الفاسدة والمواجهة الفهمية لما هم عليه من عادات يبدء الصراع؛
لذا تجد القرآن الكريم ينبه الرسول الأعظم بهذه المسألة -مسألة :« التكذيب »؛- فيقول :{ ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون } [الأعراف:176].

وقد تميز أهل مكة في صدر الرسالة المحمدية بــ " قسوةِ قلوبهم، وغلب اللدد والخصومة عليهم، وفيهم يقول الله -جل شأنه-: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا[1]} [مريم: 97].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
[1] لد جمع ألد، وهو: الشديد الخصومة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
وكانت فيهم -أهل مكة- مع ذلك عنجهية، وفيهم تكبر واستعلاء، وتفاخر وعجب بالبيت الحرام؛ إذ كانوا جيرته والقائمين عليه، وسقاة حجاجه من الوافدين إليه.

وينعى الله عليهم ذلك، إذ يقول: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُون}[2] [المؤمنون: 66، 67]، ويقول: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 19].

ولم يكن الرسولُ فيهم بالسَّيِّد المطاع، ولا الشريف الماجد الذي لا يتطاول إليه في شرفه ومجده متطاول، ولا كان الثري الواسع الثراء الذي يبلغ بماله ما لا يبلغه بجاهه وقدره في الناس، ولكنه كان رجلاً من أوسطهم حسبًا، وأعرقهم نسبًا، ولا مزيد، يمكن أن يقر له منصفٌ بفضل، أو يعيبه عياب بنقيصة في نفسه أو عشيرته، ما أقام فيهم على المسالمة وحسن الجوار، أما أن يطلع عليهم بدعوة لم يدْعُهم إليها داعٍ من قبله، ولا وقع في وَهْم واهم منهم أن يكون لمثلها بينهم مكان - فذلك ما يأبَوْنه أشد الإباء، ولا يرتضون أن يضطلع بها أحد، مهما كان قدره وعظم جاهه؛ لأنها دعوة جريئة، تحرض على التنكر للآباء والأجداد، ونبذ ما خلص إليهم من العقيدة التي توارثوها عنهم على مر القرون.

لهذا أبغضوه، وحقدوا عليه، وتربصوا به، وحسدوه أن كان هو المختار من بينهم، ليكون الرسول إليهم، وفيهم من يرونه خيرًا منه مقامًا وأعظم قدرًا.

وقد حكى الله تعالى مقالتهم في ذلك، إذ يقول: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31]، فراحوا يكيدون له، وينالونه بالأذى من كل سبيل، لا تأخذهم به رأفة، ولا تعطفهم عليه رحم؛ رموه بالحجارة، وألقوا عليه الأقذار، وهو ساجد بين يدي ربه، وأغروا السفهاء به يهينونه، وينالون من عزته، ولم يتركوا نقيصة تؤذيه في نفسه وكرامته إلا رموه بها.

جعلوا يرمونه بالكذب مرة، وبالجنون مرة أخرى، وبالسحر مرة ثالثة، وقد حكى الله ذلك كله عنهم، فقال: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: 4، 5]، وقال: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً} [الفرقان: 41]، وقال: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِين} [سبأ: 43].

وجعلوا فوق ذلك يعنتونه بما يطلبون أن يأتيهم به من آيات لا قِبَل للإنس ولا للجن بها، وإلا لم يؤمنوا به، ويذكر الله حكاية لما طلبوا أن يأتيهم به، فيقول: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا[3] أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ[4] أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولاً} [الإسراء: 90 - 93].

لذلك كانت تعرض له أزمات نفسية عصيبة، تهد الكيان، وتفل العزم، وتدعو إلى اليأس، حتى يكاد يقضى غمًّا وضيقًا، وحتى لتحدثه نفسه أن يترك بعض ما يوحى إليه، لا يبلغهم إياه، ملاينة منه، وتفرجًا من كربه، وكانوا ربما ساوموه في الوحي، لعلهم يفتنونه فيه، عسى أن يبدل منه، وقد ذكر القرآن ذلك كله، فقال سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ[5] نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، وقال: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود: 12]، وقال: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 73 - 75].

لكن الله تعالى كان معه أبدًا، فهو سبحانه أرحم به، وأبقى عليه من أن يخلي بينه وبين هؤلاء الطغاة الجاحدين، كيف وقد خلقه الله بشرًا رسولاً، ينفعل بالأحداث، وينتابه منها مثل ما ينتاب غيره، وإن كان لأقوى يقينًا، وأثبت جنانًا، وأصبر على احتمال المحن والأرزاء، لذلك جعل يتعهده بما يسري عنه، ويشد من عزمه، فحينًا يدعوه إلى التأسي بأولي العزم من الرسل، فيقول: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35]، وحينًا يأمره أن يرفق بنفسه، ويبقي عليها أن تذهب حسرة وأسى لإعراضهم عنه، فيقول: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8].

