[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

أمَّا بَعْدُ

عِبَادَ الله

فَـ السَّمَاءُ وَنُجُومُهَا،

وَالكَوَاكِبُ وَأَفْلَاكُهَا،

وَالجِبَالُ وَمَا يَعتَلِيهَا،

وَالقِفَارُ وَمَا يَحتَويهَا،

وَالبِحَارُ وَمَا فِيهَا،

وَالأَنهَارُ وَمَجَارِيهَا،

وَالشَّجَرُ وَأَورَاقُهُ،

وَالزَّهرُ وَأَحدَاقُهُ،

وَالبَرقُ وَضَوءُهُ،

وَالرَّعدُ وَصَوتُهُ،

وَالَّليلُ وَأَستَارُهُ،

وَالنَّهَارُ وَأَنوَارُهُ،

وَالزَّمَانُ وَمَا يَطوِيهِ،

وَالمكَانُ وَمَا فِيهِ،

وَالطُّيورُ وَأَعشَاشُهَا،

وَالوُحُوشُ وَأَوكَارُهَا،

وَالدَّوابُ وَالحِيتَانُ،

وَالحَشَراتُ وَالدِّيدانُ،

كُلُّهَا سَاجِدةٌ عَابِدةٌ،

كل مخلوقاته

كُلُّهَا ذَاكِرَةٌ شَاكِرةٌ،

كل صنائعه

كُلُّهَا رَاكِعَةٌ سَاجِدَةٌ،

كل مبتدعاته

كُلُّهَا مُسَبِّحَةٌ حَامِدَةٌ،

﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ ﴾ وَ

﴿ الْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ﴾ وَ

﴿ إِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ وَ

﴿ لَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾،

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ ﴾ وَ

﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ﴾،

فَـ

لـَّمَا جَاءَ ذِكرُ النَّاسِ

قَالَ

﴿ وَ كَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ﴾، أَي لَيسَ كُلُّ النَّاسِ، فَـ منهُم مَنْ يُقِرُّ بِـ وَحدَانِيَّةِ الخَالقِ سُبحَانَهُ كَـ هَذِهِ المَخلُوقَات، وَلهذَا قَالَ الحَقُّ عَنهُم

﴿ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ﴾

** **

[د. محمد الرمادي]

أَيُّهَا المُسلِمُون

»„ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ:

﴿ ١ ﴾ لا يعلمُ ما في غدٍ إلا اللهُ ، و

﴿ ٢ ﴾ لا يعلمُ ما تغيضُ الأرحامُ إلا اللهُ ، و

﴿ ٣ ﴾ لا يعلمُ متى يأتي المطرُ أحدٌ إلا اللهُ ، و

﴿ ٤ ﴾ لا تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ ، و

﴿ ٥ ﴾ لا يعلمُ متى تقومُ الساعةُ إلا اللهُ ‟«

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التخريج: رواه : عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا انظر : البخاري؛ في : صحيحه: 4697.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أقرأ إن شئتَ قوله تعالىٰ :﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾

﴿ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ ﴾

﴿ وَ يَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ ﴾

﴿ وَ مَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ﴾

﴿ وَ مَا تَدْرِي نَفْسٌ بِـ أَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾

ثم ماذا :

نطق القرآن فـ قال :

﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [سورة لقمان"31" آية 34]

وقال في سورة الأنغام:

﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ﴾

﴿ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ وَ

﴿ يَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ وَ

﴿ مَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ﴾ وَ

﴿ لَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾﴿الأنعام: ٥٩﴾

وقال في سورة الرعد :

﴿ اللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ ﴾وَ

﴿ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ﴾ وَ

﴿ كُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِـ مِقْدَارٍ ﴾ ﴿الرعد: ٨﴾

فـ

يأتينا أحد جهابذة العلم المادي ويقول لنا

﴿ ١ ﴾ علماء أمريكا أسقطوا المطر برغبتهم

﴿ ٢ ﴾ علماء الطب من خلال الأشعة يستطيعون تحديد نوع الجنين ذكر أو أنثى

﴿٣﴾ وفي الدول الإسكندنافية عندهم الموت الرحيم لمن عجز الطب في علاجه ويأسوا من برئه

نقول له هذا كله في حدود الآية الكريمة ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا ﴾[الإسراء:85]

ثم أن هناك فارق شاسع بين العالم والعليم هذه الأولى ؛

أما الثانية ﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ ﴾ وَ

﴿ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم ﴾ [البقرة:282]

[د. محمد الرمادي]

في تعريف المسلم جاء عند البخاري في صحيحه: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ

"الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"

وَ

"الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ".

