[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

﴿ خطبة جمعة ٤ شعبان 1439 من العام الهـجري ~ الموافق ٢٠ أبريل من العام 2018 الميلادي ﴾

* * * * ﴿ [ رحمان الدنيا ... ورحيم الآخرة ] ﴾ * * * *

[د. محمد الرمادي]

الْمُقَدِّمَة :

الحمد لله ، حمد الكاملين من المؤمنين والمؤمنات ؛ حمد الشاكرين من المسلمين والمسلمات ؛

الحمد لله خالق الأرض والسماوات، مبدع تدبير الكائنات، ومقدّر الأرزاق والأقوات، ومنزل الماء من المعصرات، أحمده عز وجل حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على جزيل العطايا والهبات، و

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات، و

أشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه و خليله بعثه الله بالرحمات والهداية والتيسير والبركات، صلى الله عليه وسلّم وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان في شتى الأزمنة والأوقات.

أما بعد،

فإن الله تعالى بحكمته جعل الحساب يوم القيامة خاصا بكل واحد واحد، وبكل فرد فرد.

قال تعالى: ﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها. ولا تزر وازرة وزر أخرى. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ﴾. و

قال عز وجل: ﴿ ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة. بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ﴾. و

قال عز وجل: ﴿ وَنَرِثهُ مَا يَقُول وَيَأْتِينَا فَرْدًا ﴾.

[د. محمد الرمادي]

*

الإلهُ الخالق الواجد المبدع المصور الرازق الواهب الوهاب عْرَّف نفسه العليه وذاته السمية ... إذ أن الخلق جميعاً لم يره منهم أحد فعجز الخلق جميعاً عن وصفه وكلت الأقلام عن نعته وتوقفت الأذهان عن الحديث عنه... فهو يخبر نا عن نفسه العلية لنعرف تماما مَن نعبد ومَن ندعو وبمن نستعيذ به ونتوكل عليه فيأتي بمقدمة رائعة لسيد الخلق وحبيب الحق خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين بعد عدة آلاف من الرسل والأنبياء والمبتعثين -صلوات الله وسلامه ورحماته وبركاته عليهم أجمعين -فيخبره ربه -تعالى- فنطق القرآن الكريم وتكلم الذكر الحكيم فقال مَن سما في علاه وتقدست اسماه : ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ ﴿٩﴾ إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ﴿١٠﴾ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ ﴿ ١١ ﴾ ..... والشاهد من هذه المقدمة القرآنية والمدخل لتعليم الأنبياء كيف يتكلمون مع اتباعهم في مسالة العقيدة والإيمان قبل الدخول في قضايا العبادات والمعاملات والأحكام الشرعية العملية ..... فيأتي النص القرآني القطعي الثبوت والقطعي الدلالة بأنه وحي من عند الله بصيغة المفرد وليس بـ ـــــ نون العظمة فيقول القرآن مخبراً عن الرب الإله : ﴿ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ﴾ ... الإخبار جاء بصيغة المفرد وليس بصيغة التعظيم والجلال ... يكمل القرآن فيقول : فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٢﴾..... ثم يعود النص الشريف القرآني ليخبر عن هذا الإله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس له صاحبة ولا ولد ولا مشير ولا وزير ولا معين وليس كمثله أحد فنطق فيقول.: ﴿ وَأَنَا ﴾... لا يقول القرآن و:" نحن" كي لا تختلف العقول في صيغة التعظيم فيرفعوا الواحد الأحد إلى التثليث أو أنه له زوجه أو صاحبة أو ولد أو قوم أو عشيرة أو أنه يشبه مخلوقاته في شئ - والعياذ بالله – من صفاتهم أو أحوالهم فينفي أنه :" تأخذه سِنة أو نوم "... فيكمل الذكر الحكيم :" اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ ﴿١٣ ﴾.. ..ثم تأتي القضية الأساسية والجوهرية في عرض هذه المقدمة القرآنية كي يفهم العقل البشري ويستوعبها الإدراك الإنساني فيقول الخالق الرازق المحيي المميت الذي بيده الخير : ﴿ إِنَّنِي ﴾ بصيغة المفرد أنه واحد كي لا تختلط الأمور في أذهان البشر إذ أن ملك في الأرض يقول عن نفسه :" نحن ملك دولة كذا "... ثم يؤكد القرآن الكريم: ﴿ أَنَا ﴾ ﴿ اللَّـهُ ﴾ وهي قضية أساسية جوهرية ذات أهمية قصوى فيعيد القرآن الإخبار والتنبيه والتعليم فيقول : ﴿ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا ﴾ ثم تأتي كيفية تنظيم العلاقة بين العبد وبين الرب .. تنظيم العلاقة بين السيد وبين العبد.. فيقول القرآن : ﴿ فَاعْبُدْنِي ﴾ فتكون العبادة له وحده خالصة له دون سواه حتى الأنبياء والمرسلين ليس لهم درجة قريبة من العبادة بجوار الخالق للجميع.. ثم يأتي القرآن العظيم بواحدة من تلك العبادات المتنوعة بين السيد وبين والعبد فيقول: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ ﴿سورة طه: آية ١٤﴾".