وجعل سبحانه من قبل ومن بعد يقص عليه من أنباء الرسل وسير الأمم ما يثبت فؤاده، ويدخل السكينة في قلبه، بما يزخر به من مواعظ وعبر للذين آمنوا به واتبعوه، ومن زجر ووعيد للذين يكذبونه ويصدون عن سبيله، ومن عقاب وسوء مآل للذين كذبوا الرسل من قبله، وإن كانوا لأشد قوة وأعظم سلطانًا، وقد بين الله أثر القصص في نفوس الصالحين من أولي الألباب، فقال: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111].

وصدق الله العظيم، فالقصص أحفل بالأسوة، وأعمل في النفس، وأبعث على الطمأنينة والرجاء؛ إنه أخف على السمع، وأرعى للانتباه، لا يأمر وينهى، ولكن يقص الأنباء ويصف الأحداث، ويقرن العمل بعاقبته والجزاء عليه، في بيان رائع وتصوير صادق، يجيش بالحياة والحركة، فتسري الحكمة منه والموعظة إيحاء وانفعالاً، لا طاعة لأمر، ولا تأثرًا بوعظ، فينزل من أعماق النفس في قرار مكين، حتى كأنه من نبع الوجدان وإشعاع الذات، وليس عطاء مبذولاً ولا رفدًا مرفودًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[2] به: بالبيت الحرام، سامرًا: سمارًا، تهجرون: تتحدثون بالقبيح من الحديث. [3] كسفًا: قطعًا، جمع كسفة. [4] زخرف: ذهب. [5] باخع: وصف من بخع نفسه: قتلها غمًّا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
:" جعل الله لأهل مكَّة قَصصًا، ولأهل المدينة قَصصًا؛ لأن هؤلاء غير أولئك عقيدة وجبلَّة؛ أهل مكَّة عبدة أوثان، طال عهدُهم بها وصحبتهم لها أجيالاً متتابعة، فقست قلوبهم، وران عليهم الضلال والجحود، فما تصلح حالهم على المحاجة وحدها، ولكن على الزجر والوعيد والاسترهاب، كدأب كل قدم متعجرف جهول، لذلك يغلب في قصصهم ذكر الأمم البائدة التي خالفت عن أمر الله، وكذبت رسله، فكان عاقبةُ أمرِها وبالاً وخسرًا، وإذا يلتقي في قصصهم جمع من تلك الأمم وما نزل بها من بأس الله، وإذ يُعادُ عليهم تباعًا وفي صور شتى من بديع العرض وبارع الافتنان - فإنَّه لحقيق أن يهز كيان الجاحدين، ويلين من قناتهم، ويزعزع من يقينهم، بما يتسلَّل إلى نفوسهم على هينة من الاسترابة والتردد، ويغريها بالإصغاء ومعاودة النظر في موقفها الذي تردت فيه عنادًا واستكبارًا.

وهي بعدُ حَريَّة أن تقبل من إدبار، وتنقاد من حِران، إلا عن نزوع واهتداء، فعن حرص على الحياة وخوف من العذاب الذي حل مِن قبل بأمثالهم من المكذبين الضالين، وما أمر عاد وثمود وقوم شعيب منهم ببعيد، ومن قصص عاد وثمود قول الله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ[6] * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا[7] فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ[8] النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ[9] نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ[10] * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ[11] * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ[12] * أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ[13] * سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً[14] لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ[15] مُحْتَضَرٌ[16] * فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى[17] فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ[18] الْمُحْتَظِرِ[19]} [القمر: 18 - 31].

وقوله. سبحانه عن أهل الأيكة: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ[20] الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ[21] الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ *وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ[22] الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ[23]إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 176 - 189].

وزادهم الله تذكِرة وتحذيرًا، فقص عليهم قصص أقوام آخرين، كذبوا نوحًا وإبراهيم ولوطًا وموسى وعيسى -عليهم السلام-، فأخذهم الله بذنوبهم، فاجتمع لأهل مكة بذلك عبرة من مصير أقوام منهم وأقوام آخرين من غيرهم، لم ينج منهم إلا من اتبع سبيل الرشاد.