أخي المسلم الكريم !

هذه هي جمعتنا الثالثة مازلنا ندندن حول آفات اللسان ومهلكاته؛

فـ مهلكات اللسان :

﴿ ١ ﴾ الشرك؛

﴿ ٢ ﴾ الكفر؛

﴿ ٣ ﴾ الإلحاد؛

﴿ ٤ ﴾ النفاق؛

﴿ ٥ ﴾ قول الزور؛

﴿ ٦ ﴾ اليمين الغموس.

وتكلمنا عن آفات اللسان فـ قلنا عن

جُمَلٍ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ لـ نُذكر أنفسنا بها :

فـ ١. ) : الْآفَةُ الْأُولَى : الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَعْنِي.

٢. ) : الْآفَةُ الثَّانِيَةُ : فُضُولُ الْكَلَامِ.

٣. ) : الْآفَةُ الثَّالِثَةُ : الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ.

٤. ) : الْآفَةُ الرَّابِعَةُ : الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ.

٥.): الْآفَةُ الْخَامِسَةُ : الْخُصُومَةُ.

٦ ) : الْآفَةُ السَّادِسَةُ : التَّقَعُّرُ فِي الْكَلَامِ.

٧ ) : الْآفَةُ السَّابِعَةُ : الْفُحْشُ وَالسَّبُّ وَبَذَاءَةُ اللِّسَانِ.

٨ ) : الْآفَةُ الثَّامِنَةُ : اللَّعْنُ.

ووقفنا عند١٠ ) : الْآفَةُ الْعَاشِرَةُ : الْمِزَاحُ.

[د. محمد الرمادي]

نعتذر -بين ايدي قراء وقارئات المنتدى- إعتذار المذنب وندم العاصي لعدم تمكننا من إتمام خطب :" أفات اللسان" لظروف خارجة عن إرادتنا ، والأمر من قبل ومن بعد يرجع لله سبحانه وتعالى.

أخوكم

محمد

الثلاثاء 20 رمضان 1436

[د. محمد الرمادي]

﴿خطبة جمعة 23 رمضان 1436 ؛ 10يوليو 2015﴾

***********************


الحمدُ لله وكفىٰ؛ والصلاةُ والسلامُ علىٰ النبي المصطفىٰ

يارب!

استر العورات

تجاوز عن السيئات

أغفر الزلات

ارفع العثرات والهنات

تقبل الدعوات

أعنا علىٰ أنفسنا بالصلوات والطاعات

طهر قلوبَنَا وانفسنا وابدانَنا بـ الزكوات والصدقات

أشفي الأوجاع والأسقام والأمراض

أرحم الضعفاء وتجاوز عن ذنوب الأموات

ادخلنا بـ فضلك الفردوس الأعلىٰ وأسكنا الجنات

اللهم آمين .. آمين .. آمين

**

وأشهد أن لا آله إلا الله

يا مَن يُجيبُ دُعاءَ المُضطرِ في الظُلَمِ

يا كاشِفَ الضَرَّ والبلوَىٰ مَع السَقَمِ

أدعوكَ رَبي حَزيناً هائِماً قَلِقاً

فـ ارحَم بُكائيَ بِـ حق البَيتِ و الحَرَمِ

إن كانَ جُودُكَ لا يَرجُوهُ ذو سَفَهٍ

فـ مَن يَجُود علىٰ العَاصِينَ بِـ الكَرَمِ

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

لي فـيك يا أرضَ الحجاز ِحـــبيبُ

نــورُ العـيـــونِ وللقلــوبِ طبيــبُ

في الأرض أحمدٌ و في السماءِ محمدٌ

عـنـد الإلــه مـقـرَّبٌ محـبـــوبُ

ولـه بـ طيبـةٍ روضـةٌ مَـنْ زارهـــــا

نال المنىٰ وأتىٰ لـه المطلوبُ

**

دخلنا العشر الأواخر من رمضان، نحن في الثلث الأخير من شهر الغفران والقرآن
ولنا وقفات الأولى :