ولكي يكون الأمر في غاية الوضوح دون لبَس أو تشويش يذكر القرآن العظيم في موضع آخر فيقول :" ﴿ يَا مُوسَى ﴾إِنَّهُ ﴿ أَنَا ﴾ ﴿ اللَّهُ ﴾ ﴿ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النمل: 9] ...هنا تأتي إضافة جديدة في مسألة الوحدانية وقضية الإلهة وهي اسماؤه الحسنى فهو الله وحده يخبرنا عن اسمائه وصفاته وليس لأحد أن يخبرنا عن صفاته وعن اسمائه فيقول :" ﴿ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النمل: 9]"...

ثم يأتي في موضع آخر من القرآن الكريم والذكر الحكيم فينطق القرآن يقول عن الله تعالى بأنه :" ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًاۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِۚ.... ثم يخبر عن نفسه العلية فيقول : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿١١﴾".فـ هو الذي يعرف نفسه بنفسه ...

حضرات السادة الكرام والأخوات العزيزات!!

هذه قضية أساسية وجوهرية وضرورية أي أن الله تعالى هو الذي يخبر عن نفسه ويخبرنا كيف نعبده وما يحبه ويرضاه من العبادة ... وليس لأحد أي كان له الحق في استحداث عبادة يظن أنها ترضى الله أو يحبها .

[د. محمد الرمادي]

ينبغي أن نركز على أن أول كلمة للرسل تقول :

﴿ يا قوم إعبدوا اللَّهَ ما لكم من إلهٍ غيره ﴾ ...

ابدءُ بذكر آيات الذكر الحكيم

1. ] :﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ ﴾ ﴿ فَقَالَ

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ ﴿الأعراف: ٥٩﴾

2. ] : ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ ﴾ ﴿ فَقَالَ ﴾

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ﴿ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ ﴿المؤمنون: ٢٣﴾

3. ] : ﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ﴾ ﴿ قَالَ ﴾

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ﴿ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ ﴿الأعراف: ٦٥﴾

4. ] : ﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ﴾ ﴿ قَالَ ﴾

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ ﴾ ﴿هود: ٥٠﴾

5. ] : ﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ﴾ ﴿ قَالَ ﴾

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ﴿ قَدْ جَاءَتْكُم ﴾ ﴿ بَيِّنَةٌ ﴾ ﴿ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ ﴿ هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّـهِ لَكُمْ آيَةً ﴾ ﴿ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّـهِ ﴾ ﴿ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ ﴾ ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ﴿الأعراف: ٧٣﴾

6. ] : ﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ قَالَ ﴾

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ قَدْ جَاءَتْكُم ﴾ ﴿ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ ﴿ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ ﴾ ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ ﴿ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ ﴿الأعراف: ٨٥﴾

7. ] : ﴿ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ﴿ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ﴾ ﴿ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ ﴿ فَاسْتَغْفِرُوهُ ﴾ ﴿ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ﴾﴿ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴾ ﴿هود: ٦١﴾

8. ] : ﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ قَالَ

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ﴿ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ﴾ ﴿ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ ﴾ ﴿ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ﴾ ﴿هود: ٨٤﴾

9. ] : ﴿ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ ﴿ فَقَالَ ﴾

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ ﴾

﴿ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ ﴿العنكبوت: ٣٦﴾

تسعة مواضع تخبرنا ومَن سبقنا من الأمم على لسان أنبيائهم والمرسلين بكلمة واحدة ..

﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ..

ثم يأتي بعدها :

التشريع و

المنهاج و

الأحكام الشرعية العملية ... وكـ

نموذج من التشريع كقوله :"

﴿ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ ﴾

﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾

﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ ".

