الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ : « „ عَنْ الْمُنَاسَبَاتِ ‟ »

[د. محمد الرمادي]

تخصيص آخر يوم في السنة .. ويوم رأس السنة الهجرية بـ

- صيام أو

- استغفار أو

- دعاء !

[د. محمد الرمادي]

1.] :" تخصيص يوم معيَّن في الإسبوع، أو زمان في الشهر أو العام، بصيام .. أو مكان ما بصلاة أو انفاق زكاة أو صدقة أو صعود جبل غير الجبل الذي في مناسك الحج أو غيرها من العبادات.. فهذا كله هو مِن شأن الشارع .. -سبحانه في علاه .. وتعالى في سماه، ويبلغنا رسوله وصفيه وخليله بهذا الأمر.. صلوات الله عليه وسلامه وتبريكاته بل بكيفيته أيضاً .. ولا يحل لأحد الافتيات عليه في ذلك .. وليس ما يراه أحد -سواء تسمى بـ "ولي(*) " أو كان من أهل الصوفة(**) - إذ أن العبادات في الإسلام توقيفية .. فالعبادة هي كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه .. وليس ما يحبه العبد ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) (**) سأشرحهما قريبا .
ــــــــــــــــــــــــ

[د. محمد الرمادي]

2. ] " لا يجب صيام شيء من الأيام إلا شهر رمضان، وقد يجب الصيام بأسباب أخرى وهي :

القضاء .. و

النذر .. و

بعض الكفارات ".

[د. محمد الرمادي]

3. ] :" تخصيص آخر يوم في السنة الهجرية -آخر يوم في شهر ذي الحجة- واعتقاد أن له فضلاً مخصوصاً (بقصد إنهاء السنة بفعل خير وبنية رجاء تكفير الذنوب)؛ إذ يدعي البعض: أن صيام آخر يوم .. وأول يوم من السنة الهجرية [وهو ما يسميه البعض: صيام رأس السنة الهجرية] ليس سنَّة ولعدم النص عليه؛ فلا أصل له؛ ولم يرد في حديث صحيح ولا غيره، ولذلك لا يشرع، بل هو بدعة و لا ينبغي فعله؛ إلا أن يوافق ذلك اليوم صياماً كان يصومه الشخص فلا بأس.

وفلكيا هذا العام [1440] سينتهي شهر ذو الحجة يوم الإثنين -غدا: الموافق 10 سبتمبر- فلا بأس بصيامه؛ إذ كان المسلم منا يصوم من كل اسبوع يوم الإثنين والخميس.."

[د. محمد الرمادي]

وبناءاً على حديث موضوع مكذوب سأل آحدهم:

" ما حكم صيام آخر يوم في نهاية العام .. وأول يوم من العام الجديد؟

استعن بالله تعالى وأقول :

أ.] :" العام الهجري لم يكن أوله محرم إلا من زمن الخليفة الثاني؛ أمير المؤمنين : عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، العام [17] أو [18] من الهجرة .. وكان في زمن النبي عليه السلام وفي زمن أبي بكر رضي الله عنه.. الخليفة الأول.. لا يعرف العام الهجري أنَّ أوله محرم. "

ب.] ما يتقوله البعض :" صم آخر يوم من العام!.. اختم عامك بالصيام، وافتتح عامك بالصيام"... هذا لا أصل له

ج.] :" كذلك قول بعضهم: " اختم شهرك بالاستغفار" .. هذا لا أصل له ". . .].

د. ] لذا فـ :" تقييد الصيام بأن يصوم آخر يوم من العام الهجري، وأول يوم من العام الجديد، أو يختم عامه بالاستغفار.. فـ يخصه بخصيصةٍ لم ترد في الشرع؛ فهذا لا أصل له ".

[د. محمد الرمادي]

4.] : " من حكمة الله -تعالى- أن شرع لعباده ما يتقربون به إليه ويتطوعون له نافلة أو سنة أو استحبابا بعد أداء الفرائض .. وهذه تكون من جنس العبادات التي افترضها -سبحانه وتعالى- عليهم، ورتَّب -عزَّ وجل- عليها الأجور العظيمة

كما في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ربه -عزَّ وجلَّ -

« وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ »

[البخاري]

[د. محمد الرمادي]

أثبت الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه:



٥ . ١ . ] " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
﴿ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ ﴾.
وأنقل الحديث بتمامه ..
قال عليه الصلاة والسلام : ﴿ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ ﴾ ".
*-----------------*
٥ . ٢ . ] :" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قَالَ :
سُئِلَ :" أَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ "!..
فَقَالَ : ﴿.. أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ﴾".
وتمام الحديث كما جاء في صحيح مسلم :
" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ.. قَالَ سُئِلَ :" أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ :" ..
وَ :" أَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ " ؟!! ..
فَقَالَ : ﴿ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ﴾..
﴿ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ﴾".
راجع المشاركة رقم 142 من هذه البحوث..

[د. محمد الرمادي]

٦ . ] يوم الخميس القادم الموافق :
٢٠ سبتمبر
سيكون - إن شاء الله تعالى -
العاشر من شهر الله المحرم ١٤٤٠
﴿ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ﴾

[د. محمد الرمادي]

ويستحب صيام يوم قبله ويوم بعده!

[د. محمد الرمادي]

تمهيد لـ

مسألة „عاشوراء‟
بمجرد أن انتقل خاتم الأنبياء وآخر المرسلين.. متمم المبتعثين إلى الرفيق الأعلى.. بدء يدب الخلاف بين أتباعه وبين مَن أمنوا به.. نبيا ورسولا ..

أو بين مَن لهم غرض دنيوي ومصلحة آنية..

أو نفع مادي..

أو بين مَن كان في قلبه مرض..

أو بين ضعاف نفوس وأصحاب الهوى..

ولا ابالغ حين أقول أن الخلاف دب بين ابني آدم منذ بدء الخليقة.. اقرأ إن شئت قوله تعالى : (*):

﴿ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾

[المائدة: ٢٨]

ولكن كان دائماً ابداً : الهدي الرباني.. يرافق الإنسان ..

ونزول النور الإلهي يهبط من السماء

وتعليم البشر منافعكم وتبيان مصالحهم بهبوط الوحي بواسطة أمين السماء على قلب نبي أو رسول فـ

من خلال الأنبياء والمرسلين تم تنظيم معايش البشر

وفق طراز خاص من العيش و

كيفية معينة من الحياة أرادها لهم جميعاً خالقهم ورازقهم ..

وهو ما يسمى : بـ

"الشريعة ". و

"المنهاج"

أو الطريقة النبوية

.. والخلافُ دب بين البشر إما في مسائل جوهرية مصيرية.. وإما في مسائل فرعية جانبية..

نأتي بمثال قريب في الحياة الإسلامية في مدينة المصطفى بمجرد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ولم يدفن بعد .. راجع ما حدث في سقيفة بني ساعدة ..

ثم اشتد الأمر بعدها لدرجة أن الصديق الحليم قال قولته الشهيرة:

" لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ... "..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

فَـ " أَرَادَ بِالْعِقَالِ : الْحَبْلَ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ الَّذِي كَانَ يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ عَلَى صَاحِبِهَا التَّسْلِيمَ . "..

ثم

نتيجة تعدد الأفهام وتغاير الإستنباطات للنص الواحد من نصوص الوحي

-قرآنا وسنة نبوية-

فهمَ كل فريق فهما آخرا مغايرا.. و

ذهب آحدهم إلى غير ما ذهب إليه الآخر.. فـ

وجدت هذه المكتبة الفقهية الهائلة التي لا يوجد مثلها في مكتبات الأمم الآخرى السابقة أو الحالية.. وتحتوي على آراء وفهم خاص لكل عالم حباهُ الله تعالى بصحة في إجتهاد وبقدرة على الفهم والاستيعاب وسمو في الإدراك من خلال النص فقال بما عقله وفهمه..

ثم

توالت أحداث ومواقف.. فحدث فُرقة في النسيج الواحد الإسلامي.. فتمزق الثوب ..

فتشيع قوم..

وتسلفن قوم

وتصوّف قوم

وتمذهب قوم

وتحزب قوم..

وخان قوم ..

والإشكال المنظور تناحر قوم مع قوم في مسائل خلافية لا ترتقي إن تكون جوهرية أو مصيرية.. وغطى غبار الزمان على أحداث فورث جيل عن سابقه كراهية لا يعلم مصدرها وحقد لا يدري مغزاه.. فتوقف العقل الإسلامي عن الإبداع الذي تميز به لقرون عدة وليس لسنوات.. وتعطل الفهم بل نادى البعض بغلق باب الإجتهاد.. و

حالنا اليوم يشهد على صحة ما ذهبتُ إليه.. والحقيقة أن هناك عمل يتطلبه الواقع الجديد الحالي بتنقية ما علق في الفقه والتاريخ من شوائب.. وهذا في تقديري عمل مؤسساتي وأكاديمي وليس عمل افراد.. وإن قام علماء أجلاء بتنقية النفيس من الرخيص..
*------------------------*

ومسألة „عاشوراء‟ من تلك المسائل.. انظر-ولا تضيع وقتاً في النظر كثيرا؛ فليس هناك طائل من البحث والتحقيق إذا لم تتفق الجهات العليا وليس الإتباع والمريدين على نبذ الخلاف – التي تجد فريقا من الشيعة يقولون [ان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قد نَهوا عن صوم يوم عاشوراء نهياً شديداً] و

المسألة من النوافل والمستحبات وليست من الفروض والواجبات فيقابلهم مَن يدوي بصوته قبيل قدوم شهر الله المحرم.. ويعلي من نبرته بدخول الشهر الكريم شارحاً ومنبهاً لفضيلة الصوم..
*--------------------------*

كاتب هذه السطور-ويغفر ربي لي السهو والخطأ- يحث نفسه أولاً والمسلمين ثانياً بإعادة النظر فيما يفعلون أو يقولون.. فــ

كفى تقليد دون إدراك

وكفى ترديد اقوال دون فهم..

يقول المصطفى الهادي(3) „جِئْتُ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً‟.