[د. محمد الرمادي]

الوقفة الأولى؛ بها مشاهد :

[1] المشهد الأول :

فـ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ " ، هذه رواية ،

أما الثانية :" إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ "[عند المستدرك]

[2] المشهد الثاني " فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ "،

[3] المشهد الثالث: " تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ " ، هذه هي الرواية الأولى؛

أما الرواية الثانية

" فُتِحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ "،

أما الرواية الثالثة

" تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ " ؛ وعند الحاكم النيسابوري في مستدركه :"وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، "

[4] المشهد الرابع :" وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ؛ هذه هي الرواية الأولى؛

الرواية الثانية :" وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ " و

في رواية عند الحاكم النيسابوري في مستدركه :"وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ " ؛

أما الرواية الثالثة :"وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ؛

[5] المشهد الخامس "وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ". هذه هي الرواية الأولى

أما الثانية :" وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ"،

أختي الصائمة !!!

أخي الصائم !!!

نتوقف قليلاً هنا :

لنسمع قول الحق تبارك وتعالى حين يقول "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ( 112 ) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ". [113 سُورَةُ الْأَنْعَامِ].

ففي تفسير القرطبي؛ والبغوي:

قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: إِنَّ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينٌ كَمَا أَنَّ مِنَ الْجِنِّ شَيَاطِينٌ ، وَ

الشَّيْطَانُ : الْعَاتِي الْمُتَمَرِّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، قَالُوا : إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا أَعْيَاهُ الْمُؤْمِنُ وَعَجَزَ مِنْ إِغْوَائِهِ ذَهَبَ إِلَى مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْإِنْسِ وَهُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ فَأَغْرَاهُ بِالْمُؤْمِنِ لِيَفْتِنَهُ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" هَلْ تَعَوَّذْتَ بِاللَّهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " ؟ ،

فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَهَلْ لِلْإِنْسِ مِنْ شَيَاطِينَ ؟؛

قَالَ : " نَعَمْ ، هُمْ شَرٌّ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ " .

ولعلنا نفهم الأن لماذا القنوات الفضائية تقدم من بداية الساعة السابعة مساء وحتى الواحدة صباحا مسلسلات متتاليات ؛ بالطبع لمن يريد الفرجة وتسلية ليل الصيام!!؟؟.

لذا

قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ : إِنَّ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ ، وَذَلِكَ أَنِّي إِذَا تَعَوَّذْتُ بِاللَّهِ ذَهَبَ عَنِّي شَيْطَانُ الْجِنِّ ، وَشَيْطَانُ الْإِنْسِ يَجِيئُنِي فَيَجُرُّنِي إِلَى الْمَعَاصِي عِيَانًا ..

و

قد بين الله ما على المسلم أن يعامل به كلاً من شياطين الإنس والجن، ففي أضواء البيان للشيخ الشنقيطي عند تفسير قول الله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ* وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {سُورَةُ الْأَعْرَافِ .: 199-200} قال: بين في هذه الآية الكريمة ما ينبغي أن يعامل به الجهلة من شياطين الإنس والجن. فبين أن شيطان الإنس يعامل باللين، وأخذ العفو، والإعراض عن جهله وإساءته. وأن شيطان الجن لا منجى منه إلا بالاستعاذة بالله منه.

**

رقم الحديث: 72عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ،

قَالُوا : وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟،

قَالَ : وَإِيَّايَ ؛ وَلِكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ " . [» الشفا بأحوال المصطفى للقاضي عياض » الْقَسَم الثالث : فِيمَا يَجب للنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم ...»]

رقم الحديث: 5039 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ " ، قَالُوا : وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " وَإِيَّايَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ ، فَأَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ " ، عَنْ مَنْصُورٍ ، بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ مِثْلَ حَدِيثِهِ ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ ، وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ .[صحيح مسلم]

**

[6] ننتقل إلى المشهد السادس :" وَيُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ هَلُمَّ [يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ؛ رواية عند المستدرك]، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّأَقْصِرْ ".