﴿ فَاسْتَغْفِرُوهُ ﴾

﴿ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ﴾

﴿ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴾. ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

أهل الإيمان ورجال الإسلام وامهات الأجيال!!!

.. ﴿ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ﴾ ..

﴿ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ ..

هذا هو الحرف الأول من رسالة الأنبياء وبعثة المرسلين إلى الناس كافة وللعالمين .

وكل الأنبياء وكافة المرسلين تعطي أملاً في نهاية النفق المظلم لقوله تعالى :"

﴿ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ ﴾ " .. :

" ﴿ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴾. ".

**

[د. محمد الرمادي]

وكذلك عند رسوله الكريم وخاتم انبياءه العظيم الشفيع المشفع يوم الدين ...

هو -الله تعالى في سماه وتقدست اسماه- هو الذي أرسله .. وهو -جلَّ وعلا- يعرفه لنا في محكم الذكر الحكيم ... فـ

يقول عن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم "مخاطباً له ومبلغاً لنا في آن واحد .

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾ ﴿ إِنَّا ﴾ ﴿ أَرْسَلْنَاكَ ﴾ ﴿ شَاهِدًا ﴾ ﴿ وَمُبَشِّرًا ﴾ ﴿ وَنَذِيرًا﴾

﴿الأحزاب: ٤٥﴾

ثم يكمل :"﴿ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ ﴾ ﴿ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴾ ﴿الأحزاب: ٤٦ ﴾

ثم يشملنا بعطفه فيقول

﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّـهِ فَضْلًا كَبِيرًا ﴾ ﴿الأحزاب: ٤٧﴾".

والتائب من الذنب كمن لا ذنب له فاستغفروه إنه سبحانه وتعالى الغفور الرحيم

[د. محمد الرمادي]

﴿ خطبة جمعة ١١ شعبان 1439 من العام الهـجري ~ الموافق ٢٧ أبريل من العام 2018 الميلادي﴾

* * * *

﴿ [ رحمان الدنيا... ورحيم الآخرة ] ﴾

[ الجزء الثاني ]

* * * *

[د. محمد الرمادي]

المقدمة :

الحمد لله الذي علمنا أن نقول كما جاء في محكم التنزيل وبلغنا من خلال الذكر الحكيم :

۞ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَۚ ۞

فرد رحمان الدنيا و رحيم الآخرة؛

فـ

۞ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُۖ ۞

ثم تداركنا عفوه وكرمه وغفرانه فقال ۞ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍۚ ۞

فـ

تساءلنا لمن ستكتب رحمتك يا أرحم الراحمين.. ورحيم المحرومين فنطق القرآن وكأننا نسمع صوتاً من فوق سبع سموات طباقاً :

۞ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۞

فـ

رفعنا أيدينا لخالقنا تعالى في سماه وتقدست اسماه فقلنا :"اللهم أجعلنا منهم ... وسنعمل بكتابك ونتمسك بسنة رسولك ".

ثم

جاء صوت من السماء مرادفا يقول :

۞ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ۞

فـقلنا :" اللهم وسع علينا من خيرك الجزيل وعطاءك الوفير لنعطي السائل والمحروم ونزكي على الفقراء والمساكين وابن السبيل وأيتام المسلمين ومرضاهم "...

ثم

جاء التنبيه الكبير والأمر الجلل الخطير فقال الصوت مدوياً في الأفاق :

۞ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ۞

(آية : 156؛ سورة الأعراف)

ثم

الحمد لله الذي قال :

۞قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ۞

۞ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ۞

۞لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۞

۞ يُحْيِي ۞

۞ وَيُمِيتُ ۖ ۞

۞ فَآمِنُوا بِاللَّهِ ۞

۞ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ۞

(آية : 158؛ سورة الأعراف)

فنشهد أن لا إله إلا الله رحمان الدنيا ورحيم الآخرة .. وحده لا شريك له ولا ند ولا مثيل ولا شفيع ولا مشير ولا وزير ولا شبيه له ... ولا زوجه ولا ولد له إله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد...

خلق الخلائق أجمعين ورزقكم من جوده وكرمه وأنعم عليهم بعطاءه الجزيل وكرمه الوفير ...

و

نشهد أنه ارسل فينا صاحب الوجه الأنور .. والجبين الأزهر .. الذي ناداه الحجر .. وسلم عليه الشجر .. الشفيع المشفع يوم المحشر...