أما أهل المدينة فكانوا أهْلَ كِتاب، جاءتهم الرسل من قبل، ودعوهم إلى الله، فآمن من آمن، وأعرض مَنْ أعرض، فهم أجدر أن يعلموا أنَّ للناس إلهًا، وأنه سبحانه قد أرسل إليهم رسلاً من أنفسهم، ليستنقِذوهم من الضلال، وكانت عندهم البشرى برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهم بهذا أقرب إلى الله، وأحق إذا نُبِّهُوا أن ينتبهوا، وإذا دعوا أن يستجيبوا، إلا الذين طبع الله على قلوبِهم وأعمى أبصارهم، والذين أخذتهم العزة بالإثم، فركبوا رؤوسهم، وأصروا واستكبروا استكبارًا، وإذا كان عهدهم بالرِّسالة قد بعد، فإن الدعوة بموالاتها والافتنان فيها كفيلة أن ترد النافر، وتطوع العصي، ثم إنَّ للقدوة من جانب، والنزوع إلى مجاراة الجماعة واتقاء الشذوذ فيها أثرًا في الاستجابة غير مردود، وقضى الله سبحانه أن يكون من أهل المدينة أنصار الله والمجاهدون في التمكين لدينه الحنيف.

وفي بعض قصصهم حديث عن ماضي أهل الكتاب، وفي بعض آخر منه حديث عن حاضر المسلمين في جهادهم لإعلاء كلمة الله، فأما حديث الماضي ففيه تذكير بقدرة الله، وتبيين لفضله على بعض أنبيائه، إذ استجاب لزكريا عليه السلام، فوهب له الولد، وكان قد بلغه الكبر، وكانت امرأته عاقرًا[24] ، وإذ خلق عيسى بيديه كما خلق آدم، وأيده بمعجزات شتى، ولم يقصر القرآن هذا النوع على أهل المدينة، فقد سبقهم من قبل أهل مكة إليه، إذ ذكرت قصتا زكريا وعيسى - عليهما السلام - في سورة مريم أيضًا[25]، وإذا كان في قصص الأمم البائدة زجر ووعيد، فإن في قصص معجزات الأنبياء آيات باهرة على جلال الله وقدرته على الثواب والعقاب، ففي كلا النوعين مناصرة وتأييد للآخر.

وفي قصص أهل المدينة أيضًا بيان لفضل الله على بني إسرائيل، إذ نجاهم من فرعون وبطشه، ثم تولاهم بعد بالكثير من نعمه، فضلاً منه ورحمة، مع عصيانهم لموسى، وكثرة إعناتهم له وإلحاحهم عليه بالشطط في المسألة، وفي خبر القصة الآتية من قصصهم صورة من تشددهم، والمغالاة في التتبع والاستقصاء.

فقد قتل منهم قتيل ولم يعرف قاتله، فرجعوا في الأمر إلى موسى، فأمرهم أن يذبحوا بقرة لم يميزها بين البقر بصفة، فجعلوا يرادونه فيها، ويستقصون أوصافها، ثم ذبحوها وما كادوا يفعلون، وضرب موسى القتيل بلسانها فأحياه الله، وأخبر بقاتله، وفي هذا يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ[26] وَلَا بِكْرٌ[27] عَوَانٌ[28] بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ[29] تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ[30] لَا شِيَةَ[31] فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ[32] فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 67 - 73].

أما قصص المسلمين في حاضرهم فيتضمن الحديث عن الغزوات وما كانت تنتهي إليه من نصرة أو هزيمة، وتحظى غزوة الأحزاب من بين الغزوات بفضل بيان في قصصها، وتفصيل لما تقدمها من كيد، وما لابسها من ابتلاء، وما انتهت إليه من نصر عزيز، فقد تألبت عصبة الشرك، يظاهرهم حلفاء من اليهود، يريدون أن يضربوا الإسلام في مأمنه ضربة لا قيام له بعدها، فنفروا إلى المدينة جموعًا كثيرة، توافر لها العدد والعتاد، لكن الله جلت قدرته كان لهم بالمرصاد، فأرسل عليهم ريحًا عاتية جعلت تعيث في رحالهم، وتنغص مقامهم، وتقذف الرعب في قلوبهم، فلم يسعهم إلا أن يتنادوا بالرحيل، فانقلبوا راجعين، عليهم عار الهزيمة والهوان، ولقي حلفاء الغدر والخيانة من اليهود جزاءهم الذي يستحقون، فقتل المقاتلة منهم، وسبي الذراري والنساء، وفيها يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ[33] وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ[34] مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ[35] فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا * وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ[36] وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ[37] مِنْ صَيَاصِيهِمْ[38] وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 9 - 27].

ونلاحظ أنَّ القِصَّة حين تحدثت عن أولئك الذين أظهروا الاعتذار للنبي وأضمروا الفرار من القتال خوفًا وجُبنًا - لم يفُتْها أن تنبِّه إلى حقيقة لا مراء فيها: أنَّ الفرار من الموت لا ينجي منه، إذ ليس لأحد من أمر الله عاصم، لكنَّه الوهم الخادع والخيال المريض يُرِيَانِ الباطل حقًّا، والواقع وهمًا، وفي ذلك موعظةٌ وذكرى لأولي الألباب.