[7] المشهد السابع :" لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" [سنن النسائي].

وألف شهر تعادل عبادة ٨۳ عاما وثلاثة أشهر

[8] المشهد الثامن :" وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ".

[وقال الحاكم النيسابوي: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ "]

[د. محمد الرمادي]

فعشنا ثلثي شهر مبارك وهذا حالنا ، كما قال الصادق المصدوق فينبغي علينا أن نكمل بقية الأيام والأسابيع والشهور والأعوام ، إذا عشنا على نفس الكيفية

[2] الموقف الثاني :" عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ :

قُلْتُ :" يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ !!؟ .

قَالَ : " عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ ".

ثم تتنزل الرحمات متتاليات:

الرواية الأولى:

التَّعَرُّضُ لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ .

17713 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِرَبِّكُمْ ؛ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا ؛ لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَىٰ بَعْدَهَا أَبَدًا " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ ، وقال :" وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ ، وَمَنْ عَرَفْتُهُمْ وُثِّقُوا . "

**

وفي رواية آخرى :"17714 وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مَنْ رَحِمَتِهِ ، يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ " .

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَإِسْنَادُهُ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ ، وَهُوَ ثِقَةٌ . ".[الحديثان تجدهما في منبع الفوائد؛ الهيثمي]

قال ابن زكريا في معجم مقاييس اللغةا:

" نَفَحَ: يَدُلُّ عَلَى انْدِفَاعِ الشَّيْءِ أَوْ رَفْعِهِ . وَنَفَحَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ نَفْحًا : انْتَشَرَتْ وَانْدَفَعَتْ"؛ وقال ابن منظور :" نَفَحَ الطِّيبُ يَنْفَحُ نَفْحًا وَنُفُوحًا : أَرِجَ وَفَاحَ ، وَقِيلَ : النَّفْحَةُ دُفْعَةُ الرِّيحِ طَيِّبَةً "

**

[1] فيها -أي العشر الأواخر- ليلة القدر؛ يستحب طلبها؛ ليلة وصفها القرآن الكريم بأنها خير من ألف شهر [ وهي تساوي 83 سنة 3 شهور] و

عدم تحديدها قصد منها الحق تبارك وتعالى إشاعة طلب الخير فيها، وكأنه سبحانه يريد أن يعلمنا أن نميزها في إحيائها حتي نتعرض لنفحاتها وخيراتها. فهي في الحقيقة خمس ليال.

[2] وفيها سنة الاعتكاف أي يخرج المؤمن من الألفة مع المكان والأهل إلى المسجد، وفي ذلك تعويد للإخلاص مع الله، والتدريب لرحلة أخري هي تأدية الركن الخامس من الإسلام (الحج) عندما

يترك أيضا أهله وبلده وماله للذهاب إلي بيت الله..

[3] حكمة الارتقاء وتصعيد التكليف في الثلث الأخير من رمضان، المقصد من ذلك الارتقاء وتصعيد التكليف رغبة في أن يكون المسلم في تمام الصفاء لأن صيام رمضان فيه تدريب الإنسان علي الحرمان من أشياء كانت حلالا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ قَالَ :

" إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ حِينَ يُفْطِرُ وَحِينَ يَلْقَى رَبَّهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" [حديث قدسي] . وقد تكلم السيوطي في هذه المسألة وذكر عشرة أقوال؛ تعرضنا إليها في الدرس.

قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يرويه عن ربه :" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصِّيَامَ ؛ فَإِنَّهُ لِي ؛ وَأَنَا أَجْزِي بِهِ : يَدَعُ طَعَامَهُ ؛ وَشَرَابَهُ ؛ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي " أَيْ يَتْرُكُ شَهْوَتَهُ؛ عند مسلم ،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ

فضل ليلة القدر :"إذا تأملنا في مسألة الإصطفاء نجد

[1] اصطفاء : الإنسان ﴿ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آيَةُ:٣٣ ؛سُورَةُ:„آل عمران‟]

﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ [آيَةُ: ٤٢ ؛ سُورَةُ:„آل عمران‟]

واصطفى[2] الزمان و

[3] المكان

اصطفي من الأزمنة زماًنا كاصطفاء الله لليلة القدر،

و

اصطفي من الأماكن : مكة ، و

من المساجد المسجد الحرام ، ومسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم ، والمسجد الأقصي ، ولذلك يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم: ﴿ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ قَالَ :

" لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ : مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ ؛ وَمَسْجِدِي هَذَا ؛ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾

فالميزة : أتت من الاصطفاء، فليلة القدر أخذت

[1] أولاً عظمتها من نزول القرآن فيها،

و

[2] هي عظيمة بذاتها اصطفاها الله من قبل نزول القرآن؛ وهذا جائز وهذا جائز!ولا مانع من الأخذ بالرأيين.

ولكن نقول ماهي ليلة القدر ؟

[1] هل التي نزل فيها القرآن ،

أو

[2] هي التي يفرق فيها كل أمر حكيم، ومادام ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾، فيكون اصطفاؤها، قبل نزول القرآن فيها، وليس بسبب نزول القرآن فيها، ولكن تمام النعمة بنزول القرآن فيها، فكأن القرآن جعل ليلة القدر فائقة القدر،

التَّقْدِيرُ الْحَوْلِيُّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، يُقَدَّرُ فِيهَا كُلُّ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهِ ، قَالَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ حم ﴾ ﴿ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ ﴿ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [آيَةُ: ١~٥ ؛سُورَةُ:„الدُّخَانِ‟:٤٤]الْآيَاتِ .

قَالَ مُجَاهِدٌ

﴿ ۱.﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْحُكْمِ ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ:

﴿٢.﴾ يُؤَذَّنُ لِلْحُجَّاجِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَيُكْتَبُونَ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ ، فَلَا يُغَادِرُ مِنْهُمْ أَحَدً وَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ ، وَ

قَالَ ﴿٣.﴾ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ ، وَإِنَّهَا لَلَيْلَةُ الْقَدْرِ ، يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، فِيهَا يَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى كُلُّ أَجَلٍ وَعَمَلٍ وَرِزْقٍ إِلَىٰ مِثْلِهَا.

وَ

﴿٤.﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ مَوْتٍ وَحَيَاةٍ وَرِزْقٍ وَمَطَرٍ حَتَّى الْحُجَّاجِ ، يُقَالُ : يَحُجُّ فُلَانٌ وَيَحُجُّ فُلَانٌ ، وَ

﴿٥.﴾ قَالَ مُقَاتِلٌ: يُقَدِّرُ اللَّهُ تَعَالَىٰ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَمْرَ السَّنَةِ فِي بِلَادِهِ وَعِبَادِهِ إِلَىٰ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ ، وَ

﴿٦.﴾ قَالَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ: يُقَدِّرُ أَمْرَ السَّنَةِ كُلِّهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَذُكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : إِنَّكَ لَتَرَى الرَّجُلَ غَشِي فِي الْأَسْوَاقِ وَقَدْ وَقَعَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَىٰ ، وَ

﴿٧.﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي مَالِكٍ وَالضَّحَّاكِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يُفَصَّلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَىٰ الْكَتَبَةِ أَمْرُ السَّنَةِ وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْآجَالِ وَالْأَرْزَاقِ وَمَا يَكُونُ فِيهَا إِلَىٰ آخِرِهَا ، وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ مِنْ تَابِعَيْهِمْ بِإِحْسَانٍ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ . ".

واصطفاء الله لها كان قبل نزول القرآن ، لأن معنى قوله تعالى : « إنا أنزلناه في ليلة القدر » أي ليلة التقدير لكل مقدور في الكون وأعظم مقدور هو القرآن ، فهو قمة المقدور. ".