فـ

نشهد أنه أدى الأمانة وبلغ الرساله ونصح الأمة وتركها على على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك

وبعد..

[د. محمد الرمادي]

وقفنا -معاً- في جمعتنا السابقة عند آية الإسراء؛ وبإعادة قراءة المصحف الشريف والذكر الحكيم وجدتُ أن رحمته الواسعة ومغفرته الكاملة وعدله في مواضع خمسة تتحدث جميعاً عن قوله تعالى :

۞وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۞..

فـ

نستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم ونسمي باسم الرحمن الرحيم ونقرأ معاً قوله تعالى في سماه وتقدست اسماه :

۞ قُلْ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۞ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۞ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ۞ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ ۞ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ۞

﴿الأنعام: ١٦٤﴾

ـــــــــــــــــ
أما الموضع الثاني:
2.) :. ۞ مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۞ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۞ وَلَاتَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۞ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ۞

﴿الإسراء: ١٥﴾

ـــــــــــــــــ
أما الموضع الثالث:
3.) :۞ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۞ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا ۞ لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ ۞ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۞ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ ۞ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۞ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۞ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ

﴿فاطر: ١٨﴾

ـــــــــــــــــ
أما الموضع الرابع :
4.) : ۞ إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۞ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۞ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۞ وَلَا تَزِرُوَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۞ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ ۞ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۞ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ۞

﴿الزمر: ٧﴾

ــــــــــــــــــــــ
أما الموضع الخامس والآخير :
5.) :. ۞ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۞﴿النجم: ٣٨﴾ ۞ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ۞ ﴿٣٩﴾ ۞ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ ۞﴿٤٠﴾ ۞ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ۞ ﴿٤١﴾ ۞ وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ۞

﴿النجم: ٤٢﴾

وبمراجعة النصوص القرآنية نجد أن رحمته وسعت كل شيء (الأعراف) ... وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ۞﴿الإسراء: ١٥﴾...و

هذا يلزمنا أن نتعلم :

1. ] القرآن الكريم قراءة ترتيلية منهجية تربوية سلوكية تشريعية؛ وليس قراءة مَن يقرأ على القبور!!... فنبدءُ بآيات الأحكام المتعلقة بحياتنا اليومية...

وخاصة ونحن نقبل على شهر الفغران شهر القرآن شهر الرحمات

فوجب على كل منا أن يعرف ويتعلم أحكام الصيام المتعلقة به هو وليس عموم أحكام الصوم والقيام...

2.] مراجعة كتب السيرة النبوية العطرة ... خاصةً المتعلقة بأحاديث الأحكام

مع

3.] شروح متون الحديث مثل :

3. 1. ] شرح الزرقاني على موطأ مالك..

3. 2. ] شرح العسقلاني على صحيح البخاري؛

أو

3. 3. ] شرح النووي على صحيح مسلم ...

ونكتفي من حيث المبدء بهذه الثلاثة.

الخميس 18 شعبان 1439 هـ ~ 03. 05. 2018م

[د. محمد الرمادي]

" قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ " فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا " فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ " وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ " وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ "

﴿البقرة: ١٤٤﴾

نراجع مَا رَوَاهُ الإمام الْبُخَارِيُّ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ ، فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ أَنْ يَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) الْآيَةَ .

والبعض يتكلم عن أن تم تحويل القبلة في منتصف شهر شعبان -الذي نحن فيه الأن؛ بارك الله تعالى في أعماركم وجعلنا مِن الذين لا يغفلون عنه ونرجو أن يرفع لنا أعمالنا الصالحة ونحن على صيام .. كما قال الحبيب المرتضى والنبي المهتدى والرسول المجتبى- يقول البعض أنه تم تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان ...

لكن بالتحقيق في المسألة تجد أن :" تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة كان في نصف شهر رجب من السنة الثانية للهجرة على الصحيح، وبه قال الجمهور من المؤرخين وعلماء السير؛ كما نص عليه الحافظ ابن حجر في الفتح".

[د. محمد الرمادي]

و
يقال: بل زار رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فـ

أ.] صنعت له طعاما و

ب.] حانت الظهر فــ

ج.] صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين

د. ] ثم أمر أن يوجه إلى الكعبة فـ

هـ.] استقبل الميزاب فسمى المسجد مسجد القبلتين و

ذلك يوم الاثنين النصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا.

[عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

- تحويل القبلة: ج / 1 ص -308]