والقصص في القرآن كثير متنوع، لكن أكثره عن الأنبياء وجهادهم في الرسالات، وبيان ما كانوا يلقون في سبيلها من شر وأذى، ومن إعراض وجحود، وكيف صبروا على ما كُذِّبُوا وأوذوا حتَّى جاءهم نصر الله، فنجوا هم والذين آمنوا معهم، وهلك المكذبون الضالون. وموسى - عليه السلام - أطول الأنبياء قصصًا، وأكثرهم ذكرًا في القرآن؛ إذ ذكر فيه 136 مرة، ويليه في الذكر إبراهيم - عليه السلام - فقد ذكر فيه 69 مرة.

ولعل ذلك لأن حياة موسى - عليه السلام - حفلت بأحداث كثيرة، ومعجزات متعددة، لم تحفل بأمثالها حياة أنداده من الأنبياء الأولين، نجاه الله من فرعون رضيعًا، ثم زاد فنشأه في بيته، وكان فرعون يذبح أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم، ونجاه من القتل حين ائتمر القوم به، ليقتلوه ثأرًا للمصري الذي كان قتله، وجاء مدين وليس له فيها أهل ولا مأوى، فوصل أسبابه بمن آواه وزوَّجه، وتلقى وهو في طريق العودة إلى مصر وحي الله تعالى يأمره أن يذهب إلى فرعون، ويبلغه رسالته إليه، ولما خرج موسى وقومه من مصر تبعهم فرعون وجنوده ليردوهم عن وجههم، حتى إذا بلغ موسى وأصحابه البحر وتراءى الجمعان أوحى الله إلى موسى فضرب البحر بعصاه، فانفلق فِرْقَيْن عظيمين، وعبر موسى وقومه إلى البرية، ومضى فرعون وجنوده في أثرهم، فأدركهم الغرق جميعًا، وتمضي حياة موسى على هذا النحو، انتقالاً من حدث كبير إلى مثله أو أشد، وانتصارًا بمعجزة إلى معجزة غيرها إلى أمد بعيد.

وفي القرآن مع قصص الأنبياء قصص لبعض الجماعات وآخر لبعض الأشخاص، فمن قصص الجماعات قصص أهل الكهف، أولئك الفتية المهتدون، الذين فروا بدينهم إلى الكهف يأوون إليه، ويعتصمون به، وهناك غشيتهم غاشية من النوم، لبثوا بها نيامًا 309 سنين لم يمسهم فيها سوء، ولا أصابهم شيء من بِلى، ثم بعثهم الله من نومهم الطويل، فكانوا بذلك آية من آيات قدرة الله، يعلم الناس منها أن وعد الله حق، وأن الساعة لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور[39].

ومن قصص الأشخاص قصص قارون، وكان من قوم موسى آتاه الله من المال قدرًا عظيمًا، حتى كانت مفاتيح خزائنه ينوء بحملها جمع من أولي القوة، فأبطره الغنى، وركبه الغرور، فتجبر وتكبر، وكان إذا نصحه الناصحون أن يذكر آخرته في دنياه، وأن يجعل لكل نصيبًا في ماله يأبى الإصغاء لهم، ويزعم أن ما عنده من المال إنما أوتيه عن علم عنده وحسن تدبير، حتى أصبح في قومه مثل سوء، ومبعث فتنة وضلال، فخسف الله به وبداره الأرض، لا يغني عنه ماله من الله شيئًا[40].

ولا يكرر القرآن قصص الجماعات والأشخاص، ولكنه يذكر كلا في سورته مرة واحدة، أما قصص الأنبياء فيكررها، ولا يحكي قصة منها كاملة في سورة واحدة، إلا قصة يوسف عليه السلام، فقد ذكرت كاملة في سورته، أما غيرها فإن القرآن يفرقها في جمع من السور أجزاء تتفاوت في الطول والقصر، والذكر والحذف، والتفصيل والإجمال، وفي صور العرض وأساليب التعبير، فالجزء المذكور من قصة نوح في سورته يستغرق 28 آية، والمذكور في سورة هود يستغرق 23، والمذكور في سورة الشعراء يستغرق 17، والمذكور في سورة العنكبوت لا يزيد على آيتين اثنتين.

وتتراءى الآيات حيثما ذكرت أجزاء القصص هادئة متأنية حينًا، وهادرة معجلة حينًا آخر، لكنها تحتفظ دائمًا بجوهر الأحداث على حالها، وتعرضها في صور تموج بالحركة، وتنبض بالحياة، ولا تخلو مع ذلك من إشارات لطيفة، وإيماءات دقيقة في كثير من الأحيان، فإذا هي جديدة أبدًا، فيها طلاوة، ولها بهجة ورواء، ونورد هنا من قصة إبراهيم - عليه السلام - الجزء الذي يحكي محاجته لأبيه وقومه، كما جاء في سور الشعراء، والعنكبوت، والصافات:

فيقول الله في سورة الشعراء: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 69 - 82]

ويقول في سورة العنكبوت: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 16 – 24].

ويقول في سورة الصافات: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ[41] لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ[42] * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ[43] فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ[44] * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} [الصافات: 83 - 98].

ونلاحظ أن آيات العنكبوت لم تتعاقب على رواية المحاجة كما تعاقب غيرها، ولكن تخللها موقف فيه عبرة وموعظة، فلم تشأ أن تفلته دون أن تقول فيه، فوجهت النظر إلى قدرة الله في الخلق، وحثت على الضرب في الأرض، والنظر في آثار صنع الله، لتزيل كل ما في نفوس المكذبين من الارتياب، ولا ريب أن الغرض إذ يصادف موقعه ويحين حينه يكون أحمد بلاء، وأطيب أثرًا، وقد مر بنا مثل هذا الموقف في آيات غزوة الأحزاب، إذ توقفت في أثناء الحديث عن أحداثها، وتخاذل المتخاذلين فيها فرارًا وجبنًا لتقرر أن الموت لا بد واقع، وليس للهاربين منه نجاء إلا عاجلاً فآجلاً.

وتبدو الآيات لهذا الجزء من قصة إبراهيم على ما ترى من الطلاوة والبهجة وحسن الرواء، فما يحس منها قارئ ولا سامع ثقلاً أو ملالاً من المعاودة والتكرار، وافتنان القرآن في ذكر عاقبة المكذبين كافتنانه في ذكر أنباء المرسلين، ولكنه لا يلتزم فيها نهجه في أنباء المرسلين، فربما توافقا إجمالاً وتفصيلاً كما في سورتي القمر والشعراء، وربما أطال حديث الأنباء وأوجز حديث العاقبة، كما في سورة يونس.

فيقول سبحانه في سورة القمر: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 41 – 42]، وقال في سورة الشعراء: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا[45] ثَمَّ الْآخَرِينَ} [الشعراء: 61 – 64]، ويقول في سورة يونس: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90].