**

نهاية الخطية الأولى :

" 7746 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ : وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ ، فَقَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ:" وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي". هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ . "المستدرك الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ

ثم اسمع إليه :

" 7749 - حَدَّثَتْنا أُمُّ الشَّعْثَاءِ ، عَنْ أُمِّ عِصْمَةَ الْعَوْصِيَّةِ ، وَكَانَتْ قَدْ أَدْرَكَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعْمَلُ ذَنْبًا إِلَّا وَقَفَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِإِحْصَاءِ ذُنُوبِهِ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ ذَنْبِهِ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ السَّاعَاتِ لَمْ يُوقِفْهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَذَّبْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ . "الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ

**

الخطبة الثانية

: " وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ" ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ " صَحِيحِ مُسْلِمٍ :

" وَالصِّيَامُ ضِيَاءٌ"؛

فَــ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ مِنَ الْأَعْمَالِ أَنْوَارٌ كُلُّهَا ، لَكِنَّ مِنْهَا مَا يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ النُّورِ.

وَ

الصَّبْرُ الْمَحْمُودُ أَنْوَاعٌ : مِنْهُ

﴿۱.﴾ صَبْرٌ عَلَىٰ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهُ

﴿٢.﴾ صَبْرٌ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهُ

﴿۳.﴾ صَبْرٌ عَلَىٰ أَقْدَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَ

الصَّبْرُ عَلَىٰ الطَّاعَاتِ وَعَنِ الْمُحَرَّمَاتِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَىٰ الْأَقْدَارِ الْمُؤْلِمَةِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ السَّلَفُ ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَغَيْرُهُمَا .

وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا " إِنَّ الصَّبْرَ عَلَىٰ الْمَعْصِيَةِ يُكْتَبُ بِهِ لِلْعَبْدِ ثَلَاثُمِائَةِ دَرَجَةٍ ، وَإِنَّ الصَّبْرَ عَلَىٰ الطَّاعَةِ تُكْتَبُ بِهِ سِتُّمِائَةِ دَرَجَةٍ ، وَإِنَّ الصَّبْرَ عَنِ الْمَعَاصِي يُكْتَبُ لَهُ بِهِ تِسْعُمِائَةِ دَرَجَةٍ" ، وَقَدْ خَرَّجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا ؛ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ

وَمِنْ أَفْضَلِ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ : الصِّيَامُ ، فَإِنَّهُ يَجْمَعُ الصَّبْرَ عَلَىٰ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ ، لِأَنَّهُ

[1] صَبْرٌ عَلَىٰ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَصَبْرٌ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ ، لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتْرُكُ شَهَوَاتِهِ لِلَّهِ وَنَفْسُهُ قَدْ تُنَازِعُهُ إِلَيْهَا ، وَلِهَذَا فِي

الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، إِنَّهُ تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي ، وَفِيهِ أَيْضًا صَبْرٌ عَلَىٰ الْأَقْدَارِ الْمُؤْلِمَةِ بِمَا قَدْ يَحْصُلُ لِلصَّائِمِ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي شَهْرَ الصِّيَامِ شَهْرَ الصَّبْرِ .

فالعفو: هو: عدم المؤاخذة بالجريرة، فقد يسيء وسيئته توجب العقوبة، فإذا لم يؤاخذ صارت عدم مؤاخذته بذلك عفوًا.

وأما المغفرة فهي: ستر الذنوب أو ستر أثر الذنوب، وهذا جهة أخرى غير تلك؛ لأن تلك فيها المعاقبة أو ترك المعاقبة علىٰ الفعل, وهذه فيها الستر دون تعرض للعقوبة.

والتواب هو: الذي يقبل التوبة عن عباده، ومعنىٰ ذلك أنه يمحو الذنب ولا يؤاخذ بالسيئات إذا تاب العبد وأتىٰ بالأسباب التي تمحو عنه السيئات، فـ

هذه ثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى: (العفو)، (الغفور)، (التواب)، لكل اسم دلالته غير ما يدل عليه الاسم الآخر.

ــ الدعاءــ

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾[الزمر: ٥٣

:" يا رحمن ارحمنا ، يا غفور اغفر لنا ، يا توّاب تُبْ عليّنا"

قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ فِي رِوَايَتِهِ : فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ ، ثُمَّ اتَّفَقَا : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ "

*******************

هذه هي الخطوط العريضة لـــــــــــــــــــ

﴿ خطبة جمعة 23 رمضان 1436 ~10 يوليو 2015 ﴾

?: د. الْفَخْرُ: مُحَمَّدُ فَخْرُ الدينِ الرَّمَادِيُّ ؛

بِــ ثَغْرِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ؛ بِــ مِصْرَالْمَحْمِيَّةِ

-حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى –

Dr. MUHAMMAD ELRAMADY

حُرِّرَ في يوم الإثنين ١٩ شهر رمضان ١٤٣٦من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٦ من شهر يوليو عام ٢٠١٥ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.

**

[د. محمد الرمادي]

خطبة عبد الفطر ~ رمضان 1436

***

الله أكبر،

الله أكبر،

الله أكبر،

الله أكبر،

الله أكبر،

الله أكبر،

الله أكبر،

الله أكبر،

الله أكبر كبيراً،

والحمد لله كثيراً،

وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً

و

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ؛ ولا ند ولا مثيل وشبيه ولا مشير له

وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله، اللهم صلِّ وسلم وبارك وأنعم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين :

أمناء دعوته،

و

قادة ألويته،

وحفظة قرآن رب العالمين

وحملة سنة الحبيب الأمين

وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.

الحمد لله معزِّ الإسلام بنصره، و

مذلِّ الشرك بقهره، و

مصرِّف الأمور بأمره، و

مديم النعم بشكره،

الذي قدر الأيام دولاً بعدله، و

جعل العاقبة للمتقين بفضله، و

أظهر دينه على الدين كله،

القاهر فوق عباده فلا يمانَع، و

الظاهر على خليقته فلا يُنازَع، و

الآمر بما يشاء فلا يُراجَع، و

الحاكم بما يريد فلا يُدافَع.

**

أما بعد

الله أكبر شعارنا في هذا العيد!

الله أكبر من كل شيء!

الله أكبر من كل ظالم وطاغوت ومتكبر!

الله أكبر! ولذكر الله أكبر!

فـ الحمد لله على نعمة إتمام الصيام، وقدرتنا على القراءة بتدبر والقيام .. وهذا أوان التكبير وذكر الله العليّ القدير.

[د. محمد الرمادي]

الحمد لله الذي منَّ علينا بإتمام شهرنا، و

قد قال لكم ربكم؛ الذي خلق فأحيا فرزق وأعطى : ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾

[سورة البقرة 185].

و

بقي علينا الشكر يا عباد الله، فعلاً ما أسرع تلك الأيام لقد انقضت ورحلت،

فهل علمتم يا عباد الله كيف ذهبت؟

هل أحسستم كيف انقضت وتولت؟

صدق الله الذي قال ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾

[سورة البقرة 184].

جمع قلة، مع أنه شهر كامل، تسع وعشرون، أو ثلاثون، ولكن والله ذهب مثل الضيف، وولى مسرعاً، ولكن هنيئاً لكم يا عباد الله، لقد صمتم شهركم، هنيئاً لكم وقد قمتم لياليه، هنيئاً لكم وقد بلغتم آخره،

لم يكن رمضان بالنسبة إلى الصحابة الكرام

﴿شهر ترفيه إنما شهر توجيه﴾،

و

لم يكن رمضان

﴿شهر تسلية إنما شهر توعية ﴾.

وإني لأظن أنها المرة الوحيدة؛ والأولى الذي يتدخل رئيس جمهورية دولة عربية كبيرة -ويبدي غضبه- تزيد أعداد سكانها عن 90 مليونا ؛ يتدخل ويقول أن الدراما التلفزيونية هذا العام عرضت مشاهد الزنا وشرب الخمر والرقص والدعارة......

ــــــــــــــــــ

موقع منتديات بنات مصر كان سباقا في هذا التنبيه قبيل مجئ الفضل الجزيل شهر رمضان فبتاريخ 17 . 06. 2015

نشر الموقع مقالا تحت عنوان

افساد „» الوجدان «‟

ـــــــــــــــــــــــ

[د. محمد الرمادي]

قمنا بفرض الصيام ونستقبل صيام التطوع والإمتثال بهدي سيد الأنام؛
انتبه لهذه المشاهد الرمضانية النورانية الربانية: