[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾﴿الأنبياء: ٢٣﴾

﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾﴿ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾﴿ وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ﴾﴿ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ﴾﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾﴿الشورى: ١١﴾﴿ وَلِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَايَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾﴿المائدة: ١٧﴾

النص القرآني الثاني يقول ﴿لِلَّـهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾﴿المائدة: ١٢٠﴾

نهاية الخطبة الأولى في حديث إسرائيلي «يا ابن آدم: لا تخافنَّ من ذي سلطان، ما دام سلطاني باقياً، وسلطاني لا ينفد أبداً »

«يا ابن آدم: لا تخش من ضيق الرزق وخزائني ملآنة، وخزائني لا تنفد أبدا »

« يا ابن آدم: لا تطلب غيري وأنا لك، فإن طلبتني وجدتني، وإن فتني فتك وفاتك الخير كله ».

« يا اِبنَ آدمَ خَلَقتُكَ لِلعِبَادةَ فَلا تَلعَب »؛ « وَقسَمتُ لَكَ رِزقُكَ فَلا تَتعَب »؛ « فَإِن رَضِيتَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ أَرَحتَ قَلبَكَ وَبَدنَكَ ، وكُنتَ عِندِي مَحمُوداً » ، « وإِن لَم تَرضَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لأُسَلِّطَنَّ عَلَيكَ الدُنيَا تَركُضُ فِيهَا رَكضَ الوُحوش فِي البَريَّةَ ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَكَ فِيهَا إِلا مَا قَسَمتُهُ لَكَ »، « وَكُنتَ عِندِي مَذمُومَا »

« يا ابن آدم: خلقت السموات السبع والأراضي السبع ولم أعيى بخلقهن، أيعييني رغيف عيش أسوقه لك بلا تعب؟ »

« يا ابن آدم: إنه لم أنس من عصاني، فكيف من أطاعني ، وأنا رب رحيم وعلى كل شيئ قدير »

« يا ابن آدم: لا تسألني رزق الغد كما لم أطلبك بعمل الغد »

« يا ابن آدم: أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محباً ».قال ابن الجوزي رحمه الله: "أسفًا لعبد كلما كثرت أوزاره قلّ استغفاره، و كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور "

والتائب من الذنب كمن لا ذنب له

[د. محمد الرمادي]

بداية الخطبةالثانية:
الحمدُ لله المبدئ المعيد، الغني الحميد، ذي العفوِ الواسعِ والعقاب الشديد، مَن هداه فهو السعيد السديد، ومن أضله فهو الطريد البعيد، ومن أرشده إلى سبيل النجاة ووفقه فهو الرشيد، يعلم ما ظهر وما بطن وما خفِيَ وما عَلَنَ وهو أقرب إلى كل مُريد من حبل الوريد، قسم الخلق قسمين وجعل لهم منْزلتين فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير ورغَّبَ في ثوابه ورهّبَ من عقابه، ولله الحجة البالَغة فمن عمِلَ صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلاَّمٍ للعبيد، ونشهد أن لا آله إلا الله ونشهد أنك ؛ يا رسول الله أدّيت الأمانة، وبلَّغت الرسالة، ونصحت الأمَّة ؛ وكشفت الغُمَّة، ومحوت الظُلْمة... وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد.
اللهم صلِّ وسلَّم وبارك على سيد البشر وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، الذين ربّاهم تربية وأصلي وأسلم على سيدنا محمدٍ البشير النذير وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين،

[د. محمد الرمادي]

غابَ النبيُّ ﷺ طوال يومٍ عن سيدنا ثوبان خادمه رضي الله عنه وحينما جاء قال له ثوبان:
" أوحشتني يا رسول الله "؛ وبكى،
فقال له النبي ﷺ « ما يبكيك يا ثوبان؟»؛
أتدرون ممّا يبكي؛ أيبكي لأنّ به وجعًا، ولا يبكي لأن ماله قليل، لا يبكي على منصب من مناصبها الفانية، إذًا فما يبكيك يا ثوبان؟!
اسمعوا أيها المؤمنون الإجابة، وفي الإجابة عجب،
:" أبكي لأنك إذا غبتَ عني اشتقتُ إليك، قال ثوبان:
" تذكرت مكانك في الجنة أنك ستكون في أعلى درجات الجنة ؛ ومكاني ولن أراك فيها ازداد بكائي شوقًا إليك يا حبيب الله. وذكرت الوحشة ...
إنه الشوق وأيّ شوق؟! كيف اشتاقت النفوس لرؤياه، وكيف ابتهجت الأرواح بنور محياه، فنزل قول الله تعالى
[ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ] *[ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ] [النساء:69، 70].
***

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة لـ

خطبة جمعة :

28 شوال 1436 ~ 14 أغسطس

[د. محمد الرمادي]

الحمد لله ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ﴾

﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا ﴾

﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا﴾

﴿ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾﴿الأنعام: ٩٦﴾

الحمد لله ﴿فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ﴾

﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ﴾

﴿ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾

﴿ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾﴿الأنعام: ٩٥﴾

﴿اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾﴿الرعد: ١٦﴾

فـ الحمد لله علىٰ نعمة الخلق والإيجاد ؛ ثم

الحمد لله علىٰ نعمة العقل والإدراك؛ ثم

الحمد لله علىٰ نعمة الإسلام والإيمان؛ ثم

الحمد لله الذي خلقنا من نسل مَن سجدت لله الملآئكة ؛ تكريماً لـ عقله و تبجيلاً لـ قدره.

﴿شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ﴾

﴿ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾

﴿قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾﴿آل عمران: ١٨﴾

﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ﴾

﴿وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾﴿الأحزاب: ٤٠﴾

﴿ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ ﴿المنافقون: ١﴾

﴿ لَّـٰكِنِ اللَّـهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ﴾﴿أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ﴾﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾﴿وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا﴾﴿النساء: ١٦٦﴾

فنشهد بأنه الواحد الأحد الفرد ﴿ الصَّمَدُ ﴾ ﴿٢﴾ الذي ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾﴿٣﴾﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ﴿٤:الإخلاص﴾

ونشهد بأن الذي قال « ستأتي علىٰ أمتي أيامٌ الْقَابِضُ عَلَىٰ دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ »[رواه الترمذي]،

والذي قال « لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ [الحيّ] بِقَبْرِ الرَّجُلِ [الميت] فَيَقُولَ : يَا لَيْتَنِي مَكَانَكَ » هو النبي المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ولِمَنْصُورٍ الْفَقِيهِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
قَدْ غَلَبَ الْغَيُّ عَلَىٰ الْغَيِّ وَأَصْبَحَ النَّاسُ كَلَا شَيِّ

وَأَصْبَحَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ
أَحْسَنَ أَحْوَالًا مِنَ الْحَيِّ

[د. محمد الرمادي]

والحمد الذي أنزل في أتباع محمد قوله تعالى ذكره

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾﴿ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ﴾﴿ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ ﴿محمد: ٢﴾

[د. محمد الرمادي]

معاشر السادة ا لمسلمين !
وقفنا في جمعتنا السابقة عند قضية التنشأة والتهيئة والتكوين والإعداد لتفسير كلمة ولفظة قرآنية واحدة ﴿فِي الْأَرْضِ ﴾﴿البقرة: ٢٩﴾ ووقفنا عند عشر محطات رئيسية في تنشأة وتكوين الأرض: نجملها في عجالة

[د. محمد الرمادي]

[1.] المحطة الأولى : ﴿دَحَاهَا ﴾﴿النازعات: ٣٠﴾
﴿سُطِحَتْ ﴾﴿الغاشية: ٢٠﴾
[2.] المحطة الثانية ﴿ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾﴿البقرة: ٢٢﴾
[3.] المحطة الثالثة ﴿بِسَاطًا ﴾﴿نوح: ١٩﴾
[4] المحطة الرابعة ﴿مِهَادًا﴾﴿النبإ: ٦﴾
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا ﴾﴿ وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا ﴾ ﴿طه: ٥٣﴾
[5.] المحطة الخامسة ﴿ زِينَةً ﴾﴿الكهف: ٧﴾
[6] المحطة السادسة: ﴿ذَلُولًا ﴾﴿الملك: ١٥﴾
[7.] المحطة السابعة من محطات إعداد الأرض وتمهيدها وتهيئتها للإنسان : ﴿مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا ﴿ مَعَايِشَ ﴾ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾﴿الأعراف: ١٠﴾
[8.] المحطة الثامنة ﴿مُسْتَقَرٌّ ﴾﴿البقرة: ٣٦﴾
[9] المحطة التاسعة ﴿ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴾﴿البقرة: ٣٦﴾
[10] المحطة العاشرة : التسخير ﴿سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ﴾﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾﴿لقمان: ٢٠﴾ "
** ** ** ** ** ** ** **

[د. محمد الرمادي]

أخي المسلم الكريم !
أنتهينا على قدر الطاقة ؛ وبما لدينا من استطاعةٍ في توضيح وتبيان خلق الأرض.
فهل أنتهت عملية التنشأة والتهيئة والتكوين والإعداد لـ معايش الإنسان -الخليفة- على الأرض ؛
بعد أن انتهينا من القضية الأولىٰ ؛ في المحطة الأخيرة حيث قال ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ ؛
هنا تبدأُ القضية الثانية ؛ أقصد عملية التنشأة والتهيئة والتكوين والإعداد لـ معايش الإنسان

[د. محمد الرمادي]

القضية الثانية ؛ أقصد عملية التنشأة والتهيئة والتكوين والإعداد لـ معايش الإنسان ؛ وهنا يبدأ اللطيف بعباده الخبير يُبينها لنا في محطات رئيسية ومواقف ومشاهد:
[١.] الأولى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَىٰ السَّمَاءِ﴾ ؛