ولكل من الإجمال والتفصيل هنا عمل يراد، ففي الإجمال ضرب من الإبهام يبعث القلق في النفس المكذبة، ويحملها على التظنن، وإعمال الخيال، والذهاب معه مذاهب شتى في تصور الواقع الموعود، وفي التفصيل مكاشفة صريحة، لا تدع لامرئ أثارة من تعلل أو انخداع، والله سبحانه أعلم بمراده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[6] نُذُرِ: إنذاراتي. [7] صَرْصَرًا: شديدة الصوت. [8] تَنْزِعُ: تقلع. [9] أَعْجَازُ نخل: هي أصوله التي لا فروع فيها. [10] مُنْقَعِرٍ: منقلع من مغارسه. [11] مُدَّكِرٍ: متعظ. [12] سُعُرٍ: نيران، عكسوا عليه ما كان يقول لهم. [13] أَشِرٌ: بطر متكبر. [14] فِتْنَةً: امتحانًا. [15] شِرْبٍ: نصيب. [16] مُحْتَضَرٌ: يحضره صاحبه. [17] تَعَاطَى: قام على أصابع رجليه ورفع يديه إلى الشيء ليأخذه. [18] الهَشِيم: الشجر اليابس المتكسر. [19] الْمُحْتَظِر: الذي يعمل الحظيرة، فييبس مايحتظر به من الشجر بطول الزمن ويتكسر. [20] الأَيْكَة: الشجر الكثير الملتف. [21] الْقِسْطَاس: أقوم الموازين وأضبطها. [22] الْجِبِلَّة: الخلقة والأمة. [23] عاقبهم الله بالحر الشديد، سلطه الله عليهم سبعة أيام، ثم ساق إليهم غمامة فاستظلوا بها من وهج الشمس، فأمطرت عليهم نارًا أحرقتهم. [24] سورة آل عمران: 38 - 41 و45 – 65. [25] سورة مريم: 2 – 33. [26] فَارِض: مسنة. [27] بِكْر: فتية. [28] عَوَان: نصف بين الفارض والبكر. [29] لا ذَلُول: غير مذللة للحرث والسقي. [30] مُسَلَّمَة: سلمها الله من العيوب. [31] لا شِيَةَ فِيهَا: لا يخالط صفرتها شيء من لون آخر.[32] فَادَّارَأْتُمْ: فألقى بعضكم على بعض تبعة القتل. [33] عَوْرَة: غير حصينة لا يؤمن العدوان عليها. [34] الْمُعَوِّقِينَ: المثبطين عن الرسول. [35] بَادُونَ: نافرون إلى البدو من فرط ما منوا به من الخوف. [36] نَحْبَهُ، النحب: الوقت والمدة، وقضى نحبه: استوفى أجله فمات. [37] هم بنو قريظة، رضوا حكم سعد بن معاذ، فحكم بقتل المقاتلة وسبي النساء والذراري. [38] الصياصي: الحصون، جمع صيصية. [39] سورة الكهف: 13 – 20. [40] سورة القصص: 76 – 82. [41] مِنْ شِيعَتِه: أي شيعة نوح - عليه السلام - على أصول الدين. [42] سَقِيم: مشرف على السقم، وكان القوم – فيما يروى - نجامين، فاستدل إبراهيم بأمارة في علم النجوم على أنه مشرف على السقم، فتفرقوا عنه، وتركوه في بيت الأصنام. [43] فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِم: جاءها مستخفيًا. [44] يَزِفُّونَ: يسرعون. [45] وَأَزْلَفْنَا إلخ: أدنينا آل فرعون بعضهم من بعض وجمعناهم لئلا ينجو منهم أحد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والقصص(*) في القرآن الكريم لمن سبق من الأمم وكيف تعاملوا مع أنبياء الله تعالى ورسله؛ تلك :"القصص شعبة جليلة من شعب القرآن الكريم، اختصه الله منه بنصيب كبير، لمكانه من الدعوة، وحسن بلائه في المعاونة على أدائها، فإن تكن شعبه الأخر هدى وإرشادًا، وشرعًا ونظامًا، وتقويمًا وإصلاحًا - فإنَّ القصص هو الزاد الإلهي الذي يمد الله به رسوله في رحلته البعيدة المدى، الكثيرة الهموم، الثقيلة الأعباء، تحف من حولها المكاره والشرور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) "إذ أن القصص في القرآن الكريم: حكاية الأنباء لأمر يراد، والقصة مثله، لكنه أوسع منها نطاقًا وأشمل دلالة؛ لأنه يعني الحكاية مطلقة جامعة، لا يحدها حد، ولا تميزها صفة، أما القصة ففي بنيتها إشارة إلى هيئة، ولا إحاطة فيها ولا شمول، ويلتزم القرآن لفظ القصص كلما ذكره، لا يتبدل به القصة، ولا يراوح بينه وبينها، كأن المراد - والله أعلم - هو القصص في عمومه واستيعابه، دون تفاوت بينه في الحكاية ولا تمييز.

[القصص في القرآن الكريم؛ المصدر: من كتاب: "مع القرآن الكريم في دراسة مستلهمة"]

لذا فتسمع القرآن؛ بصيغة العظمة والكبرياء يقول : { «„ نَحْنُ ”» نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِين }[ يوسف:3]

أما إذا كان الحديث عن العقيدة والتوحيد والإيمان فتقرأ : { «„ إِنَّنِي ”» : «„ أَنَا ”» اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ :«„ أَنَا ”» فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي } [طه:14]

وفي موضع آخر : { يَا مُوسَى إِنَّهُ : «„ أَنَا ”» اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيم } [النمل:9]

ثم يقول : { يَا مُوسَى إِنِّي : «„ أَنَا ”» اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين } [القصص:30].

{ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم } [آل عمران:62]

فيأتي البيان بأن :" { «„ أَحْسَنَ ”» الْقَصَصِ } تعني : { الْقَصَصُ «„ الْحَقُّ ”» }.

وهذه لفتة بيانية قرآنية لتثبت أن نص الآيات جاءت : { مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم } [آل عمران:126]

و

: { إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا } [النساء:11] .

{ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ } [المائدة:8]

{ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير } [الأنعام:18]

ومسالة بداية الخلق؛ وكيفية تكوينه مِن أهم المسائل التي شغلت بال الناس في كافة الأزمان وفي كل مكان!!

*(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)*

‏السبت‏، 17‏ ربيع الأول‏، 1443هــ ~ ‏السبت‏، 23‏ أكتوبر، 2021م

-*-*

أعد هذا الملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-25-2021, 10:17 AM   #100

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي :" تمهيد لما قبل خلق آدم ".

:" تمهيد لما قبل خلق آدم ".

أرادَ الحقُ -تبارك وتعالىٰ- أن يمهدَ لمن يريد أن يقرأ كتابه -القرآن الكريم- قراءة إدراكية فهمية عقلية في مسألة خلق آدم؛ الإنسان الأول.. أراد -عز وجل- أن يمهد تمهيداً يتفق مع احتياجات هذا المخلوق الجديد: الإنسان الأول؛ وزوجه -عليهما السلام- .. احتياجاته البشرية، ورغباتهما الآدمية -ثم مِن بعدهما نسلهما- في مسكنه المؤقت علىٰ الأرض، فنطق القرآن يقول في سورة البقرة الآية (٢٩) :{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً }

.. وبتتبع آيات الذكر الحكيم ذات الصلة بهذه الجزئية من بحث خلق آدم.. يأتي البيان مِن حاجة الإنسان إلىٰ طعام يسد جوعته وإلىٰ ماء يروي ظمأه.. ثم مِن بعد سد جوعته أوجد الخالق ما تتطلبه الحياة وإعمار الكون مِن أشياء -المواد الأولية للزراعة والصناعة-..

فيبدء القرآن الكريم في الحديث عن قضية بقاء الإنسان علىٰ قيد الحياة مما تتطلبه حاجة وجوده فــ يتحدث القرآن العظيم عن الإطعام { مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن طَعَامٍ } : { وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ } [البقرة:267]

ثم يتم الحديث عن الماء والإرواء والسقي: { .. مَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ } وينبه القرآن الكريم أولي الألباب؛ باعتبار هذه الأشياء دلائل وعلامات علىٰ وجود خالق فتنتهي الاية ذاتها بقوله -تعالى- : { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [يونس:24]

ويكمل القرآن العظيم الحديث فــ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } [البقرة:168]

هنا يأتي تنبيه هام؛ وهي مسألة الإطعام -الأكل والشرب- مِن الــ :«„ حَلاَل ”»؛ و الــ :«„ طَيِّب ”»؛ وهذا يعني أنه يقابله:«„ الحرام ”»؛ و :«„ الخبيث ”»؛ فــ يكون : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } هو الله -سبحانه وتعالى؛ الخالق.. المنشأ المصور المبدع- فيأتي التنبيه { فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُون } [البقرة:22]

ويكرر تنبيهنا بأنه-سبحانه-: { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُون } [النحل:10] .. وينبه –سبحانه وجلَّ شأنه- على أنه { يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [النحل:11] ثم تأتي مسألة في غاية الأهمية وهي مسألة „ تسخير بقية المخلوقات للإنسان” فيقول: { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [النحل:12] { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُون } [النحل:13] { وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } [النحل:14] { وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [النحل:15] { وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون } [النحل:16]

ويكرر التنبيه: { وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون } [النحل:65] { وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِين } [النحل:66] { وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [النحل:67] .

والقرآن الكريم العظيم؛ كلام المالك العلام رب السموات والأرضين يتحدث عن { آيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون }{ آيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } { آيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُون }{ آيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون }.. ثم ينهي الخطاب في آيات سورة النحل؛ التي استشهدتُ بها بقول :{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون }؛ والآية هنا بمعنى علامة، ليتحصل من ذلك : { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون }.

وتأتي حقيقة قرآنية تقول : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين } [هود:6]

-*-*-*

بدأتُ بهذه المقدمة للتنبيه بما قاله خالق الإنسان الأول آدم؛ إذ ومنذ بداية الخلق الأول والتنشأة الأولية بيَّن للجميع؛ وخاصة أمام الملآئكة بالقول المبين: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ }:«„ { إِنِّي جَاعِلٌ } ”»؛ { فِي } :«„ { الأَرْضِ } ”»؛:«„ { خَلِيفَةً} ”».

ولعل اللفظة القرآنية: «„ خَلِيفَةً ”»؛ إذا أخرجت من سياق الآيات يحدث إبهام لها؛
فمن المقصود!؟؛
وخليفة لمن!؟..؛
وهنا حدث إختلاف في الفهم والتأويل والتفسير وسيأتي في موضعه من هذا البحث -إن شاء الله تعالى- وهي الآية رقم ( ٣٠ ) فتأتي الآيات بعدها مباشرة تبين وتظهر أن المقصود بــ :«„ خَلِيفَةً ”»؛ } . هو { آدَمَ } .. واللافت للإنتباه أن صاحب الــ بدء والــ تاريخ
[ البدء والتاريخ؛ المطهر بن طاهر المقدسي (المتوفى: نحو 355هـ) ]
ذكر كافة الأقوال في كيفية خلق الحيوانات وتكوينها؛ ثم عقب بعد ذلك على كيفية خلق آدم؛ واستغنيت عن ذكرها لما أثبته الخالق -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز.

إذاً الغرض الظاهر من نص الآيات هو : «„ السكن ”»: { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيد } [إبراهيم:14]

ثم بيَّن -سبحانه وتعالى-: { وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين } [البقرة:36]

وهذا بيان واضح بأن في الأرض : « مُسْتَقَرٌّ »؛ وَ : « مَتَاعٌ »؛« إِلَى حِين »؛
وحياة الإنسان على الأرض الأصل فيها الإستقرار والطمأنينة وليس الحروب والقتل والتشريد

ثم يؤكد المعنى مرة ثانية بقوله : { وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين } [الأعراف:24] { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى } [طه:53] { كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى } [طه:54] ؛ { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُون } [الأعراف:10].

ثم يتم الحديث عن حقيقة قرآنية كونية سأبحثها بالتفصيل إذ يقول -عز وجل-: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه:55]

{ .. جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا } [النمل:61]

و « إِلَى حِين »؛ المقصود في الآية : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُون } [الأعراف:25]

{ وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِير } [النحل:70].

ثم تتوالى الحقائق القرآنية والكونية

1.] { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور } [المُلك:15]

2.] { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [الرعد:3]

3.] { وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [الرعد:4]

4.] { وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُون } [الحِجر:19]

5.] { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِين } [الحِجر:20]

6.] { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُوم } [الحِجر:21]

7.] { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِين } [الحِجر:22]

8.] { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُون } [الحِجر:23] .

ثم يأتي التنبيه الآلهي بقول القرآن : { وَلاَ : « تَعْثَوْاْ »؛ فِي الأَرْضِمُفْسِدِين » } [البقرة:60] .
ثم يذكر -سبحانه وتعالى- : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [البقرة:164]

-*-*-

والقرآن الكريم يعتمد في خطابه منذ بداية الوحي وبدايات النبوة المحمدية على مسألة قراءة كتاب الله -تعالى- المحفوظ في الصدور وعلى قراءة كتاب الكون المسطور
فنطق القرآن يقول : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } :«„ وهذا الكتاب الأول.. القرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين”»؛
{ الَّذِي خَلَق } [العلق:1] :«„ وهذا الكتاب الثاني”»؛ اي الخلق والإيجاد والتنشأة = المخلوقات كافة.. فــ
المسلم العادي :
- أهل علم قرآني
و
- أهل علم حياتي وجودي.. في مجال الطب والصيدلة والهندسة والزراعة والنجوم والمجرات...
ثم يأتي بمثال عن الخلق والإيجاد فيقول : { خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَق } [العلق:2] { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم } [العلق:3] :«„ ثم يقر القرآن حقيقة قرآنية علمية ”»{ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم } [العلق:4] { عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم } [العلق:5]

والدليل واضح على مسألة التعليم حين يقول -سبحانه- : { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ }:«„ { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } ”»؛ ثم يتحدث القرآن الكريم عن أدوات التعليم ووسائله فيقول : وَجَعَلَ لَكُمُ :«„ { الْسَّمْعَ } ”»؛ وَ:«„ }الأَبْصَارَ } ”»؛ وَ:«„ } الأَفْئِدَةَ } ”»؛ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } [النحل:78]

ثم أعود لبداية هذ الفقرة حين نطق القرآن يقول : { لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [البقرة:164]

فالحديث عن أهل العقل والفهم؛ ذوي الألباب والإدراك ".

-*-*-*

مسألة الخلق:







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
١١, أَحَادِيثِ, الْأَنْبِيَاءِ, الْحَادِيَ, الْكِتَابَ, عَشَرَ, قَصَصِ, كِتَابُ

« حق لك ان تبكي وتبتسم فاالله ربك | قراءة فى كتاب رجال من سقط المتاع »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[ ١. ] الْكِتَابُ الْأَوَّل « كِتَابُ الْإِيمَانِ » د. محمد الرمادي منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 30 09-20-2016 04:01 PM
[١٠] الكتاب العاشر : كِتَابُ الصَّلَاةِ د. محمد الرمادي منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 37 07-09-2015 01:26 PM
انزل وشارك (اغنيه الدستور) غناء : بنات مصر ١٤ و١٥ يناير ٢٠١٤ Reem♡A|❀ يوتيوب - موقع يوتيوب - يوتيوب فيديو - مقاطع يوتيوب 3 01-31-2014 04:25 PM
كاتلوج ورق جدران ٢٠١١... Wallpaper Catalog 2011 ... احضان الحبايب ديكور - أثاث - غرف نوم - مطابخ - حمامات 9 09-02-2011 04:51 PM
ارتفاع ضحايا مدرس إمبابة إلى ١٨ طالبة بعد اكتشاف ١١ كليب إباحى اسكندريلا منتدى الاخبار - عربيه - عالميه - اخبار مصر 24 07-15-2009 11:33 AM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 09:55